في عرض كتاب سميرة الخليل: يوميات الحصار في دوما 2013،
ياسين الحاج صالح: قضية مخطوفي دوما الأربعة نالت أقلّ مما تستحق

في صالة مؤسّسة «بيتنا سوريا» بمدينة غازي عينتاب التركية، في الثامن من تشرين الأول الجاري، قدّم الكاتب المعروف ياسين الحاج صالح والدكتورة تهامة معروف كتاب سميرة الخليل الذي صدر مؤخراً «يوميات الحصار في دوما 2013»، بعد عامين وعشرة أشهرٍ على اختطاف الخليل وزملائها، رزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمادي، في مدينة دوما بريف دمشق.

بدأ الحاج صالح، زوج سميرة ومحرّر الكتاب، بعرضٍ سريعٍ لمحتوى الكتاب، الذي قسّم إلى ثلاثة أقسام، تضمن أولها محتوى أوراقٍ كتبتها سميرة بخط اليد، والثاني منشوراتٍ لها على صفحتها الفيسبوكية، فيما يتكون القسم الثالث من ثلاث مقالاتٍ تعريفيةٍ كتبها عن زوجته المخطوفة.

ثم قرأت تهامة معروف، صديقة سميرة وإحدى المعتقلات السياسيات السابقات، مختاراتٍ من الكتاب، كتبتها المعتقلة السياسية السابقة المخطوفة بعد المذبحة الكيماوية في آب 2013 وقبل خطفها في كانون الأول من العام نفسه. ثم عاد الحاج صالح ليتحدث عن قضية المخطوفين الأربعة وتطوراتها إلى اليوم، وعن القرائن التي بُني عليها اتهام «جيش الإسلام» بخطف المرأتين والرجلين، كما تطرق إلى رسائل وُجهت إلى هيئاتٍ سياسيةٍ ودينيةٍ متنوعةٍ بخصوص القضية.

واعتبر الرجل، الذي كان في زيارةٍ إلى عينتاب، أن القضية لم تنل ما تستحقه من قبل الرأي العام، وقال إن لسميرة رمزيةً خاصةً من أكثر من وجه. فهي، كمعتقلةٍ سابقةٍ عند «الدولة الأسدية» (بين 1987 و1991)، ثم كمخطوفةٍ من قبل جيش الإسلام اليوم؛ ترمز إلى استمرار كفاح السوريين خلال جيلين. وهي، كمنحدرةٍ من منبتٍ علويٍّ وكانت تقيم في دوما، وتعتبر سكانها أهلها وتشاركهم مشاقّ حياتهم تحت الحصار، على ما يُظهر الكتاب؛ ترمز إلى الصفة العابرة للطوائف للكفاح السوريّ. وهي، كامرأةٍ، ترمز، مع رزان ومع نساءٍ كثيرات، إلى المرأة السورية المكافحة وما تحملته من عناءٍ هائل، غير مرئيٍّ غالباً. وأخيراً، كمخطوفةٍ ومغيبةٍ من قبل تشكيلٍ سلفيّ، ترمز إلى تعدد جبهات كفاح السوريين وعدم اقتصاره على المعتدي الأسدي.

كما قال أيضاً إن الأربعة، سميرة ورزان ووائل وناظم، كانوا مطلوبين من قبل «الدولة الأسدية» وقت قدومهم إلى دوما بين ربيع وخريف 2103، وإنهم يرمزون إلى تصورٍ ديمقراطيٍّ واستيعابيٍّ لسورية جديدة.

قرائن ومعلومات
وقال الحاج صالح الذي قضى نحو 100 يومٍ في دوما والغوطة الشرقية في عام 2013: «ليس لديّ مشكلةٌ مع جيش الإسلام كي أتهمهم جزافاً، ولستُ من يستخدم قضية خطف زوجته وأصدقائه للنيل من أيّ جهة». لكنه قال إنه يستند في اتهامه جيش الإسلام إلى اعتباراتٍ موثوقة، منها أن هذا التشكيل السلفيّ، وهو سلطة الأمر الواقع في دوما، لم يحقق في الجريمة في أيّ وقت، ومنها أن شخصاً من «جيش الإسلام» هو من دخل على حواسيب المخطوفين. والأهم أننا نعرف بالاسم الشخص الذي كتب تهديداً بالقتل لرزان في أيلول 2013، حسين الشاذلي، وهو أمنيٌّ في جيش الإسلام، وأنه كتب التهديد بأمرٍ من سمير كعكة، شرعيّ جيش الإسلام، وأن زهران علوش شخصياً زار الشاذلي الذي أوقف لوقتٍ قصيرٍ عام 2014 على ذمة القضية، وتوعد بضمان إطلاق سراحه، وبالفعل جرى تهريب الشاذلي من غرفة توقيفه بعد أيام.

مراسلاتٌ ومطالبات
وعرض المعتقل السياسيّ السابق سلسلة مبادراتٍ لم يُستجب لأيٍّ منها، أولاها دعوةٌ للتحكيم المستقل قُدّمت للعموم وقت زيارة زهران علوش إلى تركيا بين نيسان وأيار من العام 2015، ومنها رسالةٌ سلمت باليد لمحمد مصطفى، رئيس المكتب السياسيّ لجيش الإسلام في الريحانية، في شباط 2016، بالضبط بعد مرور أربعين يوماً على «وفاة» علوش، ووقتها وعد الرجل -الذي أقرّ بالمسؤولية السياسية لجماعته عن واقعة الخطف- بالرد، وهو ما لم يحدث إلى اليوم. وفي آذار وُجّه نداءٌ علنيٌّ من أجل العدل يطلب المساعدة في معالجة القضية، وناله المصير نفسه.

وأضاف أنه تمّ توجيه رسالةٍ إلى المجلس الإسلاميّ السوريّ بمناسبة مرور عامين ونصف على الاختطاف، تتضمن طلباً للمساعدة لم يحظ باستجابةٍ بدوره. ومثله كان حال رسالة اعتراضٍ على إدراج اسم محمد علوش ضمن قائمة الهيئة العليا للمفاوضات، بوصف ذلك «إهانةً للمخطوفين وذويهم». وسُلمت رسالةٌ باليد لأنس العبدة، رئيس الائتلاف السوريّ المعارض، في التاسع من حزيران 2016، ولا تزال دون ردٍّ كذلك.

وردّ الحاج صالح على أسئلةٍ من بعض الحضور، وتوجّه لهم برجاء أن يساعدوا في القضية بما يستطيعون.

وقد وزعت 30 نسخةً من الكتاب في نهاية الفاعلية التي استغرقت نحو ساعةٍ وثلث الساعة.