صلاح الدين الأوزبكي
قائد كتيبة «الإمام البخاري»

قتل صلاح الدين الأوزبكي، أمير كتيبة «الإمام البخاري»، مساء الخميس 27 نيسان 2017، مع اثنين من مرافقيه وإعلامي الكتيبة، أثناء أدائهم صلاة المغرب في أحد مساجد منطقة شعيب بإدلب، بعد أن استهدفهم شخص برشقة رصاص من بندقية كلاشنكوف ولاذ بالفرار.

لم يمض وقت طويل حتى  تمكنت القوة التنفيذية لحركة أحرار الشام من إلقاء القبض على القاتل في مدينة أريحا، وهو «جابر الأوزبكي» الذي انشق قبل أكثر من عام عن الكتيبة وانضم إلى جبهة النصرة، قبل أن يغادر إلى تركيا ويغيب مدة، ثم يعود ليعمل ضمن المكتب الطبي للكتيبة. وفي الوقت نفسه أعلنت داعش مسؤوليتها عن مقتل صلاح الدين، مؤكدة، عبر بيان نشرته، بأن التخطيط لقتله تم من قبل مقاتلي «ولاية خراسان» المبايعين لها، وغالبيتهم من مهاجري آسيا الوسطى. كما أكد البيان تلقي الضحية «العقوبة على خيانته وفقاً للشريعة الإسلامية...».

لكن، من هو أمير كتيبة «الإمام البخاري» الأوزبكية المقاتلة في سورية؟

هو أكمل جورابايف، البالغ من العمر 43 عاماً، والمعروف أيضاً بأسماء «حجي يوسف» و«الشيخ صلاح الدين» و«أبو إسماعيل صلاح الدين». ولد ونشأ في مدينة نامانجان بوادي فرغانة الأوزبكي. شهد عام 1992 تمرد الإسلاميين في مسقط رأسه وقمعه بشدة من السلطات المحلية، وتأثر جداً بما حصل. في العشرين من عمره توجه إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلوم الدينية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. والتقى هناك بطاهر يولداشيف مؤسس وقائد «الحركة الإسلامية في أوزبكستان»، والتي كانت نشطة جداً في أفغانستان آنذاك، وهو أيضاً من مواليد نامانجان.

قام جورابايف بجهود دعائية نشطة لجذب مقاتلين جدد إلى هذه الحركة وتجنيدهم في صفوفها. ووفقاً لمركز «ميموريال» لحقوق الإنسان، الذي نشر على موقعه الإلكتروني قائمة بالمطلوبين للسلطات الأوزبكية «بسبب الجرائم التي قاموا بها ضد الدولة»، فإن جورابايف مطلوب لديها منذ عام 1998. وأعلنت المديرية العامة للمباحث الجنائية ومكافحة الإرهاب، التابعة لوزارة الداخلية في أوزبكستان، جورابايف متهماً حسب البند الأول من المادة 159 من القانون الجنائي: «الدعوة العلنية إلى التغيير غير الدستوري لنظام الدولة، والاستيلاء على السلطة بالسلاح، ومحاولة الإطاحة بالمسؤولين المنتخبين قانونياً أو المعينين، ومخالفة دستور وحدة جمهورية أوزبكستان».

عندما قتل يولداشيف عام 2009، في الجبال المحاذية للحدود الأفغانية، نتيجة ضربة أمريكية بطائرة دون طيار، بدأت النزاعات بين قادة الحركة الإسلامية الأوزبكية تظهر إلى العلن، وحينها اتُّهم جورابايف بالعمل لصالح وكالتي الاستخبارات الباكستانية والأميركية.

اختفى هذا الجهادي الأوزبكي مدة عن الأنظار، وما لبث أن انتقل إلى تركيا عام 2011 ليشكل كتيبته الخاصة للقتال في سورية، مطلقاً عليها اسم «الإمام البخاري». وكذلك أسس مدرسة خاصة للكتيبة في تركيا يدرّس فيها أطفال مقاتليه، إضافة إلى الشباب الأوزبك الذين وصلوا حديثاً إلى هناك. ويُعتقد أن الكتيبة تشكلت بناءً على أوامر مباشرة من قادة مقربين من القاعدة وطالبان، اللذين تعقدت علاقاتهما أيضاً -في ذلك الوقت- مع الحركة الإسلامية في أوزبكستان.

ارتفع عدد مقاتلي الكتيبة خلال مدة قصيرة، وشاركت في عمليات عسكرية نشطة بمحافظتي حلب وإدلب. ما لفت انتباه أبو بكر البغدادي الذي نقل عمليات المجموعة من سورية إلى العراق. وبعد الصراع الذي نشب بين داعش وجبهة النصرة اتهم صلاح الدين داعش بالصلات مع الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية وقفل عائداً مع مقاتليه إلى سورية لينضموا إلى جبهة النصرة. وفي الوقت نفسه انضم بقية الأوزبك إلى داعش، ليصبحوا جزءاً من «ولاية خراسان».

أقام جورابايف علاقات جيدة مع زعيم المقاتلين الأوزبك القادمين من جمهورية قرغيزستان والمبايعين لجبهة النصرة، والذين شكلوا كتيبة عرفت بـ«عشاق الجنة»، ولاحقاً بـ«التوحيد والجهاد»، وكان يقودها سروجدين مختاروف الملقب «أبو صلاح»، والمشتبه في تنظيم جماعته لهجوم مترو الأنفاق في مدينة بطرسبرغ الروسية مطلع نيسان الماضي. وحاول الاثنان منع الكثير من أبناء جلدتهم في صفوف جبهة النصرة من الالتحاق بداعش، حتى يُزعم بأن جورابايف أعدم علناً أولئك الذين يريدون العبور إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة البغدادي. وقامت المجموعتان، جنباً إلى جنب مع القوى الأخرى لجبهة النصرة، في نيسان 2015، بالمشاركة في الهجوم على مدينة جسر الشغور التي كانت آخر معاقل قوات الأسد في محافظة إدلب، وذلك ضمن صفوف ما عرف حينها بجيش الفتح. وفي عام 2016 ذكر موقع كتيبة «الإمام البخاري» باللغة المحلية على الإنترنت أن المجموعتين بايعتا الأمير الجديد لحركة طالبان الملا هيبة الله آخونزادة. وينسق الأوزبك من كلا الطرفين خلال المعارك مع جماعة «جند الشام» بزعامة الشيشاني ماراد مارغوشفيلي (مسلم الشيشاني).

ووفقاً لإذاعة «الحرية» الناطقة بالأوزبكية تم تعيين أبو يوسف زعيماً مؤقتاً جديداً لكتيبة «الإمام البخاري» بعد مقتل أكمل جورابايف.