lang.HOME http://ayn-almadina.com/ ar 2024-03-19T07:10:29 رمضان السويداء.. لمسة النازحين وضيق ذات اليد http://ayn-almadina.com/details/5381/5381/ar 5381 date2023-04-13 19:59:05 ayn-almadina تعيش السويداء رمضانها العاشر بحضور النازحين، الذين أضافوا لمستهم الرمضانية الخاصة إلى أجواء المحافظة، عبر حضور أكبر لمظاهر الصيام واستقبال الشهر بالزينة والمأكولات الخاصة ومواقيت التبضع والخلود إلى المنازل، رغم ما تركته من أثر عودة أعداد كبيرة منهم إ...
رمضان السويداء.. لمسة النازحين وضيق ذات اليد

رمضان السويداء.. لمسة النازحين وضيق ذات اليد

رادار المدينة

تعيش السويداء رمضانها العاشر بحضور النازحين، الذين أضافوا لمستهم الرمضانية الخاصة إلى أجواء المحافظة، عبر حضور أكبر لمظاهر الصيام واستقبال الشهر بالزينة والمأكولات الخاصة ومواقيت التبضع والخلود إلى المنازل، رغم ما تركته من أثر عودة أعداد كبيرة منهم إلى مناطقهم. بينما قابلهم المستضيفون بأجواء الألفة والاحتضان والتكافل الاجتماعي، في ظل أوضاع اقتصادية مأساوية تطحن الجميع.

في الفترة الممتدة بين عامي 2014 و2018 وصلت نسبة الوافدين في السويداء إلى حوالي 30% من نسبة السكان، وباتت بعض الأسواق وسط المدينة مثل شارع الشعراني وسوق الخضار، أشبه بالأسواق الدمشقية في شهر رمضان، حيث الزينة المدلاة من حبال تمتد على عرض الشارع، وحركة الزبائن الكثيفة ما قبل الإفطار، ثم خلوّ الأسواق من الحركة بعد حلول موعده. تفاعلت السويداء في تلك الفترة مع ضيوفها كما تفاعلوا معها، خلال أربع سنوات كانت مثالاً للتعايش بين السوريين يناقض كل المزاعم عن انقسام المجتمعات السورية بعد الثورة.

وأكد أحد تجار السويداء لعين المدينة، أن الحركة التجارية في المحافظة بلغت أوجها في تلك السنوات الأربعة، وخصوصاً خلال أشهر رمضان. مشيراً إلى أنها فترة لم تكن مسبوقة في السويداء حتى قبل العام 2011، من حيث نشاط الأسواق والبضائع وتركزها في شهر واحد، وسيطرة جو الألفة بين النازحين والمستضيفين.

وبرغم الخصوصية الاجتماعية والثقافية لمحافظة السويداء، فإن وفود العائلات النازحة إلى المحافظة وقد وصل عددها إلى 200 ألف نازح منذ بداية النزوح، قد زاد عدد الصائمين وأثّر في حركة العملية الاستهلاكية خاصة في هذا الشهر الفضيل، وأضاف عنصراً مشاركاً -فاعلاً ومنفعلاً- في لوحة الموزاييك السوري في الوضع الراهن.

أما اليوم، فلم تعد أيام رمضان كما كانت سابقاً بفلكلورها وتقاليدها الشعبية الاجتماعية والدينية وخصوصيتها الاحتفالية المنتظرة كل عام، بسبب الأزمة التي يعيشها السوريون على جميع الصعد، وخصوصاً الأزمة الاقتصادية المتنامية يوماً بعد يوم، إضافة إلى تقلص عدد النازحين في المحافظة إلى ما يقارب 20 ألف نازح، يقيمون في مخيمات عشوائية في الريف الغربي للمحافظة أو موزعين في المدينة وبعض القرى، إضافة إلى 270 عائلة وفدت إلى المحافظة بعد الزلزال الأخير.

السيد أحمد الحياني من أهالي محافظة حلب ويقيم مع عائلته المكونة من ستة أفراد في مدينة السويداء منذ عام 2013 قال لعين المدينة، أنه رغم اختلاف الجو الرمضاني بين حلب والسويداء، من ناحية صيام أكثرية السكان في حلب والأقلية في السويداء، وطبيعة حركة الأسواق وغيرها، إلّا أن الألفة الاجتماعية التي يعيشها في السويداء، وعلاقاته مع الجيران وسكّان الحي الذي يعيش فيه، تجعل الشهر الفضيل بالنسبة إليه فريداً من نوعه.

وأضاف الحياني "رغم أن جيراني لم يعتادوا الصيام في رمضان، إلا أنهم يتبادلون معي سكبات الطعام في موعد الإفطار في نوع من المودة والمحبة، كما أن مسؤول العمل عني في المنطقة الصناعية يخفّض لي ساعات العمل طيلة الشهر". لكن جنون الأسعار والحالة الاقتصادية المتردية وفق الحياني، صارت القاسم المشترك لكل السوريين في رمضان الحالي، فوجبات الإفطار (على سبيل المثال) تقتصر على مأكولات محددة يتناسب سعرها مع دخل المواطنين.

السيد أحمد تابع حديثه قائلاً "بعد انقضاء أسبوعين من رمضان لم أتذوق مع عائلتي الدجاج أو اللحوم إلّا مرتين فقط، وبشق الأنفس". واستطرد "كيلو اللحمة الحمراء يصل سعره إلى 70 ألف ليرة سورية، وكيلو شرحات الدجاج إلى 45 ألف ليرة سورية. وجبة الإفطار العادية بدون أي نوع من أنواع اللحوم، باتت تكلفتها تبلغ 40 ألف ليرة سورية على أقل تقدير".

ربيع رضوان أحد ناشطي السويداء قال لعين المدينة، أن تردّي الحالة الاقتصادية في سوريا والوضع المزري الذي وصل إليه معظم السوريين ومعاناتهم في تأمين الحاجيات المعيشية الضرورية، قد غيّر أجواء شهر رمضان المبارك الذي عرفته السويداء في العقد المنصرم، ورسم البؤس والقهر على وجوه أرباب الأسر الصائمة.

وأكمل بأن الأجواء عبارة عن "صورة قاتمة بائسة ترتسم على وجوه الصائمين المتحلّقة حول بسطات الخضار والمواد الغذائية الاستهلاكية في سوق الجشع، علّهم يستطيعون الحصول على ما يسدّ رمق العائلة على إفطارها من خضار وحبوب ذات تصنيف رديء من آخر بيعة، والكلّ يطلق حسرات على زمان قريب مضى، على موائد الإفطار الزاخرة بأنواع الأطعمة والحلويات اللذيذة".

وأفاد من تحدثت إليهم عين المدينة أن أسعار المواد الغذائية في شهر رمضان زادت بنسبة (30%)، بينما الفرق الشاسع بين الدخل والأسعار جعل الإفطار يقتصر على وجبة خفيفة بالكاد تسد الحاجات الغذائية للصائمين.

بدورها نسقت الجمعيات الخيرية والمجتمع الأهلي مع الفعاليات الاقتصادية للمشاركة بجمع التبرّعات اللازمة من المواد العينية والغذائية لتوزيعها لمستحقيها في هذا الشهر، كمبادرة "إيد بإيد، ليعمّ الخير بين الأهل" والتي استهدفت الأسر التي حلّت ضيوفاً على المحافظة جراء الزلزال، كما وزّعت مؤسّسة "مرساة" الخيرية (التعليمية الصحيّة التنموية) سلاّت غذائية وألبسة ومساعدات مادية بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، بينما قامت "جمعية الأقحوانة" بمبادرة "إفطار خيري" تقدمّه للأسر الوافدة، وجمعية "أوكسجين" بالتعاون مع "أصدقاء دار السلام" بدعوة أكثر من ستين عائلة من الوافدين لوجبة إفطار في الفندق.

]]>
ألبسة العيد في إدلب.. الاكتفاء بأخذ الصور بها واللجوء إلى تدوير القديمة http://ayn-almadina.com/details/5382/5382/ar 5382 date2023-04-15 19:27:41 ayn-almadina أجبرت الظروف الاقتصادية العديد من الأمهات في إدلب على اللجوء إلى مبادلة ألبسة أطفالهن التي اشترينها في أعياد سابقة بأخرى لأطفال الجارات أو الأخوات، أو إعادة تفصيل ألبسة قديمة لدى خياطات تعملن في المنزل بأجور زهيدة. بينما تحاول بعضهن لتمرير تلك الحيل ...
ألبسة العيد في إدلب.. الاكتفاء بأخذ الصور بها واللجوء إلى تدوير القديمة

ألبسة العيد في إدلب.. الاكتفاء بأخذ الصور بها واللجوء إلى تدوير القديمة

رادار المدينة

أجبرت الظروف الاقتصادية العديد من الأمهات في إدلب على اللجوء إلى مبادلة ألبسة أطفالهن التي اشترينها في أعياد سابقة بأخرى لأطفال الجارات أو الأخوات، أو إعادة تفصيل ألبسة قديمة لدى خياطات تعملن في المنزل بأجور زهيدة. بينما تحاول بعضهن لتمرير تلك الحيل وغيرها، أن يقنعن أطفالهن بالمرور على المحلات وقياس الألبسة الجديدة فيها وأخذ الصور بها دون شرائها.

تواضب السيدة أسماء (24 عاماً) منذ بداية شهر رمضان على التجول في أسواق الألبسة بمدينة إدلب دون اصطحاب أطفالها، رغبةً منها في إيجاد ملابس تناسب إمكانياتها المادية، لا سيما وأنها والدة لـثلاثة أطفال بنتين وصبي.

تقول أسماء أن كل محاولتها باءت بالفشل، ولم تستطع الحصول على شيء مناسب في ظل ارتفاع الأسعار بشكل كبير وتراجع دخل زوجها. وبحسبة بسيطة فإن متوسط ما يمكن أن تدفعه السيدة لشراء ملابس العيد لأطفالها فقط قد يتجاوز 70 دولاراً أمريكياً، وهو ما يعادل أجرة عمل لأكثر من شهر.

لذلك قررت السيدة أن تجري عملية مبادلة لألبسة العام الماضي مع أحد جاراتها، على أن تجري بعيداً عن أعين الأطفال "ملابس العيد غالباً تبقى على حالها، لأننا نسمح للأطفال بارتدائها خلال أيام العيد فقط ولساعات قليلة" تقول أسماء. وتوضح أنها اعتادت هذه الطريقة منذ سنوات عدة "بصعوبة بالغة نستطيع شراء قطعة ملابس، لذلك يجب الحفاظ عليها".

ولأن عملية تدوير الألبسة بين أطفالها أخذت الحد الكافي، وقد اشترت السيدة الملابس في رمضان الماضي، واستخدمتها لعيدين متتاليين، ثم أعطت ثوب ابنتها الكبرى للصغرى ولبسته في حفلة عرس، وبدلت ثياب طفلها الصغير مع ثياب ابن أختها؛ لجأت إلى الاتفاق مع جارتها على مبادلة ملابس الأطفال، وتلخص مختتمة حديثها "وهيك بيلبس ولادي ثياب مختلفة لهاد العيد، وبفكروا إنها جديدة".

بينما تقول السيدة رباح (34 عاماً) المهجرة من دمشق وتقيم في إدلب، أنها لا ترفض رغبة أطفالها بالذهاب إلى السوق ومعاينة الألبسة وارتدائها بغرض تجريبها والتقاط الصور فيها، ونشرها عبر مجموعات التواصل الاجتماعي لجمع اللايكات وسؤال المتابعين إن كانت الألبسة مناسبة لهم أم لا، وهي دائماً جاهزة لتقديم الذرائع التي تشغل بها أطفالها عن شراء الألبسة "كبير، ما كتير عجبني، لسا منلاقي أحلى" وهكذا حتى تنقضي أيام رمضان، وتُنسي فرحة العيد الأطفال مسألة شراء الملابس.

ورغم مشارفة الشهر المبارك على الانتهاء، وحركة الأسواق في إدلب تعج بالمارة والزوار، فإن المحال تفتقر للزبائن. كما أن البضاعة المعروضة في الأسواق تتشابه بالنوع والألوان، بينما تختلف أسعارها بفروقات طفيفة من سوق لآخر وتتشارك بالغلاء.

"لو في بديل لبيع المصلحة بقشرة بصلة" يقول عثمان صاحب أحد محلات الألبسة بسوق الخمارة في إدلب، ويوضح أنه اكتفى بتشكيلة ملابس بسيطة لهذا العام مع تراجع حركة البيع والشراء بشكل كبير، وزيادة الزوار الذين يلتقطون صوراً لأطفالهم بالملابس مكتفين بالسؤال عن السعر والتعليق بـ"يالطيف أسعار نار! مافي أرخص؟ منرجع إن شاء الله، الله يجبر"، وهو الأمر الذي دفع عثمان إلى عرض قطع قليلة بالمحل مع وضع سعرها النهائي، ولافتة كتب عليها "لا تبديل ولا ترجيع، وإن لم يكن لديك عمل فدعنا نعمل".

لا يوجد ضابط محدد لأسعار الألبسة، إذ يتم تحديدها وفق حركة السوق والعرض والطلب، وتعتبر المواسم كالعيد وتقلب الفصول وافتتاح المدارس أبرز المحطات التي يستثمرها باعة الألبسة لفرض أسعارهم، التي تختلف من منطقة لأخرى ضمن محافظة إدلب، ويلاحظ فروقات بين محل وآخر ضمن السوق ذاته، ويرجع ذلك لمزاجية البائع وطبيعة زبائنه.

وتتراوح أسعار ملابس الأطفال بين 20 و 50 دولاراً أمريكياً لفستان البنات، وبين 10 و 40 دولاراً للطقم الصبياني، ويبدأ سعر قطع ملابس العيد النسائية من 22 وصىولاً إلى 200 دولار، بينما تتراوح أسعار ملابس الرجال بين 5 و 70 دولاراً أمريكياً.

وتكثر على صفحات التواصل الاجتماعي المحلية المنشورات التي تطالب المتابعين بالمساعدة لإيجاد محال ألبسة تبيع بأسعار رخيصة، سواءً كانت ملابس جديدة أم مستعملة (بالة) وهي على درجات منها الأوربي المستورد والمحلي، كما تنتشر عبارات مضحكة مبكية كقول أحدهم "بخصوص لبس العيد عندك حلين، يا بتبيع كليتك، أو بتدبر محل ما عندو كاميرات مراقبة".

في حين تلجأ بعض السيدات إلى إعادة تدوير الملابس بالاستعانة بخياطات يعملن من منازلهن وبأجور بسيطة، ويكون مصدر القماش قطع قديمة من ملابسهن أحياناً، أو أقمشة جاهزة تراجع الطلب عليها وتباع بأسعار مقبولة.

وتقول أم جواد وهي خياطة تعمل في منزلها ببلدة الفوعة، أنها تلقت منذ بداية شهر رمضان عشرات الطلبات لتفصيل فساتين للبنات وأطقم للأولاد، موضحةً أن القماش الذي تخيطه هو غالباً قديم، ما يفرض عليها القالب الذي سيتم على أساسه تفصيل قطعة الملابس. وتستطرد "الشغل بالقماش القديم بدو شغل دبل عن العادي، وبحاول طلع أحلى ما عندي... خلي الولاد تفرح". وحول الأجور التي تتقاضاها تضيف السيدة "مافي أجر محدد، باخد مبلغ من صاحبة القطعة بتدفعوا عن طيب خاطرها".

ورغم أن بعض العوائل تستطيع اللجوء إلى طرق التحايل على الواقع المعيشي، فإن حالة عجز واضحة في القدرة الشرائية تبقى تفرض نفسها، لا سيما مع زيادة معدلات الفقر وارتفاع نسبة البطالة.

وبحسب فريق "منسقو استجابة سوريا" فإن نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر في إدلب تصل إلى 89.24 بالمئة، بينما ترتفع نسبة العائلات التي وصلت إلى الجوع إلى 39.64 بالمئة. في الوقت الذي تزايدت فيه معدلات البطالة بين المدنيين، حيث ارتفعت مؤشرات البطالة عن الشهر الماضي بنسبة 2.3 بالمئة بعد فقدان أكثر من 11,372 عائلة مصادر دخلها نتيجة الزلزال الأخير الذي تعرضت له المنطقة، ووصلت نسبة البطالة العامة إلى 87.3 بالمئة بشكل وسطي، مع اعتبار أن عمال المياومة ضمن الفئات المذكورة.

]]>
موجة الغلاء تدخل معظم السوريين في التقشف الرمضاني القسري http://ayn-almadina.com/details/5383/5383/ar 5383 date2023-04-17 23:22:54 ayn-almadina تؤكد الأرقام أن رمضان الحالي يعتبر الأقسى على كافة السوريين بدفع من التضخم وحدة موجات الغلاء التي طاولت معظم السلع الغذائية وجميع المواد الأساسية، بالموازاة مع تعاطي غير مسبوق مع الغلاء من قبل المواطنين، قوامه المزيد من التقشف وشد الأحزمة ومغادرة معظ...
موجة الغلاء تدخل معظم السوريين في التقشف الرمضاني القسري

موجة الغلاء تدخل معظم السوريين في التقشف الرمضاني القسري

رادار المدينة

تؤكد الأرقام أن رمضان الحالي يعتبر الأقسى على كافة السوريين بدفع من التضخم وحدة موجات الغلاء التي طاولت معظم السلع الغذائية وجميع المواد الأساسية، بالموازاة مع تعاطي غير مسبوق مع الغلاء من قبل المواطنين، قوامه المزيد من التقشف وشد الأحزمة ومغادرة معظم الأطباق الرمضانية الشهيرة عن مائدة الإفطار.

لم تعد أم شفيق وهي خمسينية تعيش في دمشق، تحتار في نوعية الطبخات الرمضانية بعد أن كانت الحيرة تتملكها مثل باقي السوريات أمام القائمة الطويلة للأكلات الرمضانية المتنوعة والدسمة. ف"المكونات الرخيصة لن تمنح فرصة كبيرة للتنوع على المائدة.. كل ما في الأمر أن تطبخ إحدانا أكلات تدخل البطاطا والفول والبازلاء والرز ضمن مكوناتها، مع غياب للدسم واللحوم بأنواعها". تؤكد أم شفيق لعين المدينة.

أما نجوى وهي أربعينية تقيم في ريف حلب، فقد نسيت طرق إعداد أكلات عديدة مع طول مدة التقشف. وتقول لعين المدينة إن "الكبب واللحم المشوي والمحاشي لم تكن على مائدة الإفطار هذا العام بخلاف الأعوام الماضية". فيما أمضت أم علي الأربعينية من إدلب العشر الأول من رمضان في "صنع أكلات موفرة قوامها لحم الدجاج أو الخضار الرخيصة".

وتؤطر القصص في الأعلى لما يمكن أن نطلق عليه ب"التقشف الرمضاني القسري"، فقد أجبر لهيب الأسعار معظم السوريين على ممارسة هذا التقشف الذي يسير في خط مستقيم نحو القاع، ليس في دمشق وبقية المحافظات التي تقع تحت سلطة النظام فقط، بل في مناطق المعارضة أيضاً.

ومن مراجعة بسيطة للوائح الأسعار في دمشق ومقارنتها بين آخر موسمين رمضانيين، يظهر أن أسعار السلع قد تضاعفت بنسبة 100% خلال عام واحد فقط، ما يعني أن الأسرة التي كانت تحتاج مثلاً إلى مبلغ 25 ألف ليرة سورية لتحضير طبخة واحدة على الإفطار، باتت بحاجة إلى 50 ألف ليرة لإعداد نفس الوجبة. وعلى سبيل المثال ارتفع سعر كيلو الرز المصري إلى 12 ألف ليرة بينما لم يتخط في رمضان الماضي حاجز ال 5500 ليرة. وكيلو لحم الخروف 70 ألف ليرة (30 ألفاً في رمضان الماضي). ولحم العجل 55 ألف ليرة (25 ألفاً في رمضان الماضي). وزيت الزيتون وصل إلى 40 ألف ليرة (22 ألفاً في رمضان الماضي).

النظام بدوره يعزو تضاعف أسعار السلع إلى سعر الصرف الذي شهد العديد من حالات الارتفاع خلال العام الماضي، في حين لم تلجأ حكومته إلى أي خطوة إيجابية من شأنها تخفيف حدة الغلاء على الصائمين.

وفي مناطق المعارضة يمكن ملاحظة الارتفاع غير المسبوق لأسعار المواد الغذائية وغير الغذائية بنسب متفاوتة. وسجل فريق "منسقو استجابة سوريا" ارتفاعا في أسعار الحبوب بنسبة 32.3%، والزيوت النباتية بنسبة 33%، والألبان بنسبة 24.4%، والسكر بنسبة 33.15%، واللحوم بأنواعها بنسبة 57%، والخضار والفاكهة بنسبة 55%. وتزامن ارتفاع أسعار المواد مع العجز الواضح في عمليات الاستجابة الإنسانية من قبل المنظمات المحلية، وخاصة مع مقارنة شهر رمضان الحالي بالعام الماضي وانخفاض الاستجابة بنسبة 47% عن العام السابق.

برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة حذر منتصف آذار الماضي من أن قرابة 12.1 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن 3 ملايين آخرين معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع. وأضاف أن متوسط الأجر الشهري في سوريا يغطي حالياً ما يقرب من ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة.

وتحفز ندرة الأطباق والمشروبات الرمضانية على الأجواء التي اعتادها السوريون في الشهر الفضيل، ف"ما معنى رمضان دون المعروك والتمرهندي والعرقسوس؟" تتساءل أم شفيق التي تكتفي بالشراب المصنع وما يتسنى لها تحضيره من حلويات منزلية رخيصة. فيما تشتكي نجوى من خلو المائدة من الأكلات الحلبية الشهيرة التي كانت تدخل البهجة إلى القلوب ف"الكبة اللبنية تكلف بقرة جحا". كلام السيدتين يطابق تماماً حالة أم علي التي تعتبر رمضان الحالي "أقسى الرمضانات. وبإذن الله آخر الرمضانات القاسية".

]]>
زبائن سوق مدينة الميادين يشترون الخضار بالقطعة http://ayn-almadina.com/details/5384/5384/ar 5384 date2023-04-19 20:04:40 ayn-almadina في مدينة الميادين شرق دير الزور، حيث اعتاد سكانها وزبائن سوقها المركزي في السابق على شراء حاجياتهم بالجملة، خاصة من الخضار التي كانت تطوف بها الشاحنات لبيعها بالأشولة، يشتري اليوم غالبيتهم ما يحتاجون من قوت يومهم من خضار وغيرها بالقطعة. ظل سوق الم...
زبائن سوق مدينة الميادين يشترون الخضار بالقطعة

زبائن سوق مدينة الميادين يشترون الخضار بالقطعة

رادار المدينة

في مدينة الميادين شرق دير الزور، حيث اعتاد سكانها وزبائن سوقها المركزي في السابق على شراء حاجياتهم بالجملة، خاصة من الخضار التي كانت تطوف بها الشاحنات لبيعها بالأشولة، يشتري اليوم غالبيتهم ما يحتاجون من قوت يومهم من خضار وغيرها بالقطعة.

ظل سوق الميادين حتى قبل سنوات قليلة من أكبر الأسواق في المنطقة الشرقية، ويستقطب زبائن من مدينة الميادين وبلدات وقرى يتجاوز محيطها أكثر من خمسين كيلو متراً. يمتد السوق في الشارع العام وسط المدينة، ويتضمن "سوق أم مخلص" لتجارة الخضار ومشتقات الألبان، وأسواق فرعية منها "الچرداق" و"شارع الجيش"، بالإضافة إلى الكثير من الباعة الجوالين بشاحناتهم لبيع الخضار للزبائن بالجملة، وهي ظاهرة صارت في حدها الأدنى بسبب تدني القدرة الشرائية لعموم السكان، وارتفاع أسعار المحروقات، وحواجز الفرقة الرابعة التي تصادر محتويات السيارات في حال لم يدفع أصحابها الإتاوات.

أبو محمد صاحب بسطة خضار في سوق الميادين يعمل في ذات المهنة منذ سنوات، ويعرف من خلال خبرته الطويلة أن نسبة البيع تزيد في كل عام بشكل كبير خلال شهر رمضان، خاصة من الخضار التي يحرص الأهالي على تنوعها في مائدة الإفطار. يقول لعين المدينة "هذا العام أصبح الناس يشترون مني الخضار بالعدد بدلاً من الكيلو. الظروف المعيشية صعبة جداً". ويضيف "أحياناً لا أبيع في اليوم الواحد أكثر من 4 إلى 5 كيلوات من جميع خضار البسطة، بينما كنت أبيع خلال السنوات السابقة عشرات أو مئات الكيلوات في اليوم".

وعن سبب تراجع حركة شراء الخضار يشرح بأن شراء كيلو بطاطا وكيلو كوسا وكيلو بندورة وكيلو فليفلة يكلف اليوم أكثر من 18 ألف ليرة، وهو مبلغ يشكل  تقريباً ربع راتب موظف حكومي، فسعر كيلو البطاطا صار ب 2500، والكوسا ب 5500، والبندورة ب 3500، والفليفلة ب 6500 ليرة سورية، وقد ارتفعت أسعارها بالمتوسط أكثر من خمسين بالمئة عن رمضان العام الماضي وفق ما يتذكر.

أجبرت الظروف الاقتصادية التي يمر بها السوريون على تغيير أنماط استهلاكهم المعتادة للتكيف مع العوز، وصار شراء الخضار بالقطعة من الأنماط الجديدة التي اعتاد عليها أهالي دير الزور، خاصة الأسر التي تعتمد على دخل مادي محلي مثل الرواتب الحكومية والعمل في التجارة والخدمات، وهي الفئات التي يتدبر أفرادها أمور معاشهم بالعدس والبرغل، ويشترون بعض الحاجيات الأخرى بالقطعة 3 إلى 4 حبات من الخضار لصنع طبق آخر بمرق أو سلطة، الأمر الذي لم يكن معروفاً في السابق وفق العديد ممن تكلمت معهم عين المدينة، نظراً إلى كثرة أفراد الأسرة الواحدة في عموم المنطقة الشرقية، وارتباط الأسر ببعضها عبر العائلة الممتدة، وارتباط التقتير بالاستهلاك بالعيب في الثقافة الشعبية، إضافة إلى طبيعة العمل الموسمية، وهي أمور كانت تدفع الغالبية إلى شراء الحاجيات من الخضار وغيرها بكميات وافرة.

أبو سليمان موظف في دائرة الأحوال المدنية بالميادين يقول أن راتبه الشهري 170 ألف ليرة، ويعمل بعد انتهاء دوامه سائق سيارة أجرة، ورغم ذلك لا يستطيع تأمين كامل متطلبات منزله وأسرته المكونة من زوجته و3 أولاد.

ويضيف "أعلى راتب يتقاضاه الموظف في سوريا لا يتجاوز 200 ألف ليرة، وهو مبلغ لا يكفي اليوم أسرة مثل أسرتي بمستوى معيشي متوسط أكثر من أسبوع"، ما انعكس وفق أبو سليمان على موجة هجرة كبيرة خارج البلاد لفئة الشباب، حتى تكاد الشوارع تخلو من الشبان سوى المتطوعين في صفوف قوات النظام والميليشيات الإيرانية.

أما أبو موسى وهو موظف متقاعد، فيقول أن راتبه التقاعدي 110 آلاف ليرة، وأسرته 5 أشخاص يكاد الراتب لا يكفيهم ليوم واحد لو فكروا بشراء كامل الحاجيات. ويذكر أنه أجبر على إرسال اثنين من أبنائه للتطوع في ميليشيا الحرس الثوري الإيراني من أجل تأمين بعض الحاجيات، مضيفاً أنه لا يوجد أي عمل آخر "لا مصانع أو معامل في المدينة، وإذا وجدوا عملاً فلا تتجاوز الأجور راتبي التقاعدي".

في المقابل تعيش العوائل التي تتلقى حوالات من أبنائها في الخارج بحال أفضل بكثير. مثلاً تتجاوز قيمة ال 100 دولار أمريكي وهي قيمة الحوالة الشهرية التي يرسلها العديد من السوريين في الخارج لذويهم، 700 ألف ليرة سورية  بحسب سعر الصرف الحالي، ويعادل المبلغ راتب موظف في سوريا لنصف سنة، لكن هؤلاء فئة قليلة الآن في مدينة الميادين.

أما بخصوص المنحة التي تلقاها الموظفون قبل أيام، وقيمتها ثابتة تبلغ 150 ألف ليرة للموظف، فيعلق أبو موسى موظف الأحوال المدنية "الأولوية لشراء الطعام وبعض مستلزمات المنزل. كنت أنوي شراء لباس العيد لأطفالي الثلاثة، لكن المنحة ربما لا تكفي سوى لاثنين منهم، فلذلك فضلت صرفها على حاجيات المنزل".

]]>
سوق برهان بمدينة حماة.. صلة الوصل بين المدينة والبادية يحتضر http://ayn-almadina.com/details/5386/5386/ar 5386 date2023-04-26 16:43:01 ayn-almadina حافظت العديد من الأسواق العثمانية في سوريا على قيمتها كمؤسسات اجتماعية اقتصادية، بالإضافة إلى قيمتها التراثية المعمارية، ولم تدخل في خانة المواقع الأثرية التي يقتصر دورها على العمل المتحفي. ويعتبر سوق برهان في حماة مثالاً حياً على تلك الأسواق، حيث تخ...
سوق برهان بمدينة حماة.. صلة الوصل بين المدينة والبادية يحتضر

سوق برهان بمدينة حماة.. صلة الوصل بين المدينة والبادية يحتضر

رادار المدينة

حافظت العديد من الأسواق العثمانية في سوريا على قيمتها كمؤسسات اجتماعية اقتصادية، بالإضافة إلى قيمتها التراثية المعمارية، ولم تدخل في خانة المواقع الأثرية التي يقتصر دورها على العمل المتحفي. ويعتبر سوق برهان في حماة مثالاً حياً على تلك الأسواق، حيث تختلط عراقة المهن الموروثة ببنية السوق وعمرانه وأثره الاجتماعي، بينما تهدد الظروف الأمنية والاقتصادية السيئة بقاءه.

تتكون بنية الأسواق العثمانية من المحال على جانبي شارع السوق وأطراف فسحه وساحاته، وحمامات وجوامع وخانات على الهامش بدأت تظهر في المدن في القرن التاسع عشر، القرن الذي شهد بناء سوق برهان. فوفق المتاح من المعلومات يعود تاريخ بناء سوق برهان إلى عام 1876 على يد علي الكيلاني أحد كبار المتنفذين في مدينة حماة، الذي أطلق على السوق اسم ابنه برهان، واستخدم فيه الطراز العثماني بالبناء بمستوى طابق واحد على شكل طولي ومحلات متقابلة وأسقف قوسية للمحال، ومداخل على شكل قناطر وممر مسقوف، بالإضافة إلى مسجد وخان للمبيت مزود بساحة ذات فسحة سماوية تحوي في وسطها بحرة مزودة بنافورة، ويمكن الدخول إليه عبر بوابة سماوية للخان الملاصق للسوق متصلة بسوق مسقوف "عبَّارة"، تحوي محال أفقية متناظرة يصل عددها إلى ما يقارب مئة محل.

يقع السوق في حي الحاضر شمال شرق مدينة حماة، الحي الذي بدأ يتشكل قبل أكثر من مئتي سنة وفق وظيفته التجارية، وسمي من خلالها "الحاضر" أي المكان الذي يتحضر ويتزود منه البدو بالبضائع. في ذلك الوقت الذي كان الحاضر يغص بالحركة والتجارة، لم يكن سوق برهان ذا أهمية مميزة. في حين شهدت أواسط القرن الماضي صعوداً للسوق، بعد أن اتفق عدد من أصحاب الحرف اليدوية المتخصصين بإنتاج حاجيات البدو -بالتعاون مع المسؤولين عن الشؤون المدنية في حماة- على نقل مشاغلهم وورشهم إلى سوق برهان، ووقع الاختيار على الموقع نتيجةً لتوفر عدد كبير وكافٍ من المحال التجارية المتقاربة في موقع واحد، فضلاً عن الوصول السهل إلى السوق من خارج المدينة دون الدخول إلى عمقها. في هذا السياق يمكن اعتبار السوق تكثيفاً لمنطقة الحاضر العثمانية.

وبالرغم من أن سوق برهان والخان الملاصق له يعتبران من المعالم التراثية المتميزة في حماة وحافظت على رونقها لتمسكها بالتقاليد التراثية، إلا أنها لم تكن قبلة أولية أو ثانوية للوفود السياحية من خارج المدينة لتفرد مدينة حماة بوجود النواعير والمدينة القديمة المحيطة بها التي كانت محطاً للوفود السياحية لافتةً أنظارهم عن زيارة أي معلم آخر، وبالتالي يمكن القول أن العلاقة الحميمة بين البدو وسوق برهان كانت النقطة الحاسمة في عراقة السوق وجعله مكاناً مهماً للتجارة والتبادل التجاري والثقافة التقليدية بين البيئتين الحضرية والبدوية، ولكن في ضوء الظروف الأخيرة واستمرارها على ذات الوتيرة قد يُهدّد استمرار حياة هذه العلاقة في الأيام القادمة.

أياما خلت يستذكرها أبو ياسين وهو خياط متخصص بتفصيل العباءات والفِريّ والسراويل في سوق برهان، حيث أقام وتجار السوق علاقات متطورة مع أهالي تجمعات البادية، وأصبحوا يعرفون ذوق كل قرية من قرى البادية في الزي، ومطلب كل شخص قادم من البادية "دون إسهاب في الشرح. بمجرد ذكر اسم قريته أو عشيرته (نعرف طلبه) لأننا على معرفة متراكمة من سنين أمضيناها بالتعامل معهم". بحسب حديث أبو ياسين لعين المدينة.

أسهم الموقع الجغرافي لمدينة حماة الملاصق للبادية السورية في جعلها مركزاً تجارياً هاماً لتبادل السلع والمنتجات بين أبناء البادية والمدينة، فقرى بادية حماة الشرقية تبدأ من مسافة لا تزيد عن 20 كم عن مركز المحافظة، الأمر الذي جعل التنقل بين المدينة والبادية سهلاً، وشراء حاجيات البدو منها يسيراً دون تكبد العناء والبحث عنها في زحام المدينة وكثرة أسواقها، أو دخول قوافل البدو وعرباتهم بين الأحياء السكنية والأسواق الأخرى.

يذكر ريان الأحمد من قرية عرفة ببادية حماة، أن سوق برهان كان المحطة الأولى التي ترتسم في أذهان جميع الذاهبين من البادية إلى محافظة حماة، ويضيف لعين المدينة "ابن عمة أبي كان يذهب أسبوعياً إلى السوق لشراء طلبات أهالي القرية من معدات لبيوت الشعر وعباءات وفري وعقالات وبرمان وحبال ولجامات للدواب ودخان عربي وتمور ودبس، وفي ذات التوقيت يأخذ اللبن والسمن والجبن والجلود المنتجة في القرية لبيعه في السوق".

وفي المقابل يعد الذهاب لسوق برهان بالنسبة إلى أبناء حماة فرصة لا تعوض لشراء منتجات البادية وبجودة أفضل من جودة المعامل والمشاغل المحلية ومحلات المدينة وبأسعار منافسة وتنوع كبير، كما يقول الشاب عبد المجيد عنجاري الذي كان يذهب رفقة والده بشكل موسمي لشراء مؤونة الشتاء ورمضان من الجبن والسمن العربي واللبن والصوف وبعض الأعشاب الطبيعية.

وعن الوضع الحالي للسوق يشير أبو ياسين إلى عوامل عدة أدت إلى ركود حركة التبادل التجاري بين البادية والمدينة وتوقف شبه تام لأغلب ورش ومحال السوق، أهمها نزوح الغالبية العظمى لأبناء البادية من قراهم إلى مناطق متفرقة خارج محافظة حماة نتيجة عمليات النظام العسكرية في البادية وتهجير معظم ساكنيها، بالإضافة إلى إسباب تتعلق بغلاء المواد الأولية التي تسببت بارتفاع تكلفة المنتجات وتدني القدرة الشرائية لأبناء الريف والبادية معاً، وانقطاع دائم للتيار الكهربائي وإهمال بلدية حماة لعمليات الترميم والنظافة، وختم بالقول "إن استمر الوضع على ما هو عليه ستغلق عشرات المحال والورش اليدوية التي لم تتوقف عن العمل منذ أكثر من ستين عاماً أو يزيد، وستندثر وتنسى هذه الحرف في حال أصبحت عبئاً على متقنيها".

]]>
مريضات الكلى.. أعداد متزايدة ومعاناة يضاعفها البحث عن سبل العلاج في إدلب http://ayn-almadina.com/details/5387/5387/ar 5387 date2023-05-11 16:50:51 ayn-almadina تزداد باضطراد معاناة مريضات الكلى في إدلب مع انخفاض الدعم عن المراكز المجانية وضرورة تأمين مواد ومعدّات لجلسات غسيل الكلى على نفقاتهن الشخصية، وهو ما وضع الفقيرات منهن أمام خيارات صعبة. تتأثر مريضات الكلى بجو الترقب السائد في مراكز غسيل الكلى في إ...
مريضات الكلى.. أعداد متزايدة ومعاناة يضاعفها البحث عن سبل العلاج في إدلب

مريضات الكلى.. أعداد متزايدة ومعاناة يضاعفها البحث عن سبل العلاج في إدلب

رادار المدينة

تزداد باضطراد معاناة مريضات الكلى في إدلب مع انخفاض الدعم عن المراكز المجانية وضرورة تأمين مواد ومعدّات لجلسات غسيل الكلى على نفقاتهن الشخصية، وهو ما وضع الفقيرات منهن أمام خيارات صعبة.

تتأثر مريضات الكلى بجو الترقب السائد في مراكز غسيل الكلى في إدلب، التي تعتمد اليوم على تبرعات فردية من أشخاص وفرق إنسانية ومنظمات أخرى على شكل متقطع، من أجل تقديم الحد الأدنى من مواد واحتياجات جلسات الغسيل. فيما تبحث المريضات عن بدائل معقولة عن تلك المراكز التي تتناقص خدماتها مع الأيام.

خوف من المستقبل

ربيعة الحاج حسين (51 عاماً) تداوم على 3 جلسات غسيل كلى أسبوعياً، بسبب إصابتها بـالفشل الكلوي منذ سنوات طويلة، ويؤثر عليها مؤخراً انخفاض الدعم المقدم للعلاج في مركز ابن سينا في مدينة إدلب، ما دفعها إلى تخفيض جلسات الغسيل نظراً لتدهور أوضاعها المادية، وهو ما راح يؤثر بشكل مباشر على صحتها وتأخر علاجها.

تقول السيدة ربيعة لعين المدينة "رحلة العلاج باتت مرهقة مادياً ومعنوياً، فأجور المواصلات وتكاليف العلاج تزيد معاناتي باستمرار، أشعر بالخوف حين أفكر بتوقف العلاج الفجائي بعد مدة قصيرة إن استمر الحال على ما هو عليه من تأخر الدعم وضعف الحال. مرعب ما سيكون عليه حالي إن حصل ذلك".

تضطر ربيعة في كل مرة إلى تحمل عناء دفع أجور المواصلات كي تصل إلى مركز غسيل الكلى في إدلب، من مخيمات حربنوش شمال غرب إدلب حيث تقيم، عدا عن مكابدة تكاليف شراء بعض المواد العلاجية الضرورية عند كل جلسة غسيل، بعد تناقص الدعم عن المركز الذي تتعالج فيه.

أعراض عديدة تشكو منها ربيعة بعد إصابتها بالفشل الكلوي أهمها التَّعب والغثيان، الحكة، النفضان، تشنج العضلات، نقص الشهية، صعوبة التنفس وتورم في الجسم وخاصة الساقين.

وكذلك الحال مع جمانة الكردي (24 عاماً) التي تعيش حالة قلق دائمة من نفاذ جلسات الغسيل في مركز باب الهوى الحدودي، الوجهة التي تداوم عليها لعلاج حالتها بعد إصابتها بالفشل الكلوي منذ قرابة الخمس سنوات. تقول جمانة أن الجلسة الواحدة راحت تكلفها ما يتراوح بين 20 و 30 دولاراً أمريكياً، وهو مبلغ يفوق الدخل الأسبوعي للأسرة بأكملها، وليس بمقدورعائلتها تأمينه على الإطلاق، خاصة بعد نزوحهم من بلدتهم جنوب إدلب وفقدانهم مصدر أرزاقهم بعد سيطرة قوات نظام الأسد عليها.

أثر الزلزال

وعدا عن الحالات القديمة، ازادت حالات الفشل الكلوي إثر الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمال غرب سوريا في السادس من شباط الماضي، وذلك بعد خروج أعداد كبيرة من المصابين ممن يعانون مما يعرف ب"متلازمة الهرس" جراء مكوثهم لساعات وأيام تحت ركام منازلهم المدمرة، إذ لم تكن النجاة من تحت الأنقاض خلاصهم من المحنة التي مروا بها، بسبب رحلة علاج قاسية بدؤوا بها في مستشفيات تفتقر إلى المعدات والمختصين.

ريا العرنوس ( 32 عاماً) تعرضت لمتلازمة الهرس، وأودت بها الحالة الصحية الحرجة إلى غرفة العناية المشددة في مستشفى العيادات الداخلية في محافظة إدلب، بعد أن باتت مهددة ببتر إحدى الأطراف، وبحاجة إلى غسيل كلى مستمر، بعد أن تعرضت لهرس في الطرفين السفليين والعلويين، وتعيش اليوم على الضمادات والمسكّنات، وجلسات غسيل الكلى المتكررة وفق ما ذكرته لعين المدينة.

لم تشعر ريا بتحسن يذكر رغم مدة العلاج الطويلة في المستشفى، بالتحديد فيما بتعلق بالفشل الكلوي الذي أصيبت به على وقع إصابتها بمتلازمة الهرس.

وفي التعليق على الموضوع، قال غانم خليل مدير العلاقات العامة في مديرة صحة إدلب لعين المدينة، أن معظم الناجين الذين بقوا لمدة 24 ساعة تحت الأنقاض تعرضوا لمتلازمة الهرس الشديد، التي تؤدي إلى تدمير العضلات، وقصور كلوي حاد.

وأضاف أن"هذه النسبة الإضافية من المصابين بالفشل الكلوي تجاوزت 860 إصابة في الشمال السوري نتيجة إصابات المتلازمة". وأوضح أن مرضى متلازمة الهرس يجرى لهم يومياً جلسة غسيل كلى أو أكثر، وهي تصنّف كحالات طبية خطيرة، لأن نسبة الوفيات فيها عالية.

وأكد أن عجزاً كبيراً يعاني منه القطاع الصحي في الاستجابة لمرضى متلازمة الهرس في مرحلة ما بعد الزلزال، جراء الصعوبات والاحتياجات ونقص في المستلزمات والأدوية، فالقطاع غير مهيأ لمواجهة كوارث لم تحصل في المنطقة سابقاً. وأشار إلى أن كارثة الزلزال جاءت لتزيد العبأ على القطاع الصحي الذي استنزفت كامل طاقته خلال الأيام الأولى، لتكون المبادرات المحلية هي الأساس في تغطية الاحتياجات نظراً لتأخر وصول المساعدات الأممية.

ووصل أعداد المصابين جراء الزلزال إلى 12 ألف مصاب، أغلبهم كان لديهم متلازمة الهرس وبحاجة إلى أجهزة غسيل الكلى والكيتات، بينما هنالك نقص كبير في تلك الأجهزة.

في حين تعاني مراكز غسيل الكلى البالغ عددها 8 مراكز فقط في إدلب (مدينة إدلب، أريحا، أرمناز، سلقين، حارم، دركوش، الأتارب، باب الهوى)  من الضغط الشديد، وهي تعاني بالأصل من شحّ في المستلزمات والمعدّات والكيتات، حتى ما قبل وقوع الزلزال.

وكشف الخليل عن ضرورة وجود مراكز لغسيل الكلى دون الحاجة لتحويل الحالات إلى تركيا، التي أوقفت استقبال المرضى السوريين من ذوي الإصابات والأمراض الخطيرة منذ وقوع الزلزال حتى إشعار آخر، وحرمت بذلك مئات المرضى الذين كانوا يدخلون من المعابر الحدودية من تلقي العلاج داخل تركيا.

وبحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA) فقد تضرر بفعل الزلزال في شمال غربي سوريا ما لا يقل عن 53 مرفقاً صحياً جزئياً، ومرفقان صحيان بالكامل، وخرج عن الخدمة 12 منشأة صحية توقف العمل بها.

مسارات مغلقة

مدير ملف مرضى الكلى في مديرية صحة إدلب الدكتور باسل صباغ قال لعين المدينة، أنه  بلغ عدد المريضات 304 مريضة من بينهن 5 دون سن 12 عاماً، من أصل 662 مريض يعانون من قصور كلوي مزمن غير قابل للشفاء، والعلاج الوحيد المتوفر هو الغسيل الكلوي الدائم بمعدل جلستين أسبوعياً (9-10 جلسة شهرياً) وكل جلسة تحتاج إلى 4 ساعات.

ونوه الصباغ إلى أهم الصعوبات الحالية التي تواجه تلك الفئة التي تعتبر من الفئات الهشة للغاية، إذ لا يمكنها القيام بأي أعمال تكون مصدر رزق، أو حتى الأعمال المنزلية التي تكون محدودة، بسبب دخول المريض أغلب الأحيان في حالة وهن قبل يوم من موعد جلسة الغسيل وخلال يوم جلسة الغسيل الكلوي.

وأوضح أن هنالك علاج وحيد لمثل تلك الحالات عبر زرع الكلية، لكنه غير متوفر في مناطق شمال غربي سوريا والمناطق المحررة بشكل عام، سواء في المرافق الخاصة أو المؤسسات العامة المدعومة من قبل المنظمات والجمعيات غير الحكومية.

ويضطر المريض الذي ينوي زرع الكلية الى الذهاب إلى تركيا حصراً، وهو أمر مرهق جداً وله إجراءات طويلة لاعتبار زرع الأعضاء من الحالات الباردة، وتحتاج إلى متابعة طبية مكثفة خلال أول عام من الزرع.

أما عن الأدوية التي تحتاجها هذه الفئة فهي من الأدوية النوعية، وأهمها الألبومين بسبب معاناة مرضى الغسيل الكلوي من فقر الدم والحاجة الدائمة إلى هذا الدواء، الذي يصل سعره في المتوسط إلى 35 دولاراً.

]]>
عقلية الأخذ بالثأر تعود إلى السويداء بسبب تنامي العصبيات العائلية http://ayn-almadina.com/details/5388/5388/ar 5388 date2023-05-13 14:23:32 ayn-almadina ارتفعت حدة التوترات والحوادث الأمنية الناجمة عن نزاعات عائلية خلال الفترة الماضية في محافظة السويداء، فشهد شهر نيسان وحده ثلاثة نزاعات على الأقل. عودة العصبيات العائلية إلى السويداء تسببت بلجوء الأهالي إلى اقتناء أو إشهار السلاح وإلى التمسك بالتكتل ا...
عقلية الأخذ بالثأر تعود إلى السويداء بسبب تنامي العصبيات العائلية

عقلية الأخذ بالثأر تعود إلى السويداء بسبب تنامي العصبيات العائلية

رادار المدينة

ارتفعت حدة التوترات والحوادث الأمنية الناجمة عن نزاعات عائلية خلال الفترة الماضية في محافظة السويداء، فشهد شهر نيسان وحده ثلاثة نزاعات على الأقل. عودة العصبيات العائلية إلى السويداء تسببت بلجوء الأهالي إلى اقتناء أو إشهار السلاح وإلى التمسك بالتكتل العائلي لتحصيل حقوقهم بالقوة، بالتوازي مع غياب دور القضاء والضابطة العدلية وتزايد معدل الجرائم بشكل مطرد منذ العام 2014.  صارت القناعة السائدة مع الأيام أنه لا حماية للفرد دون انتماء عائلي أو مناطقي، وعند حصول أي نزاع بين فردين يفضي بشكل آلي إلى نزاع بين عائلتين.

ولعل أهم العوامل التي ساهمت بتخلي النظام المقصود عن ضبط الوضع في المنطقة، هو الرفض الشعبي الذي شهدته المحافظة لأداء الخدمة الإجبارية في صفوف قوات النظام، وبروز فصائل محلية مسلحة تبنت حماية المطلوبين للخدمة، والضغط بالقوة على النظام لأسباب سياسية أو عند اعتقال أي شخص من أهالي المحافظة للخدمة لإخلاء سبيله. يضاف إليها انتشار عصابات الجريمة المنظمة في المحافظة، التي كانت تخطف ضباطاً أو عناصراً للنظام عند توقيف أحد أفرادها، بغية إجراء عمليات مقايضة.

وبحسب الصحافي ريان معروف مدير تحرير موقع "السويداء 24"، فقد شهدت مدينة السويداء قبل أسبوعين نزاعاً بين عائلتي رضوان والشاعر، لا تزال تداعياته مستمرة حتى اليوم، في ظل فشل الوساطات المحلية بإيجاد حل. وأضاف معروف لعين المدينة، أن المشكلة بدأت باستهداف شخص من آل الشاعر لآخر من آل رضوان بعيارات نارية سببت له إصابات خطيرة، وذلك على إثر خلاف سابق بينهما. وتابع أن مسلحين من آل رضوان هاجموا على إثر الحادثة محلات تجارية لمواطنين من آل الشاعر في مدينة السويداء لا علاقة لهم بالحادثة، وأصابوا مدنياً بالرصاص فقط لكونه يحمل اسم العائلة نفسها. كما نصب المسلحون حواجز ودققوا على الهويات بحثاً عن أي شخص من عائلة غريمهم.

وما تزال الأوضاع متوترة رغم إصدار العائلتين المتنازعتين بيانات أكدتا فيها على صلة القرابة والعلاقة المتينة التي تربطهما، وطالبتا الأجهزة الأمنية والقضاء بأخذ دورهما في توقيف المسببين للحادثة. في حين طالب آل رضوان بتسليم مُطلق النار من آل الشاعر إلى القضاء، بينما رد آل الشاعر أن مسؤولية ملاحقة الجاني يجب أن تكون على عاتق الجهات الأمنية، ولأن الأخيرة غائبة عن المشهد تماماً فقد استمرت ردود الفعل العشوائية المبنية على العصبيات العائلية حتى الساعة.

في ذات السياق شهدت بلدة عريقة في ريف السويداء الغربي قبل أسبوع، نزاعاً بين عائلتين وفق مصدر محلي في البلدة. واستكمل المصدر الذي طلب إغفال اسمه لأسباب أمنية، أن ممثلين عن مشيخة عقل الطائفة الدرزية تدخلوا في محاولة لإجراء صلح بين العائلتين، بعدما بدأ الخلاف بشجار بين فردين لأسباب مادّية، وتطور إلى مشاكل بين عائلتيهما.

ولسد فراغ غياب القضاء عن المحافظة تشكّلت هيئات أهلية ودينية، مثل "لجنة حل النزاعات في دار الطائفة الدرزية". وتعتمد الهيئات المحلية والدينية على الشرع والأعراف والتقاليد لحل النزاعات وتسويتها، كإجراء الصلح العشائري ودفع الدية وغيرهما من الحلول التي تلجأ إليها اللجان القضائية السورية عادة. ولكن مع غياب القوة التنفيذية لدى مثل هذه الهيئات، واعتمادها على مدى إقرار الأطراف بها واحترامهم لأحكامها، يبقى دورها محدوداً يعالج النتائج في المدى القريب، دون أن تملك السلطة والقوة الكافية لمنع نزاعات أخرى مشابهة في المستقبل.

وعزا الناشط المدني يوسف الصفدي عودة عقلية الأخذ بالثأر إلى الفشل والعجز الذي وصلت إليه مؤسسات الدولة على جميع الصعد، وسياسات النظام المقصودة في تغييب المؤسسات الأمنية والقضائية عن لعب دورها الحمائي للمجتمع، إضافة إلى تأليب عناصره بعضهم ضدّ بعض بسياسات تفريقية، ونشر السلاح وتسهيل الوصول إليه لفئات عدة من المجتمع وخاصة فئة الشباب. واستدرك الصفدي أن سياسة النظام التي تحدث عنها تأتي تحت وطأة الوضع المعيشي القاهر وانتشار المخدرات وزعزعة المنظومة الأخلاقية، بحيث يصبح الصراع أفقياً ما بين مكونات المجتمع عشائر وأفراد.

وأضاف الصفدي لعين المدينة "حين تفشل الدولة بمؤسّساتها السياسية والاجتماعية والقضائية، وتصبح عاجزة عن لعب دورها الحمائي المنوط بها، فمن الطبيعي أن يعود مواطنها للبحث عن جهة أخرى يلجأ إليها كي تؤمّن له الحماية خارج إطار الدولة، كالعائلة والقبيلة أو العشيرة والطائفة، أو ميليشيا أو عصابة تعمل خارج إطار القانون وربما فوقه، ولا تطالها المحاسبة في غياب القانون أو تغييبه".

لطالما تجنب النظام السوري التصعيد ضد المحافظة، وكان في معظم الحالات يرضخ للضغوط التي يتعرض لها لإطلاق سراح الموقوفين أو المعتقلين. وفسّر أيهم أبو عسلي وهو ناشط من أهالي المحافظة، هذا الرضوخ من النظام بعدم رغبته في حصول أي تصعيد مع أهالي المحافظة، وتجنب الدخول في مواجهة مفتوحة كي يحافظ على ورقة الأقليات التي يدّعي حمايتها.

ولفت أبو عسلي في حديث لعين المدينة، أن مسؤولي النظام وخلال أي اجتماع يبحث تدهور الأوضاع الأمنية مع وجهاء المحافظة، يطلبون رفع الغطاء الشعبي عن المطلوبين للخدمة العسكرية مقابل عودة دور السلطات الأمنية والقضائية. ولخص الناشط قائلاً "النظام يريد الملف الأمني في سلة واحدة، ويرفض ملاحقة المطلوبين الجنائيين بمعزل عن المطلوبين للخدمة، وهذا ما يشكل نقطة رئيسية هامة".

]]>
مديرية التربية تلاحق الدروس الخصوصية في المنازل .. إجراءات تدفع المزيد من الطلاب إلى دورات المركز الثقافي الإيراني في دير الزور http://ayn-almadina.com/details/5389/5389/ar 5389 date2023-05-17 17:34:14 ayn-almadina مع اقتراب الامتحانات، تعمل مديرية التربية التابعة للنظام في مدينة دير الزور على ملاحقة المدرسين لمنعهم من إعطاء الدروس الخصوصية في المنازل، وتسير من أجل هذا الهدف "ضابطة عدلية" تقتحم على المدرسين أو الطلاب منازلهم، ما اضطر الكثير منهم إلى ا...
مديرية التربية تلاحق الدروس الخصوصية في المنازل .. إجراءات تدفع المزيد من الطلاب إلى دورات المركز الثقافي الإيراني في دير الزور

مديرية التربية تلاحق الدروس الخصوصية في المنازل .. إجراءات تدفع المزيد من الطلاب إلى دورات المركز الثقافي الإيراني في دير الزور

رادار المدينة

مع اقتراب الامتحانات، تعمل مديرية التربية التابعة للنظام في مدينة دير الزور على ملاحقة المدرسين لمنعهم من إعطاء الدروس الخصوصية في المنازل، وتسير من أجل هذا الهدف "ضابطة عدلية" تقتحم على المدرسين أو الطلاب منازلهم، ما اضطر الكثير منهم إلى العمل في الخفية، في حين ينشط المركز الثقافي الإيراني في إعطاء الدروس الخصوصية للطلاب، الذين لا يجدون (أو لا يجد أهلهم) ضالتهم في المدارس المتهالكة على كافة الأصعدة.

الحملة الأمنية التي تشنها مديرية التربية في دير الزور تبدأ في كل عام مع بداية تسرب طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية من المدارس، ولكنها تشهد حالياً حملة أقرب ما تكون إلى الحملات العسكرية بقيادة مدير التربية في دير الزور جاسم الفريح من خلال نقل معلمين، وملاحقة آخرين وتهديهم بغرامات مالية في حال إعطاء دروس خصوصية للطلاب وفق أحد مدرسي اللغة الإنكليزية في دير الزور.

ولفت المدرس الذي طلب إغفال اسمه لأسباب أمنية، إلى أن المدرسين يلجأون إلى إعطاء الدروس الخصوصية بسبب تدني الرواتب التي يتلقونها. وتابع "لو أن راتبي يكفيني لما فتحت بيتي لطلاب حولوا جدران غرفة الضيوف عندي إلى لوحات بأقلامهم، ولن ألجأ إلى تحمّل ضغط العمل لساعات إضافية، رغم ما أبذله خلال ممارستي مهنة التعليم في المدرسة بمنتهى الشرف. راتبي لا يكفيني لأكثر من خمسة أيام".

وأوضح مدرس اللغة الإنكليزية أن مدير التربية حمل المدرسين مسؤولية تسرب طلاب الشهادتين قائلاً لهم: "أنتم السبب في تسرب الطلاب، ولولا الدروس الخصوصية لاضطر الطالب إلى الدوام ولم يترك المدرسة" وعقب المدرس أن في ذلك تعامي عن الواقع التعليمي الذي خلفته هجرة أو تهجير معظم المدرسين الأكفاء من المدينة سواء داخل سوريا أو خارجها، والوضع النفسي للمدرسين القائمين على رأس عملهم، وما يعانونه من ضائقة مالية تجعل التدريس واحدة من همومهم وليس مهنة سامية يمارسونها وفق تعبيره.

"أم محمد" والدة أحد طلاب الشهادة الثانوية روت لـ "عين المدينة" كيف فرض الواقع التعليمي السيء عليها أن تبدأ بجمع المال منذ أن نجح ابنها إلى الصف العاشر، من أجل تسجليه في دورات خصوصية. وروت السيدة كيف أن معظم من لديه أولاد في الشهادتين، يقطعون من لقمة أولادهم كي يدفعوا للمدرس الخصوصي مبالغ مالية أصبحت تشكل عبئاً آخر فوق أعباء الحياة اليومية والوضع الاقتصادي المزري. وتابعت "أم محمد" بأن "الطلاب الذين يعتمدون على الدروس الخصوصية لا يداومون سوى أيام معدودة لتثبيت تسجيلهم في الامتحان، وذلك لاعتمادهم على تلك الدروس. معظم رفاق (ابني) في الصف ممن سجلوا في الدورات الخصوصية سبقوه (في الانقطاع عن الدوام)"

تعرف الدروس الخصوصية (رغم منعها وفق القانون) على نطاق واسع في سوريا، خاصة بالنسبة إلى طلاب الشهادة الثانوية العلمية وأهلهم، وتتفاوت تكلفتها وفقاً لنوع المادة والمدرس والمرحلة الدراسية وعدد مجموعة الطلاب في الدرس الواحد، إضافة إلى عوامل أخرى تتعلق بالمنطقة التي يعيش فيها الطالب والطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها والداه. لكن في مدينة دير الزور يتقاضى معلم اللغة العربية من طالب الشهادة الإعدادية في الشهر سبعة آلاف ليرة سورية، أما مدرس العلوم للمرحلة الثانوية فيتقاضى 500 الف ليرة سورية عن المنهاج كاملاً، في حين تتجاوز "تكلفة" مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء المليون سورية، وبكثير في بعض الأحيان.

أحد مدرسي مادة الفيزياء في ثانويات دير الزور رأى أن قرار التشدد بملاحقة الدروس الخصوصية في دير الزور لم يكن قراراً تربوياً خالصاً، إذ تزامن مع افتتاح "المركز الثقافي الإيراني" الذي يرعى دروساً خصوصية بالمجان لجميع المراحل الدراسية في المدينة. وربط المدرس التشدد بتطبيق القرار بإجبار الطلاب على الالتحاق بهذه الدورات، التي يعمل فيها معلمون بلا خبرة طمعاً برواتبها وعدم قدرتهم على العمل بالدروس الخصوصية، لا سيما أن ليس لهم قاعدة شعبية وهم ليسوا من أصحاب الكفاءات العالية وفق رأي المدرس الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية.

وأضاف: "يعمل المركز الثقافي على إعطاء المواد الأساسية خلال دوراته المجانية، ولكنه يركز على مادة التربية الدينية لترسيخ مبادئ المذهب الشيعي في نفوس الأطفال والفتيان، الذين (يحصلون على مزايا أخرى مثل) التوصيل المجاني والقيام برحلات إلى أماكن لها رمزية لدى الشيعة مثل عين علي في ريف الميادين".

ويقع المركز الثقافي الإيراني في حي فيلات البلدية المحاذي لفرع الأمن السياسي بدير الزور، ويشرف عليه المدعو "الحاج رسول" الذي يعمل منذ تسلمه إدارة المركز على توسيع نشاطاته في منظمات الأطفال التابعة لحزب البعث مثل منظمة الطلائع وشبيبة الثورة، إلى جانب تنفيذ نشاطات بالتعاون والتنسيق مع مديرية التربية التي تسهل له عمله، الذي يركز في جانبه الترفيهي على النشاطات المسرحية التي تمثل حياة الحسين وكيفية قتله وضرورة الانتقام من قاتليه، خاصة في مسرح حديقة كراميش في مدينة دير الزور.

مدينة دير الزور - مسرح كراميش - خاص

وأوضح مدرس الفيزياء أن أعداد الطلاب ما زالت قليلة، وأن طلاب الصف المرحلة الإعدادية على سبيل المقال لم يكونوا يتجاوزون العشرة طلاب، لكنه استدرك أن الأطفال في المرحلة الابتدائية من الملتحقين بهذه الدورات عددهم أكبر، ولا سيما من أبناء العناصر والقتلى من الميليشيات المحلية التابعة لإيران، إذ تضطر الأرامل إلى إرسال أولادهن إلى المركز للحصول على مساعدات مالية تقدر بـ 50 ألف ليرة سورية شهرياً للعائلة، بشرط أن يواظب الأطفال على الدوام في دورات المركز التعليمية.

وركز من تحدثت إليهم عين المدينة من المدرسين على دور مدير التربية جاسم الفريح في تفعيل دور "الضابطة العدلية" بملاحقة الدروس الخصوصية، والتي تعتبر مخولة من المديرية بمداهمة منازل المدرسين الذين يشتبه أنهم يعملون بإعطاء الدروس الخصوصية ويقومون بالتفتيش، بالإضافة إلى أنهم قد يوقفون أي طالب في الشارع يحمل كتباً ودفاتر بعد ساعات الدوام الرسمي، ويسألونه عن اسم المدرس الذي سجل لديه دورة تقوية ويطلبون عنوانه.

وقال من تحدثت إليهم عين المدينة أن الضابطة العدلية يترأسها مدرس التربية القومية إياد الهجر، ويشرف عليها قسم التعلم الخاص بمديرية التربية برئاسة الهجر نفسه، الذي يساعده في مهمته عدة موظفين من القسم. أما آلية عمل الضابطة فشرح أحد المدرسين أن عمليات المداهمة يجريها الهجر رفقة مدرسين اثنين أو أكثر، وأن الضابطة تتنقل أثناء عملها مزودة بورقة ممهورة بخاتم مدير التربية تجيز لأعضائها القيام بالمداهمات، ثم تحيل المضبوطين إلى الرقابة الداخلية حيث ينظم ضبط بالواقعة ويصدر بعد ذلك قرار بالتغريم بمبلغ يصل إلى نصف مليون ليرة.

وختم المدرس قائلاً "قيامهم بهذا العمل يأتي من باب التفاخر والتعالي على المدرسين الآخرين، إذ لديهم مطلق الصلاحيات بتنفيذ ما يرونه مناسباً لوقف الدروس الخصوصية". بالرغم من عدم تأثر الدروس الخصوصية بكل التشدد في الإجراءات، لسهولة نقل الدروس الخاصة من منازل المدرسين إلى منازل الطلاب المسجلين فيها للتعويض عن انهيار المنظومة التعليمية.

]]>
وسائل التواصل الاجتماعي لها آذان في حماة http://ayn-almadina.com/details/5390/5390/ar 5390 date2023-05-20 17:33:13 ayn-almadina يعتمد الحمويون المقيمون في مدينة حماة كما عموم السوريين تحت سلطة الأسد، على خطابين سياسيين مختلفين؛ الأول في المنزل حيث يكون الحديث دون قيود ومحاذير ولكن يحبذ ألا يسمعه الصغار، بينما الثاني في الأماكن العامة حيث تتعدد أسقف الحديث ومكامن الخطر ويصبح ا...
وسائل التواصل الاجتماعي لها آذان في حماة

وسائل التواصل الاجتماعي لها آذان في حماة

رادار المدينة

يعتمد الحمويون المقيمون في مدينة حماة كما عموم السوريين تحت سلطة الأسد، على خطابين سياسيين مختلفين؛ الأول في المنزل حيث يكون الحديث دون قيود ومحاذير ولكن يحبذ ألا يسمعه الصغار، بينما الثاني في الأماكن العامة حيث تتعدد أسقف الحديث ومكامن الخطر ويصبح النيل من فساد المسؤولين الصغار منتهى التبرم من الأوضاع. واليوم يسود الحذر في التعامل حتى مع وسائل التواصل الاجتماعي.

يختلف حذر الحمويين في المجال العام من مكان إلى آخر، فعلى الرغم من سعي النظام الحثيث لإنهاء جميع معارضيه بوحشية في مدينة حماة، فإن بذرة الخوف التي زرعها لم تجد البيئة المواتية لنموها وازدهارها، وأصبح للشارع الحموي خبرة واسعة في التعاطي السياسي السري والتأقلم والتعايش مع جميع الضغوطات والأخطار المحيطة.

تقول رهام وهي طالبة في كلية التربية بحماة لعين المدينة أنها تتجنب الخوض علناً في أي حديث سياسي له علاقة بالتطورات الحالية، لأن الجامعة تحوي على خليط متنوع من كافة المحافظات السورية، وليس من السهولة معرفة الخلفية السياسية لكل طالب، فضلاً عن كون الجامعة تعتبر معقلاً أمنياً تنتشر فيه عيون النظام، فالحديث في المنزل أو الحي مغاير تماماً للحديث في الجامعة.

ويعتقد الكاتب والباحث الحموي بسام أبو عدنان أن حواجز الخوف لم تعد كما كانت في السابق بسبب ما أحدثته الثورة السورية من جرأة في النفوس وتراجع هيبة النظام وقبضته الأمنية، وتوسع دائرة الشخصيات الموثوقة نتيجة الموقف الواضح للشريحة الأعظم في المحافظة خلال الحراك السلمي في المدينة، وتأثر هذه الشريحة من قبضة النظام الأمنية بشكل مباشر.

ويضيف في حديث لعين المدينة بأن الوضع المعاشي السيء الذي تعيشه حالياً هذه الشريحة زاد من الجرأة على اعتبار أن السبب الأساسي لصمتهم في السابق كان الخوف من الاعتقال أو التهجير، وبسبب الوضع الاقتصادي المتردي أصبح طموح هذه الشريحة الخروج من البلاد والتخلي عنها.

ولمدينة حماة خصوصية في التاريخ السياسي الحديث لسوريا باعتبارها دفعت الضريبة الأكبر نتيجة الحراك السياسي فيها منذ سيطرة حزب البعث في الستينات، وكانت ذروة الرعب في شباط العام 1982  في مجزرة حماة الشهيرة، والتي شهدت بعدها المدينة حالة من الرعب والكبت والرهبة من الخوض بالأنشطة والأحاديث السياسية المفتوحة والمتعمقة، واقتصرت على بعض النشاطات السرية الضيقة والجلسات الخاصة امتدت إلى عهد الأسد الابن.

ومع انطلاق الربيع العربي ووصول شرارته إلى سوريا في آذار 2011 عاد الحراك السياسي المعلن في مدينة حماة إلى الواجهة، وذلك عبر مظاهراتها المليونية المنظمة التي شاركت فيها شريحة واسعة من أبناء المدينة، وعادت الجلسات والنقاشات المفتوحة والعلنية إلى الساحات والمقاهي والأماكن العامة والمنازل، إلا أن هذه الصحوة لم تعمَّر طويلاً فقد قابل نظام الأسد الحراك الأخير بالعنف والقوة المفرطة وقام بملاحقة واعتقال المئات، فعادت المدينة إلى العهد القديم من التضييق والملاحقات الأمنية وتوقفت النشاطات السياسية العامة وأصبحت الأحاديث واللقاءات حبيسة العائلة الواحدة أو الأشخاص الموثوقين والجلسات السرية.

وترى الناشطة الإعلامية يافا الشحنة المقيمة في فرنسا أن الشارع الحموي بات شبه خال من أي حراك سياسي نتيجة للهجرة الكبيرة من الطبقة السياسية والمثقفة من مدينة حماة إلى خارج البلاد، وأن الحديث في الأمور السياسية بات مقتصراً على الجلسات العائلية وبالصوت الخافت، وأن معظم الأحاديث في المناطق العامة باتت مقتصرة على التعبير عن الاستياء من الوضع المعيشي والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها مناطق النظام.

وتضيف الشحنة لعين المدينة أن العائلة الحموية تعيش حالة من الشتات الاجتماعي عقب الهجرة الكبيرة للفئة الشابة والرجال الفارين من التجنيد الإجباري والاعتقال إلى المناطق المحررة أو تركيا ودول أوربا، ما جعل من وسائل التواصل الاجتماعي منبراً مميزاً وآمناً للقاءات بين المقيمين في حماة والحمويين خارجها، يناقش عبرها المستجدات السياسية والوضع الاقتصادي وتبادل الآراء مع الأقارب والأصدقاء.

بينما يؤكد الشاب أيمن أبو ماهر المهجر من مدينة حماة والمقيم في مدينة إدلب، أن الاعتماد في التواصل بين منطقتي المعارضة والنظام على المكالمات الهاتفية المباشرة على برنامج واتساب حصراً، حيث يحاول سكان المنطقتين تجنب الكتابة أو إرسال التسجيلات الصوتية لسهولة استرجاعها بعد حذفها، في حين يكون التواصل في الأحاديث الحساسة من خلال الأرقام الأجنبية بين الجانبين.

ويرتبط تعاطي الحمويين السياسة وممارستها والاطلاع على متغيراتها بشكل وثيق بمعاناتهم اليومية ومستقبلهم، شأنهم شأن البقية من أبناء بلدهم على امتداد المحافظات السورية التي قُسمت فيها مناطق السيطرة وتوافقت فيها قدرة المواطن السوري على اختلاق معاجم لغوية متنوعة تراعي سلامتهم وتحفظ تطلعاتهم وتفتح لهم مساحة من التعبير عن آرائهم.

]]>
صدى الانتخابات التركية في شمال غربي سوريا http://ayn-almadina.com/details/5391/5391/ar 5391 date2023-05-24 18:24:46 ayn-almadina يتفاعل السوريون من سكان إدلب وشمال حلب مع الانتخابات التركية بالنقاشات والخلافات والتوتر والانتظار، حيث لا يتوقف تأثرهم بها عند السياسة والاقتصاد، وإنما يتعداه إلى النسيج الاجتماعي الذي انقسم الناس فيه بين مؤيد لمرشح ما ومعارض له، وبين خائف من نتيجة ...
صدى الانتخابات التركية في شمال غربي سوريا

صدى الانتخابات التركية في شمال غربي سوريا

رادار المدينة

يتفاعل السوريون من سكان إدلب وشمال حلب مع الانتخابات التركية بالنقاشات والخلافات والتوتر والانتظار، حيث لا يتوقف تأثرهم بها عند السياسة والاقتصاد، وإنما يتعداه إلى النسيج الاجتماعي الذي انقسم الناس فيه بين مؤيد لمرشح ما ومعارض له، وبين خائف من نتيجة الانتخابات وآخر غير مبال بما ستؤول إليه.

تتعالى الأصوات وتتحول جلسة النقاش بين أحمد الحمود وصديقه محمد خطاب كما جلسات سوريين كثر في المنطقة، إلى صراخ لتأكيد أحدهما على فوز رجب طيب أردوغان في حين يخالفه الرأي الآخر، الذي يدلي باستنتاجاته وآرائه لإثبات أن هذه الانتخابات مفصلية ولن يكون لأردوغان حظ فيها.

أحمد ممرض من ريف حماه الشمالي ونازح في إدلب، يقول "أنا مع حزب العدالة والتنمية بغض النظر عن مرشح الحزب، فقد نهض بتركيا نهضة لم يسبق لها مثيل منذ مئة عام، وأردوغان هو عرَّاب هذه النهضة، لا يمكن لنا أن نغطي الشمس بغربال. على الرغم من أنني سوري وفي الداخل السوري، فإني مهتم بالانتخابات أكثر من اهتمامي بانتخابات رئيس الحكومة المؤقتة أو حكومة الإنقاذ، لأن الأمر يمس الشعب السوري المعارض بشكل كبير جداً".

أما محمد من ريف إدلب الجنوبي الذي يعمل مدرساً للغة الإنكليزية، فيرى أن الحال تغير عما كان عليه في الدورة الانتخابية السابقة، فلقد ضاق الأتراك ذرعاً بالسوريين في بلادهم، وتعالت الأصوات المنادية بترحيلهم، وتزايدت أعداد المؤيدين لهذه الفكرة التي استغلتها الأحزاب المعارضة في هذه الانتخابات للفوز بها. يقول "من وجهة نظري ستمثل هذه النقطة القشة التي ستقصم ظهر البعير في خسارة أردوغان، وفي النهاية يجب علينا أن نقرأ الواقع بموضوعية أكثر بعيداً عن العواطف".

وينتظر الأتراك والسوريون في تركيا والكثيرون في شمال غربي سوريا، نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بين الحاصلين على أكبر نسبة تصويت في الجولة الأولى، وهما الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان مرشح تحالف "الجمهور" ومرشح تحالف "الشعب"  كليجدار أوغلو، لعدم حصول أي منهما على نسبة 50% زائد 1 للفوز بالانتخابات، التي ستجري الجولة الثانية منها في 28 أيار الحالي لتحديد هوية رئيس تركيا المقبل.

وفي الأثناء ينقسم السوريون في شمال غربي سوريا إلى قسمين آخرين بعيداً عن تأييد أردوغان أو معارضته، هما قسم خائف من خسارته الجولة الثانية وآخر لا مبال بنتيجة الانتخابات برمتها، رغم أن مسألة وجود السوريين في تركيا وتوغل الجيش التركي في سوريا يمثلان محوراً مهماً في استقطاب الناخبين.

"نحن نعتبر تركيا هي الحليف الأول لنا، ووجودها العسكري في شمال سوريا حمى المنطقة من الذهاب إلى سيطرة النظام وروسيا. أنا كمقاتل في صفوف الجيش الوطني خائف من خسارة أردوغان وفوز أحد معارضيه، على وجه الخصوص كليجدار المعروف بتصريحاته المعادية للثورة السورية".

هذا ما يقوله أحمد الشرتح أحد عناصر تشكيلات "الجيش الوطني" في شمال سوريا، و يضيف: "بالنظر من حولنا عسكرياً من أول نقطة محررة  إلى آخر نقطة جغرافية في المحرر تجد نقاطاً عسكرية للجيش التركي، بعضها على تماس مع مناطق سيطرة النظام أو قسد، ماذا لو انسحبت هذه النقاط أو توقف الدعم العسكري التركي للفصائل الحليفة لتركيا؟ إن مجرد التفكير بهذا الأمر يجعلني أنا والكثير من السوريين نشعر بالخوف لما ستؤول إليه الانتخابات".

أما الصيدلي يحيى المحمد من ريف إدلب الجنوبي يعتبر نفسه غير مبال بكل هذه المسألة. يقول "أي مكون سياسي أو مرشح سيفوز لن يغير بواقعنا السوري شيئاً، هذا ما يجعلني غير مبالٍ بنتيجة الانتخابات. أنا أرى أن الأمر متعلق في الدرجة الأولى بالأمن القومي التركي، فأي مرشح سيفوز سيكون في أعلى قائمة أولوياته الأمن القومي التركي، وسيخطو خطوات تفيد في تعزيز هذا الأمن؛ لو فاز أردوغان أو كليجدار أو حتى سنان أوغان، فلن يغير بالنسبة إلينا في الأمر شيء، فهي خطوط عريضة لسياسة الدولة ولا يمكن لأي مرشح أو تكتل سياسي تجاوزها أو التغاضي عنها".

ينوه يحيى بكون الواقع الحالي للداخل السوري هو شأن سوري في المقام الأول، وأن على السوريين أن يعملوا على أكبر قدر من الفصل بين قضيتهم والتأثر بالتغيرات التي تجري في الدول المجاورة، إن كانت تركيا أو لبنان أو أي دولة أخرى.

على الصعيد السياسي يرى الكثير من السوريين أن نتيجة الانتخابات ستؤثر على مستقبل منطقة شمال غربي سوريا. يقول الصحفي والناشط الإعلامي محمد بلعاس "الشارع الثوري في سوريا مهتم بهذه الانتخابات لأنها بالأصل مهتمة بالشارع السوري، فالأحزاب والمرشحون الأتراك جعلوا الملف السوري من أهم ملفات الانتخابات، بالتالي فإن هذه الانتخابات تحدد بشكل أو بآخر مستقبل المنطقة بشكل كامل. كلنا سمع أن كليجدار في حال فوزه سيبني علاقات قوية مع بشار الأسد وسيخرج من الأراضي السورية، هذا الأمر  يمس بشكل مباشر القضية السورية في الداخل على كافة الأصعدة".

ويتابع "هناك أسباب أخرى لتأثر المنطقة سياسياً بهذه الانتخابات، أهمها الحدود الجغرافية الكبيرة مع تركيا. كل اللوجستيات الطبية والإغاثية تدخل إلى المنطقة من تركيا".

من جهته يقول الخبير الاقتصادي نيبال قلعجي أن المنطقة في الداخل تتأثر بشكل كبير اقتصادياً كتأثرها سياسياً. ويضيف "الانتخابات مؤثر سياسي وأسعار العملات من المؤشرات الاقتصادية التي تتأثر بنتيجة المؤثرات السياسية. منطقة إدلب وشمال حلب تستخدم الليرة التركية،  وصعودها أو نزولها يؤثر في المنطقة إدلب كما يؤثر في أي ولاية تركية".

ويرى أن المنطقة يمكن لها أن تتفادى التأثر بالتغيرات الاقتصادية المرافقة للانتخابات عن طريق استخدام عملة مستقرة كالدولار أو اليورو، أو اعتماد عملة خاصة بشمال غربي سوريا رغم صعوبة الاحتمال.

]]>
داعش في البادية السورية.. يوميات الدولة المتخيلة في حلها وترحالها http://ayn-almadina.com/details/5392/5392/ar 5392 date2023-06-03 18:58:11 ayn-almadina تعتبر البادية السورية من أكثر المناطق التي شهدت نشاطاً لخلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال السنوات الأخيرة الماضية، في الوقت الذي تسيطر عليها قوات من ثلاث دول هي سوريا وإيران وروسيا. ويغلب التصور عن خلايا داعش في هذه المنطقة أنهم ثلة من مجموعات...
داعش في البادية السورية.. يوميات الدولة المتخيلة في حلها وترحالها

داعش في البادية السورية.. يوميات الدولة المتخيلة في حلها وترحالها

رادار المدينة

تعتبر البادية السورية من أكثر المناطق التي شهدت نشاطاً لخلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال السنوات الأخيرة الماضية، في الوقت الذي تسيطر عليها قوات من ثلاث دول هي سوريا وإيران وروسيا. ويغلب التصور عن خلايا داعش في هذه المنطقة أنهم ثلة من مجموعات مطاردة في البراري، تنحصر عملياتهم بالاستفراد ببعض الأهداف المعزولة والبعيدة عن نقاط تمركز القوات العسكرية، لكن نظرة أكثر قرباً تظهر أن عناصر داعش ينتشرون بإعداد كبيرة نسبياً في مناطق عدة على أطراف البادية عدا عن داخلها، ويقيم سلطة أشبه ما تكون بالدولة كان قد جهز لها منذ ما قبل توسعه في سوريا والعراق.

عندما بدأ النظام السوري بمساعدة من إيران وروسيا بالسيطرة على غربي الفرات في دير الزور والرقة بداية من منتصف العام 2017، انتقلت مساحات شاسعة في البادية من سيطرة داعش إلى سيطرة النظام الاسميه، لكنها ظلت ملاذاً لعناصر التنظيم الذين ما زالوا يتوارون فيها ويشنون منها هجمات خاطفة على أطراف البلدات الهامشية والطرق السريعة، بل وتمكنوا في فترات متقطعة من السيطرة لبعض الوقت على بلدات وطرق، حيث أقاموا حواجز للتفتيش ودققوا البطاقات الشخصية للمارة واعتقلوا أو قتلوا بعضهم.

تشغل البادية السورية حوالي 55 بالمئة من مساحة سوريا، وتعد جرءاً من بادية الشام التي تتوزع بين سوريا ولبنان والأردن وتتصل بالصحراء العربية، وتمتد الكتل الجبلية فيها على مساحة 360 كم. كل ذلك ساهم في صعوبة إنزال هزيمة حقيقية بالتنظيم الذي ينشط فيها، رغم بعض الحملات العسكرية الروسية التي هدفت إلى الحد من تأثيره في المنطقة، التي تعتبر ساحة تحرك مفتوحة لربط جميع قطاعاته بهدف الإمداد والتنسيق وشن العمليات الخاصة.

إلى ذلك يمضي مسلحو داعش أوقاتهم في الاستقرار والثبات، في الفترات التي لا يقومون فيها بشن هجمات خاطفة على الطرق الرئيسية في البادية والأرياف المحيطة بمدن صحراوية مثل تدمر، ويستهدفون في هذه الهجمات قوات النظام ومليشيات إيران المتحالفة معه إلى جانب المدنيين.

وتشير تقديرات ناشطين إعلاميين على صلة أو عسكرين في منطقة ال55 القاعدة الأمريكية على أطراف البادية في التنف، أن التنظيم يعتمد على مجموعات وتجمعات مختلفة تتخذ كل منها القرارات بشكل ذاتي في ما يتعلق بالأنشطة والعمليات، فلكل مجموعة أو تجمع قائد يتصرف وفقاً لتقديراته الخاصة، ويدير أنشطة التنظيم داخل منطقته ومسؤولياته. وفي الحالات التي يكون فيها العمل جماعياً، تصبح القيادة لقادة في التنظيم ينتشرون في منطقة الكوم.

اتخذت عمليات داعش في السنوات الأخيرة شكلاً يبدو أقرب إلى محاولة لفت النظر إليه بين الحين والآخر، وإشعار الأطراف والمتابعين أنه ما زال "له كلمة على الأرض"، مثل استهداف سيارات عسكرية أو إقامة حواجز لتدقيق الهويات بحثاً عن مطلوبين له أو فرض الضرائب، بما يوحي أن دولته ما زالت قائمة ولا ينقصه إلا "التمكين" بلغة منظريه. في هذا السياق نفى النقيب في الجيش الحر أحمد علي أبو الطيب فكرة تنقل عناصر التنظيم الدائمة في البراري، وأوضح أن عناصره ينتشرون في العديد من المناطق في سوريا، ومن بين هذه المناطق يمكن القول أن منطقة الكوم تعد العاصمة الرئيسية للتنظيم في سوريا.

تتبع قرية الكوم لناحية السخنة التابعة لمدينة تدمر شرق محافظة حمص، وتقع في الوسط من البادية السورية على مقربة من خمس محافظات (حماة وحمص ودير الزور والرقة وحلب). وأضاف الضابط المقيم في منطقة ال55 في حديث لعين المدينة، أن الكوم تتمتع بالتعداد والسطوة والتجهيز، وتعتبر مصدر قوة أساسية لداعش، بينما تليها منطقة جبل البشري في دير الزور والرصافة قرب الرقة من حيث الأهمية، وتتوزع مجموعات أخرى في منطقة وادي المياه وسد الوعر غرب البوكمال بمسافة تبلغ حوالي 100 كيلومتر، وجنوب تدمر إلى الشرق باتجاه الحدود العراقية، وتختص هذه المجموعات بالرصد والاستطلاع والدعم اللوجستي، وتتألف كل مجموعة من قرابة 40 شخصاً وفق النقيب.

ناشط إعلامي من تدمر طلب عدم ذكر اسمه، رأى أنه من الصعب وضع تقديرات دقيقة ونهائية لأعداد عناصر التنظيم في البادية، لأنها دائمة التغير بسبب القتلى وتغيير المناطق تجهيزاً لشن عمليات خاصة. لكنه قدر عدد مقاتلي التنظيم في منطقتي الكوم والبشري أكبر مكانين لتجمعهم، بما يزيد على 3000 مقاتل، بينما لا يتجاوز عددهم 35 مقاتلاً فقط في ريف السويداء.

وعن تأمين احتياجاتهم اليومية قال أحد سكان البادية العاملين في التهريب وطلب عدم ذكر اسمه أو منطقته، أن التنظيم يعمل في تأمين احتياجات عناصره اليومية عبر عدة طرق إمداد، وذلك بسبب تموضعهم الجغرافي وانتشارهم في مناطق نائية وصعبة الوصول. على سبيل المثال يعتمد عناصر داعش في منطقتي الكوم والبشري على شراء المواد الغذائية والمستلزمات الأخرى من المناطق المحاذية لهم مثل أرياف حماة وحمص والرقة الغربي، أما في البادية الشرقية فيؤمنون احتياجاتهم من مدينة تدمر والسخنة والبوكمال. في حين يعتمدون في السويداء على تأمين الاحتياجات من مدينة السويداء نفسها، وأحياناً من مدينة الضمير في ريف دمشق، وكل ذلك عبر تجار يثق بهم يتعاملون مع التنظيم بشكل دائم. وتابع الشاب أنهم يستخدمون طرقاً أخرى في بعض الأحيان مثل التهريب عبر الحدود مع الدول المجاورة.

"أبو عبد الله" أحد الرصاد في الجيش الحر في منطقة 55 قال بحديثه لعين المدينة، أن عناصر داعش يتنقلون عادة بسيارات خفيفة مثل "تويوتا هايلوكس" أو "شاصات تويوتا" وتستخدم هذه السيارات لنقل المقاتلين والمعدات والإمدادات. كما يستخدمون دراجات نارية في بعض الحالات للتنقل بسرعة وسهولة في المناطق الصحراوية الوعرة، ويحتفظون بمخابئ وأماكن تحت الأرض في الجبال والأودية للاختباء والاستقرار.

]]>
فلاحو مناطق نبع السلام محاصرون بالأسعار الاحتكارية للقمح http://ayn-almadina.com/details/5393/5393/ar 5393 date2023-06-09 16:53:37 ayn-almadina لم تطرح مؤسسة الحبوب التابعة ل"لحكومة السورية المؤقتة" تسعيرة للقمح لهذا العام، على عكس السنوات السابقة التي وضعت فيها التسعيرة مع البدء بموسم الحصاد. وفي الأثناء يحدد التجار في مناطق "نبع السلام" سعراً للقمح لا يتجاوز ثلث السعر ا...
فلاحو مناطق نبع السلام محاصرون بالأسعار الاحتكارية للقمح

فلاحو مناطق نبع السلام محاصرون بالأسعار الاحتكارية للقمح

رادار المدينة

لم تطرح مؤسسة الحبوب التابعة ل"لحكومة السورية المؤقتة" تسعيرة للقمح لهذا العام، على عكس السنوات السابقة التي وضعت فيها التسعيرة مع البدء بموسم الحصاد. وفي الأثناء يحدد التجار في مناطق "نبع السلام" سعراً للقمح لا يتجاوز ثلث السعر العالمي الحالي، في ظل انعدام الخيارات أمام الفلاحين الذين يجدون أنفسهم في منطقة مغلقة على ما فيها من سكان وسلطات وتجار من أصحاب الحظوة.

حدد التجار في منطقة نبع السلام 20 سنتاً أمريكياً لكيلو القمح الواحد و15 سنتاً لكيلو الشعير في ما يبدو أنه اتفاق احتكاري غير معلن، ولاقى هذا التحكم من التجار رفضاً شعبياً لجميع أشكال التحكم في كافة الجوانب الاقتصادية في المنطقة، حيث أصدر أهالي ووجهاء تل أبيض شمالي الرقة بياناً في 30 أيار الفائت طالبوا فيه قيادة "الفيلق الثالث" بشكل عام وقيادة "الجبهة الشامية" بشكل خاص لكف يد أبو أمين (أحد التجار في المنطقة) عن احتكار المحاصيل الزراعية وقوت الفقراء بعد مواسم الجفاف السابقة، وفق ما جاء في البيان.

واتهم البيان التاجر أبو أمين باحتكار المحاصيل الزراعية عبر بعض الأشخاص الذين لم يسمهم، كما اتهمه بزعزعة أمن واستقرار المنطقة لكونه السبب الرئيسي في وقوع اشتباكات سابقة سقط فيها إصابات بين المدنيين. في الوقت الذي يتناقص فيه أمل الفلاحين بمردود جيد للموسم الزراعي الجيد الذي جاء بعد الأمطار الغزيرة لهذا العام بعد عدة سنوات من الجفاف.

ويعتبر إغلاق منطقة نبع السلام التي تضم رأس العين شمالي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة الخاضعتين لسيطرة "الجيش الوطني"، على سكانها عاملاً إضافياً سمح للتجار في فرض أسعار متدنية. وربط من تحدثت إليهم عين المدينة في المنطقة غالبية التجار بالارتباط بالجيش الوطني، بل وذهب البعض إلى أن بعض التجار أصبحوا واجهات تجارية لقادة في فصائل الجيش الوطني.

"أبو فيصل" مزارع من منطقة رأس العين قال لعين المدينة أنه لن يبيع حبة قمح واحدة هذا العام إذا بقي السعر على حاله، وأنه مستعد أن يترك محصوله في العراء يتعفن وتخرب على أن يبيع بسعر لا يغطي مصاريف الزراعة. وتابع "لدي قسط مستحق للتاجر الذي اشتريت منه الطاقة الشمسية يقارب 8000 دولار أمريكي (ما يقارب ثمن 40 طن قمح بالسعر المحلي) وهو نصف ما أنتجته أرضي هذا الموسم، بالإضافة إلى مصاريف أخرى مثل سعر البذار بقيمة 700 دولار للطن".

وتواصلت عين المدينة مع العميد أيمن شرارة الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني للاستفسار حول الاتهام الذي يوجهه الفلاحون للتجار الذين يحتكرون تسعير القمح وشرائه من خلال علاقتهم بالجيش الوطني، لكن العميد أجاب بأن "هذا الأمر خارج عملي".

في حين نشر المجلس المحلي لمدينة رأس العين على صفحته في فيسبوك في الأول من شهر حزيران الجاري، إعلاناً حول رغبته في شراء 30 ألف طن من محصول القمح من الصنف القاسي ومن الدرجة الأولى حصراً، على أن يتم تحديد السعر لاحقاً. وقال الإعلان أن عملية الشراء المعلن عنها مستقلة عن عمليات الشراء من قبل مركز الحبوب التابع لمؤسسة الحبوب في المدينة.

ولاقى الإعلان استهجاناً وسخرية من المعلقين على المنشور في فيسبوك، حيث طالب العديد منهم تحديد السعر مباشرة، في حين علق الباقي بعبارة "السعر على الخاص" في محاكاة للتعليقات على صفحات التسويق الإلكتروني في فيسبوك. كما استهجن المعلقون طلب صنف محدد دون غيره متسائلين عن باقي الأصناف والمحاصيل الأخرى، في حين أعلن المجلس المحلي لمدينة تل أبيض هو الآخر نيته شراء نفس الكمية وبنفس المواصفات التي حددها نظيره في رأس العين.

مصدر خاص من الحكومة المؤقتة قال لعين المدينة أن الحكومة بصدد وضع تسعيرة لشراء المحاصيل الحقلية لهذا الموسم خلال الأسبوع القادم أو الذي يليه. وأشار المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه إلى أن تأخير القرار مرتبط بانتظار إعلان شركات الحبوب التركية عن أسعار الحبوب لوضع تسعيرة مشابهة لها أو قريبة منها.

ويتخوف الفلاحين من أصحاب الأراضي البعلية من أن التأخير في إصدار الأسعار إلى اليوم هو عملية مدروسة لشراء المحاصيل المروية فقط وترك محاصيلهم للتجار وبالتالي ستباع بأبخس الأسعار. كما يبدي الفلاحون خشيتهم من أن تحدد مؤسسة الحبوب كمية معينة للشراء وترك الباقي للتجار، الذين يحاولون تحديد أسعار لا تتوافق مع المصاريف في هذا الموسم، في حين ما زال غالبيتهم يتذكر تجربة سابقة خلال موسم القطن إذ تجاوز السعر العالمي 1100 دولار أميركي للطن الواحد بينما بيع بما يقارب 600 دولار في المنطقة.

في هذا الصدد رأى "أبو علي" وهو فلاح في تل أبيض أن تحديد الحكومة المؤقتة لكمية معينة من المحصول تشتريها سوف يفتح الباب أمام تدخل الواسطات والمحسوبيات في عملية الشراء، بحيث يستطيع من لديه واسطة أن يصرف محصوله لمؤسسة الحبوب، أما من لا يملك أي واسطة فسوف يترك لمصيره وسيضطر في النهاية لبيع المحصول للتجار وبسعر لا يغطي نفقات ومصاريف الزراعة.

وأوضح عدد من الفلاحين في المنطقة لعين المدينة، أن عمليات البيع حالياً وبالأسعار المتدنية تتم فقط من قبل أفراد وقيادات في الجيش الوطني الذين زرعوا أراضي تم الاستيلاء عليها من قبلهم. وهؤلاء وفق من تحدثت إليهم عين المدينة "لم يتكلفوا أو يتعبوا في الزراعة مثل أصحاب الأراضي، وليس لديهم نفقات ومصاريف للزراعة البعلية، كما أنهم لا يدفعوا إيجاراً لأصحاب الأراضي التي زرعوها.

يشار إلى أن هيئة الزراعة والري التابعة ل"لإدارة الذاتية" المحاددة لنبع السلام، حددت سعر شراء كيلو القمح بقيمة 43 سنتاً والشعير بـ 35 سنتاً، بينما حددت اللجنة الاقتصادية في حكومة النظام سعر شراء كيلو القمح بـ 2800 ليرة (31 سنتاً وفق سعر صرف الدولار 8900 ليرة) والشعير بـ 2300 ليرة يتضمن كلاً منهم 300 ليرة مكافأة. بينما حددت وزارة المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبر المؤسسة العامة للحبوب في الموسم السابق أسعار القمح القاسي ب 47,5 سنتاً للكيلو، والقمح الطري ب 46 سنتاً.

ويعد محصول القمح أهم المحاصيل الشتوية التي يزرعها فلاحو المنطقة بالإضافة إلى محصول الشعير، ويشكلان مصدر الدخل الرئيسي لسكان المنطقة الذين يعتمدون في معيشتهم بالدرجة الأولى على الزراعة.

]]>
خواطر سوري في غرفة الاقتراع السرية http://ayn-almadina.com/details/5394/5394/ar 5394 date2023-06-12 16:24:44 ayn-almadina تملكني شعور بالخوف والارتباك حالما دخلت غرفة الاقتراع السرية، بعد أن استلمت الورقة الرسمية التي سأنتخب من خلالها لأول مرة في حياتي. لم أفكر قبل تلك اللحظات بطريقة التصويت، والأهم لم أكن مهتمًا بمن سأنتخب، إلا أن شعور ممارسة الديمقراطية، وفرادة التجرب...
خواطر سوري في غرفة الاقتراع السرية

خواطر سوري في غرفة الاقتراع السرية

رادار المدينة

تملكني شعور بالخوف والارتباك حالما دخلت غرفة الاقتراع السرية، بعد أن استلمت الورقة الرسمية التي سأنتخب من خلالها لأول مرة في حياتي. لم أفكر قبل تلك اللحظات بطريقة التصويت، والأهم لم أكن مهتمًا بمن سأنتخب، إلا أن شعور ممارسة الديمقراطية، وفرادة التجربة بالنسبة إلى مواطنٍ سوري، دفعني إلى تقمص شخصية أي إنسان حر يعتبر أن ممارسة الانتخابات حق تضمنه دولته، وتجاوزت بتقمص شخصية ذاك الإنسان كثيراً، وصولا إلى التفكير بالمرشح الفائز بصوتي.

في طابور انتظار الدور للتصويت سمعت مناقشات الناخبين الأتراك وجدالاتهم حول المرشحيّن، ولم تسعفني لغتي التركية الركيكة في فهم الحوار باستثناء أسماء المرشحيّن (أردوغان، وكيليشدار اوغلو)، إلا أن أجواء الحملات الانتخابية وما تداوله وكالات الإعلام العربية حولها لم يغيبني عن المشهد، إنما غاب عني عمق تلك التجربة ودوري بها كناخب حر.

المثير في ذلك اعتبار نفسي ناخب حر، يمكن لصوتي أن يرجح كفة مرشح على آخر، علماً أنه صوت من ستين مليون صوت. وكحال معظم السوريين ممن سنحت لهم الفرص في الحصول على جنسيات دول ديمقراطية في هذا العالم، وفي أولى تجاربهم "الديمقراطية"، توضع على ميزان المقارنة ما أمارسه اليوم في تركيا، وما كنت أساق له في مسقط رأسي سوريا. لا أنكر أن مزيجاً من المشاعر التي تغلب عليها الرغبة في البكاء تثقل كفة ممارساتنا الديمقراطية في بلدنا الأم، وحسرتنا على آمالنا بنهضتها وحريتها التي لم تتعدّ ولن تتعدى على المدى القصير مجرد كونها آمال.

ومن باب الواقعية ولست متهكماً، أن ما أذكره عن تجارب الانتخابات السورية، لا يتعدى رائحة السائل الكحولي المستخدم في تعقيم دبوس يثقب به عدد كبير من الناخبين أصابعهم ويمسحوا بالدم على ورقة الاقتراع التي لا منافس فيها للقائد الرمز. ومن منطلق الواقعية ذاته، لم أتذكر أن اللجنة الانتخابية قد طالبت أي سوري ببطاقة هويته لتقييده في سجل الانتخابات، ومن مثل هذه الدلالات يتبادر إلى ذهن كل سوري حاصل على جنسية في بلدٍ ديمقراطي سؤال مضمونه "ما أهمية صوتي، وما الفائدة من ذلك؟"

وللإجابة على ذلك لا بد من مراجعة الإرث المتراكم من حياتنا في ظل نظام شمولي، وما شكله من مفاهيم وقناعات في عقلنا الجمعي، مع الإشارة إلى انه ليس من السهل إعادة تقييم تلك المفاهيم. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يتمكن أي سوري من تصحيح نظرته النمطية إلى الحواجز الأمنية وحتى المرورية في بلاد المهجر، وما تزال تلك الحواجز الروتينية تشكل لنا نحن السوريين حالة من الرعب والخوف النابع من تجارب مروعة عايشناها أو سمعنا بها من مقربين على حواجز أمنية في بلدنا الأم، كما ولا يمكننا وإن تجاوز البعض منا ذلك، إلا وأن نرى رجل الشرطة جلاداً يهددنا بسوطه وببدلته الرسمية الخضراء الداكنة.

     وتتموضع المشكلة هنا بالتحديد، في ما بثته دولتنا ونظامها وأجهزتها في عقولنا، وفي ما عمله نظامها التربوي في أفكارنا، ناهيك عن آلاف البراميل المتفجرة والقذائف الكيماوية وأثقل الأسلحة التي استخدمها ضدنا، هادفاً من كل ذلك أن نحرم من اختيار بديل له، بل إنه فعل ذلك لمجرد التفكير في أن يكون هناك غير الرأي الواحد الذي يتبناه.

ما نحمله من إرث فكري رسخه الدم وأنجزه الحديد والنار، لا يمحى في تجربة أول انتخابات ديمقراطية لنا، ولا بد لنا من أن نتدرب على طريقة ممارسة الانتخابات وعيشها، على الرغم من ترددنا حيالها وشعورنا بانعدام جدواها. ولا بد لنا من أن نفهم أن ما يمر بنا في ممارستنا للديمقراطية، وعيش حريتنا وتمسكنا بحقوقنا الإنسانية في بداياتها، ما هو إلا نتاج ما يمكن أن نسميه (صدمة الحرية).

لربما نعتقد أن السخرية من الانتخابات الديمقراطية ودورنا فيها، آلية نفسية دفاعية استخدمناها في بلدنا الذي يتهيأ نظامه بأجهزته الأمنية وعسكره لحرق أصغر طفل فينا لضمان أبديته، وخنق كل صوتٍ ينطق بكلمة يخشاها.

وفي موضع وسطي بين نظرتنا السوداوية ووردية أحلامنا، يتوجب علينا أن نقتنع بواقعنا الحالي، وأن نتفاءل بتجارب من تتشابه ظروفنا مع ظروفه، ووجد في بلدٍ ما كل ما حرم منه في وطنه الأصلي، وفي هذا الباب نماذج كثيرة أنصفتها مواطن اللجوء ومنحتها حق المواطنة، وبعضها من تعدى إلى أكثر من ذلك، ف "كاملا هاريس" التي تشغل اليوم منصب نائب رئيس الولايات المتحدة الامريكية من أصولٍ هندية، ومن باب المصادفة أن "ريشي سوناك" الذي هاجر والداه من الهند أيضاً في ستينيات القرن الماضي يشغل اليوم منصب رئيس وزراء بريطانيا، كما نجد من بلدنا الذي هاجر اكثر من نصف أبنائه في العقود العشرة الماضية نماذج أنصفتها ديمقراطيات الغرب، بعد أن هربت من بطش نظامنا المستبد، ومن هؤلاء على سبيل المثال لمياء قدور ورشا نصر وجيان عمر أعضاء البرلمان الألماني "البوندستاغ".

وعلى الرغم من أن الديمقراطية الراسخة في المجتمع الأوروبي تختلف عما هي عليه في تركيا، إلا أن ذلك لا يمنع من العمل على الاندماج في الحياة السياسية بعد ان أصبح ذلك واقعاً بحكم المواطنة، وهذا ما قد يسهم لاحقاً في الحد من استخدام ملفنا ك "لاجئين" في لعبة السياسة التركية وتجاذباتها.

]]>
الفلاحون في السويداء يشكون من تسعيرة القمح الرسمية http://ayn-almadina.com/details/5396/5396/ar 5396 date2023-06-14 15:50:08 ayn-almadina يشكو معظم الفلاحين في محافظة السويداء من التسعيرة غير العادلة للقمح التي حددتها حكومة النظام لهذا الموسم، ويرى الكثير منهم أنها عامل أساسي في دفعهم إلى التخلي عن زراعة القمح، خاصة أنهم محاصرون بين شح الدعم الحكومي للزراعة ثم التلاعب به وتحديد قيمة شر...
الفلاحون في السويداء يشكون من تسعيرة القمح الرسمية

الفلاحون في السويداء يشكون من تسعيرة القمح الرسمية

رادار المدينة

يشكو معظم الفلاحين في محافظة السويداء من التسعيرة غير العادلة للقمح التي حددتها حكومة النظام لهذا الموسم، ويرى الكثير منهم أنها عامل أساسي في دفعهم إلى التخلي عن زراعة القمح، خاصة أنهم محاصرون بين شح الدعم الحكومي للزراعة ثم التلاعب به وتحديد قيمة شراء القمح بما يعادل نصف السعر العالمي.

ويؤدي تزاحم المعوقات التي تطال قطاع الزراعة من الجهات الرسمية، ووقوع الفلاح بين فكي كماشة استغلال تجار الحبوب والظروف المعيشيّة الصعبة إلى شبه عزوف للفلاحين عن ممارسة الزراعة بشكل عام، وزراعة القمح بشكل خاص. رغم أن نسبة إنتاج القمح في السويداء ضئيلة ولا تشكل فارقاً مهماً نسبة إلى إنتاج القمح في سوريا وذلك لصغر مساحة الملكيات الزراعية.

وبدأ مؤشّر إنتاج القمح في سوريا ينخفض باطراد في السنوات العشر الأخيرة. ولم تسلم محافظة السويداء من تراجع هذه الزراعة، لا سيما وأن طبوغرافيا المحافظة تقوم على توزّع أراضيها بين السهول والجبال والبادية، وما يرافقها من مناخات متعددة تمتد على خمس مناطق استقرار، وذلك بعد أن كانت من أبرز الزراعات فيها.

وفي المقابل لا يمكن إغفال عامل الجفاف الذي يعتبر عائقاً أساسياً في انخفاض زراعة القمح في المحافظة كونها زراعة بعلية في الأساس، بسبب عدم ملاءمة كمية الهطولات المطرية، إضافة إلى موعد الهطولات مع مراحل زراعة المحصول ونموّه. وتأتي سنوات الجفاف بمعدّل مرة واحدة كل أربع أو خمس سنوات ما يضطّر المزارع إلى بيع حصيده علفاً للماشية، أما الزراعة المروية فما تزال حديثة العهد.

ويشكو معظم الفلاحين في السويداء من التسعيرة غير العادلة للقمح التي أصدرتها حكومة النظام والمحددة ب2500 ليرة سورية "متضمنة تكاليف الإنتاج مع هامش الربح" وفق وكالة سانا التابعة للنظام، التي قالت أن السعر "يضاف إليه 300 ليرة لكل كيلو كحوافز تشجيعية للزراعة وتسليم القمح". علما أن مؤسّسة إكثار البذار كانت قد باعت كيلو القمح للفلاح ب 2800 ليرة.

ويشير من تحدثت إليهم عين المدينة من الفلاحين إلى عدم جدوى زراعة القمح بسبب التفاوت الواضح بين الكلفة والمردود المادي، في ظل ندرة توزيع المحروقات المدعومة والسماد الحكومي.

وكانت أعلنت مديرية الزراعة ومجلس المحافظة في السويداء عن تأمين 552 ألف ليتر من المازوت الخاص بالآليات الزراعية، مؤكدة توزيعها على الفلاحين المسجلين بالجمعيّات الفلاحية لتنفيذ خطّة زراعة القمح والشعير في المحافظة، بينما لم يتجاوز الموزّع منها نسبة 10% بحسب أحد أعضاء الجمعية الفلاحية في ريف السويداء الجنوبي، الذي أكد حصول تلاعب في المخصصات الحكومية، فالغالبية حصلوا على 5 ليتر فقط بغضّ النظر عن مساحة أرضهم المزروعة.

وأشار الفلاح الذي طلب الاكتفاء بتعريفه على أنه من الريف الجنوبي، إلى أن عامل المحسوبيات دخل في توزيع المازوت، وفي تسجيل عدد الدونمات المقرّر زراعتها من قبل بعض الفلاحين اسمياً، والذين يحصلون على حصّتهم من المادة ويبيعونها في السوق السوداء كمازوت حرّ. ومن جهة أخرى اشترطت مديرية الزراعة تقسيم الدعم إلى دفعتين، واحدة قبل الزرع والأخرى بعده، ما يؤكد حالة عدم الثقة بين الفلاح والجهة الحكومية صاحبة الدعم.

ولفت فلاح آخر من المنطقة ذاتها، بأنّه لم يستطع الحصول على مازوت الدعم المخصّص له إلّا بنسبة 20%، ما اضطره إلى شراء احتياجاته من المحروقات من السوق السوداء. ويبلغ سعر ليتر المازوت في السوق السوداء 8 آلاف ليرة، أي ما يعادل 10 أضعاف التسعيرة الحكومية للمازوت المدعوم وتقدمه مديرية زراعة السويداء للفلاحين.

فلاحون استطاعوا الحصول على الدعم الحكومي كاملاً ويملكون جرارات زراعية، قالوا لعين المدينة أن أرباح الموسم الحالي بقيت ضئيلة حتى بالنسبة إليهم بسبب إجحاف التسعيرة الحكومية.

يونس عزام من فلاحي ريف السويداء الغربي، أوضح أن كلفة زراعة الدونم الواحد ارتفعت إلى ما يقارب 45 ألف ليرة سورية، بينما لم تتجاوز الكلفة في السنة الماضية أكثر من 24 ألفاً. ويرتبط ارتفاع التكاليف بهبوط قيمة الليرة السورية والتضخم القياسي الذي يضرب الاقتصاد السوري، لكنها تبقى مرتفعة مقارنة بالرواتب الحكومية التي لم تتغير كثيراً خلال سنة.

وفي المقابل لم يتجاوز هامش الربح لدى فلاحين آخرين لم يحصلوا على الدعم الحكومي أكثر من 30%، مع العلم بأنّ سعر كيلو مبيع القمح في السوق السوداء يتراوح ما بين 3 آلاف وحتى 4 آلاف ليرة وهذا ما يدفع غالبية الفلاحين إلى بيع محصولهم في السوق الموازية "فلن نعمل لتسرقنا الدولة" وفق ما لخص رامي الحمد وهو فلاح من ريف السويداء الشرقي في حديثه لعين المدينة.

وتابع الحمد بأن "الفلاحين من أصحاب الملكيات الكبيرة نسبياً والذين استطاعوا الحصول على الدعم الحكومي كاملاً ويملكون معدات زراعية، وصلت أرباحهم في الموسم الماضي إلى ما يقارب 190%، بينما لا يتجاوز هامش ربح الفلاح العادي 30%، ومنهم أقل من ذلك بكثير لدرجة تغطية التكاليف فقط، وهذا غير سنوات الجفاف التي تضطّر المزارع إلى بيع حصيده علفاً ترعى به الماشية".

يشار إلى أن إنتاج سوريا من القمح في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام لا تشكّل أي فارق قياساً إلى احتياجات السكان في تلك المناطق، في ظل اعتماد النظام على القمح الروسي في هذا المجال. في حين يرى سوريون كثر أن شراء القمح ودعم زراعته من جانب النظام صار مجرد عمل بيروقراطي يرتكز على أيديولوجيا كان يدعو لها وصارت الآن من الماضي، خاصة أن المنتج الأساسي لمحصول القمح في مناطق الجزيرة السورية خارج عن سيطرة النظام منذ سنوات طويلة.

]]>
هاجس الترحيل يخيم على اللاجئين السوريين في دول الجوار http://ayn-almadina.com/details/5397/5397/ar 5397 date2023-06-18 15:38:12 ayn-almadina ظل السوريون المنتشرون في دول الجوار السوري يراوحون في منطقة الترقب، رغم مرور عقد كامل على حيواتهم التي أسسوها في ظروف جديدة، دون أن يستطيعوا أن يمضوا فيها بأمان على أي مستوى. وفي ظل الانفتاح العربي والإقليمي على النظام وهاجس الترحيل إلى سوريا الذي يخ...
هاجس الترحيل يخيم على اللاجئين السوريين في دول الجوار

هاجس الترحيل يخيم على اللاجئين السوريين في دول الجوار

رادار المدينة

ظل السوريون المنتشرون في دول الجوار السوري يراوحون في منطقة الترقب، رغم مرور عقد كامل على حيواتهم التي أسسوها في ظروف جديدة، دون أن يستطيعوا أن يمضوا فيها بأمان على أي مستوى. وفي ظل الانفتاح العربي والإقليمي على النظام وهاجس الترحيل إلى سوريا الذي يخيم على اللاجئين السوريين في دول الجوار، يحاول الكثير منهم توطين النفس على العودة القسرية التي سيجبرون عليها والتفكير في الخطوة التالية.      

ثماني سنوات مرت على إقامة خليل (٤٤ عاماً) برفقة عائلته الحمصية في مخيم الأزرق الذي يبعد 100 كم عن العاصمة الأردنية عمان، قضاها في كرفانة حارة صيفا باردة شتاء على أمل الدخول إلى المدن الأردنية، لكن آماله تبددت بعد اجتماع عمان متحولة إلى أرق ليلي من هاجس الترحيل إلى مناطق النظام في سوريا.

ويقول خليل الذي قضى قرابة ربع عمره في خيمة من المعدن، إن "الترحيل غدا الرعب الأكبر الذي نعيشه كلاجئين في المخيمات الأردنية". وعلى مقربة من خليل يلعب أطفاله الثلاثة الذين تجاوز أكبرهم عشر سنوات وسط الرمال والغبار المنبعث، فالمخيم عبارة عن كرفانات أقيمت في البادية بعيداً عن المدن الأردنية.

تمكن أقارب خليل في العام 2017 من دخول مدينة عمان والإقامة فيها، ولم يحصل خليل على موافقة مماثلة من السلطات الأردنية، في حين يخشى العودة إلى سوريا وهو مطلوب للأفرع الأمنية ليقضي أيامه "في دوامة لا نهاية لها".

سمع خليل كغيره عن التفاهم الأردني مع النظام الذي يقضي بترحيل 1000 لاجئ من الأردن، ويؤكد أن الجميع قلقون من هذا البند، مع تسجيل فارق بين تعاطي السلطات الأردنية مع ملف اللاجئين عن نظيرتها اللبنانية ف"لا نتوقع أن يتم إجبارنا على العودة.. على الأقل في الفترة القادمة".

وتشكل حالة خليل نموذجاً لآلاف اللاجئين السوريين في كل من لبنان والأردن وتركيا المهددين بالترحيل على خلفية طرح ملف اللاجئين على طاولة المفاوضات مع النظام. ويخشى معظم اللاجئين من تطبيق الرؤية الإقليمية لهذا الملف دون ضغوط جادة على النظام، فإعادة آلاف المطلوبين للأفرع الأمنية أو للخدمة العسكرية يعني تعريضهم لمخاطر عديدة ليس أقلها زجهم في المعتقلات.

في بيروت اضطر أبو أسعد (35 عاماً) إلى تغيير مكان إقامته أكثر من مرة بسبب تخوفه من جيرانه في الحي الموالين ل"حزب الله اللبناني". تدعى زوجته عائشة وهذا ما يثير مخاوفه بحسب ما يشرح لعين المدينة. مضيفاً أن "الطائفية تلعب دورها في مثل هذه الظروف، وجميعنا معرض لهجمات من الجيش والعناصر الطائفية المسلحة".

كان أبو أسعد يقيم في منزل ريفي مريح لكنه مضطر اليوم إلى الإقامة في مستودع مهجور قام باستئجاره ب100 دولار، ممارساً حرفته في الموبيليا كأجير في إحدى الورشات. لكن القلق من المداهمات يجعله في خوف دائم لا سيما بعد عمليات الترحيل القسرية التي قام بها الجيش اللبناني في الفترة الماضية.

ويعد التعاطي مع ملف اللاجئين السوريين في لبنان شديد الحساسية نظراً إلى تصاعد خطاب الكراهية تجاه السوريين ومطالبة مئات اللبنانيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بإخراجهم من لبنان مع تحميلهم مسؤولية تدهور الاقتصاد اللبناني، ما يعني أن اللاجئين تحولوا إلى ورقة سياسية قد تستخدم مراراً.

ويأتي معظم قلق اللاجئين في الأردن ولبنان من العودة إلى مناطق النظام بسبب القبضة الأمنية، بينما يختلف الوضع في تركيا على الرغم من كثافة المرحلين نحو سوريا نظراً إلى اختلاف مكان العودة. لكن هناك توجس دائم لدى السوريين في تركيا من الترحيل، فمناطق المعارضة ليست مؤهلة لاحتضان عشرات الآلاف في ظل القصف والبطالة، كما أسس قسم كبير من السوريين أعمالاً ومشاريع استثمارية في تركيا، والترحيل يعني طي سنوات من التعب.

يدير أنس (٤١ عاماً) ورشة خياطة في مدينة إسطنبول، وقد تمكن في غضون خمس سنوات من الحصول على حياة معيشية مريحة، فهو يمتلك سيارة خاصة وأرباح ورشته جيدة جداً وفق ما يوضح لعين المدينة.

ويخشى أنس من لجوء السلطات التركية إلى إغلاق ورشته واقتياده إلى مراكز الترحيل، مشيراً إلى أنه يعرف عشرات الأشخاص الذين رحلوا "بينما كانوا يمنون النفس بالإقامة الدائمة في هذا البلد.. فأعمالنا قائمة واعتدنا على تركيا ولا نرغب بالعودة إلا إذا تغيرت الظروف في سوريا جذرياً".

وفيما يبدو أن ملف عودة اللاجئين قد حسم إقليماً، ويحاول اللاجئون التأقلم مع الوضع الجديد سواء ب"تناسي الفكرة حتى تصبح قدراً محتوماً" كما يقول خليل، أو ب"العمل على تهيئة ظروف جديدة في الشمال السوري بحيث يجد المرء مكاناً وعملاً في حال تم ترحيله" بحسب أنس. أما أبو أسعد الذي يشكل ملفه الأكثر خطورة كونه يقيم في لبنان، فيحاول استباق المصير المجهول بالهجرة عبر ممرات التهريب النشطة من بيروت حتى إدلب، والتي تشكل بحد ذاتها مصيراً مجهولاً آخر.

]]>
الحشيش المخدر وحبوب الكبتاغون... علناً في أعراس اللاذقية ومقاهيها http://ayn-almadina.com/details/5399/5399/ar 5399 date2023-07-30 19:25:04 ayn-almadina طوال ساعات في حفل زفاف أقيم الشهر الماضي في بلدة القنجرة بريف اللاذقية، تبادل نحو 50 شاباً سجائر الحشيش المخدر أمام الجميع. وحتى العريس وهو صف ضابط متطوع في المخابرات العامة، أخذ يدخن الحشيش من دون حرج أمام رئيسه في فرع اللاذقية، وضباط آخرين في المخا...
الحشيش المخدر وحبوب الكبتاغون... علناً في أعراس اللاذقية ومقاهيها

الحشيش المخدر وحبوب الكبتاغون... علناً في أعراس اللاذقية ومقاهيها

رادار المدينة

طوال ساعات في حفل زفاف أقيم الشهر الماضي في بلدة القنجرة بريف اللاذقية، تبادل نحو 50 شاباً سجائر الحشيش المخدر أمام الجميع. وحتى العريس وهو صف ضابط متطوع في المخابرات العامة، أخذ يدخن الحشيش من دون حرج أمام رئيسه في فرع اللاذقية، وضباط آخرين في المخابرات والشرطة.

بين الحضور كان للمساعد أول ثابت لايقه المنحدر من بلدة بكسا المجاورة للقنجرة، موقعاً مركزياً بوصفه أحد الوجهاء المعدودين والمتنفذين في المنطقة، إذ أصبح كذلك منذ انتقل إلى مكتب وزير الداخلية وتفرغ للعمل كسمسار رئيسي من سماسرة الوزير، ما مكّنه من بناء ثروة، وافتتاح عدة مشاريع استثمارية في اللاذقية.

لهذا الرجل حكاية خاصة مع المخدرات، فقبل ثلاثة سنوات قتل علي الابن المراهق لأحد إخوته، شقيقه الأصغر تحت تأثير الكبتاغون. وبتدخل من ثابت لم يسجن المراهق إلا ثلاثة أشهر، عاد بعدها إلى تعاطي الكبتاغون والتجول في الشوارع لمراقبة البيوت والمزارع والدكاكين بحثاً عن شيء يسرقه لتأمين المال اللازم لإشباع إدمانه. يقول فراس (اسم مستعار لشاب من بلدة بكسا)، أن المخدرات عطلًت لدى علي الإحساس الطبيعي بالذنب "لأنه كمّل بنفس الطريق، وصار شرس أكتر، وبأي مشكلة ممكن يقتل حدا جديد".

ومثلما لم تترك هذه الجريمة الصادمة أثراً في علاقة المراهق القاتل -الذي أصبح شاباً- بالمخدرات، لم تشكل الجريمة رادعاً نفسياً عن المخدرات كما يفترض لدى الشبان من أقاربه على الأقل، إذ انضم أبناء عمه ثابت إلى زمرة المدمنين المعروفين، وكذلك طارق علي بدور وهو ابن محام وسمسار شهير في قضايا المعتقلين. وبحسب تقييم فراس، يعد طارق أكبر مروج للمخدرات على مستوى بكسا، التي وصل عدد المدمنين المعروفين فيها إلى مئة وفق التقييم ذاته، وهذا رقم كبير مقارنة بعدد سكانها ال 10 آلاف.

في السنوات القليلة الماضية أصبحت المخدرات ظاهرة علنية ومستقرة في محافظة اللاذقية التي تعد واحدة من أكبر مراكز إنتاج وتصدير واستهلاك المخدرات. ومن غير قصد تقدم منشورات وزارة الداخلية في حكومة النظام بعض المؤشرات عن ضخامة هذه الظاهرة، ففي الشهرين الأخيرين من العام 2022 وفق تلك المنشورات، قبض فرع مكافحة المخدرات في اللاذقية على 44 شخصاً، ومن خلالهم صادر الفرع 13072 حبة مخدر، وكمية بوزن طن تقريباً من الحشيش. يقول زكريا (اسم مستعار لشرطي سابق من اللاذقية)، أن المروجين الصغار وغير المدعومين هم من يلقى القبض عليهم فقط عندما تريد "الدولة تعمل دعاية أنه عم تحارب المخدرات"، بينما التجار الكبار لا تقترب منهم، فهم "أقوى من دولة اللاذقية نفسا" وفق تعبيره.

ويتحدى الشرطي تلك "الدولة" أن تقترب من بعض المقاهي التي تحولت علبناً إلى مراكز بيع وتعاطي المخدرات بأصنافها المختلفة، مثل مقهى الأماسي التي تعود ملكيتها لسليمان ابن هلال الأسد الذي واصل حمايتها، "مع أنه ملاحق بعدما قتل واحد ورش على دورية أمن بالقرداحة"، أو حتى مقاهي يديرها أشخاص مغمورون ولكن مدعومين بقوة من شخصيات كبيرة مثل "كافيه ريتش اللي تستثمرها وحدة من دمسرخو من بيت شحرور ووحدة تانية من حرف المسيترة من بيت عجيب".

في واحدة من الندوات واللقاءات العامة التي تنظمها أطراف مختلفة عن خطورة الإدمان، فسر العميد باسم زيتون رئيس قسم المخدرات في اللاذقية انتشار المخدرات "بسبب قلة الوعي والدين وانتشار الجهل وغيرها من المشاكل المختلفة"، وأكد كما يفعل دوماً في كل ندوة شبيهة يشارك فيها، أن فرعه يحقق بمساعدة أجهزة أمنية أخرى نجاحات كبيرة في مكافحات المخدرات، لكن الوقائع تثبت عكس ذلك. حيث أصبحت قضايا المخدرات أكبر وأكثر من أن تنجح سلطات اللاذقية في مكافحتها حتى لو أرادت ذلك بالفعل، كما أن هذه القضايا أصبحت مجال تكسب ورشوة لزيتون نفسه و"معلمي زيتون واللي أكبر منه" كما يؤكد وهيب (اسم مستعار لحلاق لا يمانع أن يجلب الزبائن الحشيش لتدخينه أو تبادله فيما بينهم في صالونه)، لأن "الموضوع صار عادي جداً" كما يقول، بالرغم من أنه قد واجه بعض المتاعب بعد أن تسببت مشكلة عرضية خارج الصالون بالقبض عليه بتهمة الترويج، ما كبده خسائر بمليوني ليرة دفعها كرشوة لموظف صغير أعاد توزيعها بدوره على زملائه، ثم حول التهمة إلى التعاطي لتنتهي لدى القاضي بالبراءة.

]]>
ستون يوماً على انتفاضة السويداء .. وعي الحقوق والتركيز على التحصين الداخلي http://ayn-almadina.com/details/5400/5400/ar 5400 date2023-10-24 10:27:28 ayn-almadina بدا خلال الأيام الأخيرة أنّ الحركة الاحتجاجية في السويداء أقصى الجنوب السوري، ماضية في طريقها الذي بدأتهُ قبل شهرين، على الرغم مما قد يحيط بها من عوائق. وعلى الرغم من أنّ جزءً من الحيّز الذي احتلّتهُ الاحتجاجات من الفضاء الإعلاميّ قد تحوّلَ بشكلٍ طبي...
ستون يوماً على انتفاضة السويداء .. وعي الحقوق والتركيز على التحصين الداخلي

ستون يوماً على انتفاضة السويداء .. وعي الحقوق والتركيز على التحصين الداخلي

رادار المدينة

بدا خلال الأيام الأخيرة أنّ الحركة الاحتجاجية في السويداء أقصى الجنوب السوري، ماضية في طريقها الذي بدأتهُ قبل شهرين، على الرغم مما قد يحيط بها من عوائق. وعلى الرغم من أنّ جزءً من الحيّز الذي احتلّتهُ الاحتجاجات من الفضاء الإعلاميّ قد تحوّلَ بشكلٍ طبيعيّ نحو الحدث الأكثر سخونةً وعنفاً ودمويّةً أيضاً، العدوان الإسرائيلي على قطّاع غزّة، والذي أخذَ الحصّة الأكبر من انشغالِ العالم بدوله ومؤسساته عمّا سواه، فإنّ سعيَ المحتجّين لتحصينِ حراكهم واستمراريّته توازياً مع الحفاظ على المساحة الأكثر أماناً في مدينة السويداء (ساحة الكرامة)، لم يتأثّر بما هو خارجه، وما يزال يؤكد أنهُ يعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه.

قبلَ السابع من تشرين الأول الفائت، اليوم الذي تسارعت فيه وتيرة الأحداث في الأرض المحتلة، أثارت المجزرة التي وقعت في حفل تخريج دفعة الضبّاط الجديدة في الكليّة الحربيّة بحمص، والتي راح ضحيّتها عشرات طلّاب الضبّاط وذويهم، المخاوفَ على حراك السويداء من أكثر من زاوية ومفصل، إذ ذهبت بعض تكهّنات الوسط المعارض إلى اعتبارها محاولة من النظام لإشعال حدثٍ ما، كان ضرورياً أن يكون دموياً، يخطفُ الأبصار عما يجري في الجنوب السوري، أو لخلق ذريعة لردّ الفعلِ مستغلاً حدثَ الكليّة الحربيّة لتبريرِ ثأرهِ من محتجّي السويداء، بعد أن حاول طوالَ الفترة السابقة عليه تجاهل انتفاضة الناس في الجبل.

لكنّ الحركة الاحتجاجية فاجأت الجميع ولم تنحرف عن الخطّ الذي رسمته لنفسها، ولم تنشغل بما لا يختصُّ فيها، بما في ذلك ما يشغلُ الرأي العام. اهتمّ المُحتجّون بتصليب مظاهرهم الاحتجاجية، منطلقين بذلك من كون حراكهم حراكاً حقوقياً، وهو على ذلك لا يخفتُ بخفوتِ الضوء المسلّط عليه من ناحية، ويحتاجُ جهداً ضخماً لتوسيع الشرائح المنضوية تحته من خلال التوعية إلى الحقوق التي خرجَ المنتفضونَ بسببِ الافتقارِ إليها، من ناحية أخرى.

اكتشاف القدرة

بدأت الحركة الاحتجاجية الأخيرة في العشرين من آب عقب القرار الحكوميّ برفع الدعم عن المحروقات، بدأتها شريحةُ من الموظفين وسائقي الحافلات بالإضراب العام. وعلى الرغم من أنّ الإضراب عادةً شكل متقدّم من أشكال التعبير، ويحتاجُ إلى وقت وتنظيم للوصولِ إليه، فإنّ البدء فيه كان مؤسساً لوعي الناسِ بقدرتها على الرفض. في هذا السياق يقولُ عزّام أحد المشاركين في الانتفاضة منذ بدايتها: "محافظة السويداء ذات طبيعة ديموغرافية خاصة كون غالبيّة سكّانها من المسلمين الموحدين الدروز. كان لها حساباتها منذ بداية الثورة السورية، إذ لم تكن مشاركتها في الثورة كميّة، واختار أهلها معركة الحفاظ عليها كملجأ يستطيع السوريون الوصول إليه والاحتماء بين أهله، وفي هذا الصدد استقبلت السويداء ما يعادل ثلث عدد سكانها كضيوف لا كنازحين، وقد حاولت السلطة كثيراً زج هؤلاء الضيوف ووضعهم في مراكز إيواء دون أن تنجح عمليّة تحويلهم إلى نازحين".

يضيف عزّام: "غالبية شباب المحافظة لم ينخرطوا في المقتلة السورية من خلال رفض أداء الخدمة الإلزامية والاحتياطية، وقد كنتُ واحداً من هؤلاء المطلوبين لأداء الخدمة الاحتياطية. لو اجتمعت أمم الأرض لن أخدم في هذه المقتلة".

هذه الظروف ساعدت على رؤية الثورة السورية من منظور مختلف، خاصة عند الجيل الذي أصبح يسمى جيل الحرب وفق عزام، الذي يرى بأنه من جيل بلور مطالبه الخاصة وتشكل وعيه في ظروف لا تشبه ظروف الأجيال السابقة عليه. ويلخص "جيل خبير بالتعامل التكنولوجي ويقرأ الأحداث من منظور الحق والواجب والحرية الفردية والمسؤولية الجماعية، وجيل يقرأ ضرورة الوصول إلى تغيير بنية هذه المنظومة بكاملها (شلع قلع)"

المحاكمات الشعبية السلمية:

أدركَ المشاركونَ أهميّة الحفاظ على سلميّة الحراك منذُ يومهِ الأول، على الرغم من أنّ الانتقالَ إلى الطورِ المسلّح لم يكن ليكون مفاجئاً لأحد في محافظةٍ سعت السلطة السورية إلى تسليح مجموعاتٍ من أبنائها لمواجهةِ المُعترضين عليها منذُ بدايةِ الثورة ضدّ نظام الأسد، لكنّ الوعي والدور الذي لعبتهُ المؤسسة الدينيّة ممثلّةً بشيخي العقل حمود الحناوي، وحكمت الهجري الرئيس الروحيّ لطائفة المسلمين الموحّدين الدروز، التي اتخذت موقفاً لافتاً بتأييد حراك المحتجين وتحصينه- عوامل ساعدت في إدراكِ اتساعِ وتنوّع أشكال الاحتجاج في حال حافظ الحراك على سلميّته.

من تلك النقطة بدأ المحتجون بمشاركة أفكارِهم إزاء ما يُمكنُ فعله ضمن مروحة الاحتجاجات الواسعة التي يُمكنُ أن يخدمها الحفاظ على السلمية. توجّهت الأنظارُ أولَ ما توجّهت إلى حزب البعث: صبّ المُحتجّون غضبهم على الحزب الذي يحكمُ البلادَ منذُ ستّة عقود، واتخذوا قراراً بإغلاقِ مقارّه الرسميّة سواء في مدينة السويداء أو في ريفها، مستندينَ بذلك إلى حقٍّ آخرَ من الحقوقِ التي أقرّها دستور عام 2012 الذي جاء كمحاولة لامتصاص الثورة التي بدأت تفرضُ نفسها على كامل الجغرافيا السوريّة، والتي كان من أوائل مطالبها إلغاء المادّة الثامنة من الدستور، وتنصّ على أنّ حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع. وقد ألغى الدستور تلك المادة معتبراً حزب البعث حزباً سياسيّاً ليس لهُ صلاحيّات استثنائية، ومفصول عن الدولة ومؤسسة الجيش والأجهزة الأمنيّة.

استخدمَ المنتفضون وسائل بدائية لإغلاق مقارّ حزب البعث، ومنعوا اللواء المتقاعد فوزات شقير أمين فرع الحزب في السويداء من الوصولِ إلى مكتبِه، بعد أن خاض بعضهم معه على أحد الحواجز التي أقاموها في بلدة القريّا، نقاشاً صارَ مثارَ تندّرٍ وتهكّم واستخدمهُ المنتفضون في اللافتات والأغنيات والنكات. يُسمعُ في ذلك التسجيل صوتُ شابٍ يسألُ أمين فرع الحزب بشكلٍ بسيط وواضح: هل ستصلُ الكهرباء إلى بيتي إذا ذهبتَ اليومَ إلى مكتبك؟ هل سوف يساهمُ ذهابك في تأمين الغذاء ووقود التدفئة لأطفالي؟

لم يكتفِ أهلُ السويداء بتوجيه جام غضبهم إلى حزب البعث وأهله، بل ذهبوا في سياق متصل، إلى محاكمات شعبية سلميّة لمن اعتبروهم أعواناً لأجهزة النظام، فقد سبق وذكرت شبكة السويداء 24 المحليّة، أنّ أهالي قرية تعارة في ريف السويداء الغربي، عزلوا مختار قريتهم على خلفية تقارير أمنية رفعها بأسماء المشاركين في الاحتجاجات من الأهالي.

وأضافت أن قرار الأهالي جاء بعد أن شهدت صالة القرية اجتماعاً حضره أكثر من 100 شخص من مختلف العائلات، وأفضى إلى عزل المختار ومقاطعته دينياً واجتماعياً، وذلك بعد التحقق من وثائق تثبت تورطه في رفع تقارير أمنيّة ضد شباب القرية.

يقول منير الطرودي، أحد النشطاء الحاضرين في الساحة: "من هذا الجو العام كانت إجراءات الحكومة الأخيرة شرارة أشعلت احتجاجات في ظاهرها معيشية، لكن وعي الحالة السياسية كان قد وصل إلى أن جوهر هذه الاحتجاجات هو التغيير المبني على الحل السياسي للمعضلة السورية والإقليمية، وأن أي احتجاج يجب عليه أن ينظر لأصل المشكلة (التغول الأمني للسلطة وحزب البعث في المؤسسات)، وبالتالي أصبح المطلب المعيشي هو الحل السياسي، فرغيف الخبز يحتاج حلاً سياسياً وإعادة الإعمار تحتاج استقراراً، وتنشيط الاقتصاد لا بدّ له من بيئة مريحة مقوننة بلا تغوّل أمنيّ وبلا حيتان تبتلعُ المقدّرات".

"كما أن أزمة الميليشيات والمخدرات وعصابات السرقة والخطف، والتي نعلم جيداً عمق ارتباطاتها بكل الاحتلالات على أرضنا، جعلت شكل الحراك يظهر على ما رأينا" يضيفُ الطرودي. ويؤكد انه "لا سلاح بيد الناس المقهورة في الساحات سوى صوتها وحضارتها وسلوكها وأخلاقها التي تقدمها للإعلام وللآخرين، عسى أن يكون هذا السلوك كابحاً للمليشيات والعصابات وحتى للسلطة، وأيضاً أن يكون داعماً للقوة الدولية لفرض تطبيق الحل السياسي والوصول للتغيير المنشود على أساس القرار الأممي 2254".

ستونَ يوماً منذُ بدأ حراكُ السويداء الأخير، لعلّ أبرزَ ما ميّزه هو انتباه الناس لقدرتهم على كسرِ القوقعةِ التي وُضِعوا أو وَضَعوا أنفسَهم فيها، واستعادتهم للثقة بأنهم يستطيعون ضمن المتاح تشكيلَ جبهةٍ داخليّة واعية لحقوقها وواجباتها ضمن أطر قانونيّة وقيميّة، تقتصُّ من تلك القوى التسلطية التي أرساها النظام في عموم سوريا.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من "صحفيون من أجل حقوق الإنسان" (JHR)

]]>
افتتاح صيدلية في منطقة قسد في دير الزور سهل مثل افتتاح دكان بقالة .. أدوية مغشوشة وقاتلة ومعظم أصحاب الصيدليات بلا شهادة علمية أو بشهادة مزورة http://ayn-almadina.com/details/5401/5401/ar 5401 date2023-12-15 16:09:47 ayn-almadina من دون أي ضابط، تتكاثر الصيدليات في منطقة سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في دير الزور، ففي شارع رئيسي واحد في مدينة هجين بلغ عدد الصيدليات (30) صيدلية، كذلك الحال تقريباً في مدن وبلدات المنطقة، التي يعاني القطاع الصحي فيها -ولا سيما ا...
افتتاح صيدلية في منطقة قسد في دير الزور سهل مثل افتتاح دكان بقالة .. أدوية مغشوشة وقاتلة ومعظم أصحاب الصيدليات بلا شهادة علمية أو بشهادة مزورة

افتتاح صيدلية في منطقة قسد في دير الزور سهل مثل افتتاح دكان بقالة .. أدوية مغشوشة وقاتلة ومعظم أصحاب الصيدليات بلا شهادة علمية أو بشهادة مزورة

رادار المدينة

من دون أي ضابط، تتكاثر الصيدليات في منطقة سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في دير الزور، ففي شارع رئيسي واحد في مدينة هجين بلغ عدد الصيدليات (30) صيدلية، كذلك الحال تقريباً في مدن وبلدات المنطقة، التي يعاني القطاع الصحي فيها -ولا سيما الصيدلة- من الفوضى.

بمجرد امتلاك المال الكافي والرغبة يمكن لأي شخص افتتاح صيدلية، وليس من الضروري دوماً حيازة شهادة جامعية في الصيدلة، حقيقية كانت أو مزورة. ووفق تقديرات موظف في لجنة الصحة بمجلس دير الزور المدني، بلغ عدد الصيدليات المفتتحة حتى نهاية تشرين الأول الماضي (725) صيدلية، (100) فقط من أصحاب هذه الصيدليات لديهم شهادة في الصيدلة.

نظرياً هناك إجراءات يجب اتباعها، وموافقات رسمية يجب الحصول عليها لافتتاح صيدلية في قرية أو بلدة أو مدينة ما؛ تبدأ بالمجلس المحلي الخاص بهذا المكان، وتنتهي بلجنة الصحة بمجلس دير الزور المدني، مروراً بنقابة الصيادلة في منطقة قسد في دير الزور. لكن يمكن الاستغناء عن هذه الإجراءات، وافتتاح صيدلية من دون ترخيص، مثلما يفتتح أي دكان بقالة أو محل تجاري.

تعاني جميع المؤسسات الرسمية ذات الصلة بالترخيص إما من الفوضى والفساد مثل المجلس المدني، أو من الضعف مثل نقابة الصيادلة التي تأسست في العام (2019)، دون أن يكون لها أي دور أو صلاحيات، إذ تعاني التهميش وقلة الموارد، ولم يسمع بها كثير من أصحاب الصيدليات، كما يقول عضو في هذه النقابة طلب اغفال اسمه لأسباب أمنية لعين المدينة.

تشكك آلاء وهي صيدلانية تعمل في منطقة قسد بدير الزور، بصدقية الشهادات التي استخدمها بعض مستثمري الصيدليات في الترخيص. تقول لعين المدينة "أعرف تقريباً أغلب الصيدليات بدير الزور، ورقم (100) صيدلاني غير حقيقي، لأن كثير من هؤلاء المائة زوّر شهادته، إما بالشحيل أو بإعزاز"..

في المقابل يستنكر أبو حسام وهو مستثمر لإحدى الصيدليات سؤال عين المدينة عن شهادته، ويقول بأنه خريج معهد صناعي، ولكنه تتلمذ وتعلّم على "يد الشيخ" وهو مستثمر آخر قديم. ويتباهى أبو حسام بخبرته ومهاراته العملية "أنا أعرف اللي ما يعرفونه الصيادلة المتشدقين بشهاداتهم، أريد واحد منهم بس يكون جريئ ويعرف يضرب إبرة روزاكتام عيار (1500) لطفل عمره يومين". في هذا التحدي يتجاهل -أو يجهل- حقيقة أن هذا الدواء يعطى للبالغين فقط، وبموجب وصفة من طبيب مختص.

بين حين وآخر تنشر صفحة لجنة الصحة التابعة لمجلس دير الزور المدني، أخباراً وصوراً عن جولات موظفي مكتب الرقابة الدوائية على الصيدليات ومستودعات الأدوية؛ تبدو هذه الجولات أقرب للدعاية أو لرفع العتب، لأن موظفي هذا المكتب واللجنة التي يتبع لها يفتقرون إلى الموارد اللازمة لتأدية عملهم، وإلى السلطة والقدرة اللازمة على اتخاذ إجراءات عقابية رادعة بحق المخالفين. ويتساءل الموظف بلجنة الصحة "عن أي رقابة تتكلمون؟ وما عندنا موارد بشرية، وما عندنا مخبر لتحليل الأدوية، ولا نملك سلطة حقيقية، وبأي لحظة ممكن نتعرض للقتل!".

 سهّل غياب الرقابة انتشار أدوية مجهولة المصدر، مثل المضادات الحيوية ومسكنات الألم والمهدئات، كثير من أصنافها الرائجة في دير الزور مقلدة أو مزورة، ومن السهل اكتشافها على أي بائع أدوية بمجرد النظر إلى عبواتها الكرتونية الغريبة، وملاحظة الألوان فيها، وطريقة التعبئة والتغليف؛ تصنع هذه الأدوية في ورشات بدائية يقع أكثرها في ريف حلب الشمالي والشرقي، كما يقول لعين المدينة طاهر وهو موزع أدوية: "نحن نعرف، والصيادلة يعرفون أنه كثير من الأدوية مزورة، أدوية صينية وهندية، وإيرانية حتى، لكن السوق بحاجة وما عندنا بديل"

بالطبع لا تبيع الصيدليات الأدوية المزورة والمغشوشة فحسب، بل هناك أدوية حقيقية لها مصدران رئيسيان هما مناطق النظام وتركيا مروراً بمنطقة سيطرة المعارضة، وما لا يراعيه معظم مستثمري الصيدليات في بيعهم لهذه الأدوية هو تاريخ انتهاء صلاحيتها، إذ يمكن أن يتجاهلوا ذلك بذريعة أن التاريخ الفعلي لانتهاء صلاحية دواء ما هو أكثر ب (6) أشهر من التاريخ المسجل على علبة الدواء.

في استقصائها السريع عن بعض التأثيرات المباشرة لفوضى الأدوية في دير الزور، عثرت عين المدينة على (3) من ضحايا هذه الفوضى؛ ففي منطقة البصيرة فقدت امرأة طفلها الرضيع بعد أن أعطته مضاداً حيوياً انتهت صلاحيته، وأنكر صاحب الصيدلية الذي باعها الدواء ذلك، ولم يتعرض لأي مسائلة، وما زالت صيدليته تعمل. بينما أنجبت امرأة من بلدة سويدان طفلاً مشوهاً بعدما استخدمت أثناء حملها مرهماً جلدياً اشترته من صيدلية في البلدة؛ وكادت مريضة سكر في بلدة الصور أن تقضي بعد تناولها دواءً منتهي الصلاحية اشترته من صيدلية في البلدة. ولا تعرف هؤلاء النسوة أو أزواجهن -مثلما لا يعرف معظم الضحايا- الطريقة القانونية التي يمكن لهم من خلالها ملاحقة أصحاب الصيدليات المستهترين بحياة المرضى.

لا تنحصر مظاهر الفوضى في قطاع الصيدلية بافتقاد معظم مستثمري الصيدليات للتأهيل العلمي المطلوب، ولا ببيعهم أدوية مغشوشة ومزورة ومنتهية الصلاحية، فهناك مظاهر أخرى منها الافتقاد لتسعيرة دواء موحدة، والأخطر هو تورط بعض مستثمري الصيدليات ببيع أدوية مخدرة أو مخدرات، وفق شائعات محلية متواترة.

 

]]>
استغلال النساء العاملات في حلب.. ثقافة مستخفة بهن تساويهن (بالشغيلة الصبيان) http://ayn-almadina.com/details/5403/5403/ar 5403 date2023-12-17 20:27:54 ayn-almadina بين الساعة السابعة والثامنة من كل صباح، تتجمع آلاف النسوة العاملات قرب مفارق الطرق على امتداد شوارع رئيسية في مدينة حلب، بانتظار الحافلات التي تقلهن إلى المعامل خارج المدينة. مقارنة بالرجال الصامتين وهم قلة في هذه الجموع المتناثرة، تبدو النساء أكثر ص...
استغلال النساء العاملات في حلب.. ثقافة مستخفة بهن تساويهن (بالشغيلة الصبيان)

استغلال النساء العاملات في حلب.. ثقافة مستخفة بهن تساويهن (بالشغيلة الصبيان)

رادار المدينة

بين الساعة السابعة والثامنة من كل صباح، تتجمع آلاف النسوة العاملات قرب مفارق الطرق على امتداد شوارع رئيسية في مدينة حلب، بانتظار الحافلات التي تقلهن إلى المعامل خارج المدينة. مقارنة بالرجال الصامتين وهم قلة في هذه الجموع المتناثرة، تبدو النساء أكثر صخباً وأقل تثاقلاً، رغم المشقة والأعباء الإضافية التي يتحملنها.

تقول أمل (اسم مستعار لعاملة في مصنع أدوية) لعين المدينة، أنها تدفع ابنها الصغير نائماً في عربة إلى منزل أهلها مدة (15) دقيقة في الصباح الباكر كل يوم، ومن هناك (10) دقائق أخرى لتكون في السابعة عند دوار النحاس في شارع النيل، حيث يمر "الباص اللي ما بيستنى حدا ولا دقيقة"، ومع عودتها إلى المنزل في السابعة مساءً، تبدأ أعمال الطبخ والتنظيف غير القابلة للتأجيل إلى يوم العطلة؛ كل ذلك مقابل (650) ألف ليرة في الشهر. يساعد هذا الراتب إلى جانب دخل زوجها من وظيفته الحكومية ومن عمله الإضافي أجيراً في مكتب سيارات، في تأمين الحد الأدنى من نفقات العائلة.

ومثل غيرها من نساء الطبقة الوسطى اللاتي التحقن متأخرات بسوق العمل، تفتقر أمل إلى مهارات وخبرات عمل خاصة، ولذلك تتلقى أجراً أقل عموماً من أجور الرجال، لكن ثمة ثقافة عامة لدى أرباب الأعمال المتنوعين ترى أن المرأة لا تستحق أجراً مساوياً للرجل، وإن كانت تشغل الوظيفة ذاتها.

تقول أستاذة في جامعة حلب طلبت إغفال اسمها لعين المدينة: "إن النظرة السائدة في أوساط العمل تصنف المرأة تصنيفها للشغيلة الصبيان، فكلاهما -المرأة والصبي- عامل غير ضروري، ويمكن الاستغناء عنه، أو استبداله بسهولة". وترى الأستاذة المهتمة بقضايا المرأة، بأن اتساع الدور الاقتصادي للمرأة السورية بفعل "الأزمة والأحداث" لم يزعزع بعد تلك الثقافة.

وحتى في بعض القطاعات التي أصبحت النساء أغلبية في قواها العاملة، مثل معامل الألبسة والأدوية والمواد الغذائية، إضافة إلى المحلات التجارية، تنال المرأة أجراً لا يتناسب مع الجهود التي تبذلها، ولا مع عدد ساعات العمل، كما أنها تفتقد الحقوق والضمانات التي تفرضها القوانين، إذ يمكن لأي رب عمل في تلك القطاعات أن يطرد أي عاملة لديه لسبب أو من دون سبب.

تقول رحمة (اسم مستعار) أنها طردت من عملها في محل ألبسة في سوق التلل، "بعد ما طالبت المعلم بزيادة لما صرنا نتأخر بالشغل بشهر رمضان"، وطردت ايضاً "من مشغل بيجامات لما مرضت وغبت تلات أيام ورا بعض". وحتى إن استقرت بعض النساء لعدد من السنوات في بعض الأعمال، فإن الأجر يبقى منخفضاً وغير عادل، فوفق شهادات ثلاث نساء تنقلن بين وظائف مختلفة لعين المدينة، لا يزيد أعلى أجر لأقدم بائعة في سوق التلل، أو أقدم عاملة في مصانع الشيخ نجار والليرمون على (800) ألف ليرة في الشهر، ولا يزيد راتب أقدم ممرضة في عيادة أكثر أطباء حلب شهرة وأعلاهم دخلاً على (500) ألف في الشهر.

فضلاً عن الاستغلال المادي الذي يبرره أرباب العمل بحالة الانهيار الاقتصادي التي تعاني منها البلاد، تعاني الكثير من النساء العاملات من ظاهرة التحرش، التي تتطور في بعض الحالات إلى ابتزاز واستغلال جنسي. تقول منيرة (اسم مستعار لموظفة استقبال في صالة رياضية)، أن معظم من تعرفهن من النساء قد تعرضن للتحرش أثناء العمل مقترناً عادة بوعد بزيادة الأجر والمكافآت أو بالتلميح بالطرد، فهي ذاتها قد طردت من عملها السابق كسكرتيرة في مكتب تجاري، بعدما رفضت الاستجابة لتحرشات مالكه. تفسر الأستاذة الجامعية ظاهرة التحرش أيضاً بنظرة الاستخفاف ذاتها لدى أرباب العمل بالنساء العاملات، وتؤكد أن ارتفاع المستوى التعليمي لهؤلاء الأرباب، لا يعني بالضرورة ارتقاء نظرتهم إلى النساء، فقد يكون المتحرش بمن تعمل لديه طبيباً أو مهندساً، وقد يكون أستاذ جامعة أو معلماً. وتلاحظ منيرة أن أرباب العمل الأكبر سناً هم الأشد وقاحة عادة: "كل ما كان المعلم أكبر بالعمر كان رزيل أكثر مع شغيلاته". وتتحدث بيان (اسم مستعار لطالبة جامعية) عن بعض تجاربها في هذا الشأن، وكان أشدها إيلاماً تجربتها مع طبيب في نهاية الستينات عملت لديه كممرضة، إذ كان يماطل في تسليمها أجرها الأسبوعي حتى رضخت جزئياً لتحرشاته الخفيفة في العيادة، قبل أن يبدأ بمراسلاتها عبر تطبيق واتساب، مطالباً بصورها من دون حجاب، وعندما "صغرت عقلي وبعثت له صورة، صار يطلب كمان، ولما رفضت صار يهددني أنه يبعت الصورة لأمي، وما استسلمت له، هددته أبعت المحادثات لمرته، وتركت الشغل وحظرته".

 
 
 

]]>
داريا اليوم تحت حكم الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية .. ضابط في الفرقة الرابعة يقتحم قسم الشرطة ويضرب رجلاً وزوجته http://ayn-almadina.com/details/5406/5406/ar 5406 date2023-12-21 15:48:08 ayn-almadina عبر 5 حواجز ونقاط تفتيش تتوزع على مداخل مدينة داريا، تفرض الفرقة الرابعة بجيش النظام رسوماً وأتاوات باهظة على كل ما يدخل المدينة، أو يخرج منها من مواد وأدوات سواء كانت جديدة أو مستعملة. ف"ترسيم" مدفأة قديمة قد يصل إلى 30 ألف ليرة، وترسيم...
داريا اليوم تحت حكم الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية .. ضابط في الفرقة الرابعة يقتحم قسم الشرطة ويضرب رجلاً وزوجته

داريا اليوم تحت حكم الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية .. ضابط في الفرقة الرابعة يقتحم قسم الشرطة ويضرب رجلاً وزوجته

رادار المدينة

عبر 5 حواجز ونقاط تفتيش تتوزع على مداخل مدينة داريا، تفرض الفرقة الرابعة بجيش النظام رسوماً وأتاوات باهظة على كل ما يدخل المدينة، أو يخرج منها من مواد وأدوات سواء كانت جديدة أو مستعملة.

ف"ترسيم" مدفأة قديمة قد يصل إلى 30 ألف ليرة، وترسيم صندوق خضار قد يصل إلى 40 ألف، وترسيم بطارية كهربائية قد يصل إلى 100 ألف. وعندما تمر حافلة ركاب صغيرة من تلك الحواجز، يدقق العناصر بحجم الأكياس التي يحملها الركاب بحثاً عمّا يمكن فرض الأتاوة عليه. "لازم تدفع" يقول شخص من أبناء داريا لعين المدينة  "لو شايل كيس برغل وزنه 5 كغ لازم تدفع، وإلا بيصادروه أو ينزلوك وتتبهدل"..

ضاعفت الرسوم التي تفرضها الفرقة الرابعة أسعار المواد الضرورية، وعطلت محاولات الكثير من الأهالي ترميم منازلهم المدمرة، واكتفى بعضهم بترميم غرفة واحدة أو غرفتين من المنزل؛ ساهم في هذا التعطيل أيضاً القيود الأمنية والإجرائية التي فرضتها المخابرات الجوية، التي تتقاسم مع الفرقة السيطرة على المدينة.

يحفظ سكان داريا أسماء من يعدّون بمثابة حكام فعليين ومباشرين لهم من ضباط الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية، ومن الفرقة يبرز اسم المقدم فهد العلي الذي تنحصر سلطته بداريا، ورئيسه العميد ياسر سلهب، ومن الجوية يبرز اسم الرائد سومر ديوب مسؤول الدراسات، والعميد حسن عيسى. لجميع هؤلاء مصالح مادية خاصة، يديرها سماسرة وشركاء محليون؛ إما في مجال تجارة العقارات والاستيلاء على أملاك الغائبين، أو في مجال تجارة المخدرات التي يعود معظمها للفرقة الرابعة، أو في قضايا المعتقلين.

انطلاقاً من هذه المصالح فضلاً عن الوظيفة يحدد كل ضابط أسلوب تدخله في شؤون داريا، غير أن الأكثر تدخلاً بسبب أو بدون سبب في الشؤون اليومية للسكان هو المقدم فهد العلي الذي يوصف بالطيش والغرور، ففي إحدى المرات وعندما سمع بحادثة شجار بين أسرتين، اقتحم قسم الشرطة التي تدخلت للتحقيق في الشجار، وضرب رجلاً من المتشاجرين وصفع زوجته. وأمر في حادثة أخرى باعتقال امرأة أثناء مرورها بأحد حواجز الفرقة بتهمة حيازة 100 دولار، ولم يطلق سراحها إلا بعد أن قبض رشوة كبيرة من عائلتها.

قد تقود الصدفة السيئة أو تقرير كيدي مهما كانت درجة غرابته ولا منطقيته إلى الاعتقال، فأثناء مراجعة رجل مسن من داريا مؤسسة حكومية ورده اتصال عبر تطبيق واتساب من أحد أبنائه اللاجئين في تركيا، استغرق الاتصال أقل من دقيقة، واستغرق توقيف الرجل لدى المخابرات الجوية عدة ساعات، بعد تلقيها تقريراً من أحد المخبرين بأنه يصور مقاطع فيديو، ويرسلها لوسائل إعلام معارضة. وبالطبع لم يخرج المسن من المعتقل إلا بعد دفع رشوة كبيرة عبر سمسار للعميد حسن عيسى.

قبل الثورة كان عدد سكان مدينة داريا 250 ألف نسمة تقريباً، خلال الحرب وانتهاء بالتهجير وسيطرة النظام في 2016 أفرغت المدينة كلياً من السكان، وبالتدريج بدءاً من النصف الثاني للعام 2019 عاد 50 ألفاً تقريباً إلى المدينة. تحبط الممارسات القمعية والابتزاز المالي وتعطل الخدمات العامة، آمال هؤلاء العائدين، ما دفع ببعضهم إلى الرحيل مجدداً.

يقول تاجر سابق من أبناء داريا لعين المدينة، أنه اضطر إلى العمل أجيراً في أعمال البناء، وأنه لم يعد قادراً على التحمل، "لما يكون في شغل يوميتي 25 ألف، يعني ولا شي، وفوقها ممكن أتجرجر بأي لحظة للمخابرات، ما بقى لي خبزة هون، عم فكر أترك هالبلاد". فكرة الرحيل التي أخذت تلح على التاجر السابق، أقدم عليها الكثير ممن عادوا إلى داريا بعد سيطرة النظام، قبل أن يغادروا إلى لبنان أو مصر أو أربيل، مثل محمد الذي يقيم اليوم في لبنان.

قبل الثورة كان محمد مقاولاً يقدر رأسماله ب 300 ألف دولار، تبددت هذه الثروة خلال الحرب بين ما سرق من معدات ثقيلة، أو حرق ودمر تحت القصف. وبعد رحلة نزوح طويلة ومريرة حينذاك في ريف دمشق، عاد محمد إلى داريا مفلساً في 2022، وعمل سائقاً في أحيان وحمالاً في أحيان أخرى، وعجز في النهاية عن البقاء. يقول محمد "رجعنا عالبلد وقعدنا بغرفتين مدمرين، وقلنا بلكي تتحسن الأحوال شوي شوي، ما تحسن شي بالعكس كل شي صار أسوأ". وبالرغم من أنه يصنف نفسه كحيادي إلا أنه اعتقل مرتين، وكما في الحالات الكثيرة الأخرى، يجب أن تدفع رشوة كبيرة لضباط المخابرات مروراً بالسماسرة الذين أصبحوا الشريحة الأوسع ثراء في المدينة.

 

]]>