مقتطفاتٌ من كتاب «يوميات الحصار في دوما 2013»

  • في عام 1987 دخل الأمن وطوّق الحارة واقتحم البيت. ركضت، ولما صرت بالشارع ركضوا وراي وشحطوني. الناس كانت عم تتفرّج من البرندات عليّ. ولحد هلق في ناس عم تتفرّج.
  • عندما علمت أني مطلوبة لفرع فلسطين قررت ألا أعيش تجربة الاعتقال مرّة أخرى.
  • كان ياسين ساكن بالمليحة، وإجيت أنا لعندو. وليش سكنت بالطابق الخامس؟ قلي البيوت الأرضية للعائلات اللي معهن أطفال.
  • رفقاتي بسجن دوما: أمرّ كثيراً أمام باب السجن، أحسّ بأن قلبي يخفق بشدة. أرغب في الدخول لأستحضر الجميع. تدخل ذاكرتي المكان وتدور الغرف. غرفتي هي الثالثة على اليمين، وأختي في قسم الإسناد مع بقية السياسيات. كنا في المهجع كثيرات، وتقاسمناه مع الأخوات [المسلمات].
  • ما بعرف بهالمناسبة شو بدي قول. بالمختصر كان السجن مزحة. من فرع حمص لفرع التحقيق لفرع فلسطين (كلو مزح) لسجن دوما. كنا ناكل قتل فترة التحقيق أسبوع بكل فرع، بعدين يجيبوا أكل... ونأكل. الحصار ما في شي، لا دواء لا ميّ ولا كهربا...
  • قالت لي: رح أطبخ مجدرة، أنقع العدس والبرغل قبل يوم من طبخه. في اليوم التالي يوضع على نار الحطب. هي أكلة فيها الكثير من الرفاهية. البقول مرتفعة أسعارها.
  • منظمة الصحة العالمية تلاقي ممرات إنسانية لعبور الأدوية، ويكثّر خيرها. ولما يقال لك حرارة ارتفعت، ما في دوا، ولما يقال لك بدي دوا ربو، ولما بتقلك بدي دوا سكر، وضغط وغيرو... ولازم يؤخذ بعد كل وجبة، بلاها الوجبات. بدنا أدوية على معدة فارغة تماماً، مو قبل الأكل بساعتين.
  • صباح اليوم الساعة خمسة في الغوطة، خبط عالباب، وأصوات: ضربوا كيماوي! ضربوا كيماوي! أصوات هيجان جماعي في الشارع، سيارات الإسعاف، أهالي تهرب بأطفالها، شبابٌ يضعون بشكير فيه خلّ يقال إنه يفيد، وبعض الاقتراحات بطحن فحمة توضع بقطعة قماش على الأنف، أصواتٌ تطالب الناس الخروج للطوابق العليا هرباً من الكيماوي، بعد قليلٍ صوت الطيارة وأصوات قصف الهاون، من صعد للطوابق العليا خوفاً من الكيماوي نزل بسرعةٍ خوفاً من القذائف.
  • شو وجهة نظرك؟
    لما بيناموا أهلك وما عاد يفيقوا، مختنقين. بقذيفة أو صاروخ، أو تحت التعذيب، أو برصاص قناص، أو أو. ولما النظام بيقتلك بكل شي عندو من عدة قتل وموت، ولما يموّت ولادك ويدمر بيتك، ولما ما بتعرف وين اندفن ابنك؟ تعا شوف الموت بعيونك، كلها نص ساعة بتكون بالغوطة، أكيد جايين كتير هون ]أيام زمان] لتشموا الهوا.
  • مقابل بيت صديقتي حديقة لألعاب الأطفال، هي الآن موحشة، فيها بعض القطط والعصافير العابرة. حين يبدأ القصف يهربون بكل الاتجاهات. نزلت قذيفة من فترة، انصابت شجرة.
  • كان افتتاح مركز «النساء الآن» بالبناية، يومها شرّف عالحياة توأم صبي وبنت وقرروا النساء يعملوا هدية من صناعة إيديهن للطفلين. بعد أسبوع توفى الطفل، وأسبوع تاني توفت البنت. لما صار المعرض طلعت الجارة حضرت المعرض.
  • أرسلته أمه ليجلب بعض الحاجيات المنزلية، وعندما أتى كانت القذيفة قد هدمت بيته. بدأ بالصراخ: هذا بيتي، أمي وأخي وخالتي هناك!
  • وهي طالعة من المدرسة نزلت القذيفة بعيدة عنها. شافتها نور بعينها، دخنة وصراخ... ما صابها شي ولا حتى جرح صغير، بس انرعبت وبلشت ترجف وتستفرغ. بعد تلت أيام رحلت عن العالم قبل ما تدرس صف السابع.
  • قالت لي: ضربتو قذيفة، حاولنا نجيبو ما قدرنا، كان القناص عم يضرب. ضل ثلاثة أيام بالأرض ما حدا قادر يجيبوا لعمي. بعدين جابوا شريط وسيخ وسحبوه. ضل قسم منيح منو ما قدرنا نجيبو. عرفناه من كنزتو ومن كبكوبة الصوف اللي راح ياخدها لبنتو.
  • قالت لي: حاولت تدفئتها، وضعتها قبالة الشمس، لكنها بقيت كلوح البوظ. لن تدفئها أشعة الشمس ولا حضني. أخذها والدها لدفنها، وأطلقت عليها اسمها السري: هاجر. بكيتها كل يوم، لم أضعها على صدري، رحلت جائعة.
  • قالت له: أنت رجال البيت! هو في العاشرة من عمره، البيوت خلت من معيليها. ذهب يحضر الخبز، لكن شظايا القذائف اخترقت جسده الصغير. لم يأكل من خبزٍ أتى به.
  • سلامتك حسان، خبرتني أمك إنو القذيفة كانت قريبة ورجعت مغبّر ومليان جسمك شظايا وقدرت تسعف حالك. إنت المسعف أسعفت كتيرين. وإنو رفيقك تذكر أمك ودموعها وغطاك بحالو مشان ما تتأذّى، والشظايا تقاسمها معك.
  • أعيش بالغوطة من شهور، مع «العصابات المسلحة»، الطفل والمرأة وكل من في المكان ينتمي للعصابة، وأنا منهم ومثلهم...
  • مع العسكر لخدمة الثورة. لكن أي رصاصة على المدنيين هي خيانة للثورة وأرواح الناس.
  • الكثير يقول هذه ليست ثورتي. هي ثورتي بكل تفاصيلها...