مسكنة... قصة حرية مدينة موقعة بأقلام أبنائها

مسكنة | عدسة عبد الله

 مسكنة.. بداية الحراك

ككل المدن السورية بدأت مسكنة، مظاهرات وحراك شبابي طلابي واعتقالات وظلم.. ثم سلاح.
في 17 آب عام 2011 بدأت المظاهرات السلمية في المدينة، وقُوبلت إحداها باعتقال خمسة عشر طالباً جامعياً دفعةً واحدة، إلا أن ذلك لم يثن شبابها عن الاستمرار في الحراك حتى تم رفع علم الثورة فيها.
يتحدث (أبو عبد) عن بدايات عسكرة الحراك، وهو أحد المشاركين فيه، فيقول: "كان عدد المنضمين إلى العمل المسلح بيننا قليلاً. واتجهنا وقتها إلى منبج للعمل مع إحدى كتائبها المسلحة. وكانت المعضلة عَوزنا إلى السلاح، فخططنا للهجوم على مركز شرطة الطرق العامّة في مدينة (مسكنة) والحصول على الأسلحة التي كانت فيه... استطَعتُ الاتفاقَ مع (أبو عيسى)، وهو شابٌ من مدينةِ (كفرنبودة) في ريفِ حماة وأحد عناصرِ شرطةِ المركز، فتمّ الاتفاقُ على إعطائي نسخاً عن مفاتيح السيارات التابعة للشرطة وتسليمي كافة الأسلحة الموجودة داخل المركز".
ويكمل: "عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل من يوم السبت 11/آب/2012 تسللنا أنا وسبعةٌ من رفاقي إلى مركز الشرطة يحمل كلٌ منّا بندقية كلاشنكوف ومخزناً واحداً من الذخيرة، وقمنا بزج كل العناصر في السجن، ومن بينهم (أبو عيسى) كي لا يبدو الأمر مخططاً له من قبل، وتم وضع كل الأسلحة داخل سيارتنا المستعارة من إحدى الكتائب. وكانت المشكلة بسيارة رئيس مفرزة الأمن العسكريّ المحمّلة بالعناصر والقادمة من مركز المدينة باتجاهنا، فاشتبكنا معهم بالرصاص إلى أن نفدت ذخيرتنا فنادينا بالانسحاب تاركين سيارتنا والأسلحة التي جئنا للحصول عليها وعدنا إلى (منبج)".
لم يكن (أبو عبد) يدري ما الذي حدث في صبيحةِ ذلك اليوم، فقد تبيّن أن من قُتل في ذاك الاشتباك هم (أبو غدير) رئيس مفرزة الأمن العسكري، والرائد (أبو علي) رئيس مركز شرطة الطرق العامة، وعدد من عناصر الأمن.

 

مسكنة.. التحرير

كانت تلك الحادثة سبباً لمغادرة فرع الأمن العسكري وشرطة المرور في المدينة. يقول (خالد الحسن) أحد الناشطين: "صباح اليوم التالي للمواجهة، وعند وصولي إلى مركز شرطة المرور، شاهدت عناصر الشرطة يجمعون أمتعتهم ويضعونها في إحدى سياراتهم، ثم لم يلبثوا إلا قليلاً حتى ذهبوا باتجاه محافظة الرقة التي لم تكن محررة آنذاك. وكان الأمر ذاته في مفرزة الأمن العسكري. عندها قلت: مدينتي محررة".

 

مسكنة.. ما بعد التحرير

بعد دخول الجيش الحر مدينةَ مسكنة بأيام معدودةٍ، تم استهدافها من قِبَل الطيران الحربي التابع لقوات النظام من مطار (الجرّاح) آنذاك، مما أَوْدَى بحياةِ العديد من المدنيين العزّل، وعرقل سير الحياة المدنية التي كانت على ما يرام قبل أن يصبح الطيران الحربي ضيفاً ثقيل الظل على سمائها.لدى زيارة "عين المدينة" للمجلس المحلي تحدث رئيسه السيد (أحمد الشحادة) عن ماهيّة العوائق التي كانت تعرقل سير الأمور المدنية في تلكَ المرحلة بالقول: "كان العائق الأكبر الذي واجَهَنا في تلك الفترة هو نقصُ مادة الطحينِ والوقود اللازم لعمل الأفران، لكن تم والحمد لله تأمينُهُما بمساعدة الجيش الحر. أما بالنسبة للوضع الراهن فالأمور تسير على أكمل وجهٍ. والمجلس بصدد توسيع نطاق العمل نظراً للازدحام السكاني في المدينة بعد تحرير مطار (الجرّاح) وعودة الناس إلى منازلها وكثرة النازحين من مدنٍ أُخرى".وعن مشاريع المجلس أضاف: "سيقوم المجلس في الفترة القادمة ببناء فرنٍ آلي جديد وسوقٍ آخر للمدينة، إضافةً إلى تعبيد بعض الطرقات المهمة وتنظيم حملات تنظيفِ الشوارع وإلى ما هنالك من أعمالٍ ترتقي بالمدينة ككل. لكن إحدى العقبات التي تواجهنا في الفترة الراهنة هي محاولة بعض الجهات السيطرة على المجلس وعلى المدينة، وأن تفرض علينا أن نأخذ موافقتها في كل شأنٍ مدني، بما في ذلك ما يتعلّقُ بمجالات الإعلامِ والتوعيةِ والثقافة".