مدارس تقف على قدمٍ واحدة... وتواصل الوقوف

من الميادين | عدسة حيـاة

المدرسة السورية... عامان دراسيان مرّا وهي تحنّ إلى أصواتهم فلا تصلها إلا أصوات القذائف والانفجارات... عامان وهي تشتاق إلى صخبهم فلا تسمع سوى صخب النازحين الذين لم يجدوا ملجأً لهم غيرها...

تستعيد المدرسة في دير الزور وريفها روّادها من الطلبة، ولكن مع صعوباتٍ كبيرة، ومشاكل من شأنها أن تجعل العملية التربوية تسير على قدمٍ واحدة. ولإلقاء الضوء على هذه القضيّة التقت "عين المدينة" بالأستاذ أحمد حسون الحمادي، مدير إحدى المدارس الابتدائية، الذي حدّد لنا أبرز هذه المشكلات بالقول: أول وأهم مشكلة واجهت افتتاح المدارس كانت مشكلة النازحين. إلا أن الأهالي، وبمساعدة المجالس المحلية في كل منطقة، عملوا على إعادة توزيعهم بشكلٍ يتمّ معه إفراغ عددٍ من الصفوف لتصبح مؤهلة نسبياً لاستقبال الطلبة. وهذا ما حدث بالفعل، إلا أن عدد الصفوف والمدارس التي تمّ افتتاحها كان ضئيلاً جداً مقارنة بعدد الطلبة، فكان الحلّ الوحيد لهذا المعضلة هو توزيع الطلبة في المدرسة ذاتها على عددٍ من الأفواج، يتعايشون فيها مع النازحين في حال تمّ تأهيل عددٍ من الصفوف فقط.

أما المدارس التي فرّغت نهائياً من النازحين فقد تمّ تقسيم اليوم الدراسي فيها على عددٍ من المدارس، فيبدأ الفوج الأول في الثامنة صباحاً وينتهي في العاشرة والنصف، حين يبدأ الفوج الثاني الذي ينتهي دوامه في الواحدة والنصف، ليبدأ الفوج الثالث.
ولا تنتهي معاناة الطلبة هنا، فهناك نقصٌ كبيرٌ جداً في عدد المقاعد الدراسية في الكثير من المدارس، بالإضافة إلى مشكلة تأمين الكتاب المدرسي، حتى أنه بإمكاننا القول إن الكتاب المدرسي لم يعد مجانياً في مرحلة التعليم الأساسيّ، لأن أولياء الأمور مجبرون على شراء الكتب المدرسية، لعدم قدرة المدرسة على تأمينها غالباً.
كما أن هناك مشكلة كبيرة في بعض مناطق الريف التي لا يمكن لأبناء المنطقة تغطية حاجة المدارس فيها إلى المعلمين، ولا يوجد فيها نازحون يمكن أن يغطّوا تلك الثغرة، فتبقى صفوفٌ كثيرةٌ بدون معلمٍ مختصٍّ في الرياضيات أو في اللغة الانكليزية مثلاً. وبالمقابل تجد عدداً فائضاً عن الحاجة من المعلمين في مراكز المدن التي تستوعب عدداً كبيراً من النازحين.

 

طلبةٌ بين الكتائب والنازحين

مدارس2

هذه هي أبرز الصعوبات الــــتي تواجــه العمــلية التعليمية من داخلهـــا، ولكــــــن هذا لا يعني أن الصعوبات التي تأتي من خارجها أقـــــلّ وطأة. وعن تلك الــــصعوبـــــات يحدثنـــــــا جمــال مرعــــي، أستـــــاذ اللغة العربية، بالقول: أول تــــلك المشـــــــاكل هي وجود النازحـــــــــــين في بعض المـدارس، مع الطلبة والمعلمين. وإذا أخذنا بعين الاعتبار وجود حالةٍ من الاحتقان يعيشها النازحون بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة، فإن أي احتكاكٍ قد يؤدّي إلى مشاكل اجتماعية عديدة. وثانياً وجود مقرّاتٍ للكتائب بالقرب من المدارس أو داخلها، مما يؤدّي إلى خوف الطلبة والأهالي على السواء من تبعات ذلك.
وعن أهم أسباب التسرّب الدراسي وعدم التحاق بعض الطلبة بالتعليم، حدثتنا السيدة كوثر العلي: أهم الأسباب التي تجعل البعض يحجمون عن إرسال أولادهم إلى المدارس ـ وهم نسبةٌ لا يستهان بها ـ تتمثل في القلق الأمني بسبب استهداف قوّات النظام لبعض المدارس في سوريا، مما يجعل الأهالي يفضّلون بقاء أبنائهم في المنزل. أما السبب الثاني فيرجع إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، وعدم القدرة على تأمين مستلزمات أولادهم الدراسية.
وحول رأيها في سير العملية التربوية أضافت: ابنتي في المرحلة الابتدائية. وتذهب إلى المدرسة في كل يوم من أجل ثلاث حصص درسيّة، بعد أن أضاعت العام الماضي سنة دراسية كاملة. ومدرستها، مثل كثيرٍ من المدارس، فيها بعض الفوضى. إلا أنني أشعر بالرضا نسبياً، فهذا الحال أفضل من انقطاعها عن الدراسة بشكلٍ نهائي.