زوجات مقاتلي تنظيم الدولة في مخيم الهول: مستعدات للذهاب إلى الأوطان

AFP

آدم لوسينت
12 آب عن موقع The Middle East Eye
ترجمة مأمون حلبي

عندما كانوا يشنون حرباً على امتداد العراق ثم سوريا، كان مقاتلو تنظيم الدولة يسعون لإقامة خلافة -حسب وصفهم- ستجعل حدود الشرق الأوسط الحديثة دون أهمية تذكر، لكن في المخيم المترامي الأطراف الواقع في الشمال السوري، الذي يعيش فيه زوجات وأطفال لمقاتلين من التنظيم إضافة إلى أشخاص هجرتهم الحرب، تبدو قومية المرء أكثر أهمية من أي وقت مضى.

تقول مديرة المخيم حمرين الحسن لموقعنا: "كانت السوريات يقلن للعراقيات: أنتم من أتى إلى منطقتنا وجلب تنظيم الدولة. أنتم المشكلة"، وبعد اندلاع الشجار كان لابد من فصل المخيم، الذي يحتوي حالياً على 68 ألف شخص، إلى قسم للسوريين وقسم للعراقيين وآخر للأجانب، مع وجود حراس يُلزمون قاطني كل قسم البقاء في المنطقة المخصصة لهم.

تقول حمرين: "القوميات لا تقبل بعضها بعضاً، والروسيات على وجه الخصوص مثيرات للشغب". حمرين هي إحدى المسؤولات الكرديات اللواتي يتولين إدارة المخيم البالغة مساحته 5,1 ميل مربع، وقد افتتح في كانون الأول 2018 لإيواء أشخاص كانوا يعيشون في أراضي تنظيم الدولة التي سيطرت عليها "قسد". وفي حين أُخذ مقاتلو التنظيم إلى السجون، تم وضع النساء والأطفال في هذا المكان الرملي المسور إلى جانب نازحين لم يكونوا على صلة بالتنظيم. تقدم 35 منظمة مساعدات إنسانية لسكان المخيم الذين يشكل الأطفال ثلثي عددهم. بقايا الجماعة منقسمون في ظروف الهزيمة: البعض منهن يرغبن بالعودة إلى الوطن ومواجهة أقدارهن، في حين تتشاجر أخريات مع بعضهن بانتظار إعادة توطين دائمة، وهو أمر يبدو لكثيرات منهن بعيد المنال.

حرارة الصيف جعلت الحياة أكثر قسوة في المخيم. تجلس العائلات خارج المكاتب الإدارية لساعات، لأن ذلك المكان هو واحد من المناطق القليلة التي تمنحهم الظل؛ ويعج الطريق الترابي الرئيسي في القسم العراقي بجلبة وضوضاء مدينة. تنتشر النفايات على الأرض، ويتوفر الإنترنت والكهرباء. الذهاب إلى الحمَّام ليس تجربة مسرة؛ يقول مدير إحدى المنظمات العاملة في المخيم: "لا يوجد ماء كافٍ لكل شخص، أو مراحيض كافية لعدد الناس المقيمين في المخيم".

يحذر تقرير صادر الشهر الماضي عن مكتب للأمم المتحدة من ازدياد في الأمراض التنفسية وأمراض ناتجة عن المياه الملوثة، إضافة إلى سوء التغذية الموجود، ولقد تم الإبلاغ عن أكثر من ألف حالة من الإسهال الحاد. في ظروف كهذه تنتظر عائلات عاشت من قبل في أراضي تنظيم الدولة عملية إعادة التوطين التي لا أفق زمني محدد لها.

في القسم العراقي، الذي زاره موقعنا، ما تزال معظم النساء ترتدي لباساً يغطي كامل الجسد، مُظهراً فقط عيونهن، قلة من النساء تظهر وجوههن. بعض النسوة يلوحن براية التنظيم في بعض الأحيان، وقد حصلت حالات طعن ضد قوات الأمن لأن التنظيم يواصل شن الحرب على "قسد". تقول حمرين: "تصور، قوات الأمن هنا لحمايتهن، وهنَّ يطعنّهم في الظهر".

توجد أيضاً نزاعات في المخيم بين عائلات التنظيم حول درجة الالتزام بمنظومة التنظيم العقائدية. وفقا لحمرين الحسن، كانت الموجة الأولى التي أتت في كانون الأول أقل انصياعاً عقائدياً من أولئك الذين ثبتوا حتى النهاية ووصلوا في آذار من آخر المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم، وقد اندلعت شجارات في المخيم عندما حاولت بعض المقيمات فرض الحجاب على أخريات، لكن ليس كل زوجات مقاتلي التنظيم وأطفالهم ما زالوا يشاركون الجماعة حماسها.

عائشة نوريزمان (إندونيسية الجنسية) أتت إلى المخيم من الباغوز في شهر آذار، قالت -وقد التقيناها في مكتب إداري أحضرتها إليه حارسات المخيم- أنها لا تريد قتال الولايات المتحدة، وأنها تريد المساعدة منها. "كما نعلم، أمريكا قوة عظمى، إن ضغطت فستسترد الدول الأخوات". في البداية أتت عائشة إلى سوريا عن طريق تركيا عام 2014 برفقة زوجها، الذي قال أن الانتقال إلى الدولة الإسلامية سيجلب لهم السعادة. "كان واجبي أن أتبع زوجي. في البداية شعرت بالسعادة معه، كانت الحياة في ظل الدولة الإسلامية جيدة لولا القنابل"، لكن عائشة تريد التركيز على خطوتها القادمة، التي تأمل أن تكون مغادرة المخيم والعودة إلى إندونيسيا. مات زوج عائشة الأول وتزوجت ثانية رجلاً بوسنيا، لكنها لا تعرف أين هو الآن.

يغادر الناس المخيم ببطء، ففي حزيران الماضي أخلى المخيم سبيل 800 امرأة وطفل إلى عائلاتهم في سوريا، والشهر الماضي عاد 317 مقيماً سورياً إلى محافظات دير الزور وحلب. تقول الأمم المتحدة وإدارة المخيم أن هناك جهوداً لإرسال بعضٍ من عراقيي المخيم إلى بلدهم، وبلدان كألمانيا ونيجيريا والسويد استعادت 800 شخص، مع ذلك دول أخرى كثيرة تحجم عن استرداد مواطنيها، لكن هذه الأرقام تشكل نسبة صغيرة من مجموع 68 ألف شخص ما زالوا في المخيم.