الخارطة العسكرية لأبناء دير الزور الآن... أكثر من ألفي مقاتلٍ ينتظرون جيشاً يجب أن يتشكّل

ما زالت المشاريع الدولية لمحاربة "داعش" تتجاهل محافظة دير الزور رغم أهميتها الكبرى للتنظيم (باستفادته من ثرواتها النفطية على الأقلّ) وتتجاهل حقيقة أن أبناءها، وخاصّة منهم من حاربوا "داعش" وتصدّوا لغزوها دير الزور صيف 2014، هم الأقدر على طرد التنظيم من هناك والأكثر إصراراً على ذلك. إذ تثبت المعارك المندلعة، بين حينٍ وآخر، على جبهات قتال "داعش" في حلب والقلمون، عزماً فائقاً للمقاتلين الديريين في مواجهتها.

العدد والتوزّع والانتشار:

حسب شهادات قادةٍ ومطلعين؛ يبلغ عدد من يحمل السلاح اليوم من أبناء دير الزور أكثر من 2200، يقاتل بعضهم في صفوف فصائل كبرى معروفةٍ كحركة أحرار الشام وجيش الإسلام، أو في فصائل ديريةٍ مستقلةٍ، ويتوزّع آخرون في مجموعاتٍ صغيرةٍ متفرّقة. وحسب المعطيات الحالية، التي توحي بأن تغيّراً إيجابياً قادمٌ بشأن دير الزور، لا يبدو العدد الإجماليّ للمقاتلين قابلاً للنقصان (بعد أن تعرّض لنزوفاتٍ كبيرةٍ سابقة) بل مرشحاً للزيادة حسب الظروف وتحوّلات الصراع مع كلٍّ من "داعش" والنظام. إذ يمكن أن يتضاعف بانضمام مقاتلين سابقين في الجيش الحرّ يقيمون حالياً في الشمال السوريّ أو تركيا بانتظار مشروعٍ جادٍّ يجمعهم في جسمٍ عسكريٍّ موحّدٍ ومنضبط.

الهدف القتاليّ والانتماء:

وفق لقاءاتٍ مطوّلةٍ أجراها معدّو التقرير مع قادةٍ ومقاتلين فإن الهدف القتاليّ للغالبية هو دحر "داعش" والنظام في دير الزور ثم في المناطق السورية الأخرى، فيما تقصُر أقليةٌ الأمر على تحرير مدنها وقراها من "داعش". ويؤكّد معظم القادة على تمسّكهم بمشروع الثورة والتزامهم بمبادئها. وهو تأكيدٌ يمكن قبوله نظراً لسيرتهم السابقة في تشكيلات الجيش الحرّ، ويمكن قبوله أيضاً حتى من قادةٍ انضموا مؤخراً الى تشكيلاتٍ ذات طابع سلفيٍّ جهاديّ بدوافع غير أيديولوجية. فيما يجب الحذر بدرجاتٍ متفاوتةٍ –حسب القائدٍ وتاريخه قبل وأثناء الثورة- من المراجعات التي تحدث في صفوف أبناء دير الزور المنتمين أصلاً –قبل الخروج من دير الزور- إلى كلٍّ من حركة أحرار الشام أو جبهة النصرة. ولكن، في حال نشوء جسمٍ عسكريٍّ جامعٍ وفعالٍ وقادرٍ على جذب هؤلاء من انتماءاتهم الحالية، ستنعكس تلك المراجعات سلوكاً عملياً يقترب كثيراً، وتدريجياًً، من المشروع الوطنيّ العام. وتختلف قابلية الانضمام إلى الجسم العسكريّ المفترض لدى أبناء دير الزور المنتمين إلى حركة أحرار الشام عن نظرائهم في جبهة النصرة. إذ من المتوقع أن يغادر الحركة معظم الديريين فيها حال نشوء هذا الجسم، فيما تقلّ نسبة المغادرين المحتملين من جبهة النصرة وتتفاوت بين الشمال؛ حيث لا تزيد الأعداد المتوقعة عن (50-100) مقاتل، والجنوب –درعا- حيث تذهب التقديرات إلى أن الأغلبية قابلةٌ للابتعاد أكثر عن النصرة –وهي مبتعدةٌ ومعزولةٌ تنظيمياً الآن- باتجاهاتٍ أقل تشدّداً يصعب تحديد مآلاتها وكذلك تحديد درجة الثبات في هذا الابتعاد وانعطافاته المحتملة.

عيوب برامج التدريب الدولية:

لاقت التجربة الأولى لبرامج التدريب، التي رعتها الولايات المتحدة الأمريكية بشراكاتٍ إقليمية، فشلاً ذريعاً بسبب تجاهلها نظام بشار الأسد كعدوٍّ أيضاً، وتركيزها فقط على "الإرهاب" كظاهرةٍ معزولةٍ عن سياقها السوريّ العام. وتبدو البرامج المستأنفة اليوم أفضل حالاً من سابقتها، بالنظر إلى الأعداد المتزايدة للمنضمّين والراغبين في الانضمام إليها. ويمكن لهذه البرامج أن تلاقي فرص نجاحٍ أعلى في حال وضعها في إطار مشروعٍ أوسع ومراجعتها لشرطين رئيسيين من شروط القبول، هما:

- ألا يكون المتقدّم للانضمام عضواً سابقاً في أيٍّ من التشكيلات ذات الطابع السلفيّ الجهاديّ، واعتبار الانتماء السابق إلى أحد هذه التشكيلات سبباً كافياً للرفض، دون تمييزٍ بحسب مدّة هذا الانتماء ودرجة أصالته.

- ألا تكون للمتقدّم أيّ قرابةٍ من الدرجة الأولى مع شخصٍ ينتمي إلى حركةٍ ذات طابعٍ سلفيٍّ جهاديّ. وهذا بالتأكيد شرطٌ ظالم، إذ كيف يحاسَب شخصٌ على ما قام به سواه!

أُعدّ الجدول بناءً على تصريحات بعض القادة عن عدد مقاتليهم، وعلى تقديرات مطلعين على الفصائل المذكورة. ومُيِّزت جبهة النصرة في الجنوب عن الجسم العام للنصرة بسبب حالة شبه الانشقاق التي يعيشها أبناء دير الزور المنتمون إلى الجبهة المنتشرون هناك.