إدلب.. هوامش الجحيم.. تبعية «حكومة الإنقاذ» في إدلب ووعودها المستمرة

من الإنترنت لأفراد حكومة الإنقاذ

أعلنت "حكومة الإنقاذ" الذراع المدني لهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، عن تشكيل حكومة جديدة، برئاسة على كده، في منتصف كانون الأول، والتقى كده فور تسلمه رئاسة الحكومة مجلس الشورى في الحكومة لمناقشة أعمال الحكومة بالإضافة إلى اقتراح المرشحين لمجلس الوزارة.

منح مجلس الشورى العام علي كده الثقة لرئاسة مجلس وزراء حكومة الإنقاذ في دورتها الثالثة منتصف تشرين الثاني، بعد استقالة الحكومة السابقة برئاسة فواز هلال، التي تشكلت في تشرين الثاني 2018، خلفاً لرئيس الحكومة الأول محمد الشيخ، في تشرين الثاني 2017.

ونشرت حكومة الإنقاذ على معرفاتها الرسمية في السادس عشر من كانون الأول ـ ديسمبر الجاري، الحقائب الوزارية التي صادق عليها مجلس الشورى والتي منحها الثقة في دورتها الثالثة، وذلك خلال جلسة أجراها المرشحون الجدد ورئيس الحكومة مع مجلس الشورى العام. حيثُ عُين محمد طه الأحمد وزيرًا للزراعة، وأيمن إسماعيل جبس وزيرًا للصحة، وأنس سليمان منصور وزيرًا للعدل، وإبراهيم محمد شاشو وزيرًا للأوقاف والدعوة والإرشاد، وعادل حديدي وزيرًا للتربية والتعليم، وأحمد محمد لطوف وزيرًا للداخلية، وباسل عبد العزيز وزيرًا للاقتصاد.

مصدر مقرب من هيئة تحرير الشام رفض الكشف عن اسمه قال لـعين المدينة: "إن قيادة تحرير الشام هي الفاعل الرئيس في اختيار الوجوه الجديدة. والشخصيات التي تدير الحكومة الثالثة الآن، تنقسم إلى نوعين: الأول محسوب على تحرير الشام ضمن قيادتها، وهم الجزء الأكبر، بينما الثانية من شخصيات مستقلة لكنها لا ترفض تحرير الشام وإنما تؤيد أفعالها ولا يمكنها الخروج عنها". وأضاف المصدر: "الحكومة تعمل على تدوير نفسها، هذا ما ظهر في عمل غالبية الوزراء السابق، ولا تسمح بدخول شخصيات غير متماشية مع آرائها".

وقال أحد الصحافيين المتابعين لسياسات الهيئة في إدلب، لـعين المدينة: "هيئة تحرير الشام لم تنجح في تشكيل حكومة مستقلة عن عملها العسكري، وحتى حكومة الإنقاذ لا تستطيع تصور نفسها للحظة واحدة خارج هيئة تحرير الشام، لذلك فهي تمثل بمعنى دقيق أهداف الهيئة مهما حاولت الظهور بالشكل المدني". وأضاف: "انعدمت الثقة بين حكومة الإنقاذ والمدنيين، لأنها لم توفر الحد الأدنى من الخدمات، التي يجب أن تقدمها أي حكومة. ومنذ تشكيلها، ينظر المدنيون إليها كأداة مدنية تتحكم بها تحرير الشام". وأوضح: "تحاول حكومة الإنقاذ تبرير عملها في تقديم الخدمات للمدنيين، لكنها في الحقيقة بحدودها الدنيا، وهي الآن غير قادرة على الاستمرار طالما أنها لم تحقق أياً من وظائف الحكومة".

وتشهد محافظة إدلب غليان شعبي رافض لوجود حكومة الإنقاذ التابعة لتحرير الشام، منذ تشكيلها في عام 2017 نتيجة فرضها الكثير من الضرائب والإتاوات على السكان المحليين بالإضافة للقوانين، دون تقديم الخدمات التي يجب أن تقدمها الحكومة بمعناها الدقيق، وخاصة أنها تتحكم بمختلف الحواجز والمعابر للمنطقة. وتوجه موارد حكومة الإنقاذ للدعم العسكري لهيئة تحرير الشام دون توفيرها لتغطية الخدمات للسكان. وكانت قد خرجت تظاهرات عدة في مناطق مختلفة من الشمال الغربي السوري قبل الهجمة العسكرية لقوات النظام وروسيا على المنطقة، طالب المتظاهرون فيها برحيل حكومة الإنقاذ وهيئة تحرير الشام والافراج عن الناشطين المعتقلين لديها.

أحمد الحسين شاب سوري من مدينة معرة النعمان قال خلال حديثه لـعين المدينة: "حكومة الإنقاذ غير جادة في عملها وهي لا ترقى إلى مستوى الحكومة لأنها لا تقدم للشعب أية خدمات"، وأضاف: "لا ثقة لدى المدنيين بحكومة الإنقاذ، وخاصة مع تدهور الوضع الأمني في المنطقة، دون أخذ التدابير اللازمة بعين الاعتبار". وعلق على تشكيل الحكومة قائلاً: "إن الحكومة تعيد ترتيب نفسها من جديد، لكن لا تأخذ الأوضاع التي وصل لها السكان بعين الاعتبار، ولم تقدم المساعدة الفعلية لهم إلى الآن، على الرغم مما يحصل من مآسي". ويرى الحسين أن حكومة تحرير الشام ساهمت في توقف عمل العديد من المنظمات الإنسانية في المناطق المحررة، ولجوئها لفرض ضرائب على المزارعين، مما أفقد ثقة المدنيين بها.

وخلال الخطاب الختامي لاجتماع حكومة علي كده بمجلس الشورى، تعهد كده بالوصول إلى "وطن بلا خيمة" عبر العمل على حل مشكلة النزوح والمخيمات، بالإضافة إلى دفع عجلة التعليم العالي وتعزيز دور المجتمع المحلي عبر تطوير وتنظيم عمل المجالس المحلية بما يحسن الواقع الخدمي والمعيشي للمواطنين وتقديم التسهيلات لذلك.

كذلك ألقى الوزراء في الحكومة الجديدة خلال الاجتماع خطابات تطرح التسويف لا أكثر، حسب ما أشارت إليه الناشطة السورية من ريف حماة يافا الحموي خلال حديثها لـعين المدينة: "لا أتوقع أن تقوم حكومة الإنقاذ بأي شيء مخالف لسياسة الهيئة في إدارة المنطقة، ستبقى تنفذ أجنداتها بعيداً عما يحتاجه الناس". وأضافت متسائلة: "أية ثقة لدى المدنيين وهم يموتون قصفاً وجوعاً وبرداً بعدما هجروا من منازلهم"، وأكدت أن الحكومة لم تقدم شيء للسكان سوى رفع أسعار الخبز والمحروقات وفرض الإتاوات، وغيابها عن مساعدة الناس.

وتحدث المهندس عبد الكريم عكيدي الذي ينحدر من محافظة حلب، لعين المدينة قائلاً: "تتعاقب الشخصيات في حكومة الإنقاذ على المنصب ولكنها لا تتغير فعلياً، ستعود لاحقاً إلى سياستها السلطوية ذاتها، ولا يمكن أن تمثل أو تخدم المدنيين طالما تمثل واجهة عسكرية لا مدنية".

وكانت قيادة الهيئة قد عملت على تشكيل كيان مدني خاص بها في مناطق سيطرتها في إدلب وأرياف المحافظات المحيطة، وذلك بعد تشكيل "المؤتمر السوري العام" في الربع الأخير من 2017، والذي انبثقت عنه حكومة الإنقاذ السورية في تشرين الثاني من العام ذاته