"شرعيّون" يعلنون تشكيل "دار الحسبة" في حلب

وكبرى الفصائل تنفي علاقتها بها

في وقتٍ تخوض فيه فصائل الجيش السوريّ الحرّ في حلب معارك طاحنةً جنوباً ضد قوّات النظام والميليشيات الطائفية المدعومة بغطاءٍ جويٍّ كثيفٍ من سلاح الجوّ الروسيّ، أعلنت مجموعةٌ من "الشرعيين" عن تشكيل "دار الحسبة"، مدّعيةً أنها تضمّ مجموعةً من الفصائل العسكرية العاملة في المدينة.

وذكر المتحدث، خلال البيان الذي نُشر عبر موقع يوتيوب يوم السبت ٢٤-١٠-٢٠١٥، أن الهدف من تشكيل "دار الحسبة" هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مؤكداً مشاركة عدّة فصائل في تشكيلها، من بينها حركة أحرار الشام الإسلامية وحركة نور الدين الزنكي ولواء السلطان مراد، وفصائل أخرى لم يذكر أسماءها بناءً على رغبتها، حسب تعبيره. في حين نفى مسؤول العلاقات العامة في حلب لحركة أحرار الشام، ياسر الطائي، في تصريحٍ خاصٍّ لـ"عين المدينة" مسؤولية الحركة عن دار الحسبة، مؤكداً أن تشكيلها كان بمبادرةٍ فرديةٍ من بعض الشرعيين التابعين لفصائل عديدة. وأضاف الطائي: "نحن على علمٍ بأن هناك نيةً لإنشاء هكذا جهاز، ولكن ليس بالطريقة التي أُعلن عنه. كان المشروع مطروحاً من قبل شرعيين بهدف دعوة الناس بالحسنى والموعظة، ولكننا كحركة أحرار الشام لم ندخل رسمياً بالحسبة".

وبعد ساعاتٍ قليلةٍ من إعلان "دار الحسبة"، أصدر لواء السلطان مراد، التابع للجيش السوريّ الحرّ، بياناً نفى فيه علاقته بالدار، مشيراً إلى أن سبب ورود اسم اللواء في البيان كان مشاركة أحد الشرعيين التابعين له بمبادرةٍ فردية. وتوعد اللواء، في بيان النفي الذي حصلت "عين المدينة" على نسخةٍ منه، بفصل الشرعيّ من اللواء بسبب تصرفه غير المسؤول، وعدم العودة لقيادة اللواء قبل أخذ القرار. وأصدرت حركة نور الدين الزنكي هي الأخرى بياناً نفت فيه علاقتها بـ"دار الحسبة" من حيث التشكيل أو التنسيق، مشيرةً إلى أنها فوجئت بزجّ اسمها خلال التسجيل المصوّر.

ولكن، لم تمض ساعاتٌ قليلةٌ على إعلان تشكيل "دار الحسبة" حتى فوجئ سكان حيّ "بستان القصر" داخل مدينة حلب بدخول رتلٍ عسكريٍّ يضمّ عدّة سياراتٍ، بعضها مزوّدةٌ بمدافع رشاشةٍ من عيار 14.5، على متنها مسلحون يرتدون لباساً موحّداً ويرفعون لافتاتٍ كتب عليها "دار الحسبة"، قاموا بالتوجّه إلى محلات بيع الدخان والنرجيلة في الحيّ وطالبوا أصحابها بتصفية بضائعهم وإغلاق المحلات بأسرع وقت.

واستهجن ناشطون من المدينة، عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ تويتر وفيسبوك، تشكيل الحسبة بهدف التضييق على الباقين في حلب وتهديدهم بقوّة السلاح بحجّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في وقتٍ يحاول فيه جيش النظام التقدّم في ريف المدينة الجنوبيّ. ورأى الناشط الإعلاميّ مجاهد أبو الجود، في تصريحٍ لـ"عين المدينة"، أن تشكيل هكذا دارٍ في هذا الوقت هو انفصالٌ كليٌّ عن الواقع، معتبراً أنه كان الأجدر بالقائمين على تشكيل "الحسبة" التوجّه بالسلاح الذي يرهبون به باعة الدخان نحو جبهات القتال ضد النظام والميليشيات التي تسانده.

ولم يمض أكثر من 48 ساعةً على إعلان تشكيل "دار الحسبة" حتى تلقى المعجبون بصفحتها الرسمية التي تمّ إنشاؤها على موقع التواصل الاجتماعيّ فيسبوك إشعاراً يفيد بأن اسم الصفحة تغيّر من "دار الحسبة في حلب" إلى "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وهي هيئةٌ دعويةٌ تمّ إحداثها قبل حوالي ستة أشهرٍ من قبل مجموعةٍ من الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم شرعيين في المدينة، ويرئسها شخصٌ يلقب بـ"حج رسول". وهو لا يملك أيّ تحصيلٍ علميٍّ يخوّله العمل في المجال الدعويّ أو الشرعيّ، حسب مقرّبين.