أبو إيليا.. المولع بالأماكن التي لا يدخلها إلا الكبار

أبو ايليا وزوجته

في منتصف شهر تشرين الأول الماضي، افتتح القيادي في ميليشيا "الدفاع الوطني" في دمشق ياسر سليمان الملقب ب"أبو إيليا" مطعماً فخماً في منطقة مشتى الحلو في ريف طرطوس، أطلق عليه اسم ناي.

هذا الاسم الشاعري للمطعم لا يعبر عن ميول صاحبه "أبو ايليا"، قائد الحاجز الشهير قرب الفرن الآلي بحي الزاهرة الجديدة في دمشق، الذي عرفه الآلاف من سكان الحي وغيرهم من سكان حي التضامن ومخيمي اليرموك وفلسطين، منذ أقيم الحاجز في العام 2012 وحتى إزالته في العام الماضي، إذ شكل خلال هذه السنوات هاجساً لكل من يمر عبر هذا الحاجز، ولكل من يسكن في دائرة نفوذه، لا سيما في الزاهرة والتضامن.

 كان أبو إيليا قادراً على اعتقال من يشاء ثم إخفائه ومطالبة ذويه بفدية مالية كبيرة وإلا فمصيره الموت، ف"أبو ايليا" لا يحب تحويل أحد إلى المخابرات وإرهاق "الشباب" هناك بالتحقيق مع المعتقل وتعذيبه وسجنه وإطعامه، بل يفضل أن يحسم الأمر بسرعة. "معكن 24 ساعة بس وإلا بيتقطع تقطيع وبرميه للكلاب السود"، هذه مهلته لذوي المعتقلين لجلب الفدية التي بدأت بنصف مليون، ثم أخذت تزيد شهراً بعد آخر من عمر الحاجز لتصل إلى (10) ملايين.

ومثل غيره من أمراء الحرب وقادة الميليشيات، وجد أبو إيليا في منازل المهجرين والنازحين -فضلاً عن الأثاث- غنيمة سهلة لا تتطلب منه سوى تزوير بعض الورقيات، ليسجل المنزل في ملكيته أو ملكية زوجته منال بدر، قبل أن يعاد بيعه ويحول الثمن من الليرة السورية إلى الدولار، أو إلى سبائك وليرات ومصوغات ذهبية، إذ كان للزوجين خططاً ونظرة إلى المستقبل، فكما أقيم حاجز الفرن لا بد أن يزال في يوم ما، ولا بد والحال هذه أن يؤسسا البديل في فلل وعقارات ومطاعم (آخرها ناي) بين دمشق والساحل ولبنان.

قبل الثورة كان أبو إيليا المتحدر من الطائفة العلوية في قرية عين فيت بمنطقة الجولان، موظفاً في مؤسسة استهلاكية، وكانت زوجته كذلك. وبالكاد استطاعا شراء بيت من غرفتين في الزاهرة. وحين اندلعت الثورة سارع "أبو إيليا" إلى الانخراط ضمن مجاميع الشبيحة المتخصصة بقمع المظاهرات، قبل أن يشارك في تأسيس ما عرف آنذاك ب"اللجان الشعبية" التي تطورت إلى "الدفاع الوطني".

وسريعاً انتقل الزوجان إلى بيت أكبر أثث بأفخم قطع الأثاث المنزلي المنهوب. ولأن الزوجة امرأة عصرية وتود أن تظل شابة ورشيقة، أجرت عمليات تجميل عدة واتبعت نظاماً غذائياً خاصاً، فيما واصل أبو إيليا ولعه الطارىء بالسيارات، وبأماكن السهر التي لا يدخلها إلا الكبار.

لم ينسَ أبو إيليا أبناء قريته، ولم يخيب أحداً قصده في طلب. ومع كل قتيل منهم تصل جثته إلى الزاهرة أو التضامن أو حي الورود وغيرها من الأحياء التي يقيم فيها نازحو عين فيت، تكفّل أبو إيليا بنفقات العزاء، وواسى زوجة القتيل أو أمه بالمال، فهو الوجيه الصاعد في هذه الجماعة، ويريد أن يصبح انطلاقاً من هذه الوجاهة عضواً ب"مجلس الشعب" في وقت ما.