هجمات النظام في ريف حماة تكبد المناطق المحررة خسائر اقتصادية فادحة

ريف حماة - موقع مراسل سوري

تزامن هجوم ميليشيات النظام على ريف حماة الشمالي وقلعة المضيق مع بدء حصاد المزروعات في منطقة كفرنبودة وجبل شحشبو وسهل الغاب، نسغ الحياة للمناطق المحررة، بالإضافة إلى منطقة باب الطاقة وقلعة المضيق التي ينشط غالبية أبنائها في تربية الأسماك وتعتبر المنطقة الأكثر توريداً لها للشمال السوري.

يكوّن سهل الغاب ومنطقة الطار إذا ضُمّ لها ريف سراقب، المصدر الغذائي الأول للمناطق المحررة في الشمال السوري، تمد مناطقه صيفاً بالقمح والخضروات والبقوليات ابتداءً من ريف حماه وحتى أرياف حلب وصولاً إلى جرابلس، أما المحاصيل المزروعة حالياً وخسرتها المنطقة فيأتي القمح على رأسها في الغاب، ويزرع فلاحوه أراضيهم به بنسبة 90%، في حين يعد محصول مزارعي كفرنبودة والقصابية وتل هواش الأساسي الحالي البطاطا وبعض أنواع الخضروات الأخرى، وقد أدت سيطرة النظام على تلك المناطق الزراعية إلى شحّ تلك المواد في المناطق المحررة، حسب ما يشرح محمد عنيزان رئيس الوحدة الإرشادية في قرية الشريعة.

قامت ميليشيات النظام بسرقة المحاصيل من خلال استئجار ورشات زراعية لجنيها. عبد الله الجاسم (50 عاماً) نازح من بلدة الحويز في سهل الغاب إلى بلدة أطمة الحدودية، ترك منزله وأرضه الزراعية التي كان ينتظر محصولها الذي يعيش منه، يملك الجاسم أرضاً زراعية بالإضافة إلى بئر ارتوازي، يقول "كنت أبيع محصولي في أسواق ريف إدلب الجنوبي والغربي، وحتى مناطق عفرين والباب بريف حلب الشمالي". بعد بدء جني المحصول الصيفي قامت قوات الأسد بالتقدم إلى مناطق سهل الغاب بعد تمهيد ناري مكثف، ما اضطر فلاحي المنطقة إلى النزوح وترك المحصول، "تقدر خسارة المزارعين بمئات الملايين في مناطق الغاب، بالإضافة إلى فقدان المناطق المحررة لأهم المناطق الزراعية" يقول الرجل الخمسيني.

يقول عنيزان أنه لا توجد إحصائيات حالية لمحاصيل المنطقة، لكن إحصائيات سابقة تشير إلى أن الغاب ينتج 600- 800 ألف طن من القمح تبعاً للجفاف والأمطار، "أما المنطقة المحتلة فليس لدينا إحصائية لها، ولكن أستطيع أن أقدر نسبة الأضرار -إذا كان متوسط إنتاج دونم القمح حوالي 500 كغ كما هو متوقع هذا العام- بحوالي 20 ألف طن على الأقل خسرتها المنطقة، ناهيك عن محاصيل أخرى" ويعدد عنيزان الحيازات الزراعية لعدة قرى سيطر عليها النظام، مثل قرية الشريعة التي تحوي 22 ألف دونم، وقلعة المضيق حوالي 25 ألف دونم، والحويز 11 ألف دونم، وكفرنبودة 30 ألف دونم ، وتل هواش ومزارعها 20 ألف دونم.

بسيطرة ميليشيات النظام على قرى وبلدات الغاب، تكون قد سيطرت على المسامك التي تشتهر فيها المنطقة، إذ قام عناصر المليشيات بسرقة الأسماك وبيعها في المناطق الموالية للنظام بأسعار منخفضة وصلت إلى 200 ليرة للكيلو الواحد، وخصوصاً في مناطق السقليبية ومحردة في ريف حماة الغربي. يقول محمد أبو حمود صاحب أحد المسامك في بلدة باب الطاقة لعين المدينة أن “المنطقة مصدر لبيع الأسماك في كافة مناطق الشمال السوري، نتيجة لخبرة الأهالي في تربيتها وتوفر المياه، بالإضافة إلى بناء عشرات المطاعم التي تقدم وجبات السمك. عناصر ميلشيا النمر قامت بالاستيلاء عليها وبيع السمك في الأسواق الموالية للنظام، مما حقق لهم أرباحاً خيالية".

تشتهر المنطقة بأسماك السلور والكرب والمشط والكرب العشبي، وجغرافياً تتركز معظم المسامك في الغاب امتداداً من الحويز حتى قلعة المضيق وتحوي "حوالي 380 مزرعة سمكية تتراوح مساحتها من خمسة دونم حتى أربعين دونم" حسب محمد عنيزان الذي أضاف أن "النظام باحتلاله المنطقة قضى على قطاع الثروة السمكية في المحرر، فإذا بحثت في المحرر لا تجد أسماكاً، باستثناء ما يجلبه التجار من الفرات إلى عفرين ثم إدلب، ويصل سعر الكيلو الواحد ثلاثة أضعاف الكيلو على ما كان عليه، لذلك يمكن القول أن الضرر في القطاع السمكي بلغ نسبة مئة بالمئة". دون أن يغير من النتيجة جهود بعض المربين في حفر آبار ارتوازية في أرياف إدلب لإقامة حاضنات ومفاقس لأسماكهم.

لم تكتفِ ميليشيات النظام بالاستيلاء على المحاصيل الزراعية، بل قصفت الأراضي في مساحات شاسعة من ريف حلب الجنوبي (قرى رسم العيس وأم عتبة والكسيبية ومحيط بلدة تلحديا) بصواريخ محملة بالقنابل الفوسفورية والعنقودية بالإضافة إلى مناطق اللطامنة وكفرزيتا ومورك والزكاة في ريف حماة، وعدة قرى في ريف إدلب الشرقي في عملية يبدو الهدف منها حرمان المنطقة من غذائها. ويقول الناشط الصحفي مجد الفيصل لعين المدينة "قوات النظام تستهدف حرمان المناطق المحررة من السلة الغذائية المتواجدة في سهل الغاب من خضروات وثروة حيوانية، بالإضافة إلى حرق المحاصيل الزراعية من أجل حرمانها من القمح، ما أفقد المناطق المحررة أكثر من % 40 من محاصيل القمح".

وفي النزوح إلى أرياف إدلب، حيث المناخ الجاف والبيئة غير المناسبة لتربيته، يلجأ المربون لتدبير معيشتهم إلى بيع رؤوس من الجواميس التي يبلغ قطيعها في مجمله سبعين رأساً، لذلك تعيش تربية الجاموس أسوأ مراحلها، "فإذا كانت تربيته متدهورة أساساً، فهي الآن مهددة بالانقراض"، كما يختم عنيزان حديثه.