موجة أخرى لـ كورونا في إدلب ومواقف متعارضة من اللقاح

بعدسة الكاتبة

تشهد مناطق إدلب وشمال غرب سوريا موجة إصابات جديدة بفيروس كورونا بعد تراجعها في وقت سابق، وسط ضعف الخدمات الطبية وتراجع سبل التوعية، كل ذلك بالتزامن مع بدء المرحلة الثانية من لقاح كورونا، ورفض الكثيرين أخده متأثرين بما أشيع حوله من روايات وإشاعات واستهتار بعواقب الوباء، والذي صار السوريون يجدونه أهون الشرور على الإطلاق، بعد ما مروا ويمرون به من أوضاع غاية في السوء.

وكانت أن سجلت مديرية الصحة بمحافظة إدلب مئات الإصابات الجديدة بفيروس كورونا، في تصاعد مستمر لمستوى الانتشار الذي شمل معظم المدن والبلدات، وأعلنت أن إجمالي عدد الإصابات فاق 53 ألف إصابة، وزاد عدد الوفيات الناتجة عن الفيروس عن 850 حالة وفق ما نشرته المديرية.

وصنف منسقو استجابة سوريا مدينة حارم بالمنطقة العالية الخطورة، بعد تسجيلها عدداً كبيراً من الإصابات الجديدة بالفيروس في الآونة الأخيرة، داعية في بيان لها جميع المنظمات الإنسانية والطبية لتوحيد كل الجهود واستمرار التنسيق بينها ومواجهة الوباء والحد من انتشاره بشكل عاجل وطارئ.

وقال وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة مرام الشيخ للإعلام، أن مناطق إدلب وشمال غرب سوريا تمر بموجة ثانية من فيروس كورونا قد تكون أشد من الأولى، محذراً من انتشار سريع لمتحور دلتا من الفيروس.

"الحياة والموت من الله" هكذا عبر النازح عمر السقا (35 عاماً) عن رفضه الحصول على لقاح كورونا، وأضاف متسائلاً "كيف يمكننا أن نثق بلقاح وباء لم يكتشف علاجه حتى الآن". لكن السقا ينوي اتخاذ التدابير الوقائية بنفسه، وسيكون ذلك أفضل بكثير بالنسبة إليه من الحصول على لقاح "غير مضمون النتائج على المدى البعيد والقريب" وفق تعبيره.

وافقته الرأي "الحاجة سمية" التي رفضت هي الأخرى أخذ اللقاح، رغم كبر سنها وإصابتها بأمراض مزمنة كالضغط والسكري، قائلة "من لم يمت بكورونا مات بلقاحها" تعبيراً عن عدم ثقتها باللقاح وتأثرها بما سمعته عن أن المرض مفتعل من جهات مجهولة بغية القضاء على البشر وتخفيف الأعداد السكانية في العالم، فإن كان الأمر كذلك، حسب اعتقادها، فلا بد أن يكون اللقاح مفتعل أيضاً بغية القضاء على من ينجو من الإصابة بالمرض، وفق ما استنتجته المرأة الستينية متأثرة بما سمعته من الناس أو من مواقع التواصل الاجتماعي.

لم يقتصر الإحجام عن تلقي لقاح كورونا على المدنيين، وإنما شمل الكوادر الطبية التي رفض البعض منهم تلقي اللقاح وبشكل قاطع، ومنهم الطبيب منصور المحمد (40 عاماً) وعدد من زملائه، وعن سبب إحجامه يقول "ينقصنا التأكد من التجارب التي أجريت على الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح، والاختلاطات الخطيرة التي روج على أنها تصاحب اللقاح، وإن كانت خفيفة وغير ذات أهمية لدى البعض، ولكنه يبقى الخوف من تداعيات اللقاح على المدى الأبعد من جهة، وعدم الثقة بمصدر اللقاح الحقيقي من جهة أخرى".

من جهتها رفضت الممرضة سلافة النجم (25 عاماً) الحصول على اللقاح كونها أصيبت بالفيروس وشفيت منه أكثر من مرة، وحسب رأيها فإن جسمها اكتسب مناعة كونه استطاع التخلص من المرض بنفسه "فلا داعي للقاح" وفق تعبيرها.

ويتولى مهمة التلقيح "فريق لقاح سوريا" بإشراف منظمة الصحة العالمية واليونسيف وبالتعاون مع مديريات الصحة، ويضم كوادر تمريضية مدربة، في حين وصلت دفعتا اللقاح عن طريق الهلال الأحمر التركي وتم استلامها ووضعها في غرف التبريد ضمن المعايير العالمية الخاصة بحفظ اللقاح وأمانه، وفق مصادر طبية مشرفة على عمليات التلقيح في إدلب.

وقال الطبيب رفعت الفرحات مدير برنامج اللقاح في محافظة إدلب ومعاون مدير الصحة لعين المدينة، أن لقاح كورونا انطلق عبر مرحلتين، الأولى بدأت في أيار وتضمنت 53800 جرعة تم استهلاكها خلال الأشهر الماضية، فيما تم استلام 36 ألف جرعة في آب الماضي، ويجري العمل على إيصالها للمدنيين.

وتابع أن المستهدفين من اللقاح حالياً هم "كوادر القطاع الصحي والإنساني، أصحاب الأمراض المزمنة، المسنون فوق عمر 60 عاماً، إضافة للكوادر العاملة في الشأن العام كالمعلمين والحلاقين وعمال المطاعم، الشرطة وإدارة المهجرين".

وأكد أن اللقاح آمن، ولا بد من بعض الآثار الجانبية الاعتيادية التي تظهر فقط عند 20 بالمئة من الملقحين، منها ترفع حروري، آلام عضلية تزول خلال يوم أو يومين، لكن جرعة لقاح واحدة لا تكفي، فلا بد من جرعتين للوصول إلى النتائج المرجوة.

مشيراً إلى أن إحجام البعض عن تلقي اللقاح يعود لتأثرهم بنظرية المؤامرة، والبعض متخوف من التأثيرات الجانبية وما سمعه من شائعات متداولة.

وعلى الرغم من خطورة مرض (كوفيد 19)  الذي راح يغزو شمال غرب سوريا مجدداً حاصداً الكثير من الأرواح، ما يزال الإقبال على تلقي اللقاح ضعيفاً ولا يتناسب مع الكثافة السكانية التي تقدر بخمسة ملايين نسمة معظمهم يعيش أوضاعاً صعبة يسودها الفقر والنزوح وغياب الخدمات بكل أنواعها.