محمد زاهر الشرقاط

ابن مدينة الباب بريف حلب. داعيةٌ ومدرّسٌ حاصلٌ على إجازةٍ في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق عام 2004. عمل موجّهاً في مدرسة تركمان بارح الشرعية، وإماماً وخطيباً في عدّة مدنٍ وقرى بمحافظة حلب.

مع بداية الحراك السلميّ أسّس تنسيقية الباب، وكان أحد أبرز الناشطين في المدينة. وكانت له مواقف مشهودةٌ وخطبٌ شهيرةٌ لعبت دوراً هاماً في توعية أبناء الباب ومشاركتهم في الثورة.

عسكرياً عُرف بجرأته وشجاعته ونظافة يده. وكان من أوائل حملة السلاح، وأحدَ المقرّبين من الشهيد عبد القادر الصالح. قاد لواء أبو بكر الصديق الذي أسهم بشكلٍ رئيسٍ في تحرير الباب من النظام، واشتهر لاحقاً كناطقٍ باسم لواء الأمويين الذي ذاع صيته بعد أسر الطيار روني إبراهيم وإسقاط طائرته.

قبيل ظهور تنظيم الدولة تصدّى لفكر الغلوّ والتكفير، وألقى عشرات الخطب التي حذّرت من هذا المنهج وبيّنت عواره.

فوجئ ذات مرّةٍ باحتلال أحد شرعيّي تنظيم العراق والشام منبرَه ليخطب الجمعة مكانه دون علمه، وبعد أخذٍ وردٍّ بينهما نادى زاهر قائلاً: يا أهل الباب؛ سأخطب خارج المسجد، فمن أحبّ اللحاق بي فليفعل. وإذ بجموع المصلين تخرج وتصلي وراءه!

كان أحد قادة غرفة عمليات تحرير مدينة الراعي من داعش عام 2014. ومن أبرز مواقفه آنذاك انسحابه من الغرفة ورفضه "حقن الدماء" الذي طلبه التنظيم، لعلمه بغدرهم ونقضهم العهود، وهذا ما حصل فعلاً بعد أن استقبل قادةٌ آخرون أحد شرعيّي التنظيم في غرفة العمليات ففجّر نفسه فيهم!

انتقل بعدها إلى العمل الدعويّ والإعلاميّ، فأعدّ وقدّم برنامج "من الخنادق"، أحد أقوى البرامج من الداخل السوريّ، مستقطباً فئةً كبيرةً من الشباب إلى صفوف الجيش الحرّ، لما أسهمه في تحرير مفهوم الجهاد وغايته، وأسباب قيامه من رفع الظلم عن الشعب. والبرنامج الآخر الذي فجّره الشرقاط وأحدث ضجّةً كبيرةً هو "تنظيم الدولة بلسان القادة"، الذي فضح ممارسات وجرائم داعش بلسان العلماء وقادة الفصائل الذين بيّنوا تلك الأحداث بالتفصيل.

نجا من عدّة محاولات اغتيالٍ، أبرزها في حلب عبر تفخيخ سيارته. كما تعرّض لعدّة محاولات اختطافٍ، كان آخرها قبل حوالي عامٍ ونجا منها بأعجوبة. وبعد هذه الحادثة خرج إلى تركيا وبدأ العمل كمعدٍّ ومقدّم برامج في قناة حلب اليوم، قدّم خلالها عدّة برامج دينيةٍ توعويةٍ وثورية.

في العاشر من نيسان 2016 تعرّض لإطلاق نارٍ بكاتمٍ للصوت وسط مدينة غازي عنتاب التركية، استشهد على إثره. وتبنى تنظيم داعش الاغتيال رسمياً، لأن الشرقاط يقدّم برامج "معادية للدولة" وفق تعبيرهم.

أحدث اغتياله ضجةً كبيرةً في وسائل الإعلام وعلى الإنترنت، وتفاعل مئات الصحفيين والناشطين والدعاة والعسكريين وغيرهم مع استشهاده، مشيدين بمسيرته العلمية والثورية والعسكرية وآخرها الإعلامية.

أحدث غيابه صدمةً كبيرةً لزملائه الذين التقينا بعضهم، والذين قالوا بأن وجوده كان يضفي جوّاً عائلياً مميزاً، يزيّنه حسن خلقه وابتسامته المعهودة.