لمحاربة فكر داعش بالقوّة الناعمة.. "مسلمون لا مجرمون" شريطٌ مصوّرٌ لـ"الجبهة الشامية"

وجّهت "الجبهة الشامية"، إحدى كبرى الفصائل المقاتلة في الشمال السوريّ، رسالةً إعلاميةً قويةً لعدّة أطرافٍ داخليةٍ وخارجية، عبر شريطٍ مصوّرٍ لقي انتشاراً واسعاً. وثق الشريط، الذي حمل عنوان "مسلمون لا مجرمون"، اعترافات مجموعةٍ من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) كانوا قد وقعوا أسرى لدى "الشامية" خلال المعارك المستمرّة بين الطرفين في مناطق مختلفة بريف حلب الشماليّ.

وتوقّع مشاهدو الشريط أن تكون نهايته مثل نهاية الإصدارات التي يبُثها التنظيم لأنه يشبهها إلى حدٍّ كبير في الإخراج وطريقة عرض الاعترافات والمؤثرات الصوتية، عندما ظهر الأسرى وهم يجلسون على الأرض مرتدين ثياباً برتقاليةً في انتظار تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، وخلف كلٍّ منهم عنصرٌ ملثم. إلا أن النهاية هذه المرّة كانت خاليةً من الدماء ومشاهد القتل الوحشيّ، حين قام الملثّمون بإعادة أسلحتهم الموجّهةً نحو رؤوس الأسرى إلى جيوبهم ونزع الأقنعة عنهم، تزامناً مع ظهور رئيس المكتب الشرعيّ في "الشامية"، الشيخ محمد الخطيب، وإلقائه كلمةً أمامهم قال فيها: "نحن مسلمون لا مجرمون، لسنا هواة قتلٍ ولا ذبحٍ ولا رعبٍ ولا إرهاب"، مفسّراً عدم قيام مقاتلي "الشامية" بقتل الأسرى.

وقال الشيخ الخطيب في تصريحٍ لـ"عين المدينة": "محاربة الدواعش ليست بالسلاح والقوة الخشنة فقط، لا بدّ من محاربة فكرهم بكافة الوسائل، خاصّةً القوّة الناعمة الممثلة في الفكر والمنطق. فالفكر لا يواجه إلا بالفكر، والاقتصار على السلاح فقط سيزيد هؤلاء تشبثاً وتعنتاً ووحشية". وأضاف: "نلاحظ في خضمّ الثورة المباركة طغيان الجانب العسكريّ والمشاهد العنيفة على كلّ إصداراتنا والساحة الإعلامية فيها، بينما نجد خفوتاً لصوت الإنسانية والرحمة والإنصاف والعدالة مع أنها من صلب ديننا ومبادئ ثورتنا، وهذا ما عملنا على إبرازه في الإصدار".

ورداً على سؤال مراسل "عين المدينة" حول الرسائل التي أرادوا توجيهها من خلال الفيلم قال الشيخ الخطيب: "هذه الرسائل موجّهةٌ للعالم أجمع ومفادها أننا لا نهوى القتل ولا نحبّ سفك الدماء، ولولا أن الحرب فُرضت علينا لندافع بها عن ديننا وأهلنا وإخواننا ما خضناها. وهي رسالةٌ لمن غُرّرَ بهم من أبناء جلدتنا وإخواننا الذين ضلّوا الطريق واتّبعوا منهج الإجرام، رسالة نصحٍ وحبٍّ وشفقةٍ على أطفالٍ وشبابٍ أرادوا نصرة دينهم فضلّوا الطريق أو لحقوا المال وشهوة السلطة، فضَلوا وأَضلوا وقَتلوا وأجرموا. كما أن الرسالة موجهةً أيضاً لأهلنا لتخبرهم أن الحرب وقسوتها وشدتها ودمارها لم تغيّر الفطرة السليمة في قلوبنا، فلا زال في الأمة أصحابُ رحمةٍ وإنصافٍ وعدالةٍ وحريةٍ وحماسةٍ لنصرة الحق".

وفي جوابه عن سؤال "عين المدينة" حول مصير الأسرى قال الخطيب: "سيتمّ عرضهم على محاكم مختصّةٍ ستقوم بإصدار الأحكام العادلة بحقهم وفق شريعتنا الإسلامية وضمن إجراءات القانون العربيّ الموحد. وسيتمّ توثيق ذلك بالوثائق والتصوير كاملاً، فلا توجد أحكامٌ اعتباطيةٌ أو عشوائيةٌ أو جماعيةٌ في القضاء النزيه. كما أنّ أمرَ مبادلتهم بإخواننا الذين وقعوا في أسر التنظيم واردٌ من حيث المبدأ".

وبعد أيامٍ من نشر الشريط قال ناشطون ديريون إن أحد الذين ظهروا فيه شابٌّ ديريٌّ من حيّ "البعاجين" اسمه أنس علوان. واتهموا "الجبهة الشامية" باستغلال الشابّ الذي فقد قبل فترةٍ، قرب معبر باب السلامة الذي تسيطر عليه "الشامية"، في إصدارها، مؤكدين أن المفقود من أوائل المشاركين في الثورة السورية. وبدوره نفى مدير مؤسسة الكفاح الإعلامية، التي أنتجت الشريط، صحة الاتهامات، في تصريحٍ لـ"عين المدينة"، مؤكداً أن الشخص الذي شُبّه عليه اسمه خالد عساف بن راتب، وأمه خلود العامرية، وهو من مواليد حمص وليس من دير الزور، وهو صاحب جواز السفر المنشورة صورته هنا. وشكّك ناشطون ديريون قريبون من الموضوع في صحّة هذه الصورة، وأكدوا أن أهل أنس هم من تعرّفوا إليه في الإصدار، مما لا يترك مجالاً لأيّ التباس.