في المنصورة: عودة جزئية لمياه الشرب وشكاوى من الإهمال والألغام وارتفاع الأسعار

الصورة لمركز المنصورة الإعلامي

في الأيام الأولى من حزيران الماضي، سيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على بلدة المنصورة (30 كم غرب الرقة). وبدأت، منذ ذلك التاريخ، محاولات أهالي البلدة استعادة شروط العيش الضرورية، بعد ما لحق بها من خراب نتيجة القصف الجوي والأعمال العسكرية الأخرى، قبل وأثناء معركة السيطرة عليها.

يزيد عدد السكان المقيمين اليوم في بلدة المنصورة على 15 ألف نسمة، حسب تقديرات الأهالي، بينهم أكثر من 4 آلاف من النازحين، جاؤوا من القرى التي ما تزال تشهد أعمالاً حربية ومن المناطق التي سيطر عليها النظام مؤخراً، في ريف حلب الشرقي وفي السخنة والتجمعات الأخرى في بادية الشام. يشكو النازحون من تقصير منظمات الإغاثة التي لم تطلق، حتى الآن، مشاريع مستمرة، واكتفت بنشاطات متقطعة لا تسهم في تلبية حاجات النازحين الذين يعتمدون على مضيفيهم من أهل البلدة وعلى مدخراتهم الموشكة على النفاد وعلى ما قد يرسله أقارب مغتربون في الخارج. يقول علي، وهو نازح من السخنة يقيم في بيت أسكنه فيه أحد معارفه من المنصورة، إنه لم يستلم أي معونة غذائية من أي منظمة رغم وجوده في البلدة منذ شهر ونصف، ويؤيده كثير من النازحين الذين يقولون إنهم منسيون. يوسف، وهو ناشط في أعمال تطوعية لخدمة النازحين والفقراء في البلدة، يشكو تركيز منظمات الإغاثة على مدينة الطبقة وإهمالها المنصورة، رغم «اطلاعها على الظروف السيئة من خلال زيارات وجولات في المنصورة، دون فائدة إلى الآن»، حسب ما يقول الشاب الذي يعتمد على حلقة ضيقة من الأقارب والأصدقاء في تقديم مساعدات متنوعة ومحدودة للمحتاجين: «مرّات بي ناس مرضانة ما تلقى حق دوا أو أجرة طريق عالطبقة عشان تصوير أو تحليل».

رغم افتتاح سبع عيادات خاصة لأطباء عملوا سابقاً في البلدة، إلا أنهم لا يستطيعون تغطية كامل الاختصاصات المطلوبة، فضلاً على افتقار عياداتهم إلى بعض التجهيزات التي تتوافر عادة في المراكز والمشافي الحكومية، ما يجبر كثيراً من المرضى على السفر إلى مدينة الطبقة، وربما أبعد من ذلك إلى منبج، وخاصة مصابي الحرب الذين يحتاجون إلى متابعة جراحية تفتقدها عيادات المنصورة.

يوحي سوق البلدة المزدحم، ومحلاته التجارية التي تعرض بضائع شديدة التنوع يُستغرب أن يظهر بعضها في بلدة خارجة للتو من الحرب، أن هذه البلدة أخذت تتعافى بالتدريج. ويبدي معظم الناس ارتياحهم لـ«حالة الأمان» التي تعيشها البلدة «من القصف والغارات والتدمير وبلاوي داعش»، حسب ما يقول أبو رياض، الرجل الأربعيني الذي كان يتجول في السوق، وقبل أن يفصح عن شكواه من ارتفاع أسعار بعض السلع والمواد، خاصة منها الوقود: «ليتر المازوت بـ200 ليرة، الفقير ما راح يقدر يفلح، كل شي يغلى مع المازوت، الكراب، السماد، البذار وكل شي». وإلى جانب الشكوى من ارتفاع نفقات العمل الزراعي، يشكو الفلاحون أيضاً من الألغام التي خلفها التنظيم على أطراف البلدة وفي عمق أراضيهم. ولم تظهر في المنطقة، حتى الآن، جهود منظمة ومخطط لها لإزالة الألغام، رغم المحاولات الفردية من بعض المتطوعين، التي أودت بحياة واحد منهم مؤخراً في قرية قريبة من المنصورة.

تعمل في المنصورة اليوم 5 أفران بطاقة إنتاجية تصل إلى 15 طناً من الطحين يومياً. وتكفي، إلى حد كبير، لسد احتياجات السكان، وبسعر معقول للخبز -120 ل. س/كغ- مقارنة مع السلع والمواد الغذائية الأخرى، التي تتغير أسعارها تبعاً لعوامل مختلفة. وتضخ مياه الشرب في الشبكة العامة لمدة 6 ساعات تقريباً كل يوم، لتغطي جزئياً أحياء البلدة باستثناء الحي الجبلي وبعض الشوارع الأعلى منسوباً والأبعد عن موقع الضخ. وفي قطاع الكهرباء تتواصل أعمال الورش الفنية لصيانة الشبكة، وأجريت عدة تجارب ناجحة وصل خلالها التيار إلى بعض الشوارع، ويعد الفنيون بعودة التيار فور تحسن التغذية من المصدر.