علي مهنا
عامل المغسلة الذي صار قائد فوج

في العموم، لا شيء يميز علي مهنا، قائد (فوج السحابات) التابع لقوات العقيد سهيل الحسن، عن غيره من قادة المجموعات في هذه القوات أو غيرها من القوات التي يشكل مجموعها جيش بشار الأسد.

هو مثلهم في حبه المال والسلطة والظهور. غير أنه، وحسب ما يبدو من سلوكه العام، أقل طيشاً وأوسع إدراكاً، لأنه وضع لنفسه خطوطاً حمراء لم يخرقها خلال رحلة صعوده القصيرة من مؤيدٍ عاديٍّ وعنيفٍ لنظام الأسد إلى قائدٍ لألفي شبيح تقريباً، سماهم فوج السحابات. أهم خطوط مهنا الحمراء هو إحجامه عن قتل أو خطف أو سرقة أيٍّ من أبناء الطائفة، حسبما يتحدى أتباعه في سجالاتهم مع آخرين من «حساد وعلاكين» على صفحات الفيسبوك. وبالقياس إلى زملائه من القادة الآخرين يكاد مهنا أن يكون مهذباً ومتواضعاً، لولا تحرشات فوجه الدامية بالنازحين من حلب وإدلب إلى مخيم الكرنك في طرطوس، ولولا حفلات إطلاق عناصره النار في ضيعته خربة المعزة كلما عاد إليها «المعلم أبو سليمان» أو غادرها في موكبٍ من عشرين سيارة وأكثر، وكلما خاض اشتباكاً ما على جبهةٍ أو نجا من محاولة اغتيال.

ولد مهنا لأسرة فقيرة. تعثر في إكمال دراسته وتاه بين مهنٍ حرّةٍ مختلفة، قانونية وغير قانونية، كان آخرها عامل مغسلة سياراتٍ على أطراف مدينة طرطوس قبل اندلاع الثورة التي وجد فيها فرصةً لا تعوض. فانطلق، منذ أشهرها الأولى، ضمن المجموعات النازلة من الريف إلى مدينتي طرطوس وبانياس لقمع المظاهرات، قبل أن يقود بعض أبناء ضيعته ضمن مجموعات المدنيين المتعاقدين مع إدارة المخابرات الجوية كقواتٍ رديفة لها، في محاولتها سدّ النقص العدديّ أمام المهمات الأمنية ثم العسكرية الضخمة التي اضطلعت بها. بعد أن هدأت أحوال الساحل انطلق مهنا مع مجموعاته ليقاتل إلى جانب «النمر» في ريف حماة الشماليّ. وهناك، وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، كانت ضربته الكبرى من مواسم الفستق الحلبي الذي شارك زارعيه بالنصف في القرى المسالمة واستولى على الموسم كله في القرى الثائرة بعد احتلالها، ومن تحكمه بممرات تهريب الوقود إلى الشمال السوريّ المحرّر، فضلاً عن عمليات النهب الواسعة والخطف طلباً للفدية «من السنّية بس»، كما يدافع أتباعه بعدّها غنائم حرب. ومن هذه الأعمال جمع مهنا أموالاً طائلة تقدر بمليارات الليرات السورية، ينفق منها اليوم في «أعمال خير» استعراضيةٍ على شكل هباتٍ لعائلات قتلى من جيش الأسد أو لشراء معداتٍ وأجهزةٍ وتقديمها لبعض المؤسسات الحكومية.

تحرج الهزائم التي يتلقاها النظام في حماة اليوم علي مهنا وفوج سحاباته. إذ لا يتوانى بعض المؤيدين الغاضبين -من خارج طرطوس- عن تحميله المسؤولية، لأنه طرد كل «ضابط شريف» من جيش الأسد هناك. كان أبرزهم العميد أحمد وقاف الذي تتداول قضيته همساً في دوائر ضيقة، حين رفض رشوةً كبيرةً من مهنا ورفع تقريراً عن «فساده» إلى القصر الجمهوريّ، فجاءه الجواب سريعاً بالنقل والعقوبة والخضوع لمحكمةٍ عسكرية.