ظاهرة خطف الناشطين تعود مُجدّداً إلى حلب وسط فلتانٍ أمنيّ

عادت ظاهرة خطف الناشطين من قبل مجموعاتٍ مسلحةٍ مجهولةٍ إلى الانتشار مجدّداً في الأجزاء المحرّرة من حلب، المحافظة التي بدأت ثورتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية على خلفية قيامه بخطف عشرات الناشطين الإعلاميين والعسكريين قبل سنتين. ولكن حالات الخطف التي أخذت تتكرّر في المدينة مؤخراً لا زالت تُقيّد ضدّ مجهول، وسط حالةٍ من الفلتان الأمنيّ الذي تشهده المدينة بسبب سوء الأوضاع العسكرية على جبهات القتال ضد قوّات الأسد من جهةٍ وتنظيم الدولة من جهةٍ أخرى.

اختطاف ناشطٍ إغاثيٍّ واعتداءٌ على إذاعة
كان آخر هذه الحوادث حين قامت مجموعةٌ مسلحةٌ باختطاف مدير "فريق صنّاع البسمة السوري"، الناشط الإغاثيّ محمود حسن، منتصف ليل الاثنين 11/1/2016، من منزله في حيّ الصاخور بمدينة حلب. وقالت الناشطة شهبا سنان، وهي من أعضاء الفريق الذي يديره حسن، في تصريحٍ لـ"عين المدينة" إن المجموعة الخاطفة كانت غير ملثمة. وقد أجبر أربعة مسلحين المختطَف على الصعود في صندوق سيارته، التي سرقوها أيضاً، تحت تهديد السلاح. وقام أحدهم بقيادة السيارة بينما استقلّ البقية سيارتهم من نوع مرسيدس فضية اللون، واتجهوا بحسن إلى مكانٍ مجهول.

وقبل يومٍ واحدٍ فقط من تلك الحادثة قامت مجموعةٌ مسلحةٌ باقتحام مكتب راديو "ألوان" في مدينة دارة عزة بريف حلب الغربيّ، واعتدت بالضرب على كادر العمل. ونشرت صفحة الراديو على موقع التواصل الاجتماعيّ فيسبوك بياناً قالت فيه إن المجموعة المسلحة قامت أيضاً بالاستيلاء على المعدّات الموجودة في مكتبها، وبإتلاف المواد المشغلة لمحطة البثّ مما أدّى إلى توقفه. وشدّدت "ألوان" في بيانها على أنها إذاعةٌ سوريةٌ مستقلةٌ لا تتبع لأيّ فصيلٍ أو تيار.

 جبهة النصرة متهمة
سُجّلت معظم هذه الحالات ضدّ مجهول، إلا أن واحدةً منها تبيّن أن مسؤوليتها تقع على جبهة النصرة، الأمر الذي رسخ القناعة لدى معظم ناشطي حلب بأن النصرة تقف وراء كافة عمليات الخطف. وتعود تلك الحادثة إلى شهر نيسان من العام الماضي، حين أقدم ملثمون على اختطاف الناشط ريان ريان من حيّ الكلاسة داخل المدينة، ليتضح بعد يومٍ واحدٍ أن الخاطفين ينتمون إلى جبهة النصرة. وتدخّل حينها "تجمع فاستقم كما أمرت"، أحد أكبر الفصائل العسكرية في مدينة حلب، بالضغط على النصرة التي اضطرّت إلى الإفراج عن ريان، رغم إنكارها في البداية وجوده عندها، ليخرج من سجونها إلى أحد المشافي الميدانية لتلقي العلاج نتيجة تعرّضه للضرب المبرح من قبل الخاطفين.

ويرى الناشط عمر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه الثاني لأسبابٍ أمنية، أن ريان محظوظٌ لوجود من تابع قضيته وضغط على الخاطفين لإطلاق سراحه، الأمر الذي لا يتوافر لبقية الناشطين الذين لا زال مصيرهم مجهولاً رغم مرور شهورٍ طويلةٍ على اختطافهم.

وأضاف عمر في حديثه لـ"عين المدينة": "قبل أكثر من سبعة شهورٍ اختُطف الناشط والمقاتل أبو بدر. وقبل شهرين اختُطف المستشار السياسيّ لمجلس ثوّار حلب العم أبو ماجد كرمان، في وضح النهار، من حيّ الكلاسة. ومنذ شهرٍ اختُطف أبو محمود، وهو والد أحد الناشطين الإعلاميين. ومؤخراً اختُطف الناشط محمود حسن. وربما يوجد غيرهم الكثيرين ممن لم نسمع بهم. ورغم ذلك لم يتجرّأ أحدٌ من الفصائل العسكرية على توجيه أصابع الاتهام إلى الفاعل ووضع حدٍّ له".

 "ثوّار حلب" يحمّل الفصائل المسؤولية
وفي السياق ذاته أصدر "اتحاد ثوّار حلب" بياناً حمّل فيه كافة الجهات الثورية المقاتلة مسؤولية الفلتان الأمنيّ الذي تشهده حلب، وشيوع حالات الخطف والاعتقال التعسفيّ من قبل جهاتٍ وصفها في بيانه بأنها ترتدي اللثام لا على وجهها فحسب بل على تفكيرها، لأنها لم تدرك بعد الأسباب الحقيقية لقيام ثورة الكرامة والحرّية.

كما حمّل اتحاد الثوّار أيضاً، في بيانه الذي نشره على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعيّ فيسبوك، مسؤولية تكرار حالات الخطف للجهات القضائية في حلب، معتبراً أنها غائبةٌ عن تمثيل الحقّ العامّ في تلك الجرائم.