زيادة رواتب الموظفين.. التصرف الأكثر فشلاً في التصدي لزيادة الأسـعار

خطوة جديدة للنظام في استعادة ثقته بنفسه
زيادة رواتب الموظفين.. التصرف الأكثر فشلاً في التصدي لزيادة الأسـعار

 

بعد تجاوز الدولار لسعر 200 ليرة سورية، أي حوالي أربعة أضعاف سعره قبل الثورة؛ حاول النظام السوري استعادة ثقته بنفسه اقتصادياً، وإرسال رسالة مبطّنة إلى جمهوره: "ما زال بالإمكان المواجهة"، وهو ما لم يقع في نفوس السوريين موقعاً حسناً، حتى من قبل مؤيّدي النظام. فالزيادة، التي تراوحت بين 20 إلى 40 بالمئة على الرواتب المقطوعة للمدنيين والعسكريين، سُبقت برفع سعر المازوت إلى 60 ليرة لليتر (بمقدار ضعف سعره السابق)، وهو ما ظهرت نتائجه بسرعة على السوق من خلال زيادة أسعار ما يزيد عن 300 مادة استهلاكية بنسبٍ تتراوح بين 40 إلى 60 بالمئة. بمعنى أن الزيادة في الرواتب لا تغطّي زيادة الأسعار المرافقة، بالرغم من وجود مواد ما زالت مدعّمة في السوق السورية، خاصة في المناطق الهادئة.
يحاول النظام، من خلال خطوة زيادة الرواتب، الحفاظ على استقرار المناطق المؤيدة أو الصامتة بالدرجة الأولى، وهي المناطق التي غالبيتها من الموظفين، بينما يسحب ـ بشكلٍ كاملٍ ـ يده من المناطق الثورية التي تضمّ من يعانون البطالة أو يعملون خارج إطار الوظيفة الرسمية، أو حتى الذين حرموا من وظائفهم ورواتبهم في ظل العمليات العسكرية. بينما يبث إعلام النظام رسائله نحو مؤيديه داعياً إياهم إلى عدم تصديق الشائعات وعدم تحويل ما يملكونه من مدّخرات بالعملة المحلية إلى الدولار أو الذهب، وهو ما لم يجدِ نفعاً من الجانب العملي، على اعتبار أن أنشط الأعمال التجارية الجارية في المناطق الهادئة حالياً هي تجارة العملة، وخاصة في مدن دمشق وحماة واللاذقية وطرطوس. بمعنى أن الانهيار الاقتصادي حدث متوقع من قِبَل المؤيّدين قبل المعارضين، وأن الزيادة في أجور الموظفين ليست سوى لعبة إعلامية قد تخرج الحكومة منها بأرباحٍ بفضل رفع أسعار المواد الغذائية والمستوردة بشكل خاص، وأسعار الوقود الذي تدّعي السلطة حتى الآن أنه مدعّم.

 

أرقام فلكية وفق المعيار السوري

بجولة بسيطة على أسعار السوق السورية تمكن ملاحظة ارتفاع أسعار مجموعة من المواد الأساسية بشكل فاقع، فقد تجاوز سعر كيلو السكر 100 ليرة، والرز 200، والسمنة والزيت 300، وصحن البيض 450، والمحارم 200، مقابل زيادة أكثر وضوحاً في الخضروات والفواكه، فالبندورة وصلت إلى 150 ليرة، والخيار فاق 100، والبطاطا 70. بينما ازدادت، من جهة أخرى، أسعار الشتل والبذار، لأن الكثير من الأسر لجأت إلى زراعة الخضروات في شرفات وأسطح وأفنية المنازل، وهو ما لوحظ جلياً في ريف دمشق.
ومن جهة أخرى، ازدادت تعرفات النقل الداخلي بنسبة 50 بالمئة، وبشكل عشوائي غير منظم بلائحة أسعار حتى الآن، مع ازدياد أسعار الوقود الذي سيتضح أثره الكارثي في الشتاء، فمعدل استهلاك الأسرة المتوسطة للمازوت في ذلك الفصل قد يصل إلى 1500 ليتر في المناطق الباردة. بمعنى أن تكلفة التدفئة ستصل إلى 90 ألف ليرة ـ إذا توفرت المادة بدون الحاجة إلى السوق السوداء ـ وهو ما لا تحقق زيادة رواتب الموظفين نسبة ضئيلة منه.

 

فوضى اقتصادية

وبدأ التخبط يظهر جلياً بعد رفع سعر المازوت، ثم إتباعه بزيادة رواتب، ضمن أطراف النظام ذاته، فرئيس غرفة تجارة دمشق، غسان القلاع، وجد أن زيادة الأجور لن تعوّض باقي المواطنين الذين لا يتقاضون راتباً من الخزينة، وأن أغلبية السكان لن يكونوا قادرين على مواجهة ارتفاع أسعار المحروقات، خاصة وأن معظم الصناعات المحلية، على اختلاف أشكالها وأنواعها، تحتاج إلى المحروقات.
بينما رأى نقيب عمال النفط بدمشق، علي مرعي، أن قرار رفع سعر المازوت إلى 60 ليرة لليتر سيرخي بثقله على مستوى المعيشة المتدهور أصلاً للمواطنين.