رحلة المحروقات في رأس العين إلى الارتفاع من 60 ألف ليرة سورية لبرميل المازوت إلى 300 ألف

بسطة لبيع المحروقات - من السوشيال ميديا

يضطر أهالي رأس العين ومحيطها إلى استخدام المحروقات القادمة من مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" لقلة أسعارها بالمقارنة مع المحروقات القادمة من المعابر الحدودية مع تركيا، رغم أن قوات الإدارة تحاصر المنطقة من ثلاث جهات.

تسجل المحروقات ارتفاعاً في أسعارها بالعموم، وذلك يشمل حتى تلك المحروقات القادمة من مناطق سيطرة الإدارة، رغم جودتها المتدنية للاعتماد على الحراقات البدائية في إنتاجها، وهو السبب الذي يدفع الأهالي إلى تسميتها "مكررة"، لكن ذلك لم يخفف من أسعارها، لأن إدخالها من مناطق الإدارة باتجاه رأس العين يتم بطرق غير شرعية.

أحمد من سكان مدينة رأس العين (35 عاماً، متزوج ولديه أربعة أطفال)، يقول "بالصيف ما يلزمنا مازوت، بس والله بالشتوية نتبهدل"، إذ يبلغ سعر لتر المازوت أكثر من 1500 ليرة سورية. ويقدر أحمد استهلاكه اليومي للتدفئة في الشتاء بالحد الأدنى ب"علبة كولا باليوم"، أي ما يعادل 2،5 لتر بسعر يقترب من 4000 ليرة.

وينشط عدد من أبناء المنطقة في تهريب المحروقات بوسائل عدة، غالبيتها يعتمد على نقلها بالصهاريج. ويقول صاحب صهريج يعمل في التهريب لعين المدينة، أن طريقة إدخال مادتي المازوت والبنزين المكررتين من مناطق الإدارة يتم عن طريق "المعابر غير النظامية" بين مناطق "سيطرة الجيش الوطني (نبع السلام)" ومناطق سيطرة الإدارة.

ويروي الشاب الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية تفاصيل ذلك بالقول: "يخبرنا أحد عناصر الفصيل المسيطر على نقطة التهريب "بكرة في مازوت.. تعالوا"؛ نجهز أنفسنا ونكمن بانتظار قدوم الصهاريج إلى خلف الساتر الترابي من جهة سيطرة قسد".

لا تتقيد عمليات التهريب بوقت محدد، ففي بعض الأحيان تتم في وقت الظهيرة حسب الشاب، الذي يقول أن صهاريج المحروقات تأتي إلى الساتر الفاصل بين المنطقتين عن طريق  تجار متنفذين لدى الإدارة وبترفيق من "قوات سوريا الديمقراطية (قسد). "عندما تصل الحمولات إلى أقرب نقطة تماس، تدفع رشوى لقائد نقطة المراقبة التابعة لقوات النظام التي انتشرت بعد عملية نبع السلام" ثم تتابع طريقها إلى الساتر.

ويتابع الشاب بأن الصهاريج القادمة من مناطق الإدارة لا تتجاوز الساتر الترابي الذي يصل ارتفاعه إلى أربعة أمتار ويسبقه خندق، بل "تفرغ محتوياتها في الصهاريج على الجهة المقابلة من أراضي نبع السلام بالخراطيم عبر مضخات "نشالات"، وتتم العملية مقابل دفع إتاوات تتراوح بين 500 و1000 ليرة سورية عن البرميل الواحد للفصيل التابع للجيش الوطني المسيطر على موقع نقطة التهريب" حسب الشاب.

في الطريق إلى مدينة رأس العين الذي يصل إلى 30 كم، تتوقف صهاريج المحروقات أربع مرات على أربعة حواجز لفصائل تابعة للوطني، كما يضيف الشاب، وفي كل حاجز "ندفع على الصهريج ما بين 10000 و 15000 ليرة، وذلك تبعاً لسعة الصهريج".

يقوم الشاب بهذه العملية مرة أو مرتين أحياناً في الأسبوع، ويبيع حمولته من المحروقات لزبائن محددين من أصحاب محطات الوقود أو باعة البسطات أو مُلّاك الأراضي الزراعية، ليصل صافي ربحه من الحمولة الواحدة إلى 500 ألف ليرة سورية، إذا كانت الحمولة فوق 100 برميل.

يصل سعر برميل المازوت المهرب بعد هذه الرحلة الطويلة إلى ما بين 280 و300 ألف ليرة سورية، بينما سعر نظيره في مناطق الإدارة بين 50 و60 ألف ليرة.

أما فيما يخص أنواع المحروقات المتوفرة في السوق فيذكر علي (28 عاماً) وهو صاحب بسطة لبيع المحروقات في المنطقة، أن في المدينة نوعين من المحروقات تبعاً للجهة القادمة منها، فهناك من مناطق الإدارة "الكاز السائل والبنزين المكرر والمازوت المكرر"، أما من تركيا فيتم إدخال "المازوت النظامي" عن طريق السيارات الداخلة من تركيا إلى رأس العين، سواء كانت سيارات الشحن أو سيارات نقل البضائع أو شاحنات نقل مواد البناء، حيث يتم إفراغ خزان المركبة في المدينة، ويباع لأصحاب السيارات التي لا تعمل إلا على مادة المازوت النظيف، وهم "فئة محددة جداً من قادة فصائل تابعة للجيش الوطني أو تجار متنفذين في المنطقة"، كما يقول الشاب.

ويباع المازوت النظامي بسعر أعلى من سعر السوق التركية بنحو 2 ليرة تركية، حسب علي. أما فيما يخص الغاز المنزلي فيتم إدخاله من تركيا حصرياً عن طريق متعهدين وتجار عبر البوابة التجارية في مدينة رأس العين، ويباع بعدها للتجار الذين يقومون ببيعه بدورهم للموزعين.