دي ميستورا في جولات "تجميد القتال".. وإيران تضع قضية بقاء الأسد أو زواله جانباً

لم تلقَ الخطّة التي وضعها مبعوث الأمم المتحدة دي ميستورا أية بادرة تطبيق، على الرغم من انشغال معظم الأطراف الدولية الفاعلة في الشأن السوريّ بنقاشها، وعلى الرغم من الجولات المكوكية التي يجريها المبعوث، والتي تشغل وسائل الإعلام العالمية حالياً. إلا أن دي ميستورا ما زال مصرّاً على إمكانية تجميد جبهات القتال في مناطق سورية، وخاصةً حلب التي قال عنها إنها "أيقونة العالم"، وإن سقوطها سيكون مأساةً كبرى. رافضاً كل ما يقال عن مبادرته من أنها ستفيد النظام السوريّ، ومصرّاً على أنها انطلاقةٌ نحو عمليةٍ سياسيةٍ جديدةٍ، وبوّابةٌ لدخول المساعدات إلى المحاصرين في مناطق الصراع.
وفي جولاته الأوروبية حصل دي ميستورا على موافقة الحكومة البريطانية وتشجيعها للخطة مبدئياً، بعد أن حصل، وفق قوله، على موافقاتٍ مبدئيةٍ أيضاً من قبل المعارضة السورية في تركيا ومن بعض الفصائل العسكرية المعارضة في حلب، وهو ما شجّعه على مناقشة مسؤولي الاتحاد الأوروبيّ في بروكسل بخصوص إمكانية عقد مؤتمر جنيف 3، الذي لم يحظَ بعد بموافقة النظام في دمشق.
ووفق مختلف المعطيات السياسية يمكن القول بأن الأسد يشترط أن تتضمّن الخطة ما يسمّيه "مشروعاً لمكافحة الإرهاب، واستعادةٍ لنفوذه على الأراضي السورية"، بينما تطلب المعارضة أن يتضمّن تجميد القتال وقف القصف من قبل النظام، وعدم تحريك قوّاته، وإطلاق سراح المعتقلين،
وهو ما أخذه دي ميستورا في الاعتبار خلال تصريحه لمجموعةٍ من الصحفيين قبل توجهه إلى بروكسل، حين قال إن تجميد القتال في حلب سيتضمّن بنوداً تردع قوّات النظام عن تصعيد عملياتها في مناطق أخرى من سوريا، مفرّقاً بين وقف إطلاق النار وبين تجميد القتال الذي يجده مقدمةً لوقف الصراع بشكل مستدام.

إيران نحو موقفٍ جديد.. وجولاتٌ روسية

أبدت الســلطات الإيرانـــية تبدّلاً نظرياً في موقفــها من سوريا، وفق تســريباتٍ رسمــيةٍ فرنســيةٍ ادّعـت أن إيران مســتعدةٌ لمناقشة صيغةٍ جديدةٍ للحلّ في سوريا "يضــع جانباً النقــاش حول بقاء الأسد في السلطة أو رحيله عنها"، وهو ما اعتبرته فرنسا تبدّلاً إيجابياً في موقف طهران الذي كان يكرّر إصراره على بقاء الأسد في سدّة الحكم.
ومن جانبهـــا توجّهت القيــادة الروسية نحو عقد اجتماعاتٍ عدّةٍ في الشأن السوريّ؛ إذ اجتمع نائب وزير الخارجية الروسيّ ميخائيل بوغدانــــوف بقـادةٍ من الائتلاف الوطنيّ السوريّ في إسطنبول، طالباً منهم توسيع مؤسسة المعارضة السورية لتضم ما هو أكبر من الائتلاف. ليتجّه بعد ذلك إلى دمشق ويلتقي الأسد، مؤكداً استمرار دعم القيادة الروسية للنظام السوريّ، ومشيراً إلى حرص روسيا على إعادة إحياء المفاوضات السياسية بقيادةٍ روسية.

التحالف الدوليّ واستمرار محاربة تنظيم الدولة الإسلامية

بالتزامــــن مع اللقـاءات الدولية المتكاثرة والمبادرات الخاصّة بالوضع السوريّ، أكّدت الدول المشاركة في التحالف الدوليّ ضد "المتطرّفين في سوريا والعراق"، مواصلة القصف الجويّ على المناطق التي تضم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك في اجتماعها في مقرّ حلف الناتو ببروكسل، حيث توصل المجتمعون إلى نقاطٍ خمسٍ تستمرّ من خلالها الغارات الجوّية، وتدعم قوّات الجيش العراقيّ للعمل على الأرض. وفي معرض الحديث عن الحملة العسكرية الدولية قال وزير الخارجية الأمريكيّ جون كيري إن هناك "حاجةً لدخول سوريا مرحلةً انتقالية. فنحن نعلم أن لا وجود لحلٍّ عسكريٍّ، ويجب التوصل إلى حلٍّ سياسيّ".
وأمام المواقف الأمريكية المنشغلة فقط بمحاربة تنظيم الدولة، دون الالتفات إلى ما يجري في شمال وجنوب وغرب البلاد، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن البيت الأبيض يبحث حالياً قضية "إنشاء منطقةٍ آمنةٍ على طول الحدود السورية"، والتي من شأنها، حسب الصحيفة، أن تكون منطقةً محظورةً على طائرات نظام الأسد، و"ستوفر الملاذ للاجئين ولقوى المعارضة المدعومة من الغرب". فيما يكثر الحديث عن اقتراحاتٍ عربيةٍ، خليجيةٍ ومصريةٍ وأردنيةٍ، تقوم على مبدأ رحيل شخص بشار الأسد دون إسقاط النظام.