حواجز المناطق المحرّرة بين الضرورة والتذمّر

من الرقة | عدسة معن

لا شك في أن الأمن والأمان أصبحا اليوم في صدر قائمة اهتمامات الناس، ومطلباً دائماً لمن يعيش في المناطق المحرّرة. وبين هاجس الضرورة الأمنية وانعكاسات الحذر الأمنيّ تعود قضية الحواجز التابعة للفصائل المقاتلة وللهيئات الشرعية لتطفو على السطح، بعد كثرتها وشكوى بعض الناس منها.

حواجز أم عراقيل؟

تعدّ الحواجز وسيلةً أمنيةً لا غنى عنها، وحاجةً لا تخفى على أحد، لأنها خط الدفاع الأول للمدن والتجمعات السكانية في وجه المخربين واللصوص وأتباع النظام. ولكن كثرتها في بعض المناطق، وعلى الطرقات الرئيسية، باتت قضيةً بحدّ ذاتها، إذ يرى الكثير من الناس أن 90% منها ليست ذات فائدة.
ولعل جهل البعض لما تقدّمه الحواجز من فوائد أمنيةٍ يدفعهم لانتقادها بشكل لاذع، والمطالبة بإزالتها نهائياً. فأبو بندر، وهو سائق سيارة أجرة، يصفها بالعراقيل، ويقول: "حتى اللحظة لم أرَ أيّ داعٍ لها. وهي لا تتجاوز كونها عراقيل لحياة الناس، إذ نقف دقائق طويلةً ليقوم الحاجز بتفتيش هويات الركاب وبسؤالهم من أين جاءوا وإلى أين ذهبوا، ليقول في النهاية: تفضلوا. وهذا بعينه خطأ، فماذا لو كان المطلوبون أمنياً يسيرون بهوياتٍ أخرى، أو يسلكون طرقاً أخرى؟ لقد أصبحت المسألة مزعجةً للغاية، ومستنزفةً للوقت".

ضرورةٌ لا بد منها

ولنكون على مقربةٍ أكثر من هذه المسألة التقينا بأحد المسؤولين الأمنيين في مدينة الميادين (أبو حمزة) ونقلنا إليه ما يدور في الشارع من أقاويل عن كثرة الحواجز وسوء سلوك بعض العناصر الموجودة عليها، فقال: "أولاً؛ الحواجز اليوم أصبحت ضرورةً ملحةً ولا غنى عنها. فعندنا في مدينة الميادين - على سبيل المثال - توجد أربعة مداخل للمدينة، والحركة فيها لا تتوقف، فكيف لنا أن نضبط أمن المدينة إذا لم نقم على كل مدخلٍ حاجزاً؟! وكم تمكنت هذه الحواجز من القبض على لصوصٍ ومخربين وعملاء للنظام كانوا يريدون إرهاب الناس. وبوجود هذه الحواجز الأساسية نتمكن من ضبط المدن قليلاً. أما الحواجز التي تكثر على الطريق، والتي يتبع كلٌّ منها لفصيلٍ معين، فنحن ضدها، وهي من أسهم بتململ الناس وكثرة شكاتهم. أما بخصوص سلوك العناصر فإن من يقف على الحاجز ليس بالملاك وليس بالمعصوم، بل هو إنسانٌ يتعرض لضغطٍ كبيرٍ لساعاتٍ طويلة، وأن تصدر منه تجاه الناس بعض الكلمات أو التصرفات المسيئة فهذا لا يعني أنه إنسان سيء. ونحن لا نقبل الفعل الخاطئ، ونحاول ضبطه ومعاقبة المسيء، ولكن يجب على الجميع مراعاة ظروف الواقفين على الحواجز كي لا نظلمهم".

صدى الشارع

يتداول الناس اليوم الكثير من القصص والأحداث التي تتحدث عن سوء سلوك العناصر الموجودة على الحواجز، منها ما هو حقيقةٌ ومنه ما هو مبالغٌ فيه ويحمل الكثير من الافتراء.
فروايات حاجز "معبر الجنينة" لا تتوقف، ومنها ما يحمل القليل من المصداقية وأغلبها لا يعرف للحقيقة سبيلاً؛ فهذا يقول شتموني، والآخر ضربوني، وذاك يقول ألقوا أغراضي في النهر، وآخر يقول سلبوني ربطة الخبز. وفي حقيقة الأمر لا تتجاوز المشاكل المشاحنة الكلامية لا غير.
إن كثرة الأقاويل عن الحواجز ترجع إلى سببين رئيسين؛ الأول رفض أغلب الناس تضييق تحركاتهم ولو كان لحساب أمنهم وسلامتهم، والثاني كثرة الضغوط التي تجعل العنصر الذي يقف على الحاجز يخرج عن حدود الأدب في بعض الأحيان. والعناصر السيئة موجودة لكنها قليلة، وليست بذاك الكم الموصوف. أما أبو أحمد فيظنّ بعناصر الحواجز خيراً، ويقول لنا باللهجة العامية: "والله العظيم واحدنا ما يتحمّل يوقف نصف ساعة مكانهم، الله يعينهم".