حمّى الأسعار تجتاح أسواق الميادين التجارية

عدسة بلال | خاص عين المدينة

للمرة الثانية يمرّ العيد دون أن يحصل عامر على ثيابٍ جديدة، ولا شيء يبشّر أنه قد يحصل عليها في الأيام القادمة، فحمّى الأسعار وندرة البضائع تحول بينه وبين تلك الرغبة. عامر هو واحدٌ من أبناء الميادين المحرّرة، الذين تحول بينهم وبين الإحساس بالعيد أشياءٌ كثيرة.

 

ملابس العيد في آخر قائمة الأولويات

ولعل المتابع لحركة المدينة لا يجد عناءً في رصد حال الأسواق التجارية، وخاصة ما ارتبط منها بالعيد والتحضيرات له، ذلك أن البائع والمشتري كلاهما يتداولان باستفاضةٍ جوانب عديدةً مما تعاني منه هذه الأسواق، التي كانت عامرةً بكل أشكال النشاط التجاري، وتزداد هذه المعاناة بصورةٍ خاصةٍ في عيدي الفطر والأضحى. لأخذ فكرةٍ أكبر عن هذا النشاط، وعن حالة الإحباط التي ألمّت بعامر، التقينا السيدة "رفاه مصطفى" التي أفادتنا بالقول: بالنسبة لسوق الألبسة، وهي أكثر ما يتمّ تداوله خلال العيد، فالأسعار جهنمية ولا تتناسب بأي شكل مع دخولنا. وبالأخص أن عيد الأضحى يأتي متزامناً مع فترة دخول المدارس، مما يرتّب على الآباء أعباءً ماليةً ضخمة تجعل شراء الملابس في آخر الأولويات بالنسبة لكثيرٍ من الآباء. إن كسوة العيد لطفلٍ واحدٍ قد تكلّف في الحد الأدنى 5000 ليرة سورية، أي أن العيد بالنسبة لثلاثة أطفال قد يقضي على دخل الأسرة الشهري بأكمله. فيتراوح سعر البلوزة العادية لطفلٍ صغيرٍ بين 1000 و2000 ليرة، وسعر البنطال في الحدّ الأدنى 1300 ليرة. عدا عن نوعية البضائع المنتشرة، والتي بغالبيتها ذات أقمشة سيئة، بسبب إغلاق العديد من المصانع التي تنتج الملابس الجاهزة في حلب وريف دمشق.

 

تغيب الأضحية في عيد الأضحى

ولعلّ ارتباط العيد، وعيد الأضحى تحديداً، باللحوم والثروة الحيوانية جعل لزاماً علينا تسليط الضوء على الحركة التجارية في هذا الجانب، وذلك من خلال اللقاء مع تاجر الأغنام "محمد خلوف"، الذي وصف السوق بقوله: إن الإقبال على شراء الأغنام بقصد ذبحها في العيد ضئيلٌ جداً، وذلك بسبب ارتفاع أسعارها بشكلٍ كبيرٍ لم يعد في متناول يد الكثير من الناس، فسعر النعجة التي تصلح للأضحية يقدّر بحوالي 35000 ل. س، أما الخروف فيصل حتى 55000 ل. س، ويتجاوز سعر البقرة 140000 ل. س. بالإضافة إلى أن استهلاك اللحوم انخفض إلى أقلّ من النصف عند الكثيرين، وخرج عند شرائح أخرى من قائمة الحاجات الغذائية التي تدخل المنزل. كما أن لحم العجل يتم نقله إلى محافظات أخرى، مما يزيد من ارتفاع سعره. وقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب على لحوم الضأن والدجاج، الذي صار سعر الكيلو منه 550 ليرة، لعدم وجود المداجن في المدينة، إذ يتركّز معظمها في القلمون وريف حلب وحمص، وتؤدّي مشاكل الطرقات وصعوبة النقل إلى ارتفاع أسعارها.

 

عيدٌ بدون "كليجة العيد"

ومن المواد التي ارتبطت بالأعياد، وتعاني الآن من الركود إلى حدٍّ بعيدٍ، الحلويات وخاصة "الكليجة". فهي، ولأسبابٍ اجتماعية، تغيب عن معظم بيوت الميادين من الوافدين وأهالي المدينة، كما بيّنت لنا السيدة "فيحاء العلي" بالقول: ارتبطت الحلويات عندنا بالفرح عموماً، وهذا الفرح غائبٌ عن شوارع المدينة وبيوتها بسبب الظروف التي نمرّ بها. حتى أن صنع "الكليجة" مثلاً صار يمثل حالةً من الترف لا تليق بمعظم الناس هنا. هذا من جهة، ومن جهةٍ ثانيةٍ فإن ارتفاع أسعار الموادّ الخاصّة بالحلويات يجعل الكثيرات من سيدات المنازل يتجاوزنها.