حميميم.. وبال على الساحل السوري

Sputnik - Maxim Blinov

في الوقت الذي يشعر به كثيرون من سكان الساحل السوري، وخاصة ريف اللاذقية والقرى القريبة من مطار حميميم، أنهم في منطقة أكثر أمناً من أي بقعة سورية أخرى، كونهم الأقرب إلى المطار الذي تستخدمه روسيا، والذي أصبح روسياً بكل تفاصيله، يتبدّى أن هذه الرؤيا ليست صحيحة، وأن ما يقدمه المطار لهم لا يتعلق بأمنهم..

قد يشكل المطار خطراً عليهم، وهو ما أكدته الأشهر السابقة، بعد تكرار محاولات استهداف المطار سواء بالقذائف، أو بالطائرات المسيّرة، والتي غالباً ما تضل أهدافها فتصيب قرى محيطة بالمطار، أو تشتبك مع دفاعات المطار في سماء الريف المجاور أو المدينة.

دوي انفجارات تسمع بين فترة وأخرى، تسري بعدها شائعات متنوعة، بعضها لا يخلو من روايات خيالية طالما كانت سريعة الانتشار، وقابلة للتصديق لدى فئة ليست قليلة من سكان المنطقة، إلى أن يتم التصريح بمصدر تلك الأصوات سواء من شهود عيان، أو من مصادر رسمية أو شبه رسمية، ليتبين أنها اشتباك بين مضادات مطار حميميم وطائرات مسيرة، بمعنى أن طائرات مسيرة تقترب من المطار، فتستهدفها دفاعات المطار، وقد يستغرق التتبع حتى الإسقاط ما يزيد عن ساعة، فيعيش الريف والمدينة حالة شبه حربية، من مصدر غالباً ما يكون مجهولاً بالنسبة إليهم، بسبب وجود المطار بقربهم.

يقول كرم علي (طالب جامعي في جامعة تشرين): "في الأسبوع الماضي شاهد بعض أهالي اللاذقية ما يشبه الفيلم السينمائي خلال محاولات متكررة لإسقاط طائرة مسيرة اقتربت كثيراً من مطار حميميم، وتأخر التمكن من إسقاطها، هذا المشهد الذي كان قريباً من أعين الكثيرين، كان من الممكن أن يؤدي إلى كارثة في القرى المحيطة بالمطار، فالمعركة كانت حقيقية، والمسيَّرة تخطئ أهدافها كما الدفاعات الجوية الروسية يمكن أن تفعل، وهو ما حدث أكثر من مرة.. إن وجود حميميم هنا خطر على المنطقة بالتأكيد، استهدافه لا يكاد ينقطع، والحالة الحربية التي يمثلها باتت حقيقة لا ينكرها أحد".

من جانب مختلف وغير ظاهر للعيان والإعلام، أدت مخلفات الطائرات والمطار والتي يتم التخلص منها قرب القرى المحيطة بالمطار، إلى تلوث في مياه آبار تلك القرى، وتلوث في التربة والهواء، حيث يعاني السكان من سوء شبكات التصريف الصحي في المطار ومحيطه، وكثرة العوادم التي يتم التخلص منها بالقرب من أراضيهم، وعلى الرغم من تكرار شكايات الأهالي، ومحاولة بلدية حميميم الحصول على دعم مالي لترميم شبكات الصرف الصحي، إلا أن الأمور ما زالت على حالها، إضافة إلى إهمال يشعر به الأهالي، يتمثل في أن طرقات قراهم المحيطة بالمطار طرقات سيئة جداً، بحاجة إلى تعبيد وصيانة، فيما الطريق المؤدية إلى المطار طريق مميزة بنظافتها وتكرار ترميمها.

يقول ناشط في جمعية خيرية تعمل في ريف اللاذقية لعين المدينة: "يعيش فلاحو القرى المحيطة بحميميم، وهم كثر، حالة مزرية نتيجة وجود المطار بقربهم، فهو يشكل مصدر تلوث كبير لأراضيهم ومياههم، وهذا لم يعد مجرد توقع، يمكنك أن تلحظ ذلك بأم عينك من خلال زيارة إلى حميميم، والسبب بالطبع مخلفات المطار والطائرات والكوادر الموجودة فيه".

كلما ازدادت حدة المعارك في الريف الشمالي للاذقية، ازداد استهداف مطار حميميم، وازداد حضور القذائف والصواريخ في اللاذقية ومحيطها، وقد يكون هذا الاستهداف أمراً واقعاً سواء بوجود المطار أو بعدمه، إلا أن وجوده جعله الهدف الأهم، كونه مركز انطلاق الطائرات التي تقصف الشمال السوري وترتكب فيه المجازر، لذا فمنطقته هي منطقة معرضة دائماً لخطر الاستهداف، الاستهداف الذي قد لا يعني فقط استهداف مدرجات الطائرات أو مراكز التحكم، بل قد يعني مساحات جغرافية كبيرة محيطة بالمطار وقريبة منه، وهذا ما بدأ يدركه أهالي المنطقة، ويقتنعون به يوماً بعد يوم.