حسون.. رئيس أركان البروباغندا السنيّة

تقول طرفة أميركية: لا تتحدث بالدين أثناء العمل... حتى لو كنت قسيساً.

ويبدو أنّ مفتي الجمهورية العربية السورية، الشيخ أحمد بدر الدين حسون، بات من أشياع ثقافة الوعظ الأميركية هذه، فهو لايتحدث في شؤون الدين إلا لماماً، وإن حدث وفعلها فبما يلزم من الدِّين لتأكيد أيمانه المُغلظة المُتراشقة المُتلاحقة؛ بأنّ سيّده الأسد هو «المُجاهد» الأكبر في زماننا.

لايحتاج حسون إلى الدِّين، فهو مفتي «كوول»، يُمكنه بسهولة أن يجد مخرجاً من أيّ حرج لتشريع مايلزم آل الأسد؛ كي يقتلوا ويُعذبوا، يسرقوا وينهبوا ويُعفشوا، بل إنّه قادر «عملانياً»، باعتباره «رئيس أركان البروباغندا السنيّة» في النظام، أن «يُسنّن» موجة التشيّع السلطوية ذاتها، ثم يعود ليتيح لها أن تنخرط في الأرثذوكسية الروسية طالما أنها تبقى مفيدة للأسد.

من يعرفون الرجل السبعيني يُؤكدون أنّه مُخبر مُزمن وموهوب، أنفق سنوات شبابه في محاولة اختراقٍ فاشلةٍ لصلابة المؤسسة الدينية الرسمية السنية اللصيقة بالأسد الأب، وحين تمّ استبدال جنرالات المخابرات والجيش؛ لتمرير وراثة بشار، سقطت المحميّات الدينية السنية السابقة، ومثّل الرجل الذي كان مفتياً لحلب واجهة «الاعتدال» الرسمية، التي تُغطي سَوءة النظام المكشوفة في تجارة الإرهاب ودعم الجماعات المتطرفة في كل الإقليم.

هل قلنا اعتدال؟.. لاتُعوّلوا على هذا كثيراً، فحسّون وقت اللزوم «داعشيّ» و«قاعديّ» و«تكفيريّ» مُحترف، حين يتعلق الأمر بالدفاع عن آل الأسد... الرجل هدّد من على منبر علني بإغراق أوروبا بالانتحاريين إن دعمت دُولها الثورة، وهو تهديد لم يُطلقه الظواهري نفسه حين كانت الطائرات الأمريكية تدكّ معاقل تنظيمه في أفغانستان.

وحسون، قبل هذا وذاك، حلّاف كذّاب، وهذه الجملة التي قالها لوكالة سبوتنيك الروسية تكفي لتوضيح المقصود «أقسم بالله لو أنني عرفت أن بشار الأسد أمرَ بقصف المدنيين لوقفت بوجهه»... هل هناك سوري لايعرف؟ لافروف نفسه لن يحلف على براءة الأسد.

حسون، أيضاً، ليس بعيداً عن هدف الطرفة الأمريكية، فهو موضوعها، و«تفسيرها البالستي»؛ الذي بات مجرد إعادة بثّ لخطابات حسن نصر الله: «إن الطريق الذي يصل طهران بالموصل وحلب وبيروت سالكة نحو القدس».. هذا رأيه وليست مقدمة نشرة أخبار قناة المنار.

لكنّ القدس تُثقل عليه، فقد تحوّل المفتي إلى منظّر اقتصادي بعد الضربات «الإسرائيلية» المكثفة على قواعد إيران، ليخلُص إلى أنّه «لو تخلى الأسد عن فلسطين لأصبحت سوريا أكثر ثراء من سويسرا».

لماذا سويسرا تحديداً وليست إمبراطورية إيران المجاهدة مثلاً أو روسيا البوتينية؟ ألا يقول المأثور السوري «اللي تحت باطه مسلّة تنخزه».. سويسرا هي المكان حيث تستقر أموال ثراء سوريا المنهوب.

المُفتي الذي يقول حرفياً «أرجو منك يا جيشنا أن تُبيد أيّ منطقة يخرج منها أي قذيفة على المدنيين» وهو الذي يعتبر أنّ الشبيحة «المُلحدين» جزء من رعيته، ليس قادراً على تصوّر مكانٍ لمسلمي الروهينغا في الوجود، فاعتبر إبادتهم مشكلة مبالغاً بها. وهو نفسه قدِر على لقاء انغماسي مع حزب «البديل» الألماني، الذي يكره السوريين، «كواجب جهادي».