بين مناطق قسد والنظام في الحسكة.. أرتال السيارات تنقل طلاب الإعدادية والثانوية فزعين

سرافيس نقل الطلاب - متداولة من قبل ناشطين على الإنترنت

انتهت امتحانات شهادة التعليم الأساسي في محافظة الحسكة يوم الأربعاء الماضي بعد معاناة عدد كبير من الطلاب نتيجة تنقلهم من أماكن إقامتهم التي في معظمها تخضع لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) إلى مراكز الامتحان التي تخضع لسيطرة النظام، بينما لا تزال معاناة طلاب الشهادة الثانوية بفروعها المختلفة مستمرة مع التنقل بين منطقتي السيطرة حتى نهاية الامتحانات غداً 21 من شهر حزيران الجاري.

فمنذ انتقلت السيطرة من قوات النظام إلى "الإدارة الذاتية" نواة قسد، على غالبية مناطق الحسكة باستثناء المربعين الأمنيين في مدينتي الحسكة والقامشلي وريف الأخيرة الجنوبي، والطلاب يعانون من الوصول إلى مدارسهم وبالخصوص في أوقات الامتحانات، نتيجة تنقلهم من المناطق الخاضعة لسيطرة قسد إلى مناطق سيطرة النظام حيث تتواجد المراكز الامتحانية.

تنتشر المراكز الامتحانية لامتحانات الشهادة الثانوية التي تنظمها مديرية التربية التابعة للنظام في مدارس المربع في مدينة الحسكة والمربع الأمني في مدينة القامشلي، بينما تركزت مراكزها في حالة شهادة التعليم الأساسي في المربعين ذاتهمها إضافة إلى ريف القامشلي الجنوبي الخاضع للنظام، حيث يضطر أهالي الطلاب إلى أخذ أولادهم لإجراء امتحاناتهم، قاطعين المسافات والحواجز الأمنية التابعة لقسد على الطرقات الرئيسية التي تربط بين المدن، الأمر الذي أخر وصول عدد منهم.

وخلال أيام امتحانات شهادة التعليم الأساسي كان يخرج من مدينة عامودا لوحدها (20 كم غربي القامشلي) قرابة 500 طالب وطالبة باتجاه مدينة القامشلي وريفها الجنوبي، بواسطة الحافلات الصغيرة "السرافيس" التي تسير بشكل رتل في كثير من الأحيان. يذكر شيار (27 عاماً من عامودا) وكان يرافق أخته إلى القامشلي لتقديم امتحانات شهادة التعليم الأساسي، أن السرفيس الذي ينقلهم يأتي إلى باب المنزل وينقلهم إلى مركز الامتحان مقابل 20 ألف ليرة سورية للطالب الواحد. ويتابع "هناك بعض الطلاب يدفعون بشكل يومي 2000 ليرة للذهاب ومثلها للعودة. تنطلق اغلب السرافيس الساعة السابعة صباحاً لتشكل أثناء سيرها إلى القامشلي رتلاً يتجاوز ال 40 سرفيس".

أما أبو أحمد (44 سنة) من قرية خزنة الواقعة في جبل عبد العزيز جنوب الحسكة الخاضعة لسيطرة "قسد"، فيضطر إلى إيصال ابنه طالب الثانوية العامة إلى مركز عبد العزيز الرنتيسي الامتحاني في مربع الحسكة الأمني بدراجته النارية، بعد أن جرب الاعتماد صحبة زملائه في القرية على السرفيس، ووصلوا متأخرين 3 دقائق في اليوم الأول للامتحانات.

يقول أبو أحمد أن المسافة بين قريته ومدينة الحسكة تصل إلى قرابة 30 كم، ويستغرق الطريق في الأحوال العادية قرابة 40 دقيقة، إلا أن انتشار حواجز قسد على الطريق يجبرهم على الخروج منذ الساعة الخامسة والنصف صباحاً لتجنب التأخير. ويضيف أنه خلال الطريق "نمر بـأكثر من خمسة حواجز، وأحيانا يستغرق وقوفنا على الحاجز الواحد أكثر من 10 دقائق".

اضطر البعض إلى التوجه للمركز الامتحاني قبل الوقت الذي يخرج فيه أبو أحمد بكثير، ما يجعل الامتحان تجربة كارثية يضاف فيها إلى ضغط الامتحان النفسي على الطلاب تعب السفر والتوقف المستمر على الحواجز. أكرم طالب أنهى امتحان التعليم الأساسي، اشتكى من "صعوبة الامتحانات ورهبتها والوصول إلى الامتحان منهك بسبب المسافة الطويلة والمدة الزمنية التي يستغرقها للوصول إلى المدرسة"، خاصة أن أن سيارة والده التي كان يقله بها تحمل لوحة مرور صادرة عن "إدارة المواصلات" التابعة للإدارة الذاتية، ما يضطره إلى ركنها قبل دخوله مناطق سيطرة النظام والمتابعة بسيارة أحد المعارف الذين يقطنون داخل المربع الأمني، حيث يحاول النظام عدم اعتراض طريق الطلاب في طريقهم إلى مراكز امتحاناتهم، وفق ما أفاد من تحدثت إليهم عين المدينة من الطلاب أو ذويهم.

ومع اقتراب نهاية امتحانات الثانوية العامة، يجهز قسم من الطلاب في مناطق سيطرة النظام للعودة إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم، بعد أن تركوها وسكنوا قريباً من مراكز الامتحانات تجنباً للسفر اليومي. تقول أم هبة (42 عاماً من مدينة عامودا) أن ابنتها لا تزال تقيم لدى بيت عمتها في القامشلي لاستكمال امتحانها، وأنها انتقلت إلى العيش هناك منذ أكثر من 20 يوماً.

تضيف أم هبة التي تعمل معلمة وتعي جيداً ظروف الطلاب النفسية أثناء الامتحان، أن "فكرة الإقامة جاءت نتيجة لعدم امتلاكنا وسيلة نقل خاصة، إضافة إلى ارتفاع أجرة السرفيس". وتنوه إلى أن تغيير الطالب لمكان إقامته قبل الامتحان يؤثر على حالته النفسية، إلا أنه كان الخيار النهائي بالنسبة إليها، خاصة أن الطريق من بيتها في عامودا إلى المركز الامتحاني قد يستغرق أكثر من ساعة، تصاحبها حالة الخوف من التأخر بسبب أي طارئ خلال الطريق.

ورغم كل الصعوبات التي قاساها الطلاب وذوهم بسبب حواجز قسد، لمح البعض ممن تواصلت معهم عين المدينة، إلى أن حركة تنقل الطلاب شهدت تسهيلات من حيث التدقيق على السيارات التي تقلهم قياساً بالسنوات الفائتة، وربطه البعض بالتقارب الحاصل بين قسد والنظام بعد التهديدات التركية بشن عملية عسكرية في شمال شرقي سوريا.

وبلغ عدد الطلاب المتقدمين لامتحانات الشهادة الثانوية في الحسكة لهذا العام 24547 طالباً وطالبة، موزعين على 223 مركزاً امتحانياً؛ منهم 13289 طالباً وطالبة في التعليم الأساسي موزعين على 74 مركزاً امتحانياً، و11258 طالباً وطالبة موزعين على 149 مركزاً، وفق ما صرحت به مدير تربية الحسكة إلهام صورخان لصحيفة الوطن الموالية للنظام، وذكرت صاروخان أنه تغيّب 1310 طلاب وطالبات عن امتحانات الشهادة الثانوية بكافة فروعها.

يشار إلى أنه يوجد نظامان تعليميان في محافظة الحسكة، أحدهما يتبع للإدارة الذاتية ويدرس مناهجها الخاصة، والثاني تابع لحكومة النظام ويطبق في مدارس وتجمعات ضمن المربعين الأمنيين في مدينتي الحسكة والقامشلي والمدارس الواقعة بريف القامشلي الجنوبي.

وكانت أعلنت "هيئة التربية والتعليم" التابعة للإدارة الذاتية عن امتحان الشهادة الثانوية بكافة فروعها للطلبة الأحرار، وامتحان شهادة التعليم الأساسي للطلبة الأحرار وفق مناهجها، في نفس الفترة الزمنية التي تجري فيها امتحانات الشهادتين الثانوية والإعدادية لدى النظام.