بانياس.... وذُبحت المدينة أمام بحرها

 معاوية الصخــري

 وماذا بعد بانياس؟... هكذا تمر المدينة في معرض سؤال، وفي معرض تخوف الجميع من المجازر الجديدة التي تنتظر السوريين، وخاصة سنّة الساحل.. بانياس... المدينة الأسرع في إعلان ما حدث في درعا ثورة سورية كبرى امتدت من حوران بأقصى سرعة إلى الساحل المليء بعقائديي الأسد.

تمر بانياس وتصبح خلال أيام ذاكرة حربية، مدينة تعرضت لإبادة جماعية من قبل نظام ما زال مستمراً في انتهاكاته لكل أنواع الحقوق الطبيعية، بينما تشرق شمس نهار جديد على المدينة وقد دُمرت أقدم أحيائها "رأس النبع، رأس الريفة، الشيخ نجار"، وفقدت خيرة سكانها، ونزح من تبقى إلى مدن مجاورة أو إلى الأحياء الأقل تضرراً كالقبيات والميدان. بينما ما زال بعض ريفها المجرم وحي القصور والقوز فيها ينتظر حلقة أخرى للرقص على وقع سكاكين جيش الدفاع الوطني في رقاب "الإرهابيين" الذين لم يرفعوا أي سلاح ضد الشبيحة الذين اغتالوهم، ببساطة لعدم امتلاكهم هذا السلاح الذي اتهموا به وتمت تصفيتهم على أساس احتوائه وتمريره.
من البيضا بدأ الذبح، فالشهور الهادئة التي مرت على القرية المجاورة لبانياس لم تشف غليل الريف المحيط والمليء باللجان الشعبية والشبيحة والمتطوعين لحمل أي نوع من السلاح، فما إن تم اختلاق عذرٍ واهٍ حتى تم قصف المدينة من الزوبة وقلعة المرقب ثم حصارها ثم اقتحامها وتجميع شبانها وأطفالها في الشوارع وقتلهم بدم بارد باستخدام السكاكين والحجارة والحرق، حتى تم تفريغها بالكامل بين شهداء جاوز عددهم بحسب ناشطين 700، ونازحين على الأوتسترادات المحيطة، إذ لم تفتح أبواب طرطوس لهم، فقط بعض القرى المجاورة كانت لها الأسبقية باستقبال بعض المكبلين من البيضا لقتلهم بشكل علني في القرية، سري على الإعلام.
وفي اليوم التالي تم تكرار الحالة في بانياس، لتتم تصفية عائلات في بيوتهم وفي الشوارع، ولتكتب أكبر مجزرة  في تاريخ الثورة السورية، وأكبر عدد قتلى من الأطفال في أسرتهم والخزانات وشرفات المنازل والشوارع، لتكون النتيجة أيضاً مئات الشهداء بحسب نشطاء.
وبعد تلك المجازر بدأت عمليات حرق البيوت وتصفية الناشطين وملاحقة المصورين وشهود العيان واعتقال النازحين وبيع الأدوات المنزلية التي اعتاد شبيحة النظام على حملها من بيوت الضحايا.
خلت البيضا ومعظم أحياء بانياس من السكان. وبات بإمكان القتلة الاستثمار الجديد للمناطق الخالية بصيغة استيطان واضحة المعالم وبمبررات لا تحمل سوى المضمون الطائفي الدموي، وبإيعاز من المرجعيات السياسية والدينية
لخلق موازنات جديدة في الساحل لن تتوقف عند بانياس ما دام الأسد يمتلك زمام المبادرة في حصد الأرواح على الجغرافيا السورية.
جولة صغيرة لكاميرا ناشط  فرّ من تحت السكاكين إلى شوارع مدينته الخالية تثبت للعالم أجمع أنه لا داعي بعد الآن لبحث مسألة استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي، ما دامت السكاكين قادرة على تحقيق النتائج نفسها وبذات السرعة والفاعلية وبردود أفعال دولية عادية لا جديد فيها.