الواقع الطبي في ريف حلب الشمالي 6 أسرّة لكل 10 آلاف نسمة.. ولا رغبة بالعمل

العيادات الخارجية في مشفى مارع

يوماً بعد يوم يتراجع القطاع الطبي في مدن وبلدات ريف حلب الشمالي، إذ تعاني المستشفيات من العجز عن تلبية الخدمات الطبية المتزايدة لسكان المنطقة والنازحين إليها بسبب نقص المعدات والإمدادات والأدوية، وإمكانات الموظفين المحدودة أو عدم رغبتهم بالعمل.

يشتكي معظم الأهالي من السكان المحليين والوافدين إلى ريف حلب من سوء الخدمات الطبية، من فقدان الأجهزة الطبية والأدوية أو غلائها، إلى صعوبة استجابة أطباء متخصصين في المستشفيات التي بنتها أو رممتها وزارة الصحة التركية بمختلف المدن بالتعاون مع المجالس المحلية.

ساهمت تلك المستشفيات في بادئ الأمر بتوفير معظم الخدمات الطبية التي يحتاجها الأهالي، لكنها تسجل اليوم تراجعاً في تلك الخدمات نظراً لاكتظاظ المنطقة بالسكان النازحين إليها خلال السنوات الماضية، إلى جانب تقاعس الكثير من الأطباء عن العمل لأسباب كثيرة معلنة، لكن يرتبط معظمها بانخفاض قيمة الأجور الشهرية التي يحصل عليها الأطباء، مما يدفعهم إلى البحث عن فرص عمل في مستشفيات ونقاط طبية تدعم بشكل مباشر من المنظمات لا عن طريق وزارة الصحة التركية، كما يقول موظف إداري في إحدى المستشفيات لعين المدينة.

مستوى الرعاية الصحية:

يقول ممرض في إحدى مستشفيات المنطقة، أن عدد المراجعين في المستشفيات العامة يتجاوز 3600 شخصاً في اليوم، وذلك دون احتساب عدد المراجعين في المستشفيات الخاصة التي يبلغ عددها 16 مستشفى تنتشر بين مدينة الباب وأعزاز ومارع وعفرين.

أما المستشفيات العامة فينتشر في المنطقة نوعان من المستشفيات، الأول تدعمه المكاتب الطبية في المجالس المحلية بالتعاون مع وزارة الصحة التركية، ويديره طبيبان سوري وتركي، وينتشر في مارع، الباب، أعزاز، سجو، الراعي، جرابلس وعفرين.

تحوي هذه المستشفيات التي يصطلح عليها محلياً ب"المستشفيات التركية" 805 أسرّة، (مستشفى جرابلس 50 سريراً، مارع 80، الراعي 200، الباب 200، الوطني في أعزاز 200، عفرين 75 سريراً) حسب ما زود به "عين المدينة" المرض الذي طلب عدم ذكر اسمه، ويداوم فيها ستة أطباء باختصاصات مختلفة، لتقديم المعاينة المجانية للمرضى، الدين يتراوح عددهم في المستشفى الواحد بين 200 و300 شخص، كما تستقبل مجتمعة في قسم الإسعاف بين 100 والـ 200 مريض في اليوم. وتغيب فيها الجراحة العظمية والعصبية، والشنط الدماغي، والجلدية، وبراغي تثبيت الدسك، والقلبية، والقسطرة والوصلات.

النوع الثاني من المستشفيات، تلك التابعة لوزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، وتديرها مديرية صحة حلب، وتساهم فيها منظمات عن طريق إدارتها وتشغيلها. يصل عدد الأسرة التي تحويها إلى 400 سرير.

لا يتوفر إحصاء رسمي لعدد سكان المنطقة الممتدة من عفرين حتى جرابلس، لكن عاملين في الشأن العام يقدرونه ب 2 مليون نسمة، وعليه يصل عدد الأسرة المتوفرة في المستشفيات العامة إلى 6 أسرّة لكل 10 آلاف نسمة، وهي نسبة لا تصل إلى النصف من نسبتها في دول الجوار العربي، لكنها تبقى جيدة قياساً إلى مناطق السيطرة الأخرى التي تعاني من قطاع صحي متهالك.

الدافعية للعمل:

عبد القادر ياسين دخل إلى مستشفى مارع لإجراء معاينة عند طبيب الداخلية، بعدما نقلته سيارة إسعاف نتيجة شعوره بالدوران وعدم الاتزان وفقدان وعيه، لكنه خرج من المستشفى دون معاينة بسبب إلقاء كل من الطبيبين الموجودين مسؤولية معاينته على الآخر. رأى عبد القادر أن المستشفيات كانت في "بداية عملها تقدم جميع الخدمات الطبية للمرضى، دون وجود أي معوقات أو مشاكل، إلا أنها في الآونة الأخيرة أصبحت سيئة المعاملة".

تزايدت مطالبات الأطباء السوريين بتحسين أجورهم في الفترة الأخيرة بسبب تراجع سعر صرف الليرة التركية، لكن المطالب بالمساواة مع زملائهم الأتراك لم ينقطع يوماً، إذ يبلغ راتب الطبيب السوري في المستشفيات التركية 1500 ليرة تركية، بينما يصل راتب الطبيب التركي في ذات المستشفيات مضافاً إليه "بدل المهمة" إلى 8 آلاف ليرة. ويقول أحد العاملين في مستشفى مارع أن الأطباء يتجهون اليوم إلى "ترك عملهم التعاقد مع المستشفيات التي تدعمها المنظمات لأن الرواتب فيها أفضل، بينما بقي بعضهم لإمكانية الدخول والخروج من سوريا".