الفراعنة الجدد

من موقع hassanbleibel.com

من الجزائر إلى سوريا، مروراً بليبيا ومصر، تتزاحم الجماهير السعيدة لتجدّد البيعة، أو لتبايع للمرّة الأولى وإلى الأبد قادةً قرروا تحمّل المسؤولية تحت "ضغط وإلحاح" الشعب.

أبى قنفذ الجزائر إلا أن يكون "خادم الجماهير" ولو على كرسيٍّ متحرك، فهو سليل نظامٍ ضحّى بمئات الآلاف من مواطنيه ليطهّر البلاد من "الإرهاب والإرهابيين"، الذين حاولوا أن يعيقوا مسيرة الجزائر "الظافرة"، دون أن ينسى تبادل الخبرة والخبراء مع رفيقه أسد الأسود أبو حافظ المقدام. ومن ليبيا يطلّ علينا "في هذا الظرف العصيب" وجه الجنرال خليفة حفتر (عفواً مناف طلاس) ليحدّثنا عن تفويض الشعب له بالقضاء على الإرهاب وإعادة الاستقرار وتبديل لون الكتاب من الأخضر إلى ما يشاء. كان حفتر ضابطاً في الجيش الليبيّ. أُسِرَ في تشاد وحرّرته الولايات المتحدة ومنحته اللجوء السياسي، فأقام هناك من 1992 وحتى انطلاق الثورة. ومن مصر يتقدم الفرعون المسخ c مربّع، بابتسامةٍ خبيثةٍ ومقزّزة، متأبطاً أوراق اعتماده مندوباً سامياً جديداً للولايات المتحدة، التي كان يدرس في إحدى أكاديمياتها العسكرية منتصف العقد الماضي. قال أحد الكُتَّاب الأجانب: "السيسي ضغط على الزناد، لكن الغرب هو من لقَّم له البندقية". السيسي ليس بلا إنجازات، فقد قضى على "مهندس الإرهاب" محمد مرسي، وهو في طريقه الآن إلى القضاء على أكثر من نصف الشعب المصريّ لاختيارهم مرسي رئيساً لهم، يسانده في هذا الإنجاز منافسه "التقدميّ الناصريّ" حمدين صباحي. ومع حمدين هناك عمرين وحسنين ومجموعةٌ من راقصات شارع الهرم اللواتي أرعبهنّ الهجوم الشرس الذي تعرّض له فن هزّ البطن والأرداف من قبل مرسي "الرجعي". تضاف إلى هؤلاء جوقة الطبالين الليبراليين ومراكز الدراسات المتعدّدة الأسماء ذات البرستيج المدني. ولكنهم ينامون قريري العين الآن، بما فيهم مرضى الإيدز، الذين وجد c مربع علاجاً لهم قبل أن يبدأ حكمه الرشيد.
اما في سوريا "الأسود"، التي تم حقنها مؤخراً بقردين لإضفاء جوٍّ من الفكاهة على العرس الديمقراطيّ، فقد بدأت الألعاب النارية للاحتفالات قبل 3 سنوات. ونتيجة توقعاتٍ مؤكدةٍ بتدفق السياح من شتى بقاع العالم غادر ملايين السوريين مدنهم وقراهم ليفسحوا مكاناً للضيوف لمشاهدة حفل الألعاب النارية الذي تزينه براميل حلوى تسقط من السماء. ليس مضحكاً قرار نظام البغي والنتانة إجراء انتخاباتٍ رئاسيةٍ في بلدٍ قام هو وحلفاؤه بتدميره - إن لم تستحِ فافعل ما شئت - لكن المضحك والباعث على التقيؤ أن إيران، وربما معها كوريا الشمالية، سترسل لجنةً لمراقبة الانتخابات. سيفوز المجرم طبعاً، وسيعترف فرخاه بالهزيمة ويباركا لسيدهما ثقة الشعب به، وسيدبك الدبيكة حتى صياح الديك (علي الديك مالو علاقة)، وستتزاحم وجوه شبيحة التحليل الإستراتيجي على شاشات التلفزة الموالية لتحدثنا عن معاني ومغازي هذه العملية السوبر ديمقراطية التي لم يسبقنا إليها أحد. وسيفتح لافروف شدقيه بعد أن يقطب حاجبيه، ليتكلم عن سيادة سوريا وخيار الشعب الذي يجب أن يُحترم. وسيطالب العيطة سمير والضجة والزمبليطة ومعهم علي حيدر، وزير المصالحة الوطنية الأنيق والرقيق وليس قائد الوحدات الخاصة السابق، بفتح صفحةٍ جديدةٍ وشوية تبويس شوارب وحشد القوى للزحف إلى القدس وتل أبيب على أنغام أغنية "عبيلي الجعبة خرطوش وهيأ لي هالبارودة".
يذكّرنا البعض بأن الأسد فقد شرعيته مع سقوط أول شهيدٍ في درعا، لكن الواقع يقول إن النظام البعثيّ ثم الأسديّ، من 1963 وحتى اللحظة، لم يكن يملك مثقال ذرّةٍ من الشرعية. استلم السلطة بانقلابٍ عسكريّ، وبعد 1970 أجرى استفتاءاتٍ تفرض على الشعب أن يختار إما الأسد أو الأسد (واللي ما عجبو ينطح راسو بالحيط) وسجن تدمر وغيره يرحب بكم. من يتربّع على كرسيّ السلطة هنا يفعل ذلك بقوة البسطار العسكري، مع تشكيلةٍ من الجلادين الخشنين والناعمين تضمّ لصوصاً ومبخّرين متمنطقين من حملة الدكتوراه ومنظّري "الطبقة الواحدة" و"لا حياة في هذا الوطن إلا للتقدم والاشتراكية"، وغيرها من مقولاتٍ يعرف شعبنا ترجمتها جيداً. نظامٌ كهذا لا يفكر بحلٍ سياسيٍّ حقيقيٍّ أساسه إعادة السلطة إلى الشعب، ولا يليق به إلا مصير رفيقه في الإجرام معمّر القذافي. لكن حذار من الحفاتر يا ثوّار سوريا...