الشعيطات عشيرة ووسيلة ووسم

"من صفحة "سما الشعيطات

صار اسم عشيرة الشعيطات أوسع شهرة من أية عشيرة سورية غيرها بسبب المذبحة الرهيبة التي ارتكبتها داعش بحقها قبل ثلاث سنوات، وزاد عدد الضحايا من المدنيين حينها على (700) قتيل.

قبل الثورة كان أبناء عشيرة الشعيطات لا يعرّفون أنفسهم بالعشيرة، بل بالبلدات الثلاثة التي يتحدرون منها، أبو حمام، الكشكية، غرانيج. ولعل من المفارقة أن يفتتح الناشط الإعلامي في الأشهر الأولى من الثورة عبد الرزاق العيسى هذه البدعة، بإطلاق لقب (أبو علي الشعيطي) على نفسه، خلال مداخلاته على القنوات الفضائية. وقبل أن ينتمي لتنظيم داعش ويصبح واحداً من أسباب المذبحة التي ارتكبها التنظيم بأبناء العشيرة. كان لانخراط العشيرة المبكر في المظاهرات ضد النظام، ثم تزايد أعداد المقاتلين منها في كتائب الجيش الحر، والتنافس بين حواضن الثورة المكانية والعشائرية على تأكيد الأسبقية فيها؛ دور في الإعجاب ببدعة (أبو علي الشعيطي) لدى شعيطات آخرين، عرفوا أنفسهم بهذه النسبة، ورحب غيرهم بتعريفهم بها. في محل ثانٍ ظهر اسم العشيرة، حيث شجع موقع بلداتها الثلاثة القريب من عشرات الآبار النفطية غزيرة الإنتاج، أفراداً وعائلات ظلت نسبتهم ضئيلة من الشعيطات على الاستيلاء على هذه الآبار، خاصة في العام 2013 والنصف الأول من العام 2014.

حمل النصف الثاني من ذاك العام شهرة عالمية للشعيطات، بارتكاب تنظيم داعش مذابح مروعة بحق أبناء العشيرة عقاباً على انتفاضتها ضد التنظيم، الذي عدّ مجرد الانتماء إليها تهمة توجب القتل الفوري. استعمل البعض هذه المأساة وسيلة تكسب وتجارة ومشيخة زائفة، وصار الوسم #شعيطات مقترناً بالحرب ضد داعش، ومجلبة تعاطف استغلها أفراد هنا وهناك لجمع تبرعات لم تصرف في حالات كثيرة على منكوبي العشيرة. وتصاعدت نقمة داعش وريبتها بالشعيطات إلى حد أن تعمم فيه إرشادات خاصة على القادة والعناصر في صفوف التنظيم، والعراقيين منهم خاصة، بالحيطة والحذر من كل شعيطي مهما كان، ولم يتورع (أمير) عراقي في علاقات داعش العامة ل(ولاية الخير) يلقب ب(أبو صهيب العراقي) عن القول مرة أن «نواقض الإسلام عشرة، والشعيطات ناقضها الحادي عشر». ومع انهيار داعش، واتساع ظواهر الهروب من صفوفها، يزوّر بعض قادة وعناصر وثائق شخصية تجعلهم شعيطات، وكشفت بعض الحوادث استعمال عراقيين وخليجيين، وتونسيين أيضاً، بطاقات مزورة تجعلهم من أبو حمام أو الكشكية أو غرانيج، ويساعد الوسم (#شعيطات) في إخفاء هوياتهم الحقيقية.

يمتد استغلال النسبة في مناطق سيطرة النظام، حيث يعمل أصحاب سوابق وسماسرة بانتحال الاسم، وينشطون تحته بعمليات نصب وسرقة واحتيال. ومن جانبه استغل النظام مأساة العشيرة لخدمة أهدافه بطرق شتى، كان آخرها تجنيس عراقيين من ميليشيات طائفية على أنهم شعيطات فقدوا وثائقهم الشخصية خلال المذبحة، حسب شهادة قاضٍ من مدينة تدمر. 

وفي الشمال السوري، وتحديداً إدلب، عمدت فصائل كبيرة مثل هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام وجيش الإسلام إلى استخدام اسم الشعيطات خلال صراعاتها كمقاتلين أشداء لا يعرفون الرحمة من باب إرهاب الخصم؛ كما حصل في الاقتتال بين جيش الإسلام وجبهة فتح الشام -الهيئة لاحقاً-، حيث تلاسن عناصر من الطرفين على قبضات اللاسلكي بعبارات مثل «إحنا الشعيطات ولاك، جايينكم، إلا نقطع روسكم»، رغم غياب أي شعيطي من الطرفين المتشاجرين، وكانوا من حلب وإدلب وحماة. وخلال اقتتال (الهيئة) مع (أحرار الشام)، قرب معبر باب الهوى، راجت شائعة أن رامي رشاش ثقيل -23 مم- في صفوف الهيئة من عشيرة الشعيطات، يدعى (أبو محمد الحمصي)، كان يتقصد خلال المعركة قتل المدنيين، ودون أن ينتبه أحد إلى أن هذا المقاتل ليس من الشعيطات، ولا من دير الزور، بل من حمص كما يدل لقبه. ويمكن لكل نازح من أبناء العشيرة في مكان ما في الشمال أن يروي حكايات عدة تظهر حجم المغالطات الهائل حول العشيرة، والتي وصلت إلى حد أن يتساءل طبيب أطفال في بلدة سرمدا «مو الشعيطات شيعة؟» خلال حديثه مع أحد أبناء العشيرة، الذي لم يجد نفياً لذلك سوى مقطع مصور على موقع يوتيوب، يظهر مشاركة مقاتلين في الجيش الحر من الشعيطات بمعركة ضد مجموعة شيعية مسلحة في بلدة حطلة في العام 2013.