الشبيحة بقفازات من حرير

من الإنترنت

بمناسبة عيد الأم استقبلت أسماء الأسد عدداً من النسوة القادمات من حلب ممن قتل أبناؤهن مع جيش النظام في المعارك هناك. بثت إحدى الفضائيات المحلية كلمتها أمام هاته النسوة، كما أصدرت رئاسة الجمهورية هذا الحدث على شكل فيلم فيه من البؤس والحزن ما يدعو إلى الرثاء. يبدأ باستقبال «السيدة الأولى» الأمهات عند باب القصر الجمهوري بالقبلات والعناق، ومساعدة بعضهن في صعود الدرجات القليلة في «لفتة إنسانية» لا تستغرب عن آل الأسد.

سننقل بعض الكلمات «التاريخية». بدأت أسماء الكلام عن «تحرير حلب» الذي وصفته «كما قال السيد الرئيس.. بأنه قد غيّر وجه التاريخ». نعم، دفعةً واحدة. لا يقصد بشار وزوجته تاريخ سوريا. كلا، بل التاريخ بالمطلق. كيف؟ لا أحد يوضح، ولا حتى السيدة الأنيقة التي كانت تتكلم بثقة كبيرة وهدوء شديد مع حركات لليدين وتعابير للوجه مدروسة بعناية فائقة. بينما كانت الكاميرا تنقل تعابير وجوه الأمهات وإصغائهن التام إلى درجة الخشوع.

تحاول الجملة التالية أن ترتقي قليلاً في اللغة بطريقة فنية لا يقدر عليها الشبيحة العاديون: «أهل حلب رجعوا يعمروا المعامل اللي سرقها ابن الجيران». الذي يسرق لا يدمر، وهذه زلة منك أيتها الشبيحة الناعمة! أما ابن الجيران فزلة أخرى. ولكن لنلتقط جواهر الكلام قبل وقوعها إلى الأرض: «التاريخ يكتبه الأقوياء لكن في سوريا يكتبه الحق». الشعوب دائماً على حق سيدة أسماء، ولذلك تكتب تاريخها بدمائها وبكائها وحزنها وجوعها وبردها، بمعتقليها وأطفالها المشردين، كما تحدثت أنت عن «أطفال الحرب اللي عاشوا الدبح والإجرام والوحشية والخيانة، واللي أكتر من هيك سمعوا مصطلحات وتقسيمات غريبة عنا...». نعم، هذه المصطلحات الغريبة عنكم، التي رددها أطفال سوريا ورجالها ونساؤها، هي ما يخيفكم أيها الطغاة. كلمات مثل الحرية والكرامة وياالله ارحل يا بشار هي التي ترتعد أوصالكم منها. وأخيراً جاء أفضل ما تفوهتِ به في تلك الأمسية التشبيحية الباردة: «القاتل والمجرم ما بيعرف يبني أحلامو إلا بالكذب والسرقة... اللص بيضل لص... بيعيش لص وبيموت لص». كأنك تقفين أمام المرآة!