الرقة التـي تتقن حمل القلم قبل السلاح حملة "لــن أترك مدرستي"

عدسة أحمد - خاص عين المدينة

بعد تحرير محافظة الرقة، قامت قوات النظام بالانتقام من المدينة، كما تفعل في كل المناطق التي تخرج عن سيطرتها، فقصفتها بالطائرات وقذائف المدفعية والهاون. مما جعل المدينة في حالة من الموت دفعت الكثير من التجمعات الثورية المدنية إلى العمل بشكل جاد لإعادة الحياة إلى الرقة، ولإبراز دور الأطراف الثورية كبديل عن النظام من جهة تسيير الأمور فيها على كافة الصعد. وفي قطاع التعليم تم إطلاق حملة "لن أترك مدرستي" من قبل هيئات شبابية لإعادة فتح المدارس. فريق عين المدينة استطلع الوضع في هذا الجانب...يقول محمد، وهو عضو في تجمع شباب الرقة الحر: "بعد تحرير الرقة نزح قسم كبير من الأهالي بسبب القصف.
وكانت الدوائر الحكومية والأسواق والأفران مغلقة، فحاولنا من خلال التجمع، وبالتعاون مع تجمعات أخرى، إعادة الحياة إلى المدينة. فقد اقترح مجموعة من الشباب تنشيط الحركة التعليمية..
فقمنا أولاً بإحصاء المدارس ثم اخترنا مجموعة منها حسب الحاجة لإعادة تأهيله كي تصبح جاهزة لدوام الطلاب، وتقاسمنا المهمات بين تنظيف هذه المدارس وتغطية النقص من المقاعد الدراسية وسلمناها للمسؤولين عن هذا الموضوع". ويقول فراس، وهو مدير إحدى المدارس الابتدائية: "كنت مديراً لهذه المدرسة قبل تحرير المدينة. وبدأنا باستقطاب الطلاب ابتداءً من الأهالي النازحين في هذه المدرسة وانتهاءً بإلصاق منشورات على جدران المدينة لدعوة الطلاب إلى المدارس. وقد اجتمعنا بالأهالي لإقناعهم بضرورة إرسال أبنائهم، فالأوضاع الراهنة قد تستمر لفترة طويلة. كما قمنا بتغيير وقت الدوام من الفترة الصباحية إلى فترة الظهيرة لأن الطيران الحربي ينشط في الصباح. وقد لاقت الفكرة قبولاً جيداً من الأهالي. وقمنا بعد ذلك بفرز الطلاب كل حسب مستواه...".
أما رهام، وهي معلمة متطوعة، فقد قالت: "كنت من بين المشاركين في حملة "لن أترك مدرستي". وبما أنني خريجة كلية التربية لذا قررت أن أقوم بالتدريس... أغلب طلابنا هم من الأطفال بين صفّي الأوّل والثالث، لذلك نقوم أنا وزملائي بترفيه الأطفال بالإضافة إلى تدريسهم، فالبسمة غابت عن وجوههم منذ تحرير الرقة... بسبب القصف".


_DSC0027-(Large)

ولإسماعيل قصة طريفة، فهو أحد عناصر الجيش الحر، وقد تطوع ليدرس الطلاب مادة اللغة الإنكليزية. يقول: "كنت أعمل كمندوب مبيعات في إحدى الشركات، وخبرتي في اللغة الإنكليزية كبيرة. وما دفعني إلى التدريس في هذه المدرسة هو رغبتي في تقديم المساعدة خارج العمل المسلح. وقد تستغربون من ذلك... ولكني أكره السلاح واضطررت إلى حمله كي أدافع عن أهلي ضد هذا النظام الهمجي. وأنا سعيد جداً عندما أكون في المدرسة. كما لدي القدرة على الفصل تماماً بين كوني عنصراً في الجيش الحر وبين عملي هذا... فأنا لا أحمل السلاح أبداً في المدرسة، وأحاول قدر الإمكان إبعاد هذا الموضوع عن ذهن الأطفال. وعندما يسألني التلاميذ عن الجيش الحر والسلاح أجيبهم بأنهم يجب أن يهتموا بأمور أخرى". إن إصرار الطلاب والأساتذة على العودة إلى   المدارس ليس إلا وليد الإصرار على الحياة بشكل عام. وإن الاشتباك الذي قد يجري بجانب المدرسة ما هو إلا طريق لفتح مدرسة أخرى. أما محاولات النظام لتدمير كل البنى التي تنشأ في المناطق المحررة فهي جزء من إصراره على إبادة أي جانب حي وفكري في هذا الشعب الذي لا يمكن إغلاق باب المدرسة في وجهه.