التفكير بالمستقبل والبدائل بعد إيقاف إدخال المساعدات الأممية

محمد الرفاعي - Getty

خلقت التقارير التي تشير إلى احتمال توقف وصول المساعدات الأممية إلى الشمال السوري وحصرها بالمعابر التي يسيطر عليها النظام، حالة من القلق والترقب في صفوف المدنيين وخصوصاً النازحين، بعد انتشار معلومات عن تعرض المنطقة لكارثة غذائية وصحية وخدمية في حال عدم تمديد قرار تمديد دخول المساعدات، في الوقت الذي يفكر فيه ناشطون بالبدائل.

مع 11 تموز المقبل، سوف تنتهي آلية العمل الحالية لإيصال المساعدات الأممية العابرة للحدود إلى سوريا من معبر باب الهوى على الحدود التركية-السورية بالقرب من محافظة إدلب، في حال لم يتم تمديد العمل بها في مجلس الأمن، وهو ما تعمل روسيا على الوقوف بوجهه لمنح نظام بشار الأسد بعض الشرعية الدولية عبر قرار حصر إدخال المساعدات الأممية من المعابر التي يسيطر عليها.

محمد العبد الله نازح في مخيم سرمدا بريف إدلب الشمالي، عبّر عن خوفه من توقف عمل المنظمات الإنسانية في حال توقف دخول المساعدات، معتبراً أن معيشة النازحين تعتمد بشكل أساسي على الدعم الذي يصلهم بشكل شهري من المنظمات الأممية.

وكشف العبد الله أنه يحصل على سلة غذائية بشكل شهري يقدر قيمتها بـ250 ليرة تركية، تضم مواد غذائية وسلة نظافة، ويحصل على المياه بشكل مجاني وكيساً من الخبز بشكل يومي يساعده على تحمل أعباء المعيشة. وأضاف: "إذا وقفت أكيد رح نموت نحن وولادنا من الجوع".

يسرى العمر موظفة في قسم التعليم في منطقة أطمة بريف إدلب الشمالي، تخشى من توقف راتبها الذي تؤمن من خلاله لعائلتها مصاريف المعيشة، في حال توقف الدعم الأممي الذي يمكن المنظمات من دعم المدارس. وتذكر العمر أن المنظمات الإنسانية هي "المحرك الأساسي لعجلة الاقتصاد" من خلال توفير رواتب للموظفين، ومساعدات غذائية وقسائم مالية للنازحين، ما سيؤدي إلى "شل حركة الاقتصاد وانتشار الفقر بشكل جنوني" إن توقفت المنظمات عن العمل.

وتعتبر يسرى العمر أنه لا يوجد مدخول للمدنيين والنازحين سوى عن طريق المنظمات والمشاريع التي تؤمن من خلالها آلاف فرص العمل، لذلك فتوقف تدفق الأموال سيؤدي إلى حالة أشبه بالحصار الذي طبقه النظام السوري سابقاً في مناطق انتفضت في وجهه.

وحذر فريق "منسقو استجابة سوريا" عبر بيان أصدره مؤخراً من التبعات الإنسانية بعد انتهاء المدة الزمنية لآلية التفويض الخاصة بإدخال المساعدات عبر الحدود إلى مناطق الشمال السوري وعدم تمديد القرار، موضحاً أن التأثيرات ستؤدي  إلى حرمان  ١.٨ مليون نسمة في إدلب يستفيدون من المساعدات الإنسانية، وكذلك انعدام المياه لحوالي 3.2 مليون نسمة وحرمان مليون مدني من الخبز المجاني والمدعوم، إضافة إلى انخفاض عمل المراكز الصحية إلى 50 بالمائة، وانعدام الخدمات بنسبة 75 بالمئة عن المخيمات.

سامر العبود هو موظف في مجال قطاع الدعم النفسي في أحد المراكز في ريف إدلب الغربي، يخشى من توقف مشاريعهم في حال تم إنهاء تمديد إدخال المساعدات الإنسانية، معتبراً بأن راتبه هو المصدر الوحيد لمدخول عائلته وعائلة شقيقه وحتى والديه.

وذكر العبود بأنه راتبه الشهري يقدر بـ400 دولار أمريكي وهو قادر على إعالة عائلتين في الشمال السوري، ولكن بنفس الوقت لا يمكن للعائلة أن توفر أي شيء من المبلغ في حال انقطعت الرواتب ولم يبق مدخول شهري.

ويصف العبود الوضع في حال توقف عمل المنظمات الإنسانية قائلاً: "أكيد رح تصير مجاعة، لان ما رح يضل شغل، واللي معه شهادة ما بقدر يشتغل بالحجر والعمار، والناس مدخولها الوحيد وظايف المنظمات".

ولخص محمد حلاج عضو فريق "منسقو استجابة سوريا"، في حديث مععين المدينة، البدائل المطروحة عن المساعدات الأممية العابرة للحدود، بأنها تنحصر في عودة المنظمات إلى العمل بالآليات التي كانت تعتمدها قبل قرار مجلس الأمن الأساسي لإدخال المساعدات عبر الحدود، أو الضغط لتحويل ملف المساعدات الأممية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي التصويت على قرار إدخال المساعدات بالأكثرية، أو التحول إلى الاعتماد على توزيع القسائم المالية والدعم المباشر للمنظمات في الداخل.

ورأى الحلاج أن الخيار الأخير فيه خطورة، بسبب تهديد الطيران الروسي لقوافل المساعدات في حال دخولها بالاعتماد على الدعم المباشر، بينما فضل البحث عن مشاريع "النقد مقابل العمل" لإدخال المساعدات عن طريق القسائم المالية من جهة، وتشغيل الأيدي العاملة من جهة أخرى.