دروس المعارك الأخيرة

خاض الثوار، مؤخراً، ثلاث معارك يجدر التأمل فيها لاستنتاج بعض المعطيات. كانت الأولى باسم #الموت_ولا_المذلة في مدينة درعا، والثانية #يا_عباد_الله_اثبتوا على أطراف دمشق، والثالثة معركة #وقل_اعملوا في ريف حماة.

 اختلفت هذه المعارك في القوى التي أطلقتها، من الجيش الحر في درعا إلى هيئة تحرير الشام، وهي الفصيل الإسلامي الأبرز الآن، في حماة، مروراً بفيلق الرحمن الوسطي في معركة حيّ جوبر الدمشقي. كما اختلفت أسباب المعارك؛ ربما فعل جمود جبهات درعا فعله لتبرئة المشاركين من تهمة الإخلاد إلى أوامر الداعم، بينما بدت معركة دمشق استباقية في ظل شهية النظام المفتوحة على أرياف دمشق اللصيقة، أما في حماة فجاء «استكمال» المعركة التي أطلقت في الصيف الماضي بمثابة ورقة الاعتماد التي تريد هيئة تحرير الشام دخول «الساحة» بها.

 غير أن ما يجمع هذه المعارك الثلاث أكبر بكثير مما يميز بينها، وهي الأمور الجديرة بالتأمل. فبخلاف كلام صار شائعاً إلى درجة الإملال عن أن الفصائل أصبحت مجرد بيادق تتحرك وفق رغبات الداعم وتتوقف عند حدودٍ يرسمها، لا يبدو أن هذه حال المعارك الثلاث التي تعرّض بعضها إلى إغلاق باب استقبال الجرحى في دول الجوار. والحق أن هذه فرصة لنراجع أوهامنا السهلة الشائعة، ولنعاود احترام جهودنا العسكرية المستقلة، دون أن يعني هذا تجاهل التأثر المفروض بالداعمين الإقليميين وسواهم وفق مقتضيات الحال لا بناء على التبعية البلهاء والعمالة الرخيصة التي نتراشق بها دون حساب.

 كما ميّز هذه المعارك تقدّم سريع للثوار والفصائل على حساب قوات النظام التي راحت تنهار هنا وهناك حتى تدخل قوى أخرى؛ هي داعش التي خرجت من سباتها في حوض اليرموك وهاجمت الجيش الحرّ من الخلف، كما هي العادة، والقوات الروسية والعراقية في شارع فارس الخوري بدمشق، وبقايا قوات النظام وميليشياته التي تجمعت من حلب وسواها وانطلقت إلى حماة، وفوق المشهد يحلق الطيران الذي لا يكاد يهدأ لدقائق، حاملاً براميل السارين والفوسفور فضلاً عن الأسلحة التقليدية بكثافة غير مسبوقة.

أدى ذلك إلى التراجع في المعارك الثلاث، ولا سيما في دمشق، ولكن إلى متى؟ وهل يجب على الطيران الروسي أن يبقى في الجو 24 ساعة ليتمكن بشار من البقاء في قصره، كما كتبت صحيفة روسية؟!