إدلب تعيد الأسد إلى حقيقته وتهدم أوهام «النمر»

أطلقت روسيا إشارة البدء، واستعدّ معسكر الشبيحة مسبقاً للاحتفال بـ"النصر"، بل إنّ البعض اشترى فعلاً أطباق الحلوى لتوزيعها في الشوارع ابتهاجاً بالمذابح كالعادة.

وزاد في طنبور معسكر الإرهاب المسمى بـ"الممانعة" نغم جديد، مع إعلان الروس أنّ الحملة على إدلب سيقودها سهيل الحسن، عبر "قوات النمر" التي تشتق اسمها من لقبه الأثير عند مريدي فلسفته الخاوية وهرائه غير المتسق.

لكن انتظارهم طال، حدثت مذابح كما كان متوقعاً، واستخدم السلاح الكيماوي كما كان منتظراً، وشنّ الطيران الروسي حملات القصف البساطي المدمرة مصحوباً بتهليل وأمنيات متوحشة من بعض السوريين -بكل أسف- كما جرت العادة، ولم تسقط إدلب.

الواقع أنّ السؤال عندهم لم يعد حول إدلب عينها، بل حول قرى صغيرة في ريفي حماة وإدلب خسروا فيها مئات من الجنود، وعدداً لافتاً من الآليات وكميّات من الذخائر والأعتدة، وغرقت أسطورة "النمر" الوهمية في وحل الكرّ والفرّ المكلف، وترنّحت الخطابات التعبوية والإنذارات النهائية بين صور الجثث والآليات المحترقة.

نعم، دفعت إدلب وريف حماة ثمناً باهظاً، وقد تستمران في دفعه مادام في دمشق من يعتقد أنّ قتل السوريين هو ممر النجاة، وفي موسكو من يعتبر أنّ استعراض القوة الكاسحة والقاتلة فوق رؤوس المدنيين هو ممر الإمبراطورية المستعادة، وفي طهران من يظنّ أنّ دفع أمواج جديدة من اللاجئين سينقذ الاتفاق النووي.

يطول شرح وتفنيد أسباب فشل الحملة الأكبر حتى الآن على إدلب، غير أنّ حقيقة واحدة ستظل شاخصة إزاء أنصار "تأبيد الطغيان"، وهي أن نظام بشار الأسد لم يعد موجوداً كنظام فعلي، وهو لا يملك من أمر قوّته شيئاً، إلى درجة أنه عاجز عن مناقشة تسمية قائد حملة عسكرية تشن باسمه على أرض سوريّة وضد مدنيين سوريين.

ومع توقّع صعوبة بالغة في قدرة الشبيحة على تجاوز عقلية "الاعتقال الذاتي" والوله بالسجّان، فإنّه من الممكن أن تكون إدلب قد أقنعت البعض بحقيقة أنّ نظام بشار الأسد ليس الآن سوى واجهة سياسية مهترئة لتقاطع مصالح يقود مليشيات متفاوتة القوة ومتضاربة الولاء، لكنها كلّها مدموغة بالإرهاب والتخلف العميق والطائفية العنيفة.. والمصير القاتم المحتوم