أهالي عين الفيجة وبسيمة يفقدون أي أمل بالعودة إلى منازلهم

عين الفيجة في وادي بردى بريف دمشق ويظهر في الصورة مجرى نهر بردى والأحياء المدمرة بالكامل 2018 - فيسبوك

لم تفلح جهود أهالي قرية عين الفيجة في استرجاع عقاراتهم التي استملكها القانون رقم 1 للعام 2018 على جانبي نبع الفيجة والنفق المار من البلدة وصولاً إلى دمشق، و"زاد الطين بلة" ما فعلته وزارة دفاع النظام التي وضعت يدها على ما تبقى من عقارات.

 يعيش حالياً سكان القرية إلى جانب سكان قرية بسيمة، على أمل وعود كاذبة مصدرها مسؤولو النظام، بدءاً من رئيسي الحكومة السابق عماد خميس، والحالي حسين عرنوس، وانتهاء بمحافظ ريف دمشق معتز أبو النصر جمران.

 يرجح أبو محمد البرداوي أحد نشطاء وادي بردى في حديثه لـ"عين المدينة"، أن وعود العودة التي يطلقها المسؤولون منذ العام 2018 بعد سنة ونصف من إفراغ عين الفيجة وبسيمة -على خلفية المعارك التي جرت حينها مع قوات المعارضة- ستكون إلى وادي بسيمة حصراً، وهو منطقة جرداء تطل على قرية بسيمة، وتقع بينها وبين حلبون وجرد أفرة وجرد الفيجة.

 بينما يؤكد عدد من سكان المنطقة لـ"عين المدينة"، أن القريتين جرى تدميرهما لاسيما عين الفيجة، بشكل تستحيل معه العودة. ويرى السكان الذين تفرقوا في مناطق ريف دمشق عقب عمليات التهجير، أن المنطقة لن تعود إلى أصحابها، فهناك خطة مبيتة من النظام للاستحواذ عليها.

 إفراغ المنطقة

في 28 كانون الثاني 2017 انتهى القتال بين قوات المعارضة والنظام السوري في منطقة وادي بردى، وذلك بعد موافقة المعارضة على اتفاق "المصالحة"، والبدء بالانسحاب من الوادي باتجاه محافظة إدلب عبر حافلات التهجير.

وفور انتهاء الحملة العسكرية، منعت حواجز النظام أهالي بسيمة وعين الفيجة من العودة إلى المنطقة، رغم الوعود السابقة في الاتفاق. وعقب التهجير وعد النظام بإنشاء ضاحية بردى كسكن بديل لأهالي القريتين، لكن دون أي تقدم يذكر.

يقول البرداوي إن القانون استملك حرمي النبع والنفق لصالح مؤسسة نبع الفيجة، بينما لجأت وزارة الدفاع إلى استملاك باقي العقارات في المنطقة، وهو ما جعل العديد من الأهالي يلجؤون إلى إقامة دعاوى ضدها، كما راجعوا الحكومة والدوائر العقارية لاستعادة بيوتهم دون أية نتيجة إيجابية بهذا الخصوص، باستثناء ما جرى مع أحد محامي المنطقة الذي رفع دعوى تظلم وتعدي ضد وزارة الدفاع وربح القضية، علما أن منزله قريب جداً من حرم النبع ولا يبعد عنه سوى 150 متراً.

 استملاك بحكم القوانين الجائرة

نص القانون رقم 1 للعام 2018 على استملاك العقارات وأجزاء من العقارات الواقعة ضمن الحرم المباشر لنبع الفيجة، أما باقي الأراضي التي يمر منها نفقا جر المياه من النبع إلى دمشق وتقع وسط بلدتي عين الفيجة وبسيمة، فينص القانون على استملاكها أيضاً، وذلك من خلال إنشاء حرمين لها: مباشر بمسافة 10 أمتار لكل طرف من النفق واعتباراً من محور النفق، وغير مباشر بمسافة 20 متراً لكل طرف من النفق واعتباراً من محور النفق متضمناً الحرم المباشر.

ومنعت المادة الخامسة من القانون القيام في الحرم المباشر (لنبع الفيجة ونفقي جر المياه من نبع الفيجة إلى دمشق) بأي أعمال حفر أو ردم أو إحداث مقالع أو نقل الأحجار والأتربة من الحرم أو إقامة المنشآت والمساكن أو المخيمات بكافة أشكالها، وأياً كان السبب. كما عدل القانون المخطط التنظيمي لبلدتي الفيجة ودير مقرن، بحيث تلغى المناطق السكنية منه الواقعة ضمن الحرم المباشر.

 خطة مبيتة

لم تلتزم حكومة النظام بما حدده القانون رقم 1 للعام 2018، فقد تم استملاك عقارات كثيرة تبعد عن حرمي النبع والنفق. على سبيل المثال، يبعد المطعم الذي تمتلكه عائلة البرداوي مسافة لا تقل عن 1000 متر عن نبع الفيجة، مع ذلك تم استملاكه من قبل وزارة الدفاع التي وضعت يدها على عشرات المنازل والمطاعم وقامت بتفجيرها بشكل تام ومن ثم استملاك أراضيها.

 يؤكد البرداوي "حتى شجر المنطقة الذي يبلغ عمره 150 سنة تم قصه بالكامل"، لذلك "تبدو عودة الأهالي إلى عين الفيجة ضرب من المستحيل، لأنها عبارة عن كومة من الركام، في حين يعد وضع بسيمة أخف من حيث الضرر، لكن حتى العودة إلى بسيمة صعبة أيضاً".

ويرى أهالي عين الفيجة أن النظام خطط لاستملاك عين الفيجة منذ سبعينات القرن الماضي، وقد قام باستغلال الثورة السورية ووجود فصائل المعارضة في المنطقة لتدميرها وتهجير أهلها؛ فبعد أشهر على إفراغها، لغّم النظام ودمر قرابة 80 بالمائة من بيوت عين الفيجة، لينهي بذلك أي أمل للمدنيين بالعودة إلى بيوتهم.