ألتراس تشرين .. فرقة عسكرية على المدرجات «تحارب الفساد» حيناً وتضرب الحكم أحياناً

لا يعرف صحفيو ولجان التقييم في صحيفة لاغرينتا الفرنسية "La Grinta" المختصة بكرة القدم، الكثير من التفاصيل عن نادي تشرين الرياضي، إلا أنهم صنّفوا إحدى لوحات التيفو في النادي كثالث أفضل تصميم ثلاثي أبعاد عرض في ملاعب العالم خلال الأسبوع قبل الماضي، ومن المعروف عن الموقع أنه ينتقي كل أسبوع 10 لوحات عملاقة ثلاثية أبعاد في ملاعب العالم ليصنفها وفق الحجم والمحتوى.

لوحة التيفو التي صنفت كانت تحمل صورة سفينة وأمواج، وصفها القائمون على إدارة ألتراس تشرين (رابطة مشجعي نادي تشرين)، بأنها تمثل بحّارة تشرين وهم يتجاوزون أمواج الدوري، موجة تلو الأخرى، وقد رُفعت اللوحة في "ملعب باسل الأسد" في اللاذقية، الذي اعتاد الألتراس على رفع لوحات فيه- كثير منها حمل أبعاد طائفية وسياسية؛ وهو الألتراس ذو الشهرة الأكبر على صعيد روابط مشجعي الأندية السورية بالممارسات التي فاقت المعقول في بعض الأحيان، فيما تتميز لوحاتهم وأعمالهم الفنية المرافقة لمباريات ناديهم دائمأً بالحجوم العملاقة والبذخ، وتتميز ألعابهم النارية المستخدمة خلال المباريات وقبلها وبعدها بالعنف، وقدرتها على تحويل المباريات إلى ساحات قتال، وهو ما لا يبدو غريباً عن مشجعي نادٍ أهم صفاته أنه مملوك من قبل شخصيات مقربة من آل الأسد، ومحسوب على الطائفة العلوية في اللاذقية، ومدعوم من قبل مختلف ميليشيات الشبيحة والدفاع الوطني في الساحل ودمشق.

يمتلك "ألتراس الصقور" أو "ألتراس البحارة" -كما يسميه مشجعو النادي أنفسهم- من الجرأة ما يكفي ليرفعوا لوحات عملاقة تتهم الاتحاد الرياضي العام بالفساد، مرفقة بصورة بشار الأسد بالطبع، وتقول "سوا منحارب الاتحاد الرياضي الفاسد"، كما يمكنهم في مباراة أخرى أن يطالبوا بعدم استخدام حكم دمشقي في المباراة التي يخوضها ناديهم، فيما يمكن لرئيس الألتراس معاوية جعفر أن ينزل إلى أرض المباراة ويقوم بضرب الحكم علانيةً وأمام الكاميرات، بسبب احتسابه هدفاً سجله فريق النواعير "الحموي" على تشرين "اللاذقاني"، فيما يحمل أعضاء الألتراس -الذين باتوا أكثر من ألف عضو- مسؤولية الاشتباك مع جمهور أي نادي عقب أية مباراة، مستخدمين فيها ما شاؤوا من أسلحة بيضاء داخل الملاعب، وغير بيضاء خارجه.. بالتأكيد يمكنهم ذلك فغالبية أعضاء الألتراس هم أعضاء في ميليشيات تحكم الساحل السوري ككل بالأسلحة ذاتها.

شهرة ألتراس نادي تشرين بدأت تتجاوز الحدود المحلية، مع تصنيف "الكراكاج" (احتفالية الألعاب النارية) الذي قدمه خلال مباراته مع نادي الجيش في شهر كانون الأول الماضي، كأحد أكبر عروض الكراكاج في غرب آسيا، فيما كان تصوير هدف تشرين في المباراة باستخدام الدرون هو الأول من نوعه في المباريات السورية.

على الرغم من منع ظاهرة الألتراس في سورية رسمياً، واعتبارها "غريبة عن الثقافة المحلية السورية"، "ودخيلة على أساليب التشجيع وتنظيم جماهير الأندية"، إلا أن ألتراس تشرين يتحدى بصرامة أي مؤسسة رسمية رياضية أو غير رياضية، ويعلن عن نفسه بأنه ألتراس حقيقي، يدعو إلى تنظيم جمهوره، وتسليحه بأدوات التشجيع، التي تختلف عما هو معروف وتقليدي بالنسبة لمشجعين كمشجعي تشرين، كما يدعو إلى زيادة عدد أعضاء الألتراس، ويتحدى الاتحاد الرياضي بكل عناد، على الرغم من العقوبات التي نالها مراراً وتكراراً من الاتحاد، فيما تبدو معركة الاتحاد مع ألتراس الصقور حقيقية.

قد لا يصمد فيها موفق جمعة، رئيس الاتحاد المعروف بالقوة والتنفّذ في أروقة النظام السوري، وامتلاك مفاتيح الاتحاد منذ سنوات طويلة، أمام ألتراس نادٍ قادر أن يتحول إلى فرقة عسكرية منظمة ومسلحة ومذخّرة، يمكنها تحويل أي مباراة إلى معركة بالرصاص الحي إن شاءت.