في دورتين يتيمتين.. معهد الإعلام في إدلب درّس تاريخ المهنة وأخلاقياتها فقط

معهد التقاني للاعلام في ادلب (فيس بوك)

مضى عامان على قرار إغلاق المعهد التقاني للإعلام التابع لجامعة إدلب، بعد أن قررت إدارة الجامعة أن تلغي اختيار تخصص معهد الإعلام ضمن مفاضلتها للعام 2019.

كان قرار الإدارة صادماً لأحلام عشرات الطلاب الذين تمنوا أن يتابعوا دراستهم في مجال الإعلام. واتُّخذ قرار الإغلاق دون توضيح مباشر على دفعتين، إذ مُنع في العام الأول استقبال الإناث، وذكرت الإدارة أن السبب هو "عدم توفر كوادر نسائية لتعليمهن"، وبعدها اتخذ قرار الإغلاق النهائي للمعهد.

 وكان المكتب الإعلامي التابع لجامعة إدلب قد أعلن أن أسباب إغلاق المعهد هي عدم توفر الكوادر الجيدة لاستمرار العملية التعليمية، كما أن الإدارة ترى "بحسب المكتب الإعلامي" أن خريجي المعهد من هذا التخصص يكفون لسد حاجة المنطقة في الوقت الحالي، بعد تخريج دفعتين بمدة دراسية لعامين، ووصل عدد الخريجين إلى ٣٠٠ طالب وطالبة.

 أحد كوادر معهد الإعلام الذي فضل عدم ذكر اسمه تحدث لـ"عين المدينة" عن أن إدارة الجامعة اتخذت حججاً واهية وأسباباً غير مقنعة لإغلاق المعهد. موضحاً أن "كادر المعهد علم بأن الإدارة اتخذت هذا القرار، وحاول بكل الوسائل إقناعها بالتراجع، ووعدنا خيراً، لكننا صُدمنا بقرار الإغلاق".

 يقول الأستاذ إن السبب المباشر الذي أدى إلى إغلاق المعهد هو قضية أخلاقية "تحرش"، بين أحد العاملين في المعهد وإحدى الطالبات: "دائرة ضيقة جداً من تعلم حيثيات القصة وعناصرها الرئيسية" قال محدثنا.

 وتابع "كان يجب على الإدارة أن تتجاوز القصة وتجد لها حلاً مناسباً، فلا يصح أن تغلق مؤسسة تعليمية بسبب بعض الأخطاء الفردية".

واستقطب المعهد منذ افتتاحه عشرات الناشطين الإعلاميين الذي عملوا مع مؤسسات إعلامية متخصصة، أو كنشطاء ميدانيين بهدف "صقل مهاراتهم" والحصول على "شهادة أكاديمية تعطي لهم الشرعية لنشاطهم".

 لم يكترث طلاب المعهد بالمشاكل التي كان يعاني منها المعهد، بل على العكس تماماً، فقد أكد معظم من تحدثنا إليهم أن المعهد قدم لهم معلومات جيدة، وأتاح لهم فرصة مناسبة لتطوير تجربتهم؛ محمد حمروش أحد خريجي معهد الإعلام، قال إنه قرر الالتحاق بالمعهد بهدف صقل خبرته الإعلامية التي اكتسبها منذ بداية عمله الإعلامي مع بداية الثورة في ٢٠١١.

 الحمروش الذي كان قد بدأ عمله الإعلامي قبل دراسته بالمعهد، استطاع تطوير خبرات جيدة من حضوره لعدة دورات تدريبية في المجال الإعلامي، وقد أسهم المعهد في تقديم الخبرات النظرية حول أساسيات العمل الإعلامي.

"لم تكن وثيقة تخرجي من المعهد لتتيح لي أي فرص جديدة بالعمل، لأن معظم الجهات الإعلامية تبحث عن الخبرة بغض النظر عن الشهادة الأكاديمية" يقول الحمروش.

 يزن البياع مهجر من ريف دمشق وجد في معهد الإعلام فرصة جيدة للحصول على خبرات أوسع تساعده في عمله الإعلامي. يقول إن الخبرة التي قدمها له المعهد بعد التخرج كانت معظمها نظرية. موضحاً أن "الشهادة الأكاديمية يمكن الاستفادة منها لتدعيم السيرة الذاتية (CV) أثناء التقدم للعمل، ولكن معظم المؤسسات تركز على خبرة الإعلامي وسنوات عمله وليس على شهادته".

شرط المؤسسات الإعلامية التي تبحث عن كوادر للعمل معها، أن يمتلك المتقدم خبرة سابقة بالعمل، شكّل عقبة أمام خريجي معهد الإعلام الذين لم يسبق لهم أن خاضوا تجارب سابقة. ما دفع فريقاً من المتطوعين من بينهم يزن البياع على إنشاء منصة (we can) لتكون فسحة للعمل والتدريب بهدف الحصول على بعض الخبرات العملية لدخول سوق العمل الإعلامي.

أحمد سلام عليك خريج المعهد وعضو متطوع في المنصة، قال لـ"عين المدينة" إن المنصة بدأت تنتشر بعد مرور عام ونصف على تأسيسها، وما زالت مستمرة بتقديم المواد الإعلامية. ويوضح الشاب أن الدورات الخاصة والتدريب العملي مع المنصة ساعده في تطوير خبرته الإعلامية، كما ساهمت دراسته بالمعهد في إغنائه بالمعلومات النظرية فقط، ولم تؤهله شهادة التخرج لوحدها للتقدم إلى أي فرصة عمل.

 يتجه معظم الخريجين إلى العمل كإعلاميين في المنظمات الإنسانية والمجالس المحلية ومراكز الدفاع المدني: "بعد تخرج دفعتين من المعهد أصبحت تجد أمامك عشرات المقدمين للشواغر التي يتم الإعلان عنها" يقول أحمد.

 يتفق معظم من تكلمنا معهم من خريجي معهد الإعلام، على أنهم قضوا أوقاتاً دراسية ممتعة، قدمت لهم معلومات جيدة في المجال النظري حول أخلاقيات المهنة وتاريخها ومبادئ التحرير والتصوير الصحفي، لكن على الجانب المقابل فقد أسهمت الدورات التدريبية على تأهيلهم بشكل أفضل للخوض فى مضمار العمل الإعلامي.

 ميلاد فضل مراسل قناة الجزيرة في إدلب قال لـ"عين المدنية"، إن مكتب الجزيرة في إدلب أطلق مؤخراً دورة "سفراء الجزيرة" وهي إحدى مبادرات معهد الإعلام التابع للقناة. وأوضح فضل أن الدورة كانت عبارة عن كورس قدمه مراسلو الجزيرة في إدلب، وكان بالتنسيق مع رابطة الإعلاميين السوريين في إدلب.

 كما يقدم المكتب دورات في التدريب الإعلامي بين فترة وأخرى بالتنسيق مع جهات إعلامية محلية.

 وتعمل عدة مراكز على تقديم دورات متخصصة في العمل الإعلامي كالمركز الصحفي السوري ومركز وايت روم وغيرها بشكل مجاني، كما يطلق مدربون دورات خاصة غالباً ما تكون مأجورة.

وعلى الرغم من تنوع الدورات والتدريبات الإعلامية، إلا أنها لم تغنِ عن الدراسة الأكاديمية، وفق عشرات من خريجي معهد الإعلام، الذين يأملون أن يعاد افتتاحه وأن يتم تحويله إلى كلية تقدم معلومات أغنى وأوسع.