«حزب الاتحاد الديموقراطي»         «قوات سوريا الديموقراطية»
«مجلس سوريا الديموقراطية»       «الأمة الديموقراطية»
«الإدارة الذاتية الديموقراطية»

هذه ليست قصيدةً عموديةً في شطرين، بل أسماء كياناتٍ ومفاهيم سياسيةٍ–«فلسفيةٍ» لا يمكن إدراك معانيها العميقة ما لم نذكر معها صور الجثث المكوّمة فوق شاحناتٍ كبيرة، تستعرضها «قوات حماية الشعب» التابعة للشطر الأول من البيت الأول من اللا-قصيدة المذكورة أعلاه، في مدينة عفرين، أو «كانتون» عفرين. والجثث لضحايا فصائل عسكريةٍ تقاتل دفاعاً عن قراها في الريف الشماليّ لمدينة حلب، وتتعرّض اليوم إلى هجومٍ متزامنٍ من ثلاثة: داعش وفسد المدعومين من طيران نظام البراميل الكيماويّ وحليفه الروسيّ.

هذه هي لوحة الصراع العسكريّ في شمال حلب، لا يغيّر منها شيئاً التذرّع بقصف فصائل عسكريةٍ في حلب للشيخ مقصود، أو المعارك الدائرة بين داعش وقوّات النظام في دير الزور، أو بين وحدات «الحماية» وقوات النظام –الشهر الماضي– في القامشلي. أي أن أولئك الذين يسعون إلى تحصيل شرعيةٍ لأنفسهم من قتالهم لداعش (نظام الكيماوي وقوات فسد) يساعدون داعش عملياً على إسقاط مارع.

هم لا يسعون إلى شرعيةٍ اجتماعية، على أيّ حال، بل شرعيةٍ أميركيةٍ يظنون أنها كافيةٌ ليضعوا أنفسهم على الطرف «الجيد» من المعادلة، تماماً كظنهم أن السطو على صفة «الديموقراطي/ الديموقراطية» في أسماء دكاكينهم، يكفي لجعلهم من «الأخيار» في مواجهة «الأشرار».

كل هذه البهلوانيات والشطارة والأكاذيب لن تغطي على كون «الاتحاد الديموقراطي» اليوم مجرد بيدقٍ في يد الولايات المتحدة وروسيا معاً، يبرّر للأولى سياستها المدمرة في سوريا، ويساعد الثانية على ضرب بقايا المعارضة المسلحة من جهة، وتصفية حساباتها مع تركيا وإخراجها من معادلات الصراع السوريّ، من جهة ثانية. أما تعامل «قوات الحماية» مع السكان في مناطق سيطرتها فيعطي صورةً شفافةً عن مستقبل الكيان الفيدراليّ الذي أعلنوا عنه قبل حين.

فمن جهةٍ أولى، استعدوا الجيران العرب في المناطق المختلطة، من خلال التهجير القسريّ الذي قاموا به في عددٍ من قرى منطقتي تل أبيض والجزيرة، ويرفضون اليوم استقبال النازحين المدنيين من مارع والقرى المجاورة لها، بل فعلوا ما هو أسوأ من ذلك حين احتجزوا حرية إحدى موجات النزوح المبكرة ليساوموا على النساء والأطفال. حقاً يندى جبين أيّ كرديٍّ من هذا الدرك الوضيع لعصابةٍ تنتمي إليهم عرقياً، وتتحدث أمام الروس والأميركيين باسمهم.

ومن جهةٍ ثانية، يقترفون كل الشرور الدكتاتورية بحقّ الكرد الخاضعين لسلطتهم، فيقتلون ويشرّدون ويعتقلون ويشوِّلون ممتلكات كلّ كرديٍّ يفكر بطريقةٍ مختلفةٍ عنهم، كأن أحداً كلفهم بجعل الكرد يترحمون على حكم نظام بشار الكيماويّ الساقط وأجهزة مخابراته، ويكرهون حقّ تقرير المصير الذي طالما تاقوا إليه، إذا كان هذا سيجعل شذاذ الآفاق والقتلة المأجورين يتحكمون برقابهم.

واليوم قرر السيد أوباما أن يحقق «إنجازاً» يبرّر به سياسته المشينة في سوريا والعراق أمام الناخب الأميركيّ، قبل أن يحزم حقائبه ويغادر البيت الأبيض، فأعطى إشارة البدء بتحرير الرقة ومنبج والفلوجة والموصل من داعش. فأطلقت «فسد» (أي قوات صالح مسلم المغلفة بحلفاء عرب) حملتها باتجاه الرقة، في حين ما زال شد الحبال مستمراً بين الإدارة الأميركية وأردوغان لتحديد مصير منبج ومن سيحرّرها من داعش.

وبقدر ما يثير إفلات قطعان الحشد الشيعيّ على مدينة الفلوجة من مخاوف، يثير إفلات قوات «فسد» باتجاه الرقة. فهنا وهناك يزداد الاحتقان الأهليّ، ويؤسس لكراهيةٍ طائفيةٍ وقوميةٍ مديدةٍ بين السكان، مما يرفع من رصيد المنظمات العدمية كداعش الذي من المفترض أنه هو المستهدف في هذه الحملة المزدوجة بقيادة الولايات المتحدة.

هناك شطرٌ ناقصٌ في اللا-قصيدة الديموقراطية التي تصدّرت هذه المقالة، ولا بد من البحث عنه. وخير طريقةٍ لهذا البحث هي ذلك التعبير الترويجيّ الشهير: «ع الأصل دوَّر!».

والأصل «نموذجٌ حضاريٌّ» أصيلٌ يمزج بين عناصر من العقيدة الشيوعية وأخرى من فلسفةٍ محليةٍ ابتكرها الزعيم المؤسّس كيم إيل سونغ كنسخةٍ وطنيةٍ من الشيوعية أطلق عليها اسم «زوتشية»، كانت من مصادر إلهام مؤسّس نظام البراميل في سوريا.

وهكذا يكتمل شطرنا الناقص: دولة الرعب والمجاعة المسماة «جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية»!