دار السلامة في كلّس..
خدماتٌ داخليةٌ وخارجيةٌ أيضاً

خاص عين المدينة

هل ستعود إلى حلب بعد الانتهاء من علاج ساقك؟

لم أكن أشعر بأني أحشر أنفي في ما لا يعنيني وأنا أوجّه سؤالي إلى ذلك الطفل ابن الثالثة عشرة، وهو يجلس على مقربةٍ مني يستمع إلى قصة أبو أحمد، ابن حيّ المرجة الحلبيّ، في «دار السلامة» بكلّس، قرب الحدود التركية السورية.

كمعظم أبناء مدينتي حلب، ينطلق دوماً إلى السطح إحساسي الفضولي، حين نزجّ أنفسنا في أسئلةٍ ربّما تحمل أجوبتها في طياتها ما لا يمكن احتماله. ولكن «دار السلامة» تبعد عن مدينة اعزاز ما لا يتجاوز 2 كم. جغرافياً لستَ في حلب، ولكنّك تعيش هواءها وأهليها وشوارعها. أما المرضى في إحدى غرف «الدار» فربما كانوا منعدمي الفضول والاهتمام، لا يعنيهم إن كانت قصصهم ستُنقل على الورق أو عبر آلة التسجيل.

تتنوّع صنوف الشتات في الداخل السوري وخارجه، ولعلّ فكرة إيجاد «حلٍّ ما»، أو وسيلةٍ لتخفيف القليل من معاناة بعض السوريين، هي ما حفّز أفراداً لإنشاء هذه الدار بشكلٍ تطوعيّ، لتكون مصحاً للعناية ببعض الحالات، وكذلك مأوىً للمرضى ومرافقيهم ممن لا يجدون مكاناً للمبيت في هذه المدينة التركية.

نخدم الجميع
في حديثٍ أجرته «عين المدينة» مع مدير «دار السلامة» الدكتور هيثم قال: «بدأت الفكرة مطلع عام 2013 بمساعدة بعض المتطوعين، بهدف العمل على مساعدة الجرحى القادمين إلى مشافي مدينة كلّس، عبر المكاتب الطبية في الداخل السوري». ويضيف: «يحتاج المريض أو الجريح إلى خدمةٍ خارجية، بدايةً باستخراج بطاقة «الكيملك» لتمكينه من دخول المشافي، وبالتالي تلقي العلاج، إضافةً إلى حاجاتٍ أخرى كالترجمة والتنقل، فضلاً عن المسكن والمطعم والمشرب. نحن نخدّم كل هذه الأمور إلى أقصى حدٍّ ممكن، ونوفّرها لنزيل الدار. يفوق عدد النزلاء -من مرضى ومرافقين- الـ500 شخصٍ شهرياً من مدنيين وعسكريين، فنحن نخدم الجميع».

ولدى سؤالنا عن المساعدات التي تتلقاها الدار لتأمين مصاريف كل هذا العدد أجاب الطبيب أن الدار لا تتلقى دعماً مالياً من أيّ منظمة، وتعتمد في تمويلها على بعض المتبرّعين الأفراد. وأكمل: «تقدم منظمة IHH لنا عشرَ سللٍ غذائيةٍ كل شهرٍ ونصف تقريباً، إضافةً إلى مئة ربطة خبزٍ أسبوعياً، ونحن نتكفل بشراء الباقي. بينما تقدم منظمة AMC العلاج الفيزيائيّ للمحتاجين إليه من النزلاء يوماً في الأسبوع، وبعض الكراسي المتحرّكة والعكازات».

وبحسب الطبيب، يعمل في الدار خمسة موظفين في الوقت الحالي، وتملك سيارةً لتقلّ المرضى إلى المشافي داخل كلّس وخارجها، حسب ما تستدعي حالة المريض. في عام 2013 كانت هناك الكثير من دور العناية المشابهة في المدن الحدودية التركية، لكنّ معظمها أُغلق نتيجة عجزٍ ماليّ. ووفقاً لمدير «السلامة»، لم يتبقَ في كلّس إلا هذه الدار، إضافةً إلى أخرى تقدم المأوى فقط.

ممَّ تتألف الدار، وكيف تعمل؟
يبلغ عدد الحالات الوافدة يومياً قرابة 30 شخصاً. وتماشياً مع هذا العدد الكبير أُنشئت في الدار 4 شققٍ سكنيةٍ مقسمةٍ حسب كل حالة.

الممرّض بلال موظفٌ في الدار، يتحدث لـ«عين المدينة»: «تحوي الدار 40 سريراً موزّعين على أربع شقق. وحين يفيض عدد النزلاء عن حجم الإمكانات الموجودة يُضطرّ بعض المرافقين إلى النوم في المسجد».

وعن آلية عمل الموظفين يقول: «نقدم الإسعافات الأولية عند وصول الجريح أو المريض إلينا، ثم نرافقه لنستخرج له الأوراق اللازمة من إدارة كلّس، ونرافقه في المشفى. كما نقلّه إلى مدينة عنتاب إذا أحيل إلى هناك».

ماذا يقولون عنها؟
أبو محمد مريضٌ قطع الحدود رغم مشقاتها ووصل إلى أحد مشافي كلّس، فتعرّف إلى أحد موظفي الدار، يقول: «ساعدني في رحلتي العلاجية موظفٌ من الدار عندما كنتُ حائراً في المشفى، ولا أعرف بمن كنتُ سأستعين لو لم أصادفه». ويضيف: «أعتقد أنّ مثل هذه الخدمات التي تقدمها الدار تستحق أن تُشكر عليها، آملاً أن يُفتتح ما يشبهها لمساعدة باقي السوريين».

رأي حسين الحسين، وهو مرافقٌ لابن أخيه المريض، شبيهٌ برأي أبي محمد، فهو يؤكد أنّ الدار خطوةٌ متطورةٌ لمساعدة السوريين. ومع كل الامتنان الذي يشعر به لها وللعاملين فيها يودّ لو تسمح له الظروف بالتطوّع للعمل فيها، وتقديم أي شيءٍ يستطيعه كي تستمرّ.