الطلبة الجامعيون

الطلبة الجامعيون
بين تهميش مستقبلهم وضياع حقوقهم

محمد فراس العلي

ليست حال الطلبة الجامعيين السوريين أفضل من غيرهم، فيما كبّدته الأحداث من أرواحٍ بشرية وأضرارٍ اقتصادية. إذ إن قسماً كبيراً منهم قد شارك في مختلف الأنشطة الثورية، خاصة بعد توقف معظمهم عن الدراسة لحين سقوط النظام، حاملين في عقولهم جرعات أملٍ لعلها تعيدهم بعد السقوط إلى مرحلةٍ حيويةٍ جديدةٍ تنبت معها براعم المستقبل لتقود دولة أساسها الأول العلم، فلا ديمقراطية تطبّق إذا لم توجد طبقة مثقفة كبيرة تقوم بتنوير الطبقات الأخرى.
إن المرحلة التي يعيشها الطلبة الجامعيين الآن هي مرحلة تخبطٍ وفوضى وسوء إدارة. ولذلك لا بدّ من وجود منظماتٍ متخصّصة تجمعهم، بعد أن تشتت شملهم وتحققت فرقتهم، فلا نرى زملاءنا الطلبة إلا في ميادين القتال، وعلى ورق الصحف الثورية، وعند المشافي الميدانية والمنظمات الإغاثية. إلى الآن لم يتم تنظيمهم، رغم أن الوسائل والأدوات المتوفرة في المناطق المحرّرة كافية ليجتمعوا في مكانٍ واحدٍ لتشكيل تجمعٍ أو منظمةٍ أو أي شيءٍ يساعد الثورة بردائها الثقافي في المناطق المحرّرة.
لابد من الاعتماد على الطبقة الشبابية، بتوحيد صفها، وتأثيرها في الثورة بشكلٍ منظم، بعيدٍ كل البعد عن العشوائية. لأن أساس أي دولة ناجحة هو العنصر الشبابي المثقف، الذي يحمل في داخله عفوية ونشاطاً يسهمان في جعل المكان الوظيفي في المستقبل مناسباً تماماً لهم.
[divide]

 

دير الزور...
مدينة الجسر... محنة وطن

محمود الأحية (التجمع الثقافي الديمقراطي ـ مدينة القورية)

من مفارقات القدر والتاريخ، أن مدينة الجسر ستذكر أنه قد (تعمّر) على يد الاستعمار الفرنسي قبل أقل من مئة عام، وتدمّر اليوم بيد مَن يسمَّون (الوطنيّين) زوراً وبهتاناً. وأنا لا أدافع عن الاستعمار، ولكنني أقارن بين استعمار بنى، ووطنيّين هدموا كل المظاهر العمرانية، ذات المدلولات الثقافية والدينية، ومن بينها الجسر المعلق، الحامل الأساسي لذكريات أهالي دير الزور، والذي أصبح رمزاً للمدينة، اقترن اسمه باسمها، وتاريخه بتاريخها.
الفرنسيون بنوا جسراً على الفرات، يعدّ من أجمل جسور العالم. وبناء الجسور ليس ظاهرةً عمرانيةً بأصلها الموضوعي، كعمليةٍ منفصلة عن مدلولاتها الثقافية. الجسور معادلٌ للتواصل بين التاريخ، والحاضر، والمستقبل. الفرنسيّون يبنون للتواصل. وقلتُ: مع معرفتي بأنهم مستعمرون، لكن بالمقارنة مع المستعربين، الذين يدّعون الوطنية. ماذا فعل الوطنيّون، بعد أقل من مئة عام؟ وللتاريخ أقولها: ستكون هذه المقارنة صدمة ضمير، وصدمة أخلاق، وصدمة وطن. الفرنسي بنى الجسر، والمدارس، والمتاحف، و(الوطني) يهدم ما بناه الآخر البعيد، والغريب. والمفارقة في بناء (الغريب)، وهدم (القريب).
حتى أصبحت مدينة الجسر ـ دير الزور ـ مدينةٌ منكوبةٌ بكل المقاييس: بعض أحيائها مدمّرٌ، سكانها أصبحوا مشرّدين، أطفالها بلا تعليم، وأحياؤها الأخرى محتلّة من عصابات الأسد، وتعاني معاناة كبيرة، هدّمت البيوت فوق رؤوس أصحابها. وصارت المدينة مدينة أشباح.