السوريون في لبنان.. حياة مضطربة يهدُّدها شبح الملاحقات الأمنية

سوريون ينظرون من خلال نوافذ مبنى تحت الإنشاء يتخذونه مسكناً في مدينة صيدا، جنوب لبنان، 17/ 3/ 2020 (أ ف ب)

فاقمت الأزمة الاقتصادية والسياسية التي يمر بها لبنان من معاناة اللاجئين السوريين هناك. في حين تحاول بعض المنظمات من دون جدوى، تخفيف حدة هذه المعاناة، لا سيما مع تنامي مظاهر العنصرية تجاه السوريين لدى بعض الأطراف السياسية وجمهورها.

يروي الصحفي أحمد القصير لـ“عين المدينة“ تفاصيل قصة خروجه من سوريا عام 2011 إلى مدينة طرابلس اللبنانية وعودته مجدداً إلى بلاده، ثم خروجه منها بشكل نهائي عام 2013. ويقول إن السبب الرئيسي لخروجه من بلده هو تعرضه لملاحقات من قبل أمن النظام وتهديدات بالقتل مرات عدة ناتجة عن عمله كصحفي وناشط في حقوق الإنسان.

لا يملك أحمد أوراقاً رسمية في لبنان بسبب التضييق المتعلق بأمور الإقامة وإصدار الأوراق الأخرى، وتعرضه خلال السنوات الماضية لحملة تشهير وتهديدات بالاعتقال، بسبب ممارسة عمله الصحفي في تغطية الاحتجاجات اللبنانية، والكثير مما يحصل في البلاد.

يؤكد القصير أنه مُنع من قبل منظمي الاعتصامات في طرابلس من  الدخول إلى منصة الإعلاميين لأن "كثرة نشر الصور سببت لهم التشويش"، ليُطلب بعد ذلك لمخابرات الجيش في الشمال اللبناني، ويوقِّع على تعهد بعدم التصوير أو النزول لساحات التظاهر، بالإضافة إلى تعهده بـ“عدم التحريض“، وعدم تغطية أي شيء يخص الاحتجاجات.

يضيف القصير أنه حاول مغادرة لبنان عبر مفوضية شؤون اللاجئين هناك، حيث تم تحويل ملفه إلى السفارة الهولندية وقابلها، لكنها رفضت ملفه. وأنه يبحث عن طريقة أخرى للسفر دون التفكير بالعودة إلى سوريا، قائلاً: "مهما ساءت الأمور لن أعود إلى سوريا بوجود النظام، وأرفض ذلك رفضاً قاطعاً".

وفي الحديث عن وضعه كصحفي سوري في لبنان، أكد القصير أن مواقف اتهام اللاجئين السوريين بأنهم سبب "كل شي عم يصير"، ترددت على مسامعه عدة مرات أثناء تغطيته للاحتجاجات. مشيراً إلى تعرضه للاعتقال بسبب الإقامة، ومرة أخرى بسبب ممارسة العمل الصحفي وفرض شروط عمل صعبة عليه لا يتمكن بعدها من استخراج إقامة عمل. 

أما لصهيب عبدو تجربة مختلفة في لبنان بعد مغادرته سوريا عام 2013 واعتقاله عدة مرات من قبل النظام السوري، ثم الدخول إلى لبنان بطريقة "غير شرعية" عبر أحد المعابر الحدودية، حيث كانت إقامته قانونية إلى أن أصدرت المديرية العامة للأمن العام اللبناني "نظام الكفالة" مع بداية عام 2015.

يقول عبدو إنه تعرض لتهديدات من أشخاص تابعين لأحد أحزاب السلطة المناوئة للحراك اللبناني، بسبب مشاركته فيه. مشيراً إلى أنه تعرض لصعوبات تتمثل في الحد من التنقل بحرية بسبب التوتر السياسي، وكثرة الحواجز الأمنية المنتشرة التي تطلب أوراق الإقامة القانونية، ما زاد قلقه من التوقيف أو حتى الترحيل. 

يشير عبدو إلى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في لبنان انعكست بشكل سلبي على الأجانب المقيمين فيه، خاصة بعد ارتفاع الأسعار وقلة فرص العمل، قائلاً: "ازداد تفكيري في مغادرة البلد بعد دخول لبنان في ضبابية المشهد المستقبلي سواء على الصعيد السياسي والأمني أو المعيشي".

ويؤكد عبدو أنه لن يعود إلى سوريا في ظل وجود نظام الأسد، قائلاً: "أنا من منطقة ذات أغلبية مؤيدة للنظام، وتشكل بيئة حاضنة له، لا أستطيع التعايش معها في ظل سياسة كم الأفواه". ويضيف أن وجوده مرفوض أيضاً في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام "بسبب اختلافه عنهم مذهبياً وعقائدياً".

ويعيش السوريون في لبنان اليوم أوضاعاً قاسية بسبب الضغوطات التي تُفرض عليهم للعودة إلى بلادهم، خاصة مع انتشار البطالة وقلة فرص العمل بسبب تفشي جائحة كورونا التي ألقت بدورها على الاقتصاد اللبناني، حيث فقدت العملة المحلية أكثر من 80% من قيمتها خلال عام واحد.