الائتلاف السوريّ..
عجزٌ عن الإصلاح ودعمٌ «بالقطّارة»

في جلسةٍ حواريةٍ مفتوحةٍ لم تخلُ من المشاحنات والتوتر، اجتمع عددٌ من أعضاء الائتلاف الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة، في مقرّ منظمة «بيتنا سوريا» بمدينة غازي عينتاب التركية، مع عددٍ كبيرٍ من ناشطي الثورة السورية في المدينة المذكورة، تلبيةً لدعوة «تيار مواطنة» ضمن فعاليات «منتدى مشاركة»، في الخميس الثامن والعشرين من شهر تموز المنصرم.

حضر من جانب الائتلاف كلٌ من الأعضاء هادي البحرة، وفايز سارة، وموفق نيربية، ونغم الغادري، ويحيى مكتبي، ومحمد سليم الخطيب. افتتح البحرة الجلسة فتحدّث عن المسار السياسيّ والتفاوضيّ والتطورات العسكرية الحالية، وأكد عدم وجود أيّ تقدمٍ في المفاوضات التي تقتصر على المباحثات غير المباشرة، وازدياد تعقيدات الملفات المطروحة بسبب عدم وجود نوافذ للحلّ بين القطبين، الأميركيّ المتمسك بالحلّ السياسيّ والروسيّ الذي ما يزال متمسكاً بالحلّ العسكريّ وضالعاً فيه بأعلى درجات العنف.

وفي معرض ردوده على مداخلات المشاركين التي كان أغلبها مليئاً بالانتقادات اللاذعة لعمل الائتلاف، وفساده الماليّ والإداريّ، والمحاصصات السياسية في داخله، إلى درجةٍ وُصف فيها بالمؤسّسة غير الوطنية؛ برّر البحرة ذلك بأن السوريين لم تكن لديهم الخبرة السياسية، إذ لم تكن سورية دولةً ديمقراطيةً خلال العقود الفائتة. وقامت الدول، بعد انطلاق الثورة، بتأسيس كياناتٍ سياسيةٍ تتضمن بذوراً خلافية، إضافةً إلى رسم خطٍّ أحمر يقضي بعدم التقاء المسارين (السياسيّ والعسكريّ). واستعرض محاولاتٍ لتوحيد هذين المسارين، مجهزةً بخطط العودة إلى سورية ومدعّمةً بدراسةٍ كاملةٍ ودقيقة، قوبلت بقطع الدعم عن الائتلاف بعد أن لاقت الترحيب ظاهرياً من الدول الداعمة!

وعن المبالغ التي استلمها الائتلاف أوضح البحرة أن مجموعها لم يتجاوز المائة مليون دولار منذ بداية التشكيل، وكان من المفترض أن تخدم عمل هذه المؤسّسة باعتبارها ممثلاً سياسياً، ولكنها أُجبرت -تحت ضغوط جرائم النظام ومعاناة السوريين- على دعم الفصائل العسكرية والمنظمات الإغاثية والمستشفيات. منوّهاً إلى عجز المجتمع الدوليّ عن سدّ احتياجات الشعب السوري، وإلى أن الدعم الموجّه للائتلاف يُقدّم «بالقطّارة»، وبشكلٍ لا يُحدث خللاً في التوازن المطروح دولياً.

وتحدث نيربية عن دور الائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات في العملية السياسية، مستشرفاً عدم وجود حلٍّ قريب، في ظلّ الإدارة الأميركية الحالية على الأقل. وشرح آلية عمل ومحاولات الإصلاح الذاتية للائتلاف، وأهمية التمسك بهذه المؤسّسة التي «لا يوجد لها بديل»، ووجوب حمايتها من «التشظي». وأكّد عدم تقدم الائتلاف خطوةً إلى الأمام من دون إعادة هيكلته «ترشيقه وتوسعته»، مع احتمال عدم نجاح هذه الخطوة إلا بعقد مؤتمرٍ وطنيٍّ جامع.

وعن العملية السياسية أوضح عضو الائتلاف دور الجهات المعرقلة للحلّ (النظام، إيران، روسيا) وتمسكها بالحلّ العسكريّ، والضغوط الأوربية الساعية إلى الحصول على ضماناتٍ لمرحلةٍ انتقاليةٍ بدرجةٍ أكبر من الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة.

وفي ردّه على تساؤلاتٍ طرحها عددٌ من الحاضرين عما إذا كان قد بقي للائتلاف أيّ دورٍ يلعبه في هذا الوقت، وتحديداً في ظلّ حصار حلب الذي ينبئ بكارثةٍ إنسانيةٍ وكسرٍ لعظم الثورة؛ أكد نيربية على تواصلهم الدائم مع الفصائل والتنسيق بينها، والسعي إلى بناء وحدةٍ عسكرية، ومطالبة دول الاتحاد الأوربيّ بالضغط على الأطراف المساهمة في حصار حلب.

أما الخطيب فتناول تشكيلة الحكومة الأخيرة ونيلها ثقة الأغلبية المطلقة من أصوات أعضاء الائتلاف، نتيجة الرغبة في نقل العمل إلى الداخل ودون «محاصصات»، منوّهاً إلى الصعوبات والتحديات التي ستواجه الحكومة الساعية إلى تثبيت أركانها وكسب الحاضنة الشعبية واستخلاص سيادةٍ مفقودةٍ بإمكانياتٍ محدودةٍ جداً. وقابل سيل الانتقادات الموجّهة إلى أداء أعضاء الائتلاف بالمطالبة بعدم توجيه الاتهامات قبل أن يتم تحديد المسؤوليات والصلاحيات، إذ إن الائتلاف شُكّل ليكون مظلةً سياسيةً فقط، لا ليكون بديلاً عن حكومة النظام.

وفي مداخلةٍ لـ«عين المدينة» طالبت المجلة مؤسّسة الائتلاف بأن تتمتع بالشفافية، وانتقدت عدم الاستجابة لمطالب الثوّار الراغبين في تغيير ممثليهم فيها، كمطالبة أبناء دير الزور باستبدال ممثل المحافظة عن المجالس المحلية.