أيقونة الثورة في ريف حلب الشرقيّ..

منبج التي لم تهنأ بحرّيتها تعاني منذ عامين من احتلال التنظيم وسط تهميشٍ إعلاميّ

تدخل مدينة منبج عامها الثالث من التهميش وإهمال وسائل الإعلام المحلية والأجنبية ما يحصل فيها من انتهاكاتٍ وظلمٍ وتضييقٍ من تنظيم الدولة الإسلامية على سكانها الذين وجدوا أنفسهم أمام حكم جائرٍ ودكتاتوريٍّ شابه دكتاتورية نظام الأسد وربما تفوّق عليها في قمع الحرّيات.

كانت مدينة منبج، منذ تحريرها من قوّات النظام منتصف عام 2012، قبلة الناشطين السوريين من مختلف المدن والمحافظات عامة، وناشطي المناطق الشرقية لسوريا بشكلٍ خاصّ، نظراً لوقوعها عند نقطة وصلٍ بين تلك المناطق، التي لم تكن محرّرةً آنذاك، وبين مدينة حلب وتركيا. فاحتضنت العديد منهم وأقاموا فيها عدّة مشاريع ونشاطاتٍ ثقافيةٍ وتنمويةٍ أسهمت في زيادة الوعي الثوريّ عند سكانها، وكرّست لديهم مفهوم الدولة المدنية.

عودة الاحتلال
في 4 كانون الثاني 2014 أعلن ثوّار حلب الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية. الأمر الذي أجبر التنظيم، بعد 15 يوماً من المعارك، على سحب مجموعاته التي كانت منتشرة في مواقع مختلفةٍ من المحافظة نحو مدن وبلدات ريف حلب الشرقيّ، بما فيها منبج ذات الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية الكبيرة، فهي تفصل بين محافظتي حلب والرقة، ويوجد فيها عددٌ كبيرٌ من مشاريع البنى التحتية، كسدّ تشرين الذي يغذي حلب وعدّة محافظاتٍ أخرى بالكهرباء، ومحطة معالجة المياه، كما تعدّ من أغنى المدن السورية بالمحاصيل الزراعية.

وقدّر أحمد محمد، عضو المكتب الإعلاميّ لمدينة منبج، إجمالي المبالغ التي يجمعها التنظيم من الأهالي، تحت بند الزكاة، بأكثر من 50 ألف دولارٍ شهرياً، تذهب جميعها لصالح خزينة التنظيم الذي يستفيد منها في دفع رواتب مقاتليه، في الوقت الذي يعاني آلاف الشباب في المدينة من البطالة.

وأشار محمد في تصريحٍ لـ"عين المدينة" إلى أن التنظيم يفرض على سكان المدينة "الإقامة الجبرية" أيضاً، فلا يسمح لهم بالسفر إلى خارج مناطق سيطرته، الأمر الذي أدى إلى ازدياد نسبة بطالة الشباب وانتشار ظاهرة تسوّل النساء نتيجة غياب الدعم الإغاثيّ بسبب قيام التنظيم بملاحقة واعتقال كوادر جميع المنظمات بحجة تلقي الدعم من "الغرب الكافر". لافتاً إلى أن المدينة تضم خزاناً بشرياً هائلاً، إذ يبلغ عدد سكانها أكثر من 900 ألف شخص.

تضييق الخناق
وقال أبو علي، أحد سكان منبج حالياً، إن التنظيم يعامل المدنيين معاملةً سيئةً للغاية، خاصّةً بعد أن نفّذ سكانها إضراباً شاملاً للمحالّ التجارية منتصف عام 2014، قابله التنظيم بإجبار المحتجّين على فتح محالهم بعد تكسير أقفالها وتهديدهم بحرقها، وذلك بعد وقتٍ قصيرٍ من خروج مظاهرتين مناهضتين للتنظيم في المدينة، قمعهما بالرصاص واعتقل عدداً كبيراً من المشاركين فيهما.

وأضاف أبو علي: "يقوم التنظيم بشكلٍ مستمرٍّ بتنفيذ إعداماتٍ ميدانيةٍ في حقّ الناشطين وعناصر سابقين من الجيش الحرّ. وقد بلغ عدد من أعدموا 282، بتهمٍ مختلفةٍ أبرزها الرِّدّة أو التعامل مع الصحوات ودول الغرب. كما يقوم التنظيم يومياً بتنفيذ الأحكام التعزيرية في حقّ أهالي المدينة بتهم التدخين أو مخالفة اللباس الشرعيّ أو تقصير اللحية، الأمر الذي ولّد حالةً من الكره والحقد على التنظيم وعناصره، إلا أن الناس عاجزون عن القيام بأيّ شيء".

بدورها قالت أم مصطفى، وهي تقيم في منبج أيضاً، إن سكان المدينة أصبحوا يشعرون أنهم غرباء عن مدينتهم أو لاجئون فيها، وأن المقاتلين الأجانب، أو ما يطلق عليهم لقب "المهاجرين"، وعناصر التنظيم هم أصحاب الأرض، إذ يحظون بميزاتٍ لا يحلم بها المدنيون. مشيرةً إلى أن بيوت "المهاجرين" وعناصر التنظيم مزوّدةٌ بالماء والكهرباء على مدار الساعة، في حين لا تصل الكهرباء إلى منازل السكان سوى لثلاث ساعاتٍ في اليوم.

الجدير بالذكر أن "قوّات سوريا الديمقراطية"، المدعومة من التحالف الدوليّ، سيطرت بتاريخ 26/12/2015 على سدّ تشرين الذي يبعد أقلّ من 15 كيلومتراً عن مدينة منبج، بعد معارك عنيفةٍ كان لطيران التحالف دورٌ بارزٌ في حسمها. إلا أن المعارك توقفت بعد ذلك وسط أنباء عن خلافٍ أميركيٍّ تركيٍّ، بعد أن أبدى الأتراك تحفظهم على اقتراب الميليشيات الكردية، التي تعدّ طرفاً رئيسياً في "قوّات سوريا الديمقراطية"، من حدودهم.