رصاصةٌ "وطنيّةٌ" تلفّ الكوع وتقتل الإرهابيّ أبو أحمد!

بكل مهنــــــيةٍ، ومفعمـــــاً بروح الانتصـار على المؤامـــــرة (الوهابيّة، الصـهيوسلـــفيّة، الإمـــبرياأمريكيــة، الخليجتركية، الأربعــــــــة عشر آذارية)  الكونيّة، يأتي الخبر العاجل ليصبغ نصف شاشة التلفزيون "العربي" السوري: "ثلاثة إرهابيين عرب يحملون أحزمةً ناسفةً يهاجمون بعربةٍ مصفــــحةٍ أحد مواقع الجيش العربي السوري بريف حمص، وبواسل الجيش العربي السوري يتصدّون للهجوم الغادر ويوقعون العشرات منهم بين قتيلٍ وجريح".
وعلى الرغم من هول الأحداث وفواجع البراميل، إلا أن السوريين لم يتمالكوا أنفسهم عن القهقهة، لا بسبب الثلاثة إرهابيين الذين أحالهم بواسل الأسد (بقدرة قادرٍ) إلى عشرات القتلى والجرحى وأفشلوا العملية، ولم يضحك السوريون بسبب حصول "بواسل الأسد" على معلوماتٍ دقيقةٍ عن المواصفات الفنية والتعبوية للإرهابيين الثلاثة وجنسياتهم (العربية)، على الرغم من أنهم هاجموا الثكنة وهم داخل عربةٍ مصفحة!
كما لم يضحك السوريون على ذلك الإصرار على أن الجيش السوري "عربيّ"، على الرغم من "السيّاح" الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين الذين يقومون بالحج بكثافةٍ إلى حسينياتهم المقدّسة. وفي هذه المناسبة الدينية، يتساءل مراقبون: لماذا لا يطلق بواسل الأسد على أنفسهم اسم الجيش العلماني السوري! لأن ذلك يتوافق مع رواية الرفيق فلاديمير بوتين حول الصراع الوجودي بين "أبو صقار" و"أبو باسل"؟!
والحق يقال، إن الســــــــــــــوريين لم ينفجروا من الضحك حينما قرؤوا ذلك الخبر العاجل سوى من أجل كلمةٍ واحدة، مرّت مرور الكرام داخل السياق، عندما وصف الإعلام السوري هذا الهجوم بـ "الغادر"! فصرخوا بملء حناجرهم: "أيها البواسل... هذيانكم الوطني يضحكنا".

 

التنظيف الوطنيّ الشامل

الأخبار العاجلة التي تتصدّر نشرات أخبار الشاشة الرسميّة للنظام تجعل السوريين يعتقدون لوهلةٍ أنهم سائحون من بلاد الهند جاؤوا إلى سوريا بدعوةٍ من وزير السياحة ليثبت للعالم "المتآمر" على الممانعة أنه "ما في شي"، وفي سوريا "أمن وأمان"، وأنه يمكن للهنديّ والصينيّ أن يتسكّع في الشوارع ويستمتع بجسر البرامكــــة أو ما يســــمّى "جسر الرئيس"، ذلك الصرح الحضاريّ الذي يعجّ بـمئات "عمال النظافة" الحريصين على "المسح الشامل" للطرقات وهم بكامل أناقتهم!
ويتجوّل عمال النظافة في سوريا الأسد بكل شموخٍ وطنيٍّ وهم يحدّقون بالعابرين، لا من باب التشكيك بوطنيتهم، على الإطلاق، وليس للبحث عن مندسٍّ حمصيٍّ هاربٍ من حيّ باب السباع السلفيّ الصهيونيّ العميل، أبداً، بل من أجل الحرص على أمن وأمان المواطن "الهندي". ومن أجل ذلك فإن عمال النظافة في دمشق يحملون موبايلاً متطوراً ليتواصلوا مع "الرفاق"، وللإشراف على أعمال المسح والتنظيف، بينما يتفرّج السائحون الهنود بدهشةٍ على طقوس "الذبح" الحلال وفق الشريعة الإيرانية.

 

الإرهابيّ الواعي

لا يصدّق السوريون ما يظهره النظام على وسائل إعلامه، على الرغم من كلّ هذا الزخم في الأخبار "الوطنيّة"، وعلى الرغم من أنهم اضطرّوا ذات يومٍ (قبل اندلاع الثورة) إلى تصديق تلك الرصاصة التي لفّت الكوع وقتلت الإرهابيّ السلفيّ أبو أحمد، حينما كان يهمّ بتفجير صالةٍ فنيةٍ بدمشق، تعرض منحوتاتٍ "علمانية"!
يأتي التقرير الذي بثته قنوات الأسد الرسمية "فاجعاً" هذه المرة، متضمّناً اعترافات مراهقين ومعتقلين سابقين ادّعى النظام أنهم من "جبهة النصرة"، يدلون بتفاصيل قيامهم بقتل الشيخ البوطي في جامع الإيمان. ولم يتأثر "السائحون الهنود المقيمون في سوريا بالملايين" بتلك الاعترافات "المفبركة"، إلا أن اعترافات أحد "القتلة" قد أثارت حنق الهنود للمرّة الأولى، عندما أجاب "الإرهابيّ" عن سؤالٍ وجّهه له الإعلاميّ المحقّق حول سبب قبوله القيام بتلك الجريمة فقال: "هدفنا من العملية هو القضاء على الإسلام المعتدل في سوريا ونشر الإسلام المتطرّف"! فهذا المجرم "المغرّر به" يعلم أنه متشدّدٌ ومتطرّفٌ ويصف نفسه بذلك بكل وضوحٍ وثقة، وبكثيرٍ من الوعي السياسي!  كما أن هذا "المجرم الخطير" يعلم أن تيار البوطي هو الإسلام المعتدل، ولأنه يكره الاعتدال فقد قتل الشيخ! إذاً، فالمجرم "الافتراضي" لم يقتل البوطي بسبب "الرؤيا" التي فسّرت له أن الشبّيحة التي تقتل وتنكل بالمدنيين السوريين هم من "جنود الله"!