حرب الأنفاق...

من عمليات حفر الأنفاق بدير الزور | عدسة أحمد

في حربٍ غير متكافئةٍ تخوضها فصائل المعارضة المسلحة ضد قوّات النظام، كان لا بدّ من ابتداع طرقٍ وأساليب جديدةٍ تخدم المعركة.

الأنفاق وسيلةٌ للالتفاف على الخصم والإغارة عليه عندما يكون متحصناً في نقطةٍ مجهزةٍ بتجهيزاتٍ هندسيةٍ ودفاعيةٍ لا يمكن اختراقها وجهاً لوجه، أو لتفجير المواقع التي يتركّز فيها جنود الخصم بكثافةٍ عدديّةٍ كبيرة. وقد شاع استخدام الأنفاق في الفترة الاخيرة بكثرةٍ في حرب المدن التي يخوضها المقاتلون ضد قوّات النظام، وذلك يعود ـ حسب أحد المقاتلين ـ إلى رجحان الكفّة في المعركة لصالح قوات النظام، فهو مدجّجٌ بعتادٍ ثقيلٍ وكمياتٍ هائلةٍ من الذخيرة، بالإضافة إلى وجود مقاتلين ذوي خبرةٍ عاليةٍ بين صفوفه، بخلاف الثوّار الذين يأتي معظمهم من خلفيّاتٍ مدنيّة، ولكنهم اضطرّوا إلى حمل السلاح.
ويقول أحد المنشقين عن الجيش النظامي: في البداية كانت الحرب حرب شوارع. وعندما اشتدّت المعارك دخل الجيش الحرّ الأبنية فدخلتها قوات النظام، فانتقلت الحرب إلى الطلاقيات، ثم الأنفاق. مشيراً إلى أن قوات النظام تستخدم الأنفاق أيضاً في حربها ضد الجيش الحرّ، لأنها أسلوبٌ عسكريٌّ قديمٌ يدرّس في العلم العسكري، فكلية هندسة الميدان تعنى بتدريس الحواجز الطبيعية والصناعية، ومن ضمنها حفر الخنادق والأنفاق.
وعن الأنفاق يقول أبو جاسم، أحد القادة الميدانيين في الجيش الحرّ: عادةً ما يكون خطّ التماس بين الجيش الحرّ وقوّات النظام مكوّناً من نقاط حراسة، فنقوم بدراسة المنطقة بشكلٍ نبدأ فيه الحفر من مواقعنا لنخرج خلف نقطة حراسة قوات النظام. وعادة ما يكون آخر النفق في مكانٍ لا تتمركز فيه قوات النظام، كالبيوت العربية أو المحالّ التجارية. وبعد انتهاء الحفر وتحديد موعد الاقتحام نقوم بفتح النفق على سطح الأرض، لتبدأ مجموعات المقاتلين بالاقتحام على قوات النظام. أما عندما يكون النفق لتفجير مواقع الجيش فنستمر بالحفر حتى نصل إلى أساسات البناء المراد تفجيره، وبعدها نقوم بوضع العبوات الناسفة وردم النفق من جهة الحفر، لكي لا يتفرّغ الضغط بالاتجاه الخاطئ.
وعن صعوبات الحفر والأدوات المستخدمة فيه يقول محمد، وهو أحد المقاتلين: في بداية الحفر نستخدم الأدوات الزراعية، كالرفش والمعول. وفي بعض الأحيان تكون الأرض صخريةً فنستخدم آلات الحفر الميكانيكية. لكن بعد الاقتراب من مناطق الجيش تصعب العملية فنضطر إلى الحفر بأيدينا وبملاعق الطعام، وذلك لكي لا تصدر أصواتٌ تنبّه الجيش إلى عملية الحفر. وتواجهنا عقباتٌ كبيرةٌ في الطريق، كشبكات المياه والصرف الصحي، نقوم بتغيير مجرى الحفر او إلغائه. فكثيرٌ من الأنفاق ردمت بسبب المياه، عندما يحدث كسرٌ في أنابيب المياه وتغرق التربة مما يؤدّي إلى انهيار النفق.

 

ملاحظاتٌ... ومعلومات

    يستغرق حفر الأنفاق فتراتٍ طويلة قد تصل لأشهر. ويقوم المقاتلون بتجهيز النفق بشرّاقاتٍ من أجل التهوية بسبب ضيق التنفس، وفي بعض الأنفاق يقومون بفتح أنابيب للتنفيس باتجاه سطح الأرض، عندما يكون النفق طويلاً.
.    يستخدم المقاتلون تقنياتٍ بسيطةً في حفر الأنفاق، كالبوصلة وقائس المسافات الليزريّ.
عادةً ما يكون الشخص المشرف على حفر النفق من أهالي المنطقة، أو على درايةٍ بجغرافية الأبنية.
بعد شيوع هذه الظاهرة أصبحت هناك وسائل دفاعية ضدّ الأنفاق، كحفر خندقٍ اعتراضيٍّ عند خطوط الاشتباك، يساعد على كشف الأنفاق قبل وصولها إلى خطّ النار، أو حفر نفقٍ صغيرٍ وحقنه بكمياتٍ كبيرةٍ من المياه باستمرار، مما يؤدي إلى ترطيب التربة بالقرب من القطاعات العسكرية، وبهذا يستحيل حفر نفقٍ باتجاهها.
تستخدم قوّات الأسد الأنفاق من أجل تفجير الأبنية لتكون ساتراً كبيراً عند خطوط التماس.
لا تخلــــــو عمليـــــــة الحــــــفر من الخطورة، فقد يردم النفق في أيّة لحظة، أو يصطدم  بنفقٍ آخر، كما حدث في حيّ الرصافة، عندما كان الجيش النظاميّ يحفر نفقاً بالتزامن مع حفر نفقٍ آخر للجيش الحرّ، والتقى النفقان فحدث اشتباكٌ كبيرٌ أدى إلى إصابة بعض المقاتلين.