معركة إدلب.. نذر كارثة مروعة بلا طائل جيو إستراتيجي

تتجه الأحداث في إدلب متسارعة نحو خيارات حديّة، قد تكون بداية لتشكّل مرحلة جديدة من عمر الصراع في سوريا.

فبينما تنهار تباعاً كل المسارات السياسية المدعومة غربياً وأممياً، يتمسك نظام بشار الأسد، وحلفاؤه الروس والإيرانيون، بحسم عسكري؛ يبدو لهم كخيار سهل وآمن، تحت سطوة مزدوجة لتفوق الآلة العسكرية الروسية المنفلتة، و لهزال متفاقم في الموقف الدولي، بات يشكّل في جوهره بيئة من الفشل السياسي -في وجهه المعلن على الأقل- تتيح لعقيدة القتل والإبادة والتهجير، التي ينتهجها الأسد منذ انطلاق الثورة السورية، أن تولّد المزيد من الأهوال والفظائع الوحشية.

بآليات إبادة طائفية في الطور الإيراني، وبقوة مفرطة الهمجية ضد المدنيين، ومحصنة من أي مساءلة دولية في الطور الروسي لتسويق صورة دعائية عن "القوة الروسية العظمى"، وعلى أنقاض المستشفيات والأحياء السكنية، التي سواها القصف البساطي بالأرض، ودفع مئات الالآف إلى الفرار نحو إدلب نفسها، حيث يستعرض تحالف دعم الأسد عضلاته العسكرية منذراً بتكرار سيناريو (دمّر وهجّر واحتل)، الذي طبقه في حلب والغوطة ودرعا؛ وهو ذاته السيناريو الذي سيجعل إدلب موقعاً لحدث فارق في رسم خارطة الأحداث خلال المرحلة المقبلة، واختباراً لقدرة العالم على ابتلاع ذات الأكاذيب، مرة تلو مرة.

لن تقدّم نتيجة معركة إدلب، أيّاً كانت، تلك العوائد التي يتوهمها محور الأسد، لأنّها من جهة ستعيد تشخيص الحالة المؤسسة للحرب التي يشنها على السوريين انتقاماً من ثورتهم، ولأنّها من جهة أخرى، ستعلي صورة التناقض الجوهري بين السوريين الأحرار، وتنظيمات مثل (جبهة النصرة)؛ كنتيجة بدأت تظهر مبكراً، رغم كل محاولات النظام وآلة البروباغندا الروسية- الإيرانية لإلصاقها بالثورة، وتصويرها كحالة عوار قيمي وإنساني، تستوجب قمعها بالقتل.

وصحيح أنّ تحذيرات العالم من كارثة إنسانية في إدلب لن تجد أثراً في منع حدوث هذه الكارثة المروعة، لكّن التلويح الروسي المسبق برفض اتهام الأسد بأي هجوم كيماوي -تحت ذات الذرائع السابقة التي تشبثت بها موسكو وثبت كذبها بشهادة أممية- توحي أنّ روسيا لا تملك حقاً ما تدعي من سطوة لحل عسكري دائم، أو هيمنة لفرض سلام مستقر.