مدمنات على الحبوب المخدرة في إدلب .. ظاهرة جديدة أم حالات فردية؟

Getty Images

انتشرت في السنوات الاخيرة ظاهرة تعاطي الحبوب المخدرة في شمال غربي سوريا بشكل كبير، وخصوصاً بين الشبان؛ لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ بدأ يظهر بين النساء مؤخراً، في مجتمع لا تستطيع "المدمنات" التكلم فيه عن إدمانهن أو كيف وقعن تحت وطأته أو طلب المساعدة.

يصعب الوصول إلى "المدمنات" في مجتمع شبيه بالمجتمع السوري، والأصعب من ذلك إقناعهن بمجرد الحديث للصحافة للفت الانتباه إلى مشكلتهن، وليس الحديث عن تأمين المساعدة والعلاج لهن، رغم المحاولات المتكررة والتطمينات التي تنقلها "وسيطات" وعدن "المدمنات" بإخفاء الهوية تماماً؛ لكن يبقى أن نقل قصصهن عبر "الوسيطات" أفضل المتاح في الوقت الراهن.

تنقل إحدى صديقات "مدمنة" على حبوب الترامادول تبلغ من العمر 25 عاماً ومطلقة من زوجها منذ عدة أعوام، أنها تعرفت على الحبوب المخدرة بتعرفها على شاب متعاطٍ أغرمت به، وكان أقنعها بأن الحبة لتسكين آلام الرأس، لكن الشعور الذي عاينته بعدها جعلها لا ترفض حين عرض عليها التناول من الحبوب في المرات اللاحقة، ليستمر الأمر حتى بدأت تطلب بنفسها أن يعطيها منه، دون أن يكون لديها فكرة عن ماهيته.

تقول "الصديقة/الوسيطة" أن "المدمنة" أصبحت بعد فترة بحاجة إلى مصدر يؤمن لها الحبوب، بعد أن رفض الشاب تزويدها بكميات كبيرة، ما دفعها إلى التعرف على صيدلي في المنطقة صار مصدرها لتأمين الحبوب، التي تتجاوز ما تتناولها منها "المدمنة" الآن في بعض الأيام 5 حبات في اليوم.

تمر "المدمنة" بأزمات نفسية متفاوتة الحدة، كما تنقل "الصديقة"، بعض الأزمات يسببه عجزها عن تأمين حبوب الترامادول، بينما يسبب شعورها بعجزها وقلة حيلتها تحت وطأة الأدمان أزمات أخرى تصل في بعض الأحيان إلى التفكير بالانتحار.

يؤكد الصيدلي "خالد الكامل" في إدلب في التعليق على "قصص المدمنات"، أن الأدوية النفسية والمخدرة لا يتم صرفها سوى بوصفة طبية عن طريق طبيب، وبكميات محدودة، لذلك فإن "الحصول على الحبوب بكميات كبيرة ليس هيناً، والأمر لا يتعدى الحالات الفردية".

ويكمل قائلاً "بالنسبة إلى انتشار الحبوب المخدرة فربما أصبح ظاهرة خطيرة في صفوف الشبان، بسبب عدم وجود رقابة على تجار الكبتاغون، أما بالنسبة إلى النساء فلا يمكن حصولهن على الحبوب".

"مدمنة" أخرى تبلغ من العمر 23 عاماً، متزوجة، وترتاد جامعة إدلب، تنقل صديقتها أنها بدأت بتناول حبوب الكبتاغون عن طريق زوجها الذي كان يعطيها نصف حبة قبل العلاقة الحميمة بدعوى أنه "حب يساعدهما على السهر".

تروي الصديقة عن المدمنة أنها "بعد تناول نصف الحبة بقليل تشعر باعتدال المزاج وزيادة النشاط بشكل كبير".

مع مرور الوقت صارت "المدمنة" تطلب الحبوب من زوجها لاعتقادها بأنها ستساعدها في الدراسة، لكنه صار يرفض خوفاً على صحة المولود الذي صارا ينتظرانه الآن، حسب "الصديقة"، ما دفعها إلى سرقة 10 حبات منه، لتعيش وسط قلقين: من اكتشاف أمرها، وكيفية تأمين كميات أخرى في المستقبل.

تذكر سيدة من إدلب أن الحبوب المخدرة شائعة بين صديقاتها، تحصلن عليها من شقيقة أحد المتاجرين بحبوب الكبتاغون في المنطقة، وأن بداية التعاطي كانت عن طريق الزوج أو الصديقة المقربة، وأنهن يتناولنها خلال السهرات المسائية لاعتقادهن أنه "يساعد في شرب كميات كبيرة من الأرجيلة والدخان والمشروبات، ويعدل المزاج، ويساعدهن على السهر".

وتتابع "سعر الحبة الواحدة 4 ليرات تركية أي نصف دولار تقريباً، وهي تكفي لسهرتين. لم يعد بإمكان أغلب النساء المتعاطيات ترك هذه الحبوب، بسبب عدم وجود مراكز لمعالجة الإدمان بالشمال السوري والخوف من العادات والتقاليد".

من جهته قال العامل في مجال الدعم النفسي "محمد العمر"، بأن ظاهرة تناول الحبوب المخدرة لا يمكن أن تنتشر بين النساء وتصبح ظاهرة، "لا يمكن للمرأة الحصول على المواد المخدرة. الأمر يكاد يكون مستحيلاً في ظل المجتمع المحافظ الذي لا يسمح للنساء بالتواصل مع تجار مخدرات أو جلبها عن طريق الصيدليات ومراكز الدواء".

وأضاف "ربما هناك حالات فردية تدفع للإدمان، ومنها الإصابات الحربية أو الحالات العصبية، أو من تم إجبارهن على تناول الحبوب ومن ثم لم يستطعن التخلص منها".