كيف يعيش اللاجئون السوريون في العراق..

مخيم للاجئين السوريين في العراق - المصدر وكالة سبوتنيك

لم يتوقع حسن (اسم اختاره المصدر) أن يكون العراق آخر المحطات في رحلة هروبه الطويلة من سوريا، فهذا البلد لم يكن خياراً مطروحاً ضمن قائمة دول اللجوء التي يريد أن يحيا فيها بأمان، ويحقق أحلامه، ويعيش عشقه للموسيقا التي كان يبحث عن أثرها في ملامح كل الدول المتاحة. لكنه اختار العراق بعد أن ضاقت به الأرض، وأُغلقت في وجهه أبواب السفارات.

اضطر حسن  للخروج من سوريا عام 2017 بعد سنوات طويلة  قضاها في الخدمة العسكرية بجيش النظام، سنوات أوصلته إلى مستشفى للأمراض العقلية، بعد فترة عصيبة تعرض خلالها إلى صدمات نفسية وانهيارات عصبية، ليهرب بعد ذلك إلى لبنان ويبدأ البحث عن أفضل الوجهات التي يمكن أن تستقبله، فقرر الذهاب إلى إيران، لكن فور وصوله إلى هناك كان أمامه خياران، "إما الانضمام إلى حوزة دينية، أو التسجيل في إحدى الجامعات ليتمكن من الإقامة في البلاد“، فتوجه إلى العراق عن طريق صديقه المقيم هناك، ليعمل في أحد المطاعم التي قد تمكنه من جمع المال والتقديم على مسابقة للموسيقا بقيمة ألف يورو، لكن السفارة الألمانية رفضت طلبه لأنه لا يملك حساباً بنكياً أو عقاراً باسمه.

عمل حسن في أحد المطاعم بمدينة البصرة، بعد تحطم آماله بالانضمام إلى جولة موسيقية في أوروبا وعدد من الدول العربية، وعدم تمكُّنه من اللجوء إلى الأرجنتين بسبب عدم وجود لأي سفارة أو قنصلية لها في العراق، قرر التنقل بين بغداد والبصرة، والاكتفاء بتدريب الموسيقا وقضاء باقي وقته في السهرات التي يحييها مع الأصدقاء.

يقول حسن إنه وقع في "وضع معقد" لا يسمح له سوى بالبقاء في العراق الذي يشهد في أوقات متفرقة احتجاجات شعبية تشبه إلى حد ما تلك التي خرجت في سوريا، فبدأ بالخروج في المظاهرات مع أصدقائه العراقيين.. "نزلت معهن عالمظاهرات بدون ما فكر، هاد الشعب هو الي ساعدني ووقف معي". لكن الأوضاع الأمنية بدأت بالتدهور بعد فترة وجيزة من خروج الاحتجاجات في ساحة التحرير أواخر العام ٢٠١٩، حيث قتل اثنان من أصدقائه واختُطف ثلاثة آخرون. وما يزال حتى الآن حصول حسن على أوراق التأشيرة وتجديد جواز السفر السوري يشكلان هماً كبيراً بالنسبة له، كحال معظم السوريين في دول اللجوء، ولكن رغم تلك الصعوبات يؤكد حسن أنه "لن يعود إلى سوريا في هذا الوضع“.

لم يكن لهذه الاضطرابات أي تأثير على أمل، الناشطة الإغاثية التي جاءت من محافظة الحسكة إلى العراق، لأنها اختارت الإقامة في مدينة أربيل الهادئة والمستقلة نسبياً عن الحكومة المركزية في بغداد.

أمل هيوا القادمة من الحسكة، فتصف رحلة نزوحها إلى شمال العراق عام ٢٠١٤ بالمتعبة، إذ كانت قد تنقلت بين مدن سوريَّة مختلفة، قبل أن تتخذ عائلتها قرار النزوح إلى مخیم "عربت" في محافظة السلیمانیة.

تمتلك هيوا اليوم أوراقاً رسمیة حیث تقیم، وهي عبارة عن إقامة من حكومة كردستان العراق وورقة من الأمم المتحدة، وتقول إنها لا تفكر في العودة إلى سوريا بسبب استقرار الوضع الأمني في المنطقة التي تعيش فيها. وأن الاحتجاجات الأخيرة لم تؤثر عليها بشكل مباشر، لكنها تواجه بعض الصعوبات في المجتمع الجديد، مثل لهجة السكان التي لم تستطع أن تفهمها بشكل واضح في بداية استقرارها هناك.. "بشكل عام الوضع منیح بس أحياناً بتصیر شغلات، لما كنا بالشام كنا أكراد، بس بعد ما إجينا ع إقلیم كردستان صرنا سوریین“.