غنائم داعش في هجومها على بلدة البحرة

آليات قسد المدعومة من قبل التحالف الدولي

في صباح يوم (24) من الشهر الماضي، شنّ تنظيم داعش -انطلاقاً من أطراف مدينة هجين الخاضعة لسيطرته شرق دير الزور- هجوماً على بلدة البحرة المجاورة الخاضعة لسيطرة "قسد"، وتمكّن خلال وقت قصير من السيطرة على أجزاء واسعة من البلدة، قبل أن ينسحب بالتزامن مع هجوم معاكس ضده بدأه مقاتلون سابقون في الجيش الحر من أبناء بلدات غرانيج والكشكية وأبو حمام القريبة.

بقيادة "أبو أحمد العراقي" أحد أبرز قادة التنظيم في المنطقة المتبقية تحت سيطرته شرق دير الزور، بدأ هجوم داعش بتسلل (3) عربات مصفحة من نوع (PANZER) ترفع أعلام "قسد"، ما ضلل عناصرها قرب نقطة عبور المصفحات، التي كانت في مقدمة رتل تألّف من عربة شاحنة نوع (TOYOTA) تحمل مدفعاً رشاشاً عيار (23) مم، و (50) دراجة نارية تحمل كل واحدة منها عنصراً أو عنصرين من تنظيم داعش. التضليل ثم المفاجأة أربك عناصر "قسد" في خط التماس، وسهّل لقوة داعش المتسللة إكمال طريقها بسرعة وسهولة نحو بلدة البحرة القريبة، التي لم تلبث -وبدون مقاومة تذكر- أن سقط نصفها الغربي على جانبي الطريق العام بيد التنظيم، الذي توغّل أيضاً على امتداد هذا الطريق في بلدة غرانيج المجاورة للبحرة.

في الدقائق الأولى لهجوم داعش على بلدة البحرة، وكما في هجمات سابقة، انهارت صفوف "قسد" وفرّ مقاتلوها المنتشرون في البلدة أمام التقدم السريع للدواعش، وهرب قائد في جهاز "استخبارات قسد" يدعى "الهافال فرحان" مع (50) تقريباً من عناصره من مبنى مدرسة يتخذونه  سجناً ومركز تحقيق، مصطحبين معهم سجيناً كانوا قد اعتقلوه في بلدة الطيانة قبل يومين من الهجوم، ويتهم السجين حسب إعلام "قسد" بقيادة خلايا أمنية لداعش في ريف دير الزور الشرقي

يفسر مصدر خاص لعين المدينة طلب إغفال هويته، إبقاء سجين على هذا المستوى في سجن ببلدة البحرة القريبة من سيطرة داعش، بما ينطوي عليه ذلك من مخاطر- بحالة تنافس بين "الهافال فرحان" مع "الهافال ماهير" الذي يقود مجموعة استخبارات أخرى من "قسد" لديها سجن ومركز تحقيق خاص بها في حقل العمر النفطي. كان الأجدى ب"فرحان" إيداع مسؤول داعش الأمني الذي اعتقله في سجن "ماهير"، لكنه رفض ذلك لحرمان منافسه  من أي مزاعم نجاح، وكاد بهذه المخاطرة أن يفقد "صيده" الأمني خلال هجوم داعش على البحرة، الذي يرجّح المصدر أن "تحرير" هذا المسؤول الأمني من سجن "قسد" كان واحداً من أهدافه.

وجد (3) من عناصر تنظيم داعش خلال الهجوم فرصة سانحة للفرار، فألقوا أسلحتهم واختفوا في جموع المدنيين الهاربين من بلدة البحرة.

خلال الساعات الثلاث التي سيطر فيها تنظيم داعش على الشارع العام، حيث تقع السوق الرئيسية في بلدة البحرة، استولى التنظيم على مستودعات مواد غذائية ومستودع أدوية، وعلى قطع غيار ومعدات ميكانيكية من  محلات صيانة، حملها في (30) سيارة شاحنة مختلفة النوع استولى عليها من أهالي البلدة  الذين كانوا يحاولون النزوح عنها،  إثر هجوم داعش. وفي مكان آخر في البحرة استعمل عناصر التنظيم آلة حفر كانت موجودة في البلدة، لاستخراج صناديق مدفونة في فناء منزل كبير كان مقراً لداعش قبل خروجها من البحرة. وبحسب شهادات الأهالي، حملت الصناديق في (3) سيارات شاحنة، دمرت طائرة مسيرة للتحالف واحدة منها، فيما انضمت الشاحنتان المتبقيتان إلى قافلة داعش الضخمة المنسحبة من البحرة إلى هجين.

كان رد فعل المقاتلين السابقين في صفوف الجيش الحر من أبناء بلدات غرانيج والكشكية وأبو حمام، مثيراً للاهتمام، حيث سارع نحو (100) منهم إلى حمل السلاح، وانطلقوا في هجوم معاكس اشتبكوا خلاله مع مجموعة من داعش في أطراف غرانيج، وحرروا (15) شخصاً أسرتهم من المدنيين وكانت تحاول اقتيادهم معها في طريق الانسحاب.

تكشف الاستجابة السريعة التي أبداها مقاتلو الجيش الحر السابقون، في تصديهم الشجاع لتنظيم داعش، و بأسلحة خفيفة جُمعت على عجل، عن الخطأ الكبير الذي وقع فيه التحالف الدولي، حين لم يبالِ بمطالبهم أن يتولوا العملية العسكرية ضد تنظيم داعش في دير الزور، متجاهلاً حقيقة أن أبناء اي أرض هم أفضل من يحمل السلاح للدفاع عنها.